الحقيقة أن السعادة المُثلى التى هى حلقة وصلٍ وجسرٌ إلى السعادة الحقيقية فى حياة الإنسان الثانية بجنة الخُلْد ليست فى الظواهر المادية للبهجة (الثروة. المكانة. الشهوة)، فذلك ليس سببًا حقيقيًا للسعادة والفرح: (ذلكم بما كنتم تفرحون فى الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون)، وإن كان من حق الإنسان أن يستمتع بطيبات الله: (قل مَنْ حرَّم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق) لكن ذلك مشروط بشرطين:
١.
أن يستهدف بها الوصال مع سعادته الآخروية: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا).
٢. ألَّا تكون تلك الزينة هى محور سعادته كما قال الحكيم التربوي:
٣. ولستُ أرى السعادة جمْعَ مالٍ.. ولكنّ التقى هو السعيد.
وهناك ركنان أساسيان للسعادة والحياة الطيبة الهانئة لا تتحقق إلا بهما:
الأول: الجمع بين الإيمان وفعل الخير: (مَنْ عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة).
الثانى: امتلاء القلب بالتقوى والمحبة مما يضمن الصلاح والفوز الدائم وهو أحد أهم متطلبات السعادة: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومَنْ يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا).
وذلك يجعل من القلب مركزًا للسعادة وجنة للإنسان يعايشها فى كل مكان وزمان كما حكى ابن القيم مقولة شيخه (ما يفعل أعدائى بى؟ أنا جنتى وبستانى فى صدرى أينما ذهبت فهى معي).
وأهم ما يجب أن يمتلئ به القلب مصدرًا للسعادة:
١. الصبر لأجل تأمين النفس ضد مخاطر وأضرار شرور المكائد والمؤامرات فيسعد بالاطمئنان للمستقبل: (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا).
٢. القناعة والرضا بالقضاء والقدر وأنه قد رُفعت الأقلام وجفّت الصحف، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
وللسعادة علامات تُعرف وتقاس بها ومن اجتمعت له كان سعيدًا:
١. الشكر على النِّعَم.
٢. الصبر على البلاء.
٣. المداومة على ذِكْر الله.
٤. الاستغفار من الذنوب لأن الاستغفار محاسبة للنفس وانتزاع إقرار بتقصيرها وتعظيم زلاتها رجاءً لثواب لعفو خالقها وثوابه.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
العبادة والتدين الصحيح.. كيف نلتزم بهما؟
واستضافت الحلقة الدكتور محمد خير الشعّال، أستاذ مادة الحديث وعلومه بكليتي الشريعة وأصول الدين بجامعة بلاد الشام، حيث تحدث عن العبادة الصحيحة وعن التدين الذي يفترض أن يهتدي إلى الإنسان ويتمسك به.
ويؤكد أن مفهوم العبادة ارتبط في أذهان عدد لا بأس به من المسلمين بأنه صلاة وصوم وزكاة وحج وتلاوة للقرآن الكريم، في حين أن العبادة في الإسلام هي اسم جامع لكل ما يحبه الله عز وجل ويرضاه من قول وفعل.
فالزوجة التي ترعى زوجها هي في عبادة، والزوج الذي يحنو على زوجته هو في عبادة، لأن الله عز وجل يقول في سورة النساء: " وعاشروهن بالمعروف"، كما أن الابن الذي يبر أباه هو في عبادة، لأن الله سبحانه وتعالى يقول في سورة الإسراء: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا". والحاكم الذي يعدل بين رعيته هو في عبادة أيضا.
وجعل بعض العلماء العادات الفطرية عبادة إن اقترنت بالنية الصالحة، مثل الطعام والشراب والنوم.
وعن مفهوم العبادة عن القدماء، يذكّر الدكتور الشعّال بمقولة للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه "والله إني لأخشى من الله سبحانه وتعالى أن يسألني عن شاة على شاطئ دجلة زلت قدمها، لمَ لم تعبد لها الطريق يا عمر".
إعلانوفي السياق نفسه، روى أن أحد الشيوخ زار بلدا إسلاميا فشاهد مآذن المساجد مليئة في ذلك البلد، ولما انتهى من زيارته، كانت هناك زيارة رسمية لرئيس الدولة التي يوجد بها البلد فسأله رئيس الدولة: كيف رأيت الإسلام في بلدنا؟ فرد الشيخ قائلا: رأيت أن الإسلام عندكم متراجعا، وكنت أتمنى أن أرى أمام كل مئذنة لمسجد مدخنة لمصنع.
ويوضح أن الناس الذين فهموا العبادة بأنها صلاة وصوم وزكاة وحج صار عندهم إفراط وتفريط من جهتين، فإذا أراد التقرب من الله سبحانه وتعالى يكثر من الصوم والزكاة والحج، لكنه يظلم زوجته، وممكن يغش أو يتلاعب بالموازين في محله.
وصحح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مفهوم العبادة في قوله "أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وصدقات، ويأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، وقذف هذا، يأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته وهذا من حسناته، حتى إذا لم تبق حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
التدين الصحيحوعن التدين المغلوط وأثره على المجتمع، يقول الدكتور الشعّال إن الله سبحانه وتعالى قال في سورة آل عمران: "إن الدين عند الله الإسلام"، والمراد بالإسلام الطاعة لأوامر الله تعالى، والموجودة في 5 مفاصل من الحياة، العبادات (صلاة وصوم وزكاة وحج وقراءة القرآن الكريم)، وفي المعاملات (بيع وشراء والصرف والوكالة..)، والأحوال الشخصية (زواج وطلاق ونفقات..)، وفي الحدود والجنايات والمرافعات، وفي السياسة الشرعية.
وحول مفهوم التدين الصحيح، يستند "ضيف برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" إلى فهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم عندما قال الخليفة عمر لعمرو بن العاص "يا عمر متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!".
والتدين يظهره قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "رب زدني علما"، ويظهره الصحابة الذين انطلقوا ينشرون الخير في الأرض.
إعلانوعن الذي يهجرون القرآن الكريم بعد شهر رمضان، يوضح الدكتور الشعّال أن الذي تغير بين الماضي والحاضر هو تعامل الإنسان مع القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويشجع الناس على قراءة القرآن ويرغبهم فيه، وكان يقول "من قرأ حرفا من كلام الله فله به حسنة والحسنه بعشر أمثالها".
ويتأسف الدكتور الشعال كون بعض الناس يقرؤون القرآن الكريم ويختمونه عدة مرات، لكنهم لا يبحثون عن تفسير معانيه.
12/3/2025