خلال الأيام الماضية، قفز إلى الواجهة موضوع تجنيد المتدينين اليهود في الجيش الإسرائيلي، خصوصا مع استمرار الحرب على غزة وحاجة جيش الاحتلال إلى نحو 20 ألف جندي إضافي.

ويعود موضوع إعفاء المتدينين المعروفين بـ"الحريديم" إلى الأيام الأولى لنشأة دولة إسرائيل على أراضي فلسطين بدعم بريطاني عام 1948، حيث أعفى ديفيد بن غوريون نحو 400 طالب من الخدمة العسكرية ليتسنى لهم تكريس أنفسهم للدراسة الدينية.

لكن المحكمة العليا في إسرائيل قررت إلغاء قانون صدر عام 2015 يقضى بإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، واعتبرت أنه يمس بـ"مبدأ المساواة".

ومنذ 2017، أخفقت الحكومات المتعاقبة في التوصل إلى قانون توافقي بشأن تجنيد الحريديم، حتى عاد الأمر إلى الواجهة هذه الأيام، فما القصة؟ وما تأثيرها على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته؟

أصل الخلاف

يعود إعفاء اليهود المتدينين الذين يشار إليهم باسم (الحريديم) إلى الأيام الأولى لدولة إسرائيل في 1948 حينما أعفى  ديفيد بن غوريون، الذي كان أول رئيس للوزراء، نحو 400 طالب من الخدمة العسكرية ليتسنى لهم تكريس أنفسهم للدراسة الدينية.

وحسب وكالة رويترز للأنباء، فقد كان بن غوريون يأمل من خلال ذلك في إبقاء المعرفة والتقاليد اليهودية حية بعد أن كادت تُمحى خلال ما عرف بـ"المحرقة النازية" (الهولوكوست).

ومنذ ذلك الحين، أصبحت الإعفاءات مصدر إزعاج متزايد مع توسع الطائفة سريعة النمو لتشكل أكثر من 13% من سكان إسرائيل، ويتوقع أن ترتفع إلى حوالي ثلث السكان في غضون 40 عاما بسبب ارتفاع معدل النمو السكاني بينهم.

وترتكز معارضة الحريديم للانضمام إلى الجيش على إحساسهم القوي بالهوية الدينية، وهو شعور تخشى كثير من الأسر أن يضعف بفعل الخدمة في الجيش.

ويؤدي بعض رجال الحريديم الخدمة العسكرية، لكن أكثرهم لا يؤدونها، وهو شيء يشعر الكثير من العلمانيين الإسرائيليين بأنه يفاقم الانقسامات الاجتماعية.

ولا يعمل كثير من عناصر الحريديم لكسب المال، لكنهم يعيشون على التبرعات والمزايا الحكومية وعلى أجور زوجاتهم اللائي يعمل كثير منهن غالبا بأجور زهيدة. ويعيش الحريديم في الغالب في أحياء يغلب عليها السكان المتدينون ويكرسون حياتهم لدراسة الدين.

وبالنسبة للعلمانيين الإسرائيليين الملزمين بالخدمة في الجيش والذين تسهم ضرائبهم في دعم الحريديم، فإن الإعفاءات تثير لديهم شعورا بالاستياء منذ فترة طويلة. وتزايد هذا الاستياء في الأشهر الستة بعد اندلاع الحرب في غزة.

ووفقا لرويترز، ينظر الكثير من الإسرائيليين إلى الحرب على حماس على أنها معركة وجودية من أجل المستقبل. وانضم نحو 300 ألف من قوات الاحتياط إلى القتال. وتشير استطلاعات الرأي إلى وجود تأييد شعبي واسع للغاية لإلغاء إعفاء الحريديم من التجنيد.

أحد الحريديم المحتجين على مشروع قانون جديد للتجنيد (أسوشيتد برس)

 

الوضع الحالي

تعارض الأحزاب اليهودية المتشددة الضغوط التي تمارس لإلغاء الاستثناءات الممنوحة لطلاب المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية، في الوقت الذي يكافح فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للحفاظ على تماسك الائتلاف الحكومي وتقسيم أعباء الحرب بين أطياف المجتمع بشكل عادل.

ومع اقتراب انقضاء المهلة المتاحة للحكومة في 31 مارس آذار لوضع تشريع لحل خلاف قائم منذ عقود بسبب هذه القضية، تقدم نتنياهو في اللحظات الأخيرة بطلب إلى المحكمة العليا لتمديد المهلة 30 يوما.

وفيما يبدو أنه احتواء للمسألة، منحت المحكمة العليا مسؤولي الحكومة مهلة حتى 30 أبريل/نيسان لتقديم حجج إضافية. لكن، وفي حكم مؤقت، قضت المحكمة أيضا بتعليق الدعم الحكومي الممنوح لطلاب المؤسسات الدينية اللائقين للتجنيد اعتبارا من الاثنين المقبل.

