كيف عززت «بوكو حرام» قوتها حول بحيرة تشاد؟
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
لا أحد أكثر من الصيادين في جزر بحيرة تشاد يعرف حجم قوة بوكو حرام، الحركة التي اعتقد البعض أن مقتل زعيمها قبل نحو 3 سنوات أضعفها.
ففي تلك البحيرة المترامية الأطراف والمليئة بالمستنقعات والجزر الصغيرة، تشكلت ملامح جديدة للتنظيم، وباتت في أجزاء منها معقلا له يتخذه منطلقا لشن عملياته تحت تسميات مختلفة من الخطف إلى القتل.
ولم يكن اختيار البحيرة عبثيا بالنسبة للجماعة، فموقعها بين نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد يجعل منها منفذا مفتوحا على الدول الأربعة.
كما يمنحها موقعا استراتيجيا للمراقبة والتخطيط وأيضا التنفيذ، وهذا ما يفسر كونها تشكل المعقل أيضا لما يعرف بتنظيم داعش في غرب أفريقيا، والمعروف اختصارا بـ”إيسواب”.
أقوى
حين توفي زعيم الجماعة التاريخي أبو بكر شيكاو في مايو/أيار 2021، اعتقد خبراء أن الضربة سيكون لها تداعيات على قوتها، وهذا ما خيل أنه حدث بالفعل حيث غابت عن الواجهة لفترة طويلة.
ولم يكن غياب بوكو حرام دليل اضمحلال كما يتصور للبعض، حيث تكشف دراسة أجرتها مجموعة الأزمات الدولية حول توازن القوى بين الجماعات الإرهابية في شمال شرق نيجيريا، أنه على الرغم من وفاة زعيمها، إلا أن الجماعة تمكنت من تعزيز مواقعها على أطراف بحيرة تشاد.
فبعد اجتياح غابة سامبيسا ومقتل زعيمها التاريخي، تراجع عناصر الحركة إلى جزر بحيرة تشاد وجبال مندارا على الحدود الكاميرونية، ومن هناك، بدأت رحلة العودة وليس الأفول.
وفي تعقيبه على الموضوع، يرى فنسنت فوشيه، الباحث في المركز الفرنسي للأبحاث العلمية، أن “بوكو حرام سيطرت على مناطق مهمة، وتفرض هيمنتها عليها بشكل واضح”.
وأضاف الباحث، في حديث لإعلام فرنسي، أن “هؤلاء المسلحين اعتادوا القتال في مستنقعات البحيرة، وهم أقوياء للغاية، ويتواجدون أيضا في أماكن أخرى من ولاية بورنو” شمال شرقي نيجيريا.
ولفت إلى أن الجماعة “تبدو أكثر صلابة، وهذا ما نستنتجه سواء من خلال مواقعها على الجانب التشادي والكاميروين، وبشكل أقل النيجري، أو من خلال هجماتها ضد المدنيين، والتي تظهر تنسيقا عالي المستوى”.
وبحسب الخبير، فإن ما حدث هو أن بوكو حرام اختفت مؤقتا عن الأنظار، لكن ذلك لا يعني أنها فقدت قوتها، بل بالعكس، أخذت وقتها لإعادة تنظيم صفوفها، واكتشاف من تعتبرهم “خونة” من المندسين بصفوف مسلحيها، وأيضا “الوشاة” من المدنيين.
ولفت إلى أن ذلك يظهر جليا من خلال عمليات “تصفية داخلية” حدثت في أكثر من مرة، علاوة على استهداف مدنيين غالبا ما تزعم الجماعة أنهم “جواسيس” يعملون لصالح الجيوش النظامية.
كما أن الجماعة انشغلت لفترة ما بتجنيد مسلحين بصفوفها، خصوصا عقب خسارتها لعدد من عناصرها، وانضمام آخرين لداعش عقب تحالف التنظيمين قبل نحو 10 سنوات، وفق فوشيه.
“أما الآن”، يتابع، فإن “بوكو حرام في أوج قوتها، وقد تفاجئ المنطقة والعالم بهجمات أكثر دموية مما يحفل به تاريخها، وهذا ما يفسر المخاوف الأمنية المطبقة على الدول الأربعة المطلة على بحيرة تشاد.
و”بوكو حرام”، تنظيم نيجيري مسلح تأسس في يناير/كانون الثاني 2002، ويدعو إلى تطبيق متطرف للشريعة الإسلامية في جميع الولايات، حتى الجنوبية منها ذات الأغلبية المسيحية.
وفي مارس/ آذار 2015، أعلن ارتباطه بـ”داعش” الإرهابي، ولا يزال التحالف قائما بين التنظيمين، وإن تطفو من حين لآخر خلافات بين فصائل تابعة لهذا وذاك، بلغت حد الاشتباك ووقوع ضحايا من الجانبين.
