ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أنه بعدما كانت المناقشات حول التطرف في جميع أنحاء أوروبا تدور حول التطرف الإسلامي والإرهاب، تحول النقاش خلال الآونة الأخيرة نحو أيديولوجيات اليمين المتطرف التي تنتشر وتكتسب زخما متواصلا.

واعتبرت الصحيفة الأميركية، أن هذه القضية أكثر وضوحا في ألمانيا، حيث تتزايد الدعوات لحظر ثاني أكبر حزب سياسي شعبية في البلاد "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، بينما تسعى الحكومة إلى قطع مصادر تمويل الشبكات اليمينية المتطرفة.

وفي بريطانيا، تخطط الحكومة لنشر قائمة جديدة بالجماعات التي تعتبرها "متطرفة"، تزامنا مع مساعي لمنع المتطرفين من الاجتماع مع المشرعين أو تلقي الأموال العامة.

"أكبر تهديد"

واعتبرت "واشنطن بوست"، أنه بعد سنوات من العمل على مواجهة التطرف الإسلامي، لم تعد المخاوف والتهديدات الكبرى، تتعلق بزرع المتطرفين للقنابل وتنفيذ هجمات عنيفة، بقدر ما ترتبط بانتشار إيديولوجيات غير ديمقراطية عبر المجتمع.

خبير السياسة في جامعة كينغز كوليدج في لندن، رود داكومب، أشار إلى أنه في بريطانيا، تتم إحالة عدد أكبر من الأشخاص ذوي وجهات النظر اليمينية المتطرفة إلى البرامج الحكومية الخاصة بمكافحة التطرف، مقارنةً بالأشخاص الذين يحملون أيديولوجيات إسلامية متطرفة.

وفي ألمانيا، حيث تُلقي صفحات التاريخ المظلمة بشأن الحركات اليمينية بظلالها على السياسة والمجتمع، ركزت الجهود الرامية إلى حماية الديمقراطية، في الأشهر الأخيرة، على تنامي التطرف اليميني المتطرف في البلاد، والذي تعتبره وزارة الداخلية الآن أكبر تهديد يواجه المجتمع.

وفي فبراير، أعلنت الحكومة عن خطة مكونة من 13 نقطة "لاستعمال جميع أدوات سيادة القانون لحماية ديمقراطيتنا". وتشمل المقترحات قوانين جديدة لتسهيل تجميد الحسابات المصرفية، فضلا عن قطع مصادر تمويل المتطرفين.

ووضعت أجهزة المخابرات الداخلية في البلاد حزب "البديل من أجل ألمانيا" تحت المراقبة، بعد أن صنفته على أنه "حالة يشتبه في تطرفها اليميني المتطرف".

واستأنف الحزب الذي يتفوق في استطلاعات الرأي على الأحزاب الثلاثة التي تشكل الائتلاف الحاكم، هذا التصنيف لدى القضاء.

وإذا أدت الأدلة التي جمعتها أجهزة الاستخبارات لتتوصل إلى أن الحزب "متطرف بشكل مؤكد"، فقد يؤدي ذلك إلى تعزيز الجهود الرامية إلى حظره - وهي عملية محفوفة بالمخاطر قد تستغرق عدة سنوات، وفقا للصحيفة.

ويسمح الدستور الألماني بحظر الأحزاب التي "تسعى إلى تقويض أو إلغاء النظام الأساسي الديمقراطي الحر"، ولكن العقبات التي تحول دون القيام بذلك مرتفعة للغاية. 

ولم تلجأ المحكمة الدستورية في البلاد إلى خير الحظر سوى مرتين ــ مع حزب الرايخ الاشتراكي، خليفة الحزب النازي، في عام 1952، والحزب الشيوعي الألماني في عام 1956.

ألمانيا.. تصاعد شعبية أقوى أحزاب اليمين المتطرف بسبب "ديستوبيا" المهاجرين  شهدت مدينة غورليتز التي تعد من أهم المقاصد السياحية في شرقي ألماينا، أكبر تظاهرات ضد المهاجرين، والتي لم تعرف البلاد مثيلا لها منذ أعوام عدة، وذلك بعد أن نجح أكبر أحزاب اليمين المتطرف في تخويف سكانها من "ديستوبيا" اللاجئين.

وتزايدت الدعوات لحظر حزب البديل من أجل ألمانيا بشكل كامل في الأسابيع الأخيرة بعد الكشف في يناير، عن أن مجموعة من كبار أعضاء الحزب التقوا مع متطرفين يمينيين لمناقشة خطة للترحيل القسري للمهاجرين. 

وأثار التقرير ضجة على مستوى البلاد، حيث شارك مئات الآلاف من الأشخاص في مظاهرات، وُصفت بأنها "من أجل الديمقراطية، ضد اليمين".

