#تأملات_رمضانية
د. #هاشم_غرايبه
تمر ذكرى معركة بدر هذا العام، ونحن في أمس الحاجة الى استذكار دروسها البليغة.
يذهب بعضنا الى القول بأن الحديث عن هذا الحدث بات مملا لكثرة التكرار، ويرى آخرون أن استذكار الأمجاد هو من باب التفاخر غير المنتج، لكنه إن كان بهدف استنباط العبر والانطلاق الى الأسمى فهو محمود.
هنا أنا أسعى الى نفض الران عن النفوس واستنهاض الهمم واسقاط حجج المتخاذلين المتعذرين عن مقارعة العدو بحجة أقبح من الذنب وهي عدم تكافؤ القوة، كما أرمي الى نقض ذريعتهم بالاستسلام لغطرسة القوة.
لو عدنا الى موازين القوى في زمن تلك الموقعة، لوجدنا أنها مائلة بشكل صارخ لصالح المشركين، بل وأكثر كثيرا مما هي بين الأقطار الإسلامية الحالية وعدوها الصهيو – غربي، فالمسلمون الآن لا يشكون من قلة في العدد ولا من نقص في الموارد، وأقطارنا الآن في وضع اقتصادي مريح، ويمكنها بناء قاعدة تصنيعية عسكرية لا يستهان بها، والدليل هو ما أنجزته المقاومة الإسلامية في القطاع من قدرات، والتي رغم تواضعها تقنيا إلا أنها أثبتت قدرتها على تحييد التقدم التقني الهائل للعدو، ورغم الحصار المحكم من جميع الجهات فقد تمكنت من تهريب المواد الأولية اللازمة، ومع الإفقار والتجويع وقطع المدد المالي فقد تدبرت المقاومة أمرها وصمدت طوال الشهور الستة التي انقضت.
كما أن بإمكانها توطين التقنية واستخدام الوسائل الحربية المعاصرة، فقد رأينا العقول المسلمة مبدعة، وبإمكانها ابتكار وسائل تبطل كيد الأعداء الإليكتروني، أو تذهب فاعلية قدراتهم الفائقة، فقد رأينا المركبات المعادية العالية التدريع والتحصين، والتي كلفتهم بالملايين، وظنوها مانعتهم حصونهم، تفجرها مقذوفات طورها المقاومون بكلفة ضئيلة.
لقد قدر الله حدوث موقعة بدر، وهو يعلم أنها لن تكون باختيار المسلمين لو أتاح لهم الاختيار، لأنهم بالحسابات المادية المنطقية كانوا موقنين أن نتيجة أي نزال عسكري مع المشركين، ستكون القضاء عليهم قضاء مبرما، لذلك أراد الله إغراءهم بالخروج للفوز بالمغنم السهل (القافلة)، فهم في أمس الحاجة للمال، خاصة وأن المهاجرين تركوا كل ما يملكون في مكة، ولا شك أن استيلاء المشركين عليها يشق على نفوسهم.
وقدر الله إنجاء القافلة، وأوقع الحمية في نفوس المشركين لإغرائهم مقاتلة المسلمين، وذلك لتقع المنازلة الأولى، فينتفع المسلمون بدروسها الى آخر الدهر.
وأهمها:
1 – القناعات الإيمانية النظرية لا تتعزز إلا بالممارسة العملية، فالأمة التي انتدبها الله لأداء المهمة الجليلة وهي دعوة العالمين جميعا الى منهجه، يعلم أنها ستتعرض الى صعوبات جسام، وستنالها المخاطر من قبل الطواغيت والناهبين اللذين يعلمون أن إقامة منهج الله يتعارض مع أطماعهم، لذلك أراد لمعدنهم أن يكون صلبا عالي المقاومة، ومثلما أن الحديد لا يصبح فولاذا صلدا إلا بالطرق والصهر والسقي، فكذلك المؤمن الحق، لا بد له من مجابهة الظلم ومقارعته.
وفعلا رأينا النتيجة تحققت، وبات المسلمون بعد بدر أعز شأنا وأرفع مكانة، فتتالت بعدها الانجازات.
