هذا ليس وقت التجيير السياسي لقضايا الداخل اليمني، أو ادعاء الحكمة المغلفة بالتزييف، أو التسليم بالواقع المزري، أو اتهام الآخرين بالغباء والتفريط، كفوا عن الرد على النصائح الساذجة والمطالبات غير المعقولة، والتزموا بما ترونه صحيحا وصالحا وخيرا لدينكم وآخرتكم ودنياكم، كونوا قدوة أمام الله ورسوله والشعب والقائد يصلح لكم أعمالكم، فها أنتم تشاهدون كيف ظهرت هشاشة دول الظلم والاستكبار العالمي بعد عملية طوفان الأقصى، وموقف القائد اليمني الذي وحد معركة الأمة، ووعي الشعب اليمني في الخروج الشعبي الأسبوعي لدعم واسناد الشعب الفلسطيني، وعمليات الجيش اليمني في البحر الأحمر والبحر العربي وباب المندب والمحيط الهندي، انها هشاشة تبدو (مُحزنة) عند المطبعين أكثر من نهايتهم هم أنفسهم، وجميعكم تشاهدون وتسمعون وتقرأون تناقض مواقف وقرارات الأنظمة العربية والإسلامية الزائفة مع المقاصد الشرعية لدين الله، تجاه ما يحدث لأبناء غزة من قتل وإجرام وإبادة إسرائيلية بدعم أمريكي وبريطاني، فأيدوا وانحازوا إلى مشروع سنن الله في التغيير، وما شرعه الله في الحفاظ على الوعى والقيم والمشروع المقاوم للظلم والظالمين وأدوات القتل والإجرام الصهيوامريكي.

.
إن دعوات السيد القائد للخروج الشعبي والجماهير الأسبوعي لدعم واسناد المقاومة الفلسطينية، دعوات موثقه بأوامر ونواهي إلهية لتوحيد معركة الأمة شعبيا وجماهيرا بعد ان وحدها عسكريا وسياسيا، وهي أولوية في الاستجابة، ولا يعني الالتزام بفقه الأولويات هذا الاهتمام ببعضها وإهمال ما تبقى ، فالحفاظ على توحيد معركة الأمة ككل مع محور المقاومة، والحفاظ على الوعى والقيم والمشروع اليمني المقاوم للظلم والإجرام الصهيوامريكي في قطاع غزة، مع العلم والوعي ان بقية القضايا التي نعاني منها في الداخل اليمني مازالت قائمة في جدول أعمال قيادة الثورة اليمنية، وخاصة التقييم والتطوير والتأهيل في كافة مؤسسات الدولة اليمنية، وما يصاحبها من عمليات مواجهة العدوان والحصار والحروب الناعمة وعلى وجه التحديد الحرب الاقتصادية والحرب الإعلامية والحرب على الفساد، فكل هذه الحروب تتطلب جهداً جهيداً في توحيد الجبهة الداخلية وبناء مؤسسات الدولة، وحل الإشكاليات الناتجة عن أخطاء التصرفات الفردية، ومع هذا لا يحق لنا تجاهل قضايا مثل قضية الوضع المعيشي المتدني مثلا، ولا نسمح لأحد بإسقاطها، لأن ذلك يعد تفريطا لصالح نجاح مخططات ومؤامرات أعدائنا ضدنا..
ساذج من يظن بعد اليوم أن نظرة العالم لليمن لن تتغير نحو الأفضل والأحسن الأقوى، أو من يظن ان أوضاع العالم بكل جبروت جيوش وأمم وشعوب واقتصاد وسلاح دول الظلم والاستكبار العالمي لن تتغير بعد انتهاء حرب غزة وحصار اليمن للسفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر وعلى العربي والمحيط الهندي، والتطور اليمني في تصنيع سلاح الصواريخ والطيران المسير، لكن التغيير المأمول بعد كل هذا هو إننا بحاجة لوعي وقيم ومشروع شعبي يمني وإرادة وقوة ونموذج شعبي داعم ومساند لهيبة وقوة وصمود وثبات محور المقاومة عامة والقيادة اليمنية والجيش اليمني على وجه الخصوص، وهذا لن يتوفر تلقائيا من دون بذل جهد هائل ودائم ومستمر من الدعم الشعبي لتحرك الجيش اليمني والمجاهدين المؤمنين والصادقين والمخلصين لتحقيق هذا التغيير، وكسر قرن الشيطان الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني وأدواتهم، ولنبدأ السير معا على قاعدة التكامل والتكافل والتعاون والرحمة والإيمان والتقوى، وليس على قاعدة صراع المصالح الشخصية والتنافس على المناصب والوظائف العامة..

