الشباب هم ثروة الأمة وسر قوتها، فهم قادة الغد وحاملو اللواء، فالأمم القوية تبنى بعقول شبابها وسواعدهم ووعيهم، وفهمهم لدورهم فى بناء أمتهم والشباب لا تنمو الحياة إلا بهم، وبهم ترفع الأمة رأسها بين الأمم، لذلك وجب العناية بالشباب عناية خاصة.. والإسلام سبق الدنيا فى هذا الصدد فقدم القرآن المجيد نماذج للشباب، فقدم سيدنا موسى نموذجًا للشهامة والمروءة ومد يد العون للغير تطوعًا خشية لله فقال تعالى: «ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما.
...».
وقال عن يحيى عليه السلام «يا يحيى خذ الكتاب بقوة»، والنبى اهتم بالشباب فابن عباس كان النبى يربيه ويعلمه «يا غلام إنى معلمك كلمات...»، و«زيد بن ثابت» كان يكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره الرسول فتعلم لغة اليهود فى خمسة عشر يومًا، فكان عند حسن ظن النبى، وبعد وفاة الرسول صلى الله عيه وسلم كلفه أبوبكر بجمع القرآن وكان على قدر المسئولية.
وأسامة بن زيد أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم قيادة الجيش المتجه إلى فتح فلسطين وهو ابن الثماني عشرة سنة، وقدم النبى سيدنا معاذ لما رأى من فرط قوته فى الحق والدين وفقهه فى الدين، فبعثه إلى اليمن سفيرًا لرسول الله ومعلمًا وقاضيًا وغير ذلك.. فهناك بلال ومصعب وحنظلة بن أبى عامر وغيرهم.
إن على الشباب أن يعرف أن مهمته هى العبادة وبناء الأمة وتزكية أنفسهم، كذلك على الشباب أن يعرف الأخطار التى تحدث بالأمة وعليه أن يكون هو ذراعها ودرعها القويم، وعليهم أن يثقوا فى أنفسهم فعليهم بالتفوق العلمى والثقافى والبدنى حتى يكونوا أهلًا لمهمتهم التى خلقوا من أجلها.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الذِّكرُ هو عبادةُ القلبِ التي يَصلحُ بها ويطمئنُّ بها، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، فإذا اطمأنَّ القلبُ صلحَ، وصلحَ بصلاحِه سائرُ الجسد، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ».
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الذِّكرُ عِمادُ القلبِ، والقلبُ عِمادُ الجسد، فقلبُ المؤمنِ يَحيا بذِكرِ اللهِ تعالى، وبحياةِ القلبِ يَحيا سائرُ البدن، فقد ورد عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم : «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ».
ويتضح ذلك المعنى عندما نعلمُ أنَّ الصلاةَ التي هي عِمادُ الدينِ ورُكنُه الرَّكينُ إنما شُرعت لأجلِ ذِكرِ اللهِ تعالى، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾. بل عندما يُشرِعُ المسلمُ في صلاته، بقوله (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ يُباهِي الله به ملائكته ويقول لهم: "ذكرني عبدي".
فالذِّكرُ هو الإطارُ العامُّ، والبيئةُ الطيِّبةُ التي لا بُدَّ منها حتى تَترعرعَ فيها بقيةُ العبادات، ومن ذلك نلحظ أن الإحرام بالصلاة يبدأ بالتكبير ، وختامها بالتسليم، وكِلاهُما ذِكرٌ لاسمٍ من أسماء الله تعالى ، قال تعالى : ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾.
فعلاقةُ الذِّكرِ ببقيةِ العباداتِ كعلاقةِ الشجرِ بالأرض؛ فلا يُمكنُ أن تُزرعَ شجرةٌ دون أن تمتلكَ أرضًا تُزرَعُ فيها.
فالأمرُ بالذِّكرِ هو أمرُ المُحبِّ لمَن يُحبُّ، وإنَّما يَمتثلُ له من صدقَ في الحبِّ، يقول تعالى ﴿فاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾، ويقول تعالى في حديث قدسي فيما يرويه صلى الله عليه وآله وسلم : «وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ».
وإذا أحبَّ المرءُ منَّا حبيبًا، طلب منه أن يَذكُرَه – وللهِ المثلُ الأعلى – فالذِّكرُ أمارةُ الحبِّ، فما من مُحبٍّ وهو لاهٍ عن محبوبِه.