عبد الحميد الدبيبة مهندس تخطيط ورجل أعمال ليبي، من مواليد عام 1959، عمل في مجال التجارة ثم تولى رئاسة جهاز تنمية تطوير المراكز الإدارية في بلاده، حيث أشرف على إنجاز الكثير من المشاريع في مجال البناء عمت مختلف مناطق ليبيا، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى حين اندلاع الثورة الليبية، انتخب رئيسا للحكومة الانتقالية عام 2012.

المولد والنشأة

ولد عبد الحميد الدبيبة يوم 13 فبراير/شباط 1959 في مدينة مصراتة شرق العاصمة الليبية طرابلس لأسرة ثرية لها تاريخ طويل في مجال التجارة.

الدراسة والتكوين

تلقى تعليمه في مسقط رأسه ثم في معهد الهندسة التطبيقية (القسم الداخلي) بطرابلس، ثم توجه إلى كندا والتحق بجامعة تورنتو لدراسة الهندسة المعمارية وتقنيات التخطيط والبناء، وتوج نهاية دراسته بالحصول على الماجستير، ثم عاد إلى بلده حيث بدأ مسيرته المهنية.

المسار المهني والسياسي

بعد عودته من الدراسة انخرط في العمل بمجال البناء مع ابن عمه رجل الأعمال علي الدبيبة، ثم دخل القطاع الحكومي، فتولى رئاسة جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية الذي يتبع لصندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي من عام 1989 حتى 2011.

وأنجز هذا الجهاز الكثير من المشاريع في مجال البناء تمثلت في تشييد مطارات وملاعب وتمديد شبكات مياه وفنادق.

يتهمه بعض خصومه بأنه كان يتربح من الاستثمار والبناء في عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، لكنه أكد أن عائلته معروفة بنشاطها التجاري وأنه عمل مع نظام القذافي مهندسا وليس سياسيا، وقال إنه عمل "من أجل البناء"، وإنه سيفعل تحت أي نظام لأن "هدفه بناء ليبيا".

واصل عبد الحميد الدبيبة نشاطه التجاري بعد سقوط القذافي، وكان يرأس مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار القابضة (لدكو) ورغم أن مجال التجارة طغى على حياته وعُرف به فإن له إسهاما في مجال الرياضة، إذ ترأس نادي الاتحاد الليبي لكرة القدم.

لم يكن المهندس الدبيبة معروفا في مجال السياسة قبل الثورة الليبية وإن كان دعمها، لكن اسمه ظل مغمورا ولم يظهر في لائحة القادة السياسيين إلا بعد سنوات.

أنشأ تيارا سياسيا بعد الثورة الليبية باسم "ليبيا المستقبل" سعى من خلاله إلى جمع الشباب والمهتمين بالشأن العام الليبي في إطار واحد لنهضة ليبيا، ويعتبر هذا أول نشاط له في السياسة بشكل علني، وشارك عن طريقه في لقاءات دولية عدة تعنى بالشأن الليبي.

عُرف عن تيار "ليبيا المستقبل" دعمه الاستفتاء على الدستور الذي يعد مطلبا لقوى سياسية فاعلة، مما يعني أن التيار منح المهندس ورجل الأعمال فرصة للتواصل وتبادل الآراء مع مختلف القوى السياسية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (يمين) ورئيس الوزراء الليبي الدبيبة في قصر وحيد الدين بإسطنبول عام 2021 (الأناضول) ملتقى الحوار السياسي الليبي

شارك الدبيبة في حوارات ولقاءات عدة جمعت النخب والفاعلين في المشهد الليبي بهدف الخروج بليبيا من الوضع المضطرب الذي عاشته بعد الثورة، خاصة سطوة السلاح على الحوار ومحاولة العبور إلى السلطة على الدبابات لا عن طريق الاقتراع أو التفاهم السياسي.

