من دون ادنى شك، باتت الضربة الجوية المشتركة التي نفذتها جبهة النصرة والجيش الاسرائيلي ضد مواقع "حزب الله" والجيش السوري في حلب هي الاكبر منذ بداية معركة "طوفان الاقصى"، لا بل هي الاكبر منذ بداية الضربات الجوية الاسرائيلية على سوريا، اذ كانت تل ابيب تتجنب الى حد كبير استهداف عناصر الحزب تجنبا للرد الذي كان الحزب يلوح به بإستمرار، لكن هذه المرة رفعت اسرائيل سقف استهدافاتها بشكل كبير.
اذا كان استهداف تل ابيب لمواقع عسكرية سورية وتابعة لـ "حزب الله" مفهوما في ظل اندلاع الحرب في جنوب لبنان، وهذا ما حصل مراراً، فإن الذي يطرح الاسئلة بشكل كبير هو حجم هذه الضربة التي تجعل من "حزب الله" محاصراً في سوريا.
وبحسب مصادر مطلعة فإن اسرائيل تريد الرد على حالة الاستنزاف الذي تتعرض لها في اكثر من جبهة ولا تريد في الوقت نفسه ان يبقى الجهد العسكري لـ "حزب الله" محصورا في جبهة الجنوب، لذلك فإن استهدافه بهذه القوة في اقصى الشمال السوري سيشتت تركيزه لان تكاثر وتزايد مثل هذه الاستهدافات سيفتح المجال امام بدء المجموعات المسلحة في ادلب لعمليات عسكرية برية وبالتالي فتح جبهة جديدة بشكل كامل.
وترى المصادر ان رد" حزب الله" على ضربة سوريا، وللمرة الاولى منذ بدء المعارك، وبالطريقة نفسها التي يرد فيها على استهداف المدنيين في لبنان، اي عبر استهداف قواعد عسكرية اسرائيلية لها طابع استراتيجي، يعني ان الحزب اراد القول بأن التسامح في الموضوع السوري واعتبار الاستهدافات التي تحصل ضمن المعركة الحاصلة انتهى، وبات هناك نوع جديد من التصعيد سيتم التعامل معه لردعه ولمنع تكراره او اقله لرفع تكلفته على تل ابيب.
من الواضح أن الاستهداف في سوريا يأتي ضمن السياق نفسه من التصعيد الذي بدأ من خلال استهداف المدنيين عند الشريط الامامي قبل يومين، وهو يسير بالتوازي مع التلويح بالقيام بعملية عسكرية في رفح، ومع فشل المفاوضات في الدوحة ايضاً، لكن تعريض سوريا بشكل مفرط لمثل هذه الغارات قد يحررها من مسألة الوقوف الكامل على الحياد، ويجعلها تخفف القيود لبعض التنظيمات داخلها للقيام بعمليات عسكرية بإتجاه الجولان وهذا قد يكون اخر ما تسعى اليه اسرائيل.
وتعتبر المصادر ان الورقة التي استخدمتها اسرائيل اول من امس لا يمكنها استخدامها بشكل مستمر، بل ان تحسين الشروط الذي تسعى اليه الحكومة الاسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو محدود المدى الزمني، لذلك قد يترافق التصعيد في سوريا مع تصعيد في لبنان من دون الوصول الى حرب شاملة، هذا في الحسابات المنطقية، لكن حسابات نتنياهو الشخصية قد توصل الى نتائج واحداث غير متوقعة وهذا ما يحسب له الحزب حسابا علنيا. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية:
حزب الله
فی سوریا
إقرأ أيضاً:
ماذا يجري بين سوريا وحزب الله؟ تقريرٌ إسرائيلي يتحدّث
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيليّة تقريراً جديداً قالت فيه إن سوريا تحاول تجنّب التورط المباشر في الحرب الدائرة في المنطقة، علماً أنها تعتمد على إيران وملتزمة تجاه روسيا في حين أنها تواجه حصاراً من الغرب وتهديداً من إسرائيل بالإضافة إلى وجودٍ لـ"حزب الله" فيها. وذكر التقرير الذي ترجمهُ
"لبنان24" أن المسعى الأساسي اليوم هو أن يبقى الرئيس السوري بشار
الأسد في دائرة البقاء، أي في الاستمرار ضمن الحكم، مشيراً إلى أن سوريا كانت دائماً دولة غير عادية في "محور المقاومة"، لكن دورها حتى الآن لا يتواءم مع ما تتعرض له أطراف المحور خلال الحرب ضدّ إسرائيل. ويلفت التقرير إلى أنّ "حزب الله" "حماس" يقفان على خطّ المواجهة ضد إسرائيل بشكل مباشر، في حين أنّ إيران أيضاً دخلت في احتكاك غير مسبوق مع إسرائيل بينما الجماعات الشيعية في العراق وجماعة الحوثي في اليمن تساهم في المعركة بشكلٍ كبير. وأردف: "في المقابل، فإنّ سوريا تكتفي بالدعم الرمزي لأطراف محور المقاومة وتسمح للإيرانيين وحزب
