عبدالله علي إبراهيم كنت على خلاف كثير من الشيوعيين أعتقد بوجوب أن يكتب الكادر السري للحزب مثل نقد عن حياة التخفي عن نظم الأمن بين أكناف سواد السودانيين. أعرف أن أستاذنا عبد الخالق محجوب نفسه لم يرتح لما كتبه عمر مصطفي المكي في “الميدان ” عن سنواته الست تحت الأرض خلال حكم عبود. وحجة الشيوعيين في الصمت عن هذه التجربة أنهم ربما يحتاجون لها.
ولكننا لم نطلب منهم كتابات تكنيك التخفي ولكن عن الرجال والنساء الرائعات (وربما غير الرائعين) الذين وفروا لهم أن يقضوا حاجتهم بالكتمان بشجاعة غير عادية. لقد عشت بنفسي سنوات تحت الأرض في السبعينات واشهد أن فدائية من آووني ونبلهم وكرمهم أفراداً وأسراً نووية، أو ممتدة، هو الذي يثبتني على شغفي بالتغيير بينما سقط في نظري الرفاق الذين دخلنا تلك الحلبة معاً لأجل القضية. فالكشف عن تلك التجربة هو وصول إلى شفرة ثقافة الجلد والشهامة وحب الحرية الغائرة في شعبنا وقواه الكادحة. من أبدع ما قرأت بعد وفاة نقد كلمة بعنوان “أسرار عملية خاصة” للدكتور الفاتح عمر مهدي اختصاصي العيون بمستشفى النيل. وهي العملية التي أجراها للشيخ محمد
صالح (65 عاما) من مواطني مدينة الخرطوم. وكان توقيت العملية مساء يوم وقفة عيد الأضحى في الغرفة رقم 4. وخلا المستشفى من الجميع ما عدا الدكتور والدكتورة زوجته وأمه. فقد منح دكتور مهدي العاملين عطلة ليومين سبقا العيد. قال الفاتح لمحمد صالح: – العين الشمال بها ماء أبيض واليمين بها جلطة وماء أسود. تبسم الشيخ لقضاء الله وقدره. وأسلم عيونه للطبيب. وكانت تلك أغرب عملية أجراها د. الفاتح. فلم يحدث أن أجرى عملية لمريض بغير زحام للأهل والأصدقاء من حوله. ولم تحتمل زوجة الدكتور وحشة المكان و”هملة” الرجل. فترقرق الدمع في عيونها. ولما فرغت العملية وكشف عن العين بدا للمريض أنه لا يصدق ما رأى. وأدمع. وتفرس في وجه الطبيب وقال مداعباً: -كنت قايلك مشلخ. شكراً. كان الشيخ محمد صالح هو رجل يبحث عنه جهاز كامل في الدولة للأمن ولا يعرف لحظتها أنه كان بالغرفة رقم 4 بين يديّ جراح عيون حمّال أمانة وصائن ذمة. كان الشيخ هو محمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي رتب له رفاق أطباء تلك العملية بمستشفى النيل. ولم يكن الفاتح شيوعياً. ولكنه اقترب منهم كما لم يفعل طوال حياته. وقرأ صفحة غراء من كتابهم من حيث لم يحتسب: من مريض رهن يديه. ورأى في وحشة الرجل المفروضة وازدحام عيونه بالمياه الضارة سهراً على قضية ما، أي قضية، نبلاً ربما مسخ في ذائقة أهله أنفسهم. ووصف دمعة الامتنان التي أشرق بها نقد حين رأى ما لم يكن يراه قبل العملية بأنها “دمعة لؤلؤة: عزيزة بطعم النيل وحلاوة السودان”. وغطت أسرة الدكتور على وحشة نقد ووحدته فأخذته إلى شقتها ليستجم من وعثاء العملية. فكانوا له أطباء وأهلاً. وخرج نقد حين هبط الليل وحيداً يلوي على شيء: أيها الراحل في الليل وحيداً موغلاً منفرداً انتظرني.. انتظرني فأنا أرحل في الليل وحيداً ضائعاً منفرداً في الدهاليز القصيات انتظرني في العتامير وفى البحر.. انتظرني انتظرني في حفيف الأجنحة وسماوات الطيور النازحة حين تنهد المزارات وتَسْود سماء البارحة انتظرني.. انتظرني (من شعر أبو ذكري ) الوسومعبدالله علي إبراهيم
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية:
عبدالله علي إبراهيم
إقرأ أيضاً:
مسلسلات رمضان 2025.. ملخص الحلقة الأولي من مسلسل منتهي الصلاحية
مسلسل منتهي الصلاحية الحلقة الأولي.. تدور أحداث الحلقة الأولي من مسلسل منتهي الصلاحية المسلسل حول صالح الذي يقوم بدوره الممثل محمد فراج الذي يدمن علي لعب القمار ويؤدي هذا به إلي فقدان وظيفته وانفصال زوجته وتوتر علاقته بابنته، يلجأ صالح (محمد فراج) إلى القمار الإلكتروني بحثًا عن الخلاص لكي يحاول التخلص من ديونه والهروب من مشاكله العائلية
أبطال مسلسل منتهي الصلاحية
المسلسل من تأليف محمد هشام عبية، وإخراج تامر نادي، وبطولة نخبة من النجوم، بينهم محمد فراج، ياسمين رئيس، هبة مجدي، تامر نبيل، حسن مالك، محمود الليثي، سامي مغاوري، دنيا ماهر، وخالد سرحان، جيسيكا حسام الدين ومن إنتاج عبد الله أبو الفتوح.

قصة مسلسل منتهي الصلاحية
يقدم المسلسل حبكة درامية مشوقة تدور حول شخصية "صالح"، التي يجسدها الفنان محمد فراج، وهو موظف بنك تتغير حياته رأسًا على عقب بعد فقدانه لوظيفته إثر حادث غامض يكشف عن صراعات خفية داخل المؤسسة، و تتوالى الأزمات في حياته الشخصية، إذ ينفصل عن زوجته وتتوتر علاقته بابنته الوحيدة، ما يدفعه للجوء إلى القمار الإلكتروني بحثًا عن حل سريع، لكنه يجد نفسه متورطًا في عالم محفوف بالمخاطر، ليواجه تحديات غير متوقعة تهدد مستقبله.
موعد مسلسل منتهي الصلاحية
تُعرض أولى حلقات مسلسل منتهي الصلاحية على فضائية إم بي سي مصر"، في تمام الساعة الواحدة صباحًا، وتعاد الحلقة الساعة الخامسة مساءً.
مسلسلات رمضان 2025.. مواعيد عرض «سيد الناس» بطولة عمرو سعد والقنوات الناقلة
عميد إعلام الأزهر عن أزمة مسلسل معاوية: الأنبياء والصحابة لهم مكانة خاصة ولا يمكن تجسيد شخصياتهم