وفي إطار اللقاءات والحوارات الليبية عقد ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف يوم 5 فبراير/شباط 2012 برعاية أممية، وشاركت فيه 75 شخصية سياسية مؤثرة في المشهد الليبي، واستمرت المفاوضات أشهرا عدة إلى أن توجت بانتخاب الدبيبة رئيسا لحكومة انتقالية بـ39 صوتا من أصل 73.

من جنيف ظهر المهندس بخطاب سياسي وُصف بالقوي، إذ شدد على ضرورة المصالحة الوطنية وإشراك الجميع في بناء ليبيا الجديدة، وأكد أنه سيعمل على حصر السلاح في أيدي الدولة وعلى أن تكون أجهزة الأمن مهنية، إضافة إلى وعوده في مجال الخدمات، خاصة قضية حل مشكلة الانقطاع المتواصل في الشبكة الكهربائية، كما تعهد بإعادة المستثمرين الأجانب الذين هاجروا بسبب تردي الوضع الأمني.

انطلق الدبيبة بعد اختياره رئيسا للوزراء لتشكيل حكومته والسعي للحصول على ثقة البرلمان والإعداد لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، وخاض مشاورات مع أطراف عدة وشخصيات اجتماعية ورجال أعمال وقادة تشكيلات عسكرية.

وذهب شرقا إلى مدينة طبرق وألقى خطابا وُصف بأنه "ألهب مشاعر شيوخ وحكماء طبرق" حينما خاطبهم قائلا "جئت إلى مدينة السلام وفي قلبي السلام وفي يدي السلام، ونريد السلام لجميع مناطق الوطن، وكفانا حروبا واقتتالا، نريد بناء مشروعات لجميع الأجيال"، مؤكدا على ضرورة طي صفحة الماضي الذي أدى إلى موت كثير من الشباب.

وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهت تشكيل حكومة الدبيبة فإنه استطاع الحصول على أغلبية كبيرة منحته الثقة، إذ صوت لحكومته 132 نائبا من 133 ممن حضروا الجلسة المنعقدة في مدينة سرت جنوبي ليبيا، وضمت الحكومة 27 وزيرا و6 وزراء دولة، بينهم 5 نساء.

وإذا كان الدبيبة قد حرص على تشكيل حكومة موسعة لتسيير مرحلة انتقالية دقيقة فإن البعض اعتبر أن ذلك قد يؤدي إلى ترهل العمل والحد من الفاعلية في وقت تحتاج فيه البلاد إلى فريق متجانس ومحدود، ولاقت حكومته ترحيبا واعترافا من مختلف أطياف المجتمع الليبي.

وعلى المستوى الدولي، اعتبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التصويت على حكومة الدبيبة "فرصة حقيقية للمضي قدما نحو الوحدة والاستقرار والمصالحة واستعادة ليبيا سيادتها بالكامل".

مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز (يسار) يلتقي رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة بطرابلس عام 2023 (الأناضول) الأزمة بعد الثورة

شكّل اختيار الدبيبة رئيسا للحكومة بناء على مخرجات الملتقى السياسي في جنيف -الذي رعته الأمم المتحدة– وتزكية من البرلمان وصفت بالإجماع أملا في عودة الاستقرار إلى البلاد، لكن بعض النواب المحسوبين على اللواء المتقاعد خليفة حفتر في طبرق حاولوا سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، وهي الخطوة التي وصفها بعض النواب الذين حضروا الجلسة بـ"غير الشرعية" وشككوا في عدد الذي أعلن عن حضورهم الجلسة.

وعلق الدبيبة على قرار نواب طبرق بأنه "لن يترك الحكومة قبل إجراء انتخابات واختيار سلطة جديدة"، وكثفت الدول الصديقة لليبيا اتصالاتها من أجل ردم الهوة بين الفرقاء وتقريب وجهات النظر، وتدخلت الجامعة العربية لأول مرة في الأزمة الليبية، إذ ترأس أمينها العام أحمد أبوالغيط لقاء ضم بعض أطراف الأزمة الليبية لمحاولة تقريب وجهات النظر.

وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي قد أعلن عن مواصلة مشاوراته مع أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وأكد أنه ناقش مع الدبيبة الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في ليبيا والسبل الكفيلة بدفع العملية السياسية إلى الأمام من خلال التوصل إلى تسوية سياسية.

ورغم استمرار الأزمة فإن مهندس التخطيط -الذي يقول عن نفسه "إنه لا يجيد فن المصطلحات السياسية المراوغة"- ظل في قيادة رئاسة حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا، ويؤكد أنها نجحت في حل الكثير من المشاكل وأنها قدمت وتقدم للمواطن الليبي ما يعزز استقراره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات عبد الحمید الدبیبة فی مجال

إقرأ أيضاً:

العمل البيئي وحفل توزيع جوائر.. على جدول أعمال الأمير البريطاني وليام.. الذي يزور جنوب أفريقيا

ذهب الأمير البريطاني إلى أفريقيا يوم الاثنين، للمرة الأولى منذ العام 2018. وقبل ذلك بكثير، كان قد سافر إليها عندما كان صبيًا بعد وفاة والدته الأميرة ديانا في حادث سيارة في باريس عام 1997. وفي هذا العام، يذهب من أجل أسباب لها علاقة مباشرة بحماية البيئة، ولم تأت زوجته معه بعد إعلان شفائها من السرطان.

اعلان

في زيارة الأمير البريطاني ويليام لدولة جنوب أفريقيا، يلتقي بنشطاء البيئة والصيادين. ويركز على قضايا تتعلق بتغيير المناخ والحفاظ على البيئة.

كما تهدف الزيارة إلى تقديم جائزته السنوية التي تدعى إيرث شوت (Earthshot) خلال حفل سوف يقعد يوم الأربعاء. تبلغ قيمتها 1.2 مليون دولار، وتوزع الجائزة في صورة منح تعطى لخمس مؤسسات تقدم أفكارا جديدة في مجال البيئة.

كما يحضر الأمير أيضا قمة عالمية للحياة البحرية، ويتوجه إلى معهد متخصص في الإنقاذ البحري لحضور حدث يستمر لمدة أربعة أيام في كيب تاون.

وقال المسؤولون إن وريث العرش (42 عاما) سيسلط الضوء خلال زيارته على قضايا أخرى تهمه، كالعمل الذي يؤديه نشطاء البيئة الذين يبذلون جهودهم للحفاظ عليها.

وفي سياق آخر، من المتوقع أن يتوجه الأمير البريطاني إلى مدرسة ثانوية في كيب تاون بمنطقة فقيرة، لكي ينضم إلى الأطفال في تدريب رياضة الرغبي.

الأمير البريطاني ويليام يتحدث إلى إحدى الحاضرات في برنامج قادة المناخ الشباب لجائزة إيرث شوت في كيب تاونGianluigi Guercia/AP

وتأتي الزيارة البريطانية بينما تخضع أموال ويليام ووالده الملك تشارلز الثالث للتدقيق بعد أن أجرت صحيفة صنداي تايمز والقناة البريطانية الرابعة تحقيقا، خلص إلى أن ممتلكاتهما الخاصة حققت ملايين الجنيهات الاسترلينية من خلال تأجير العقارات لجهات حكومية.

Relatedصحيفة "ذا صن": قنّاص على السطح يدفع الملك تشارلز وقرينته إلى الهرب من ميدان عامبعد أعمال شغب عنصرية اجتاحت بريطانيا.. الملك تشارلز يدعو إلى الوحدة الوطنية برلمانية أسترالية للملك تشارلز: أنت لست ملكنا ونرفض أن تملي علينا ورُد إلينا ما سرقتموه طوال 200 عام

وتأتي زيارة ويليام بعد أن زار شقيقه هاري دوق ساسكس جنوب إفريقيا ودولة ليسوتو المجاورة الشهر الماضي، وتوجه إلى جمعية خيرية للشباب، كان قد أسسها مع أحد أفراد العائلة المالكة في ليسوتو.

ويعتبر وريث العرش أن هناك مكانة خاصة للقارة السمراء في قلبه، حيث طلب يد زوجته الدوق كيت في كينيا، وتوصل إلى فكرة جوائز إيرث شوت في ناميبيا.