الله وجماعات أخرى مؤيدة لطهران بالعمل من أراضيها وإطلاق الصواريخ كطائرات من دون طيار على إسرائيل ونقل الأسلحة إلى لبنان، لكنها في الوقت نفسه تتجنّب التدخل المباشر في الحرب". وأكمل: "في ضوء الضربات القاسية التي تعرض لها حزب الله في الأشهر الأخيرة واحتدام الاحتكاك بين إيران وإسرائيل، يقولُ معسكر المقاومة إن الوقت قد حان لإظهار التزام سوريا بالنضال، ومن ناحية أخرى، فإن الواقع يفرض نفسه فسوريا تعاني من 13 عاماً من الحرب الأهلية، وجيشها منهك، واقتصادها مدمر، وهي تعتمد على قوى خارجية، وعلى رأسها إيران وروسيا. مع هذا، فإن الحكومة السورية تحكمُ جزءاً فقط من البلاد، بينما تسطير قوى أخرى والأكراد وبقايا تنظيم داعش على أجزاء أخرى من سوريا". واعتبر التقرير أنّ الاعتبار الرئيسيّ الذي يُحرّك الرئيس السوري بشار الأسد في الوقت الحالي هو "بقاء النظام"، ويضيف: "الوضع الاقتصادي في أدنى مستوى غير مسبوق، وهناك مسعى لاستعادة الجيش لكن قدراته لا تزال فقيرة وغير قويّة، فيما يركز الأسد على تعزيز الجماعات التي يعتمد عليها النظام. كذلك، يشجع الروس هذا النهج الحذر إذ يشعرون بالقلق من المخاطرة بأصولهم الاستراتيجية في الشرق الأوسط، فموسكو حساسة للغاية تجاه أي هجوم إسرائيلي على أهداف سورية". من جهته، يقول البروفيسور الإسرائيليّ إيال زيسر من جامعة تل أبيب إن "ما حدث لحزب الله مؤخراً في لبنان يُعزز لدى الأسد الإعتراف بأنه كان على حق بعدم التورّط في مع إسرائيل والاستمرار في سعيه للبقاء". لكن في المقابل، يشير التقرير إلى أن التحالف بين الإيرانيين والسوريين تعزز خصوصاً في أعقاب الحرب الأهلية التي عصفت بسوريا مطلع العام 2011، حيث بات يعتمدُ الأسد بشكلٍ جوهريّ على الإيرانيين، ويضيف: "لقد أحكمت هذه القوى قبضتها على البلاد من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل منها إنشاء مؤسسات ثقافية ودينية تنشر الرؤية الإيرانية. أيضاً، ينتشر في سوريا نحو 3000 عنصر أمني في نحو 600 موقع". التقريرُ يزعم أيضاً أن "حزب الله يشعر بالغضب لأن دمشق لم تهب لمساعدته في صراعه الصعب ضد إسرائيل، في حين أن التنظيم اللبناني قدّم المساعدة لنظام الأسد خلال حربه الأهلية"، ويتابع: "تقول أصوات في لبنان إن التجربة السورية لحزب الله تسببت في التأثير عليه عسكرياً ما جعله أكثر عرضة للخطر". كذلك، فقد رأى التقرير أن "نقاط الضعف في معسكر المقاومة غير مسبوقة، لكنها لم تخلق واقعاً جديداً تماماً في الشرق الأوسط"، وأضاف: "حتى الآن، لا تزال إيران قوة رائدة في المنطقة فيما لا يزالُ حزب الله موجوداً. أما الأسد، فما زال محاطاً بأعداء لدودين في الداخل ويحتاج إلى معسكر المقاومة من أجل بقائه. مع هذا، فإنه من المشكوك فيه أن يوافق على التخلي عن تحالف استراتيجي قائم منذ نصف قرن، أو يستسلم بالكامل للقوى العربية والغربية التي تحاول إغرائه بالحوافز الاقتصادية، أو يلجأ إلى التسوية مع إسرائيل". وختم: "يمكن للأسد أن ينظر إلى الضربات التي تعرض لها حزب الله على أنها فرصة لاستعادة موقعه في المنطقة، بما في ذلك في لبنان. وبالنظر إلى المستقبل، سيُطلب من إسرائيل التحرك ضد أي جهد من جانب إيران لإعادة تسليح حزب الله، حتى لو تم ذلك عبر الأراضي السورية وبمساعدة عناصر في البلاد". المصدر: ترجمة "لبنان 24"