ألــوان| حلمى التوني.. إبداع مشحون بسحر الخيال وحكايات التراث الشعبى
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
حلمى التوني.. فنان تشكيلى مصرى متخصص فى التصوير الزيتى والتصميم، ويعد علامة مميزة فى تاريخ الفن المصري، حيث إنه أحدث نقلة كبيرة فى إبداع تصميمات أغلفة الكتب، بالإضافة إلى لوحاته المشحونة بالجمال الأنثوى وسحر الخيال وحكايا التراث الشعبى.
نشأة "التونى"
ولد حلمى التونى بمحافظة بنى سويف فى ٣٠ إبريل عام ١٩٣٤، والدته من أصل تركى وعمل والده مهندس مدني، وتنتمى أسرته إلى قرية تونا الجبل؛ ولهذا سُمى (التونى)، وحصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة تخصص ديكور مسرحى عام ١٩٥٨ ودرس فنون الزخرفة والديكور.
معارضه الفنية
أقام الكثير من المعارض الفردية فى مصر ومعظم الدول العربية منها معرض طوافة بقصور الثقافة فى عواصم المحافظات ١٩٦٥م، عرض بعنوان "وجوة جميلة زمن جميل" ١٩٩٨م، معرض (للنساء وجوه) ٢٠١٩م، وغيرها وساهم فى الكثير من المعارض الجماعية فى مختلف دول العالم منها ألمانيا - البرتغال - اليابان - لبنان - العراق - سوريا.
كتب فنية
أصدر "التونى" سلسلة كتب كان زمان، مناظر مصرية، أبواب مصرية ، بيت الفن، عروسة حنان ، المنمنمات.
مناصب
عمل حلمى التونى أثناء دراسته بمجلة الكواكب الأسبوعية التابعة لدار الهلال منذ عام ١٩٥٦م مشرفا يصمم الأغلفة ويضع الرسوم التوضيحية، ثم تولى الإشراف على مجلة المصور ورسم فى مجلتى سمير، ميكى للأطفال وساهم فى إخراج مجلة (المسرح والسينما).
انتقل للعمل بدار أخبار اليوم عام ١٩٧٣م، ولكن صدر قرار بعزل ١٠٤ صحفيين منهم التونى فسافر إلى لبنان عام ١٩٧٤م حتى تستقر الأمور وأقام هناك معرضا للوحاته الزيتية عام ١٩٧٥م.
جوائز
حصل "التونى" على عدة جوائز من لوحاته فى صالون القاهرة - معرض القطن، وجائزة سوزان مبارك الأولى والتميز للرسم لكتب الأطفال ثلاث مرات.
كما حصل على جائزة اليونيسيف عن ملصقة للعام الدولى للطفل عام ١٩٧٩، وجائزة معرض بيروت الدولى للكتاب لمدة ثلاث سنوات متتالية منذ عام ١٩٧٧: ١٩٧٩، وحاز ايضا على جائزة معرض (بولونيا لكتاب الطفل) عام ٢٠٠٢، كما فاز بميدالية معرض (ليبرج الدولى لفن الكتاب) الذى يقام مرة كل ست سنوات.
مقتنياته
اقتنى العديد من الناس فى مختلف دول العالم الكثير من لوحاته، كما أن متحف الفن المصرى الحديث بالقاهرة يقتنى أيضا عديد من لوحاته القيمة.
الموسوعات المحلية والعالمية
أدرج اسم الفنان حلمى التونى فى موسوعة متحف فى كتاب تأليف من تأليف الدكتور صبحى الشارونى ( إصدار دار الشروق ١٩٩٨م).
تصميم أغلفة الكتب
ارتبط اسمه حلمى التونى بتصميم رسومات أغلفة الكتب والمجلات العربية التى وصلت لنحو ٤٠٠٠ كتاب ومجلة منها ٥٢ غلافا لأعمال نجيب محفوظ، وصمم عرائس شخصيات مسرحية (صحصح لما ينجح) التى ألفها صلاح جاهين، والتى حققت نجاحاً كبيراً على مسرح العرائس .
كاريكاتير "التونى"
نشر الفنان رسم كاريكاتيرى يومى فى جريدة الأهرام بعنوان (مناظر) تعرض الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية.
رؤية "التونى" الفكرية والفنية
تتميز أعمال "التونى" بالاتجاه الرمزى والسريالى، استلهم من الفن الشعبى فى لوحاته لمدة طويلة ثم ابتعد عنها فى اتجاه اللوحة الحديثة ويحكمه الحس الوطنى والانتماء إلى مصر .
"رسام النساء"
قال "التونى" عن المرأة : (المرأة أيقونة دائمة للجمال، والأصل الحقيقى للحياة وهى أيضا بداية الفن والإبداع؛ ولذلك فهى ملهمتى وملهمة كل الفنانين) فلُقب بـ "رسام النساء".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فن تشكيلي التصميم الکثیر من
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: أسطورة الخيال.. بوابة التغيير والإبداع
الخيال هو أداة الإنسان الأبرز لتجاوز حدود الممكن ورسم مسارات المستقبل. إنه القوة الخفية التي تحرك الفكر والإبداع، وتقودنا نحو احتمالات لم تكن يوماً في متناول اليد. عبر التاريخ، لطالما مثّل الخيال مصدر دهشة وإلهام للبشرية، بدءاً من أساطير الحضارات القديمة وصولاً إلى الابتكارات العلمية الحديثة. إنه المساحة التي تتداخل فيها الأحلام مع الواقع، وتحول المستحيل إلى ممكن، وتمنح الإنسان القدرة على صياغة عالم جديد.