ما مخاطر ذلك على نتنياهو وحكومته؟

بالنسبة لنتنياهو، فإن المخاطر كبيرة. فمع أن الرأي العام يبدو مؤيدا لإلغاء الإعفاء، فإن حكومته تضم حزبين دينيين يمكن أن يؤدي انسحابهما من الائتلاف إلى إجراء انتخابات جديدة تشير استطلاعات الرأي إلى أن نتنياهو سيخسرها.

وقبل يومين، ندد الحزبان، وهما حزب يهودية التوراة المتحدة وحزب شاس، بالحكم الأخير الصادر عن المحكمة العليا وتعهدا بمكافحته، إلا أنهما لم يهددا بشكل صريح حتى الآن بالانسحاب من  الحكومة.

ومن ناحية أخرى، يريد حلفاء وزير الدفاع يوآف غالانت، بما في ذلك بيني غانتس المنتمي إلى تيار الوسط، أن يؤدي مزيد من الإسرائيليين الخدمة العسكرية لتقاسم العبء على نطاق أوسع. علما بأن غانتس جنرال سابق بالجيش ويحتل مركز الصدارة ليصبح رئيسا للوزراء إذا أُجريت الانتخابات.

وقال غالانت في الآونة الأخيرة إن أي قانون تجنيد جديد سيحتاج إلى دعم جميع الأطراف، مشيرا إلى أنه سيعارض أي تشريع يبقي على الإعفاء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات من الخدمة العسکریة المحکمة العلیا

إقرأ أيضاً:

لابيد ينفي وجود اتصالات مع نتنياهو

نفى رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، اليوم الأحد 30 يونيو 2024، وجود اتصالات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وقال لابيد في منشور عبر منصة "إكس": "لكل من سأل (لم يسمهم)، لا توجد اتصالات مع نتنياهو بشأن تشكيل لجنة تحقيق رسمية (بشأن أحداث 7 أكتوبر)".

وفي 7 أكتوبر، شنت "كتائب القسام" الذراع العسكري لحركة حماس ، هجوما على نقاط عسكرية ومستوطنات محاذية لقطاع غزة ، قُتل خلاله نحو 1200 إسرائيليا، وأصيب حوالي 5431، وأسرت الحركة 239 على الأقل، بادلت عشرات منهم مع إسرائيل خلال هدنة مؤقتة استمرت أسبوعا حتى مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وأضاف لابيد: "هناك قانون، والقانون واضح: رئيس المحكمة العليا فقط هو الذي يحدد تشكيل لجنة التحقيق".

وختم بقوله: "لن أشارك في أي ألاعيب، وهناك حاجة إلى لجنة تحقيق، ويجب تشكيلها فورا".

في السياق، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن نتنياهو "يسعى لاختيار أعضاء لجنة التحقيق في إخفاق 7 أكتوبر، بالتعاون مع المعارضة".

وأضافت أن "هدف نتنياهو من وراء ذلك، هو الحيلولة دون اختيار أعضاء لجنة التحقيق من قبل رئيس المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في إسرائيل)، وحتى لا يتم اختيار قاض من المحكمة ذاتها في عضوية اللجنة".

وخلافا لقادة عسكريين ومسؤوليين سياسيين في إسرائيل، لم يعترف نتنياهو حتى اليوم بمسؤوليته عن الفشل في التنبؤ المسبق بهجوم مقاتلين فلسطينيين على مستوطنات محاذية لقطاع غزة صبيحة 7 أكتوبر.

وسبق أن أعلن نتنياهو في أكثر من مناسبة، أن تشكيل لجنة تحقيق رسمية في تلك الهجمات يجب أن يكون فقط بعد انتهاء الحرب.

لكن أهالي أسرى إسرائيليين وعائلات جنود قُتلوا في الحرب، قدموا الخميس، التماسا إلى المحكمة العليا لإلزام الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، قبل أن تصدر الأخيرة الجمعة، أمرا للحكومة بتقديم رد على الالتماس في غضون شهر.

وبموجب القانون الإسرائيلي، فإن رئيس المحكمة العليا هو الذي يعين أعضاء لجنة تحقيق رسمية، ويرأس اللجنة قاض من المحكمة العليا أو من المحكمة الجزئية، سواء في منصبه أو متقاعد، وفق صحيفة "معاريف" العبرية.

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • محاذير إسرائيلية من تجنيد الحريديم في جيش الاحتلال
  • يهود متشددون يحتجون في القدس ضد الخدمة العسكرية الإلزامية
  • مئات الضباط الإسرائيليين يرغبون في التخلص من الخدمة العسكرية
  • مئات الضباط الإسرائيليين يرغبون التخلص من الخدمة العسكرية
  • القدس.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومحتجين من الحريديم
  • "لم نكن نريد دولة لأن وجودها مخالف للدين".. "الحريديم" يتظاهرون احتجاجا على قرار تجنيد المتدينين
  • القدس .. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومحتجين من الحريديم
  • اليهود الحريديم يتظاهرون مجددا ضد قرار تجنيدهم بجيش الاحتلال
  • تجنيد "الحريديم" يزيد انقسام إسرائيل
  • لابيد ينفي وجود اتصالات مع نتنياهو