وكان قد أنشأ الجائزة من خلال مؤسسته الملكية، عام 2020 من أجل تشجيع الأفكار الجديدة التي تسعى إلى حل المشاكل البيئية. وأقيمت أول ثلاث حفلات توزيع جوائز في بريطانيا والولايات المتحدة وسنغافورة. وتُمنح جوائز إيرث شوت ضمن خمس تصنيفات وهي: حماية الطبيعة وإعادة الحياة إليها وإنعاش المحيطات، وبناء عالم بلا نفايات، وإصلاح المناخ.

المصادر الإضافية • أ ب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الملك تشارلز يؤدي رقصة "الساموا" خلال حفل استقبال جاليات الكومنولث استعراض جوي في سماء لندن احتفالاً بعيد ميلاد الملك تشارلز الثالث الملك تشارلز الثالث يشارك في الاحتفال بالذكرى 80 ليوم النصر على النازيين في النورماندي حماية البيئة الأمير ويليام الملك تشارلز الثالث تغير المناخ الأمير هاري محيطات اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next الحرب بيومها الـ395: قصف عنيف على مستشفى كمال عدوان والجيش الإسرائيلي يهاجم هدفاً لحزب الله في دمشق يعرض الآن Next كيف يرى الإسرائيليون مستقبل الدولة العبرية بين وعود هاريس وتجارب ترامب؟ يعرض الآن Next تقرير جديد: نصف المجندات في الجيش الدنماركي تعرضن للتحرش.. سيكون التجنيد إجباريا للنساء في 2027 يعرض الآن Next إسرائيل تؤكد الهجوم على دمشق لأول مرة منذ بدء الحرب على غزة.. و"اختطاف" سوري يعمل مع شبكات إيرانية يعرض الآن Next إسرائيل تنفّذ وعيدها.. تل أبيب تنسحب رسميا من الاتفاق الذي يعترف بوكالة الأونروا اعلانالاكثر قراءة إسبانيا وجهودٌ مضنية للبحث عن جثث غرقت في وحلِ أسوء كارثةٍ طبيعية في تاريخ البلاد المعاصر الوثيقة الأمنية الأكثر سرية: كيف بات الإسرائيليون ضحية حملة كذب من آلة السم التابعة لمكتب نتنياهو واقعة صادمة في إيران.. امرأة تتجرّد من ملابسها في إحدى الجامعات! دراسة: ممارسة الجنس جزء أساسي في حياة من هم فوق 65 عاما قصف بلا هوداة ومقتل 50 طفلا في جباليا ونتنياهو الحل بإعادة حزب الله شمال الليطاني باتفاق أو من دونه اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024غزةدونالد ترامبروسياكامالا هاريسفيضانات - سيولإسرائيلحزب اللهعاصفةضحاياإسبانياألمانياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • شاهد| النفاق عندما يتجسد في شكل داعية ورجل دين
  • العمل البيئي وحفل توزيع جوائر.. على جدول أعمال الأمير البريطاني وليام.. الذي يزور جنوب أفريقيا
  • الحكومة الليبية تُطلق تخصص جديد في «هندسة الطيران»
  • وفد مختبر دراسات الهجرة الأفريقية: سنكون “سفراء” لنقل إنجازات الحكومة الليبية
  • المرعاش: ليبيا ستظل دولة فاشلة ما لم ندعم الجيش الليبي لرفض الهيمنة الغربية
  • «الحكومة الليبية» تناقش تطوير المكاتب القانونية بمستشفى الجلاء والمركز طب الأسنان
  • «الدبيبة» يستقبل سفير اليابان لدى ليبيا
  • رسائل المخرج شادي عبدالسلام إلى «إخناتون».. سيناريو الحلم الذي لم يكتمل
  • تحديات المنطقة الجنوبية على طاولة الحكومة الليبية
  • “خارجية الحكومة الليبية” تبحث تحضيرات المؤتمر الدولي الأول للمغتربين الليبيين