في الماضي، كانت أفلام الخيال العلمي والروايات المستقبلية تُنظر إليها على أنها ضرب من الجنون أو الهروب من الواقع. لكن هذه الأفكار، التي بدت يوماً غير واقعية، أصبحت اليوم نبوءات محققة. الرحلات الفضائية، والذكاء الاصطناعي، والسيارات ذاتية القيادة، كلها ولدت من رحم الخيال، لكنها تحولت بمرور الوقت إلى حقائق ملموسة. هذه الظاهرة تثير سؤالاً محورياً: كيف يمكن للبشرية أن تستثمر في الخيال ليس فقط كأداة إبداعية، بل كقوة دافعة للتغيير والتقدم؟
الخيال ليس مجرد أداة للترفيه أو الهروب من الواقع، بل هو مصدر حقيقي للحلول والابتكارات. عندما تواجه المجتمعات تحديات كبرى مثل تغيّر المناخ، والأزمات الصحية، والتوترات السياسية، فإن الخيال يمكن أن يلعب دوراً حاسماً في تقديم رؤى جديدة واستراتيجيات غير تقليدية. في كل مرة يتحدى فيها الإنسان حدود فكره، يفتح أبواباً جديدة للحلول التي لم تكن مطروحة من قبل. هذه القدرة على تجاوز المألوف تجعل الخيال قوة أساسية في تشكيل العالم.
لتحقيق هذا الإمكان، يحتاج البشر إلى تطوير ما يمكن تسميته بـ”التخيّل المنهجي”، وهو القدرة على استخدام الخيال بطريقة منهجية وموجهة نحو تحقيق أهداف محددة. يتطلب ذلك تعزيز التفكير النقدي والإبداعي لدى الأفراد، خاصة منذ مراحل الطفولة. إن الأطفال، بقدرتهم الفطرية على الحلم، يمثلون التربة الخصبة لزرع بذور الخيال. لكن هذه البذور تحتاج إلى رعاية مستمرة من خلال أنشطة تعليمية وثقافية تُعزز من قدرتهم على استكشاف العالم بطرق جديدة.
الخيال لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يمكن أن يصبح مورداً جماعياً للمجتمعات والدول. إنه يشكل الأساس لابتكارات كبرى تحولت إلى ثورات صناعية وتقنية، مثل الإنترنت والطاقة المتجددة والأجهزة الذكية. الشركات الكبرى اليوم، مثل تلك التي تقود قطاع التكنولوجيا، تعتمد بشكل كبير على الأفكار التي تبدأ كخيالات طموحة، لكنها تتحول عبر الابتكار والعمل إلى واقع يغير العالم. لذلك، فإن الاستثمار في الخيال ليس ترفاً، بل ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة.
يتجلى دور الخيال أيضاً في المجالات الثقافية والفنية. الفنون بجميع أشكالها ليست مجرد وسائل للتسلية، بل هي مختبرات للأفكار. الأفلام والروايات والمسرحيات تلعب دوراً محورياً في استكشاف القيم الإنسانية وإعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية. كما أن الخيال الأدبي والسينمائي يمكن أن يكون حافزاً للعلماء والمبتكرين للبحث عن طرق جديدة لتحويل هذه التصورات إلى حقائق. وهكذا يصبح الخيال ميداناً للتفاعل بين المشاعر والأفكار، ومساحة للتجريب الحر الذي يفتح أبواب المستقبل.
لكن الخيال ليس فقط وسيلة للإبداع، بل يمكن أن يكون أيضاً علاجاً نفسياً ووسيلة لتحسين الصحة العقلية. في عالم مليء بالضغوطات والتحديات، يمكن للخيال أن يمنح الإنسان متنفساً للتأمل والتجديد. الانغماس في عوالم خيالية، سواء من خلال القراءة أو الألعاب الافتراضية، يمكن أن يساعد على تهدئة النفس وتعزيز التفكير الإيجابي. في هذا السياق، يصبح الخيال أداة ليس فقط لبناء المستقبل، بل أيضاً لتحسين الحاضر.
إلى جانب ذلك، يمثل الخيال دعوة للتأمل الفلسفي في طبيعة الوجود الإنساني. إنه يعكس قدرة الإنسان على تجاوز حدود الإدراك المادي، واستكشاف احتمالات جديدة للحياة. الفلاسفة الكبار، من أفلاطون إلى كانط، تحدثوا عن أهمية الخيال كوسيلة لفهم الذات والعالم. إنه المساحة التي يتلاقى فيها العقل مع الروح، حيث تتشكل الأفكار التي يمكن أن تغيّر مجرى التاريخ.
لكن الخيال ليس مسؤولية فردية فقط، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب التعاون بين الأفراد والمؤسسات والدول. من خلال تعزيز ثقافة الخيال والإبداع، يمكن للمجتمعات أن تبني عالماً أكثر عدلاً واستدامة. الاستثمار في التعليم، وتشجيع البحث العلمي، ودعم الفنون والإبداع، كلها خطوات أساسية لتحقيق هذا الهدف.
في النهاية، يمثل الخيال البوابة السرية التي تقودنا نحو التغيير والإبداع. إنه القوة التي تدفع الإنسان لمواجهة التحديات، وتحقيق المستحيل، وخلق عالم يعكس أحلامه وطموحاته. في زمن يحتاج فيه العالم إلى حلول جذرية وإبداعات غير مسبوقة، يصبح الخيال ليس خياراً، بل ضرورة لبناء المستقبل. لذا، علينا أن نعيد اكتشاف هذه القوة الكامنة، ونمنحها المكانة التي تستحقها في حياتنا ومجتمعاتنا. فقط عبر الخيال، يمكننا أن نصوغ عالماً جديداً يتسع للجميع.