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

في الصميم

#في_الصميم

د. #هاشم_غرايبه

يذكر التاريخ أنه بعد ماحدث في “صفين” أحس ملك الروم بأن موازين القوى تميل لصالح معاوية، فاغتنم الفرصة وأرسل الى علي رضي الله عنه يعرض عليه الدعم العسكري ضد معاوية، لكن علياً كان رده عليه قاسيا، إذ قال: لو جاء جيشك لانضممت الى معاوية ولقاتلناك معا.
هنا تظهر قيمة الإيمان والعقيدة، فلا تعلو أية مصلحة عليها، ومن كان قلبه سليما من النفاق والشرك لا تلتبس عليه الأمور ولا ينخدع بالمغريات، فلا يوجهه غير العقيدة ولا يسترشد بغير شرع الله.
لا شك أن مشاعر الحزن والأسى قد فاضت بها نفوس كل أبناء الأمة إثر نجاح العدو باغتيال نصر الله ورفاقه، ولا تنتقض هذه المشاعر بما كان عليه موقفنا تجاه حزب الله من إدانة لما تحمله من أوزار مناصرة النظام السوري على المسلمين من أبناء سوريا، وما اقترفه من مجازر وما مارسه من تهجير له، فمسؤوليته عما آلت أليه سوريا من دمار وخراب لا تقل عن مسؤولية بشار ومناصريه الإيرانيين والروس من ناحية، ولا عن مسؤولية الأمريكان وعملائهم من الأنظمة العربية العميلة لها من ناحية أخرى.
لذلك فادانتنا تشمل جميع هؤلاء، وكل حسب دوره في تنفيذ هذه الكارثة، ثم يردون الى خالقهم، فهو الأعلم منا بهم وبأفعالهم، وسينالون عنده جزاء ما اقترفوه.
لذلك فمن المؤلم أن تجد من بيننا من يشارك العدو وداعمية الأوروبيين فرحتهم بنجاحهم بذلك الاغتيال، وحجتهم في ذلك أنه يتحمل المسؤولية كقائد لحزب قائم على أساس طائفي، وأن له يدا في الجرائم الكثيرة في التنكيل بأبناء الشعب السوري الذي ثار على حاكمه السفاح ساعيا لحقه في الحرية والكرامة.
صحيح أنه من الصعب تناسي جرائم حزب الله في حق السوريين والأمة، لكننا أيضا يجب أن لا ننسى بطولاته في التصدي لعدو الأمة، كما أنهم أولا وآخرا مسلمون، ولا يجوز تكفير من يشهد أن لا إله ألا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وحتى لو كانوا متبعين فرقة ضالة، وواجب المسلم نصرة أخيه المسلم على عدو منهج الله، وليس قتالهم.
لذلك فمن أكبر الكبائر محالفة أعداء الأمة على فئة مسلمة حتى لو كانت ضالة، ومن يفعل ذلك فهو المنحرف عن منهج الله لأنه عصاه إذ قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” [المائدة:51]، ومن أعظم الموبقات إتيان أمر اورده كتاب الله واستعمل فيه تعالى لا الناهية لنهي المؤمنين عنه، وقد أجمع العلماء أن ذلك يخرج من الملة.
لذلك فعقد أي حاكم مسلم تحالفا مع العدو ضد فئة مسلمة مخالف لأمر الله، ومن يؤيده أو يبرره أو يقبله فهو شريك في الإثم، وبناء على ذلك من يردد الأقوال التي يشيعها مؤيدو تلك الأنظمة الفاسقة، مثل القول بأن الشيعة أكثر خطراً من الص-هاينة، فليحذر أن يحبط إيمانه فيلقى الله مفلساً، ويكون قد خسر الدنيا والآخرة.
ولو أخذنا الأمر من الناحية السياسية وما يحقق مصلحة الأمة، فلا شك أننا في هذا الوقت أحوج ما نكون الى تجميع الصف والتركيز على ما يحقق ذلك، خاصة وأننا لسنا حاليا في موقع قوة بل في أشد حالات الضعف، بعد أن تمكن عدونا من سبقنا بأشواط بعيدة في مجال التقدم التقني والتفوق العسكري، كما أننا في أشد الحاجة الى بناء أوسع شبكة تحالفات مع قوى عالمية ليس شرطا أن تكون إسلامية، وحتى مع أخرى لا تكن الود للإسلام، إنما ذلك من باب عدو عدوي صديقي.
ان نشوء الفرق الإسلامية المختلفة بقي طوال العصور خلافات على الفروع، ولم تكن هنالك فرقة خالفت في أصول العقيدة أو أركان الدين، لذلك لم يضعف ذلك الأمر الأمة، وما حدث من اقتتال داخلي فيها كان دائما على السلطة، وهذا أمر طبيعي في طبائع البشر، والإيمان يصلح النفوس بدرجات متفاوته، لكنه لا يمكن أن يلغي الأنانيات، لأنه بذلك ينقل البشر الى الملائكية وهذا مستحيل.
ما نحن بأمس الحاجة إليه هو تجميع كل القوى، ورصد كل إمكانية، لأجل الخروج من واقعنا المتردي والنهوض بالأمة.

مقالات ذات صلة الرُهاب النفس اجتماعي الناجم عن العدوان الإسرائيلي لدى المواطنين في الاقليم 2024/09/29

مقالات مشابهة

  • حال الأمة ومستويات الحرب النفسية.. قاموس المقاومة (46)
  • رفض طعن المتهمين بقتل «طالب الرحاب» وتأييد حكم الإعدام
  • نقل الدعم الإيراني من حزب الله إلى الحوثيين ليكونوا هم الأكبر لإيران.. كاتب يمني: انتظروا شهرًا واحدًا وسترون ما يحدث
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تدين العدوان الإسرائيلي على الحديدة وتؤكد تضامنها مع الشعب اليمني
  • الهيئة النسائية بحجة تنظم وقفات تنديداً بجريمة اغتيال السيد حسن نصر الله
  • الحزب الاشتراكي اليمني ينعى شهيد فلسطين والأمة السيد حسن نصر الله
  • بغداد اليوم تتابع عن كثب تطورات القصف الإسرائيلي العنيف لميناء الحديدة اليمني
  • وقفات طلابية غاضبة بأمانة العاصمة تنديداً باغتيال شهيد المقاومة السيد حسن نصرالله
  • محمد بن سلمان: لا تعنيني القضة الفلسطينية وغير مهتم بها شخصيا لكن شعبي يهتم
  • في الصميم