بعد التحول الحاد.. اليمين المتشدد مبعث قلق جديد بأوروبا
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أنه بعدما كانت المناقشات حول التطرف في جميع أنحاء أوروبا تدور حول التطرف الإسلامي والإرهاب، تحول النقاش خلال الآونة الأخيرة نحو أيديولوجيات اليمين المتطرف التي تنتشر وتكتسب زخما متواصلا.
واعتبرت الصحيفة الأميركية، أن هذه القضية أكثر وضوحا في ألمانيا، حيث تتزايد الدعوات لحظر ثاني أكبر حزب سياسي شعبية في البلاد "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، بينما تسعى الحكومة إلى قطع مصادر تمويل الشبكات اليمينية المتطرفة.
وفي بريطانيا، تخطط الحكومة لنشر قائمة جديدة بالجماعات التي تعتبرها "متطرفة"، تزامنا مع مساعي لمنع المتطرفين من الاجتماع مع المشرعين أو تلقي الأموال العامة.
"أكبر تهديد"واعتبرت "واشنطن بوست"، أنه بعد سنوات من العمل على مواجهة التطرف الإسلامي، لم تعد المخاوف والتهديدات الكبرى، تتعلق بزرع المتطرفين للقنابل وتنفيذ هجمات عنيفة، بقدر ما ترتبط بانتشار إيديولوجيات غير ديمقراطية عبر المجتمع.
خبير السياسة في جامعة كينغز كوليدج في لندن، رود داكومب، أشار إلى أنه في بريطانيا، تتم إحالة عدد أكبر من الأشخاص ذوي وجهات النظر اليمينية المتطرفة إلى البرامج الحكومية الخاصة بمكافحة التطرف، مقارنةً بالأشخاص الذين يحملون أيديولوجيات إسلامية متطرفة.
وفي ألمانيا، حيث تُلقي صفحات التاريخ المظلمة بشأن الحركات اليمينية بظلالها على السياسة والمجتمع، ركزت الجهود الرامية إلى حماية الديمقراطية، في الأشهر الأخيرة، على تنامي التطرف اليميني المتطرف في البلاد، والذي تعتبره وزارة الداخلية الآن أكبر تهديد يواجه المجتمع.
وفي فبراير، أعلنت الحكومة عن خطة مكونة من 13 نقطة "لاستعمال جميع أدوات سيادة القانون لحماية ديمقراطيتنا". وتشمل المقترحات قوانين جديدة لتسهيل تجميد الحسابات المصرفية، فضلا عن قطع مصادر تمويل المتطرفين.
ووضعت أجهزة المخابرات الداخلية في البلاد حزب "البديل من أجل ألمانيا" تحت المراقبة، بعد أن صنفته على أنه "حالة يشتبه في تطرفها اليميني المتطرف".
واستأنف الحزب الذي يتفوق في استطلاعات الرأي على الأحزاب الثلاثة التي تشكل الائتلاف الحاكم، هذا التصنيف لدى القضاء.
وإذا أدت الأدلة التي جمعتها أجهزة الاستخبارات لتتوصل إلى أن الحزب "متطرف بشكل مؤكد"، فقد يؤدي ذلك إلى تعزيز الجهود الرامية إلى حظره - وهي عملية محفوفة بالمخاطر قد تستغرق عدة سنوات، وفقا للصحيفة.
ويسمح الدستور الألماني بحظر الأحزاب التي "تسعى إلى تقويض أو إلغاء النظام الأساسي الديمقراطي الحر"، ولكن العقبات التي تحول دون القيام بذلك مرتفعة للغاية.
ولم تلجأ المحكمة الدستورية في البلاد إلى خير الحظر سوى مرتين ــ مع حزب الرايخ الاشتراكي، خليفة الحزب النازي، في عام 1952، والحزب الشيوعي الألماني في عام 1956.