وفي وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت هيئة الإذاعة الألمانية الإقليمية "Bayerischer Rundfunk"، أيضًا أن أكثر من 100 شخص يعملون لدى مشرعي حزب البديل من أجل ألمانيا ينتمون إلى منظمات تم تصنيفها على أنها يمينية متطرفة.

"تحول حاد نحو اليمين"

وفي السنوات الأخيرة، شهدت العديد من الدول الأوروبية ارتفاعا في دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة، ويتوقع المحللون تحولا حادا إلى اليمين في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة في يونيو، والتي يستطيع 400 مليون شخص في الاتحاد الأوروبي التصويت فيها.

وقال جوزيف داونينغ، الخبير الأمني في كلية لندن للاقتصاد، إن الناخبين في جميع أنحاء أوروبا يشعرون بشكل متزايد بأنهم غير ممثلين من قبل الأحزاب الرئيسية، وهو شعور بأن مجموعات مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، أو الجبهة الوطنية في فرنسا "تستغل الوضع".

وقال إن الآراء السياسية المتطرفة أصبحت أكثر شعبية جزئيا بسبب تزايد عدم المساواة وتآكل مستويات المعيشة، مضيفا "ينظر الناس إلى الهياكل الاقتصادية ويقولون: هناك شيء لا يعمل هنا لماذا لا يستطيع الأشخاص في الأربعينيات من العمر شراء منزل؟".

وفي الأسابيع المقبلة في بريطانيا، من المتوقع أن يتم تصنيف عدد من الجماعات على أنها "متطرفة" بموجب التعريف الحكومي الجديد للتطرف الذي يركز على الأيديولوجية، مقارنة بتعريف عام 2011، الذي ركز أكثر على العنف. 

وقالت الحكومة، إنها باشرت هذا التغيير بسبب تصاعد حوادث معاداة السامية والإسلاموفوبيا في أعقاب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.

وقال مايكل جوف، وهو سياسي من حزب المحافظين يرأس الإدارة التي أصدرت القواعد الجديدة، إنه يجري تقييم خمس مجموعات، بما في ذلك ثلاث لها "توجه إسلامي"، واثنتان تروجان "لأيديولوجية النازية الجديدة".

واعتبر داونينغ، أن التعريف الجديد للحكومة للتطرف - "الترويج أو دعم أيديولوجية قائمة على العنف أو الكراهية أو عدم التسامح" - سيعني أن المزيد من الجماعات ستعتبر متطرفة. ومع ذلك، يخشى المنتقدون من أن تؤدي القواعد الجديدة إلى تقويض حرية التعبير وزرع الانقسام في المجتمعات.

وفي سياق متصل، يحذر محللون من أن وصف جماعات بأنها "متطرفة" يمكن أن يساعدها في الواقع على الازدهار، إذ أن بإمكانهم بعد ذلك تصوير أنفسهم على أنهم مضطهدين من قبل النظام، الأمر الذي قد يعزز قضيتهم.

وحذر أوليفر ديكر، من جامعة لايبزيغ، من أن الوسائل القمعية وحدها ليست كافية لمعالجة التهديدات المتطرفة للديمقراطية.

وقال ديكر: "إن تصنيف حزب على أنه متطرف مشتبه به" أو حظره بالكامل هو مجرد سحب مكابح الطوارئ، معتبرا أ، السؤال هو: ماذا نفعل بعد نطلق على شيء ما اسم "التطرف"؟ الأهم في المجال السياسي والعام هو التعامل مع محتوى وأسباب هذا التهديد المتزايد للديمقراطية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: البدیل من أجل ألمانیا فی البلاد على أنه

إقرأ أيضاً:

تفشي بكتيريا خطيرة في نهر السين بفرنسا.. تسبب الفشل الكلوي الحاد

في الوقت الذي تنتظر فيه فرنسا إنطلاق أولمبياد باريس، أكتشفت السلطات مستويات غير منة من بكتيريا «إي كولاي» في نهر السين للأسبوع الثالث على التوالي، وفقا لنتائج فحوص نُشرت الجمعة، ذلك يدل على أن مياه نهر السين في باريس وصلت إلى مستويات تلوث أعلى من المعدل الأمن، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على المشاركين في ماراثون سباحة وفعاليات سباق ثلاثي في النهر قرب جسر ألكساندر الثالث، فما هي خطورة هذه البكتريا؟.