العين الاخبارية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: بوکو حرام وهذا ما
إقرأ أيضاً:
مخرجات اللجنة الاستشارية وفرص إنهاء الأزمة الليبية
أيام قليلة تفصلنا عن الموعد المحتمل لتسليم اللجنة الاستشارية المشكلة من قبل البعثة الأممية تقريرها النهائي بخصوص المهمة المكلفة بها، ذلك أن المطلوب من اللجنة تقديم مقترحات لمعالجة الخلافت التي حالت دون تمرير قوانين الانتخابات التي قام مجلس النواب منفردا باعتمادها، خلافا للاتفاق السياسي الذي يقضي باتفاق المجلسين (النواب والأعلى للدولة) عليها.
القليل جدا رشح من مداولات اللجنة، وبحسب مصادر مقربة من بعض الأعضاء فإن اللجنة قد شارفت على الانتهاء من مهمتها، وأنها أنجزت جُل ما أنيط بها من مهام، دون أن ينفي وجود خلافات، وهذا متوقع، حول بعض النقاط الجدلية والتي باتت شديدة الحساسية مثل مصير المترشحين للانتخابات من حملة الجنسيات الأجنبية والعسكريين.
لقد ساعد اختيار أعضاء اللجنة من غير السياسيين الحاضرين في المشهد السياسي بقوة على وقوع تفاهمات حول أغلب النقاط التي ناقشتها اللجنة وبثت فيها، مع التأكيد على مشاركة من لهم مواقف قوية منحازة لأحد طرفي الصراع القائم ضمن عضوية اللجنةـ وهذا ربما ما جعل الخلاف قائم حول بعض النقاط ضمن مهام اللجنة، فالنقاش لم يكن دوما علمي وفني، وكان للخيارات السياسية أثرها، وإن لم يكن ظاهرا بقوة، واقتصر على مسائل محدودة.
التحدي الأكبر أمام مخرجات اللجنة لاستشارية هو التخندق محليا وإقليميا ودوليا حول خيارات قد لا تتقاطع إيجابيا مع مخرجاتها، ذلك أن الحراك الإقليمي والدولي الذي وصَّفته تصريحات بعض الشخصيات المؤثرة دوليا لم تعبئ كثيرا بعمل اللجنة وتتجه إلى مسار يصفه البعض بالواقعي يبدا من نقطة مختلفة عن نقطة بداية اللجنة وهي التغيير الحكومي. مقترح تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى حين استقرار الأوضاع بعد إجراء انتخابات نيابية وتشكيل حكومة موحدة لم يقبل، وطرحه عائد إلى الإشكالية التي أوجدها الربط بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وإلغاء الثانية في حال تعثر الأولى، وذلك في قوانين الانتخابات التي اعتمدها مجلس النواب، غير أنه وبحسب بعض المصادر المطلعة تم الاتفاق على المزامنة بينهما.
يبدو أن مسألة ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين لم تلغ، لكن تم الاتفاق على تقديم ما يثبت الاستقالة بمدة كافية، دون العودة على هذه الاستقالة أيا كانت نتيجة الانتخابات. أيضا يبدو أن ملف الدستور قد استبعد من المداولات، وبالتالي فإن الاستفتاء على مسودته، أو الاتفاق على بديل لها خرج مبكرا من دائرة النقاش.
وبغض النظر عن مخرجات اللجنة، ومع التنبيه إلى انتظار البعثة والمجتمع الدولي لها للاستنارة بها في تحديد طبيعة المسار الانتقالي الجديد، إلا أنه لن تكون هذه المخرجات ملزمة للأطراف السياسية، فضعف اللجنة ومخرجاتها جاء من مضمون قرار تشكيلها، الذي جعل من عملها بمثابة مقترحات قابلة للحذف منها والإضافة عليها، وهذا بحد ذاته يمكن أن يعيد التفاوض إلى المربع الأول.
جانب القوة في اللجنة ومخرجاتها هو كونها منتج ليبي بامتياز، وفي حال قررت البعثة الأخذ بها جملة لن تكون في وضع حرج من حيث أنها جهة أجنبية تفرض أجندة خارجية على الليبيين، وهذا الجانب من قوة اللجنة وتقريرها النهائي سيكون فعالا إذا اجتهدت اللبعثة ومن خلفها الاطراف الدولية على تمريره، واستخدمته كحجة في الإصرار على تمريرها.
التحدي الأكبر أمام مخرجات اللجنة لاستشارية هو التخندق محليا وإقليميا ودوليا حول خيارات قد لا تتقاطع إيجابيا مع مخرجاتها، ذلك أن الحراك الإقليمي والدولي الذي وصَّفته تصريحات بعض الشخصيات المؤثرة دوليا لم تعبئ كثيرا بعمل اللجنة وتتجه إلى مسار يصفه البعض بالواقعي يبدا من نقطة مختلفة عن نقطة بداية اللجنة وهي التغيير الحكومي.
هناك أيضا التشظي الذي وقعت فيه الأزمة الليبية على مسارات عدة، ومن ذلك ملف الساعة المتعلق بالوضع الاقتصادي والمالي للدولة، والخلاف الحاد حول الإيرادات والنفقات العامة، وسلطة وصلاحية اطراف النزاع بالخصوص، وهذا قد يستغرق وقتا، ويفرض واقعا قد يشكل أحد أبرز العوائق أمام المضي في توافقات سياسية شاملة وفعالة.