وتزايدت الدعوات لحظر حزب البديل من أجل ألمانيا بشكل كامل في الأسابيع الأخيرة بعد الكشف في يناير، عن أن مجموعة من كبار أعضاء الحزب التقوا مع متطرفين يمينيين لمناقشة خطة للترحيل القسري للمهاجرين.
وأثار التقرير ضجة على مستوى البلاد، حيث شارك مئات الآلاف من الأشخاص في مظاهرات، وُصفت بأنها "من أجل الديمقراطية، ضد اليمين".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت هيئة الإذاعة الألمانية الإقليمية "Bayerischer Rundfunk"، أيضًا أن أكثر من 100 شخص يعملون لدى مشرعي حزب البديل من أجل ألمانيا ينتمون إلى منظمات تم تصنيفها على أنها يمينية متطرفة.
"تحول حاد نحو اليمين"وفي السنوات الأخيرة، شهدت العديد من الدول الأوروبية ارتفاعا في دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة، ويتوقع المحللون تحولا حادا إلى اليمين في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في يونيو، والتي يستطيع 400 مليون شخص في الاتحاد الأوروبي التصويت فيها.
وقال جوزيف داونينغ، الخبير الأمني في كلية لندن للاقتصاد، إن الناخبين في جميع أنحاء أوروبا يشعرون بشكل متزايد بأنهم غير ممثلين من قبل الأحزاب الرئيسية، وهو شعور بأن مجموعات مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، أو الجبهة الوطنية في فرنسا "تستغل الوضع".
وقال إن الآراء السياسية المتطرفة أصبحت أكثر شعبية جزئيا بسبب تزايد عدم المساواة وتآكل مستويات المعيشة، مضيفا "ينظر الناس إلى الهياكل الاقتصادية ويقولون: هناك شيء لا يعمل هنا لماذا لا يستطيع الأشخاص في الأربعينيات من العمر شراء منزل؟".
وفي الأسابيع المقبلة في بريطانيا، من المتوقع أن يتم تصنيف عدد من الجماعات على أنها "متطرفة" بموجب التعريف الحكومي الجديد للتطرف الذي يركز على الأيديولوجية، مقارنة بتعريف عام 2011، الذي ركز أكثر على العنف.
وقالت الحكومة، إنها باشرت هذا التغيير بسبب تصاعد حوادث معاداة السامية والإسلاموفوبيا في أعقاب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقال مايكل جوف، وهو سياسي من حزب المحافظين يرأس الإدارة التي أصدرت القواعد الجديدة، إنه يجري تقييم خمس مجموعات، بما في ذلك ثلاث لها "توجه إسلامي"، واثنتان تروجان "لأيديولوجية النازية الجديدة".
واعتبر داونينغ، أن التعريف الجديد للحكومة للتطرف - "الترويج أو دعم أيديولوجية قائمة على العنف أو الكراهية أو عدم التسامح" - سيعني أن المزيد من الجماعات ستعتبر متطرفة. ومع ذلك، يخشى المنتقدون من أن تؤدي القواعد الجديدة إلى تقويض حرية التعبير وزرع الانقسام في المجتمعات.
وفي سياق متصل، يحذر محللون من أن وصف جماعات بأنها "متطرفة" يمكن أن يساعدها في الواقع على الازدهار، إذ أن بإمكانهم بعد ذلك تصوير أنفسهم على أنهم مضطهدين من قبل النظام، الأمر الذي قد يعزز قضيتهم.
وحذر أوليفر ديكر، من جامعة لايبزيغ، من أن الوسائل القمعية وحدها ليست كافية لمعالجة التهديدات المتطرفة للديمقراطية.
وقال ديكر: "إن تصنيف حزب على أنه متطرف مشتبه به" أو حظره بالكامل هو مجرد سحب مكابح الطوارئ، معتبرا أ، السؤال هو: ماذا نفعل بعد نطلق على شيء ما اسم "التطرف"؟ الأهم في المجال السياسي والعام هو التعامل مع محتوى وأسباب هذا التهديد المتزايد للديمقراطية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: البدیل من أجل ألمانیا فی البلاد على أنه
إقرأ أيضاً:
الداخلية الألمانية تصنف حزب البديل من أجل ألمانيا كيانا متطرفا
صنفت وزارة الداخلية الألمانية حزب البديل من أجل ألمانيا "كيانا يمينيا متطرفا" وقالت إن مواقفه واضحة من خلال تعليقات عنصرية ضد المهاجرين والمسلمين.