معلومات عن بكتريا إي كولاي بعد تفشيها في نهر السين

الإشريكية القولونية «E. coli» هي بكتيريا توجد عادة في أمعاء البشر والطيور والثدييات، معظم سلالاتها غير ضارة، ومع ذلك، فإن بعض السلالات منتجة لسموم خطيرة، مثل ( STEC)، التي  يمكن أن تسبب أمراضًا شديدة منقولة بالغذاء، وينتقل إلى البشر في المقام الأول من خلال استهلاك الأطعمة الملوثة، مثل منتجات اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيدا، والحليب الخام، والخضروات النيئة والبراعم الملوثة، بحسب الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية.

وتنتج بكتيريا STEC سمومًا تُعرف باسم سموم شيجا نظرًا لتشابهها مع السموم التي تنتجها شيجيلا ديسنتري، يمكن أن تنمو بكتيريا STEC في درجات حرارة تتراوح من 7 درجات مئوية إلى 50 درجة مئوية، مع درجة حرارة مثالية تبلغ 37 درجة مئوية، كما يمكن أن تنمو بعض بكتيريا STEC في الأطعمة الحمضية.

يتم تدمير البكتيريا الإشريكية القولونية عن طريق طهي الأطعمة جيدًا حتى تصل جميع أجزائها إلى درجة حرارة 70 درجة مئوية أو أعلى، وتعد E. coli O157:H7 أهم أنواع البكتيريا الإشريكية القولونية فيما يتعلق بالصحة العامة؛ ومع ذلك، فقد شاركت أنواع مصلية أخرى بشكل متكرر في حالات وتفشي متفرقة.

في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أكدت هايدي فايز، أخصائي طب الباطنة، على معلومات منظمة الصحة العالمية، قائلة إن بكتريا «إي كولاي» سلالة من البكتيريا مرتبطة بتلوث الطعام والموارد المائية، وتبدأ مؤشرات وأعراض الإصابة بها بعد ثلاثة أو أربعة أيام، لذا تسبب قلقًا في فرنسا لأن السباحين في الأولمبياد يمكن أن يتعرضوا لها.

أعراض الإصابة بـ بكتريا «E. coli»

تشمل أعراض الأمراض التي تسببها الإشريكية القولونية المعوية، التي انتشرت مؤخرًا بنسبة عالية في نهر السين بفرنسا، العلامات التالية:

تقلصات البطن الإسهال الذي قد يتطور في بعض الحالات إلى إسهال دموي(التهاب القولون النزفي). قد يحدث أيضًا حمى وقيء. يمكن أن تتراوح فترة الحضانة من 3 إلى 8 أيام، بمتوسط ​​3 إلى 4 أيام. يتعافى معظم المرضى في غضون 10 أيام، ولكن في نسبة صغيرة من المرضى (خاصة الأطفال الصغار وكبار السن)، قد تؤدي العدوى إلى مرض يهدد الحياة، مثل متلازمة انحلال الدم اليوريمية (HUS). تتميز متلازمة انحلال الدم اليوريمية بالفشل الكلوي الحاد وفقر الدم الانحلالي وقلة الصفيحات (انخفاض الصفائح الدموية). تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 10% من المرضى المصابين بعدوى STEC قد يصابون بـ HUS، مع معدل إماتة للحالات يتراوح من 3 إلى 5%. يعد النوع «HUS» من بكتريا إي كولاي هو السبب الأكثر شيوعًا للفشل الكلوي الحاد لدى الأطفال الصغار. يمكن أن يسبب مضاعفات عصبية (مثل النوبات والسكتة الدماغية والغيبوبة) لـ 25٪ من المرضى. ويجب على الأشخاص الذين يعانون من الإسهال الدموي أو تقلصات البطن الشديدة طلب الرعاية الطبية فورًا.

مقالات مشابهة

  • خلاف بين قطبي اليمين المتشدد بإسرائيل.. اتهامات علنية بين سموتريتش وبن غفير
  • هل هناك إمكانية لتحقيق التحول الديمقراطي؟ «4- 4»
  • شاهد: مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة خلال مؤتمر حزب البديل اليميني المتطرف في إيسن الألمانية
  • احتجاجات كبيرة تواكب مؤتمر حزب اليمين المتطرف في ألمانيا
  • بيلاروس: منع وفدنا من حضور جلسات الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا تحيز صارخ
  • تفشي بكتيريا خطيرة في نهر السين بفرنسا.. تسبب الفشل الكلوي الحاد
  • انتخابات إيران "المتأرجحة" تقصر السباق بين بيزشكيان وجليلي
  • انتخابات إيران "المتأرجحة" تقصر السباق بين بيزشكيان وجليلي
  • مواصلة مناقشة تحديات التحول الديمقراطي «3-4»
  • هل هناك إمكانية لتحقيق التحول الديمقراطي؟ (4 -4)