2 – هنالك جملة من السنن الكونية التي اختص الله بها عباده المؤمنين، ليعتبروها من الحقائق الإيمانية، جاءت في كتاب الله، يصدقها المؤمن لأنه يعلم صدق كلام الله، مثل: إن وعد الله المؤمنين بالنصر حق: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” [الروم:47]، وأن الكثرة ليست شرطا لتحقيق الغلبة: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ” [البقرة:249]، “وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا” [التوبة:25]، لكنه لا يوقن بها كحقيقة واقعة إلا بالتطبيق الحي، فكان لا بد لله من حدوث معارك، تثبت نتائجها مصداقية هذه السنن.
3 – في المنازلات تثبت حقيقة أن كل ما في هذا الكون جنود لله، يحقق بهم مراداته، فقوى الباطل يسخرها الله للعدوان على المؤمنين، لأنه في الرخاء والاطمئنان لا يتميز المؤمن الصادق عن الذي قلبه غير مطمئن الإيمان ويستعين بعباداته الظاهرة على اخفاء نفاقه تقية، لكن عند الشدة واحتدام الخطب، تستنهض همة الصادقين منهم، ويكتشفوا نفاق المنافقين من بينهم الذين لم يكونوا ليعلموهم لولا هذا الامتحان.
كل ما سبق هي بعض من الاستخلاصات التي أراد لنا الله أن نعيها، لكي نرد على ادعاءات المنافقين من بيننا والمثبطين الذين يدعوننا الى الاستسلام تحت مسمى التطبيع.
مقالات ذات صلة هل هو مخطط واحد لتهجير أهل فلسطين وسوريا والعراق ولبنان؟ 2024/03/30
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تأملات رمضانية
إقرأ أيضاً:
نعيم قاسم يوجه التحية لليمن وقائدها
وتوجه الشيخ نعيم قاسم، في كلمة متلفزة له، بالتحية إلى اليمن السعيد والقائد الفذ السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي والشعب بما قدمه من تضحيات ويدهم على الزناد إسنادا لغزة.
وأكد الشيخ نعيم قاسم أن المقاومين والشعب الفلسطيني أفشل مخطط “إسرائيل” الكبير، مباركا للشعب الفلسطيني ومقاومته اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يدل على ثبات المقاومة التي أخذت ما تريد ولم يستطع العدو أخذ ما يريد.
ورأى الشيخ قاسم أن الخلافات داخل الكيان ستزداد ولا حل إلا بعودة فلسطين إلى أهلها، مضيفا أن التاريخ سيسجل مكانة غزة في التضحيات في كسر مشروع العدو الإسرائيلي.
جبهة الإسناد اللبنانية
وبشأن جبهة الإسناد اللبنانية، أكد الشيخ نعيم قاسم أن مواجهة حزب الله في لبنان ساهمت في نصرة غزة، مشيرا إلى أن لبنان قدم الغالي والنفيس من خلال حزب الله وحركة أمل والشعب اللبناني
وأوضح أن حزب الله عطل هدف "إسرائيل" بإنهاء المقاومة في لبنان التي خرجت عزيزة مرفوعة الرأس، مشددا على أن المقاومة في لبنان ستبقى عصية على المشروع "الإسرائيلي" - الأمريكي
ولفت إلى أن لبنان وحزب الله قدم سيد شهداء الأمة السيد حسن نصرالله على رأس القائمة وقدم السيد هاشم صفي الدين والعديد من الشهداء والجرحى.
ودعا الدولة اللبنانية للحزم بشأن الخروقات "الإسرائيلية" التي تجاوزت المئات، مؤكدا أن هذا أمر لا يمكن ان يستمر، مضيفا صبرنا على الخروقات لإعطاء فرصة لتنفيذ هذا الاتفاق لكن أدعوكم إلى أن لا تختبروا صبرنا.
وبخصوص الملف الداخلي اللبناني، أوضح الشيخ قاسم أن مساهمة حزب الله وحركة أمل هي التي أدت إلى انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالتوافق.
وقال: لن يتمكن أحد من استثمار نتائج العدوان في السياسة الداخلية، مبينا أن الاتفاق حصرا هو في جنوب الليطاني وخرجنا بحمد الله تعالى مرفوعي الرأس.
وتوجه الشيخ نعيم قاسم بالتحية تحية إلى العراق الأبي بمرجعيته وشعبه وحشده ومساندته للقضية الفلسطينية ستبقى المقاومة في لبنان، كما حيا جبهة الإسناد الإيرانية وعلى رأسها قائد الثورة الإسلامية السيد على الخامنئي.