وأوضحت الهيئة الاتحادية لحماية الدستور في ألمانيا (جهاز الاستخبارات الداخلية) في بيان لها أن الشكوك في سعي الحزب لمناهضة النظام الأساسي الديمقراطي الحر قد تأكدت وثبتت في أجزاء جوهرية.
وأضافت الهيئة "الفهم على أساس عرقي للشعوب السائد في الحزب لا يتوافق مع النظام الأساسي الديمقراطي الحر"، مشيرة إلى أن هذا الفهم يهدف إلى إقصاء فئات معينة من السكان من المشاركة المتكافئة في المجتمع.
وأضاف البيان "على وجه التحديد، ينظر حزب البديل من أجل ألمانيا على سبيل المثال إلى المواطنين الألمان الذين لديهم تاريخ هجرة من بلدان ذات أغلبية مسلمة على أنهم ليسوا مواطنين متساوين مع الشعب الألماني وفقا للمفهوم العرقي للحزب".
وتعليقا على ذلك، قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر اليوم إن حزب البديل من أجل ألمانيا ثبت أنه يشن حملة ضد النظام الديمقراطي الحر.
وأضافت فيزر في بيان "يمثل حزب البديل من أجل ألمانيا مفهوما عرقيا يمارس التمييز ضد فئات سكانية بأكملها، ويعامل المواطنين من أصول مهاجرة كألمان من الدرجة الثانية".
إعلانوتابعت "يتجلى هذا التوجه العرقي في تصريحاتهم العنصرية، وخاصة ضد المهاجرين والمسلمين".
حالة اشتباه سابقةوكانت 3 مكاتب إقليمية تابعة لهيئة حماية الدستور أكدت من قبل صفة "التطرف اليميني" على الحزب في ولايات تورينجن وسكسونيا وسكسونيا-أنهالت.
وبعد أن نشرت وسائل إعلام في فبراير/شباط 2021 تقريرا عن تصنيف مزعوم للحزب بأكمله باعتباره حالة مشتبه بها في التطرف اليميني، اضطر مكتب حماية الدستور إلى الانتظار لمدة عام تقريبا بناء على طلب المحكمة الإدارية في كولونيا قبل أن يتمكن من نشر هذا التقييم علنا ووضع الحزب تحت المراقبة بناء على ذلك.
وفي مايو/أيار 2024، قضت المحكمة الإدارية الإقليمية في مونستر بأن الهيئة الاتحادية لحماية الدستور كانت محقة في تصنيف حزب البديل من أجل ألمانيا باعتباره حالة اشتباه متعلقة بالتطرف اليميني. ولا يزال النزاع القضائي قائما.
ويسمح باستخدام الأساليب الاستخباراتية حتى في حالات المراقبة كحالة مشتبه بها. وتشمل هذه الأساليب استخدام ما يسمى بالمخبرين، وهم الأشخاص الذين لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات داخلية.
كما يسمح أيضا بالمراقبة أو تسجيلات الصور والصوت. ومع ذلك، يجب مراعاة مبدأ التناسب عند اختيار الوسائل واستخدامها.
وظاهريا، لا علاقة لمراقبة هيئة حماية الدستور بحظر الحزب. ولا يمكن طلب ذلك من المحكمة الدستورية الاتحادية إلا من قبل البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) أو مجلس الولايات (بوندسرات) أو الحكومة الاتحادية.
ومع ذلك، قد تشعر إحدى الهيئات الدستورية الثلاث بالتشجيع للإقدام على هذه الخطوة في ضوء التقييم الجديد لجهاز الاستخبارات الداخلية.