مشكلة عدن و عدن المشكلة
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
بقلم: عفراء خالد الحريري
( إن لهذه المدينة أبناء(رجال ونساء) يحبونها، يغارون عليها ومستعدون للتضحية من أجلها لخدمتها وصنع الحاضر والمستقبل، إلا أنني أخاف أن أستيقظ يومًا على خبر استسلامهم وانسحابهم وموتهم، واعْلمْ يا عدني أن الأهل والأحبة متواجدون في أراضيك، ماضينا وتاريخنا موثَّق بين صفحاتك، أرواحنا تأبى أن تتخلى عنكِ، ولا تريد منكِ شيئًا غير أن تكوني كما عهدنكِ ملجأ لمن لا بيت له، وحضنًا دافئًا لمن لا أم له أو أب يعطف عليه، ليشعر كل من يحمل اسمكِ بأنه شخص مهم، له قيمة عالية فيكِ، ويستطيع التمتع بانتمائه لكِ، يوما ما ستصلي يا عدن إلى حقيقة أن من يطالب بالتغيير يحبكِ حقًا، بعيدًا عن من يظهر لكِ ولاء كاذبًا ليقضي مآربه الخاصة وينصرف في الاجازة إلى قريته أو غربته أو محل إقامته أو ولي نعمته).
ذات أمسية رمضانية في لقاء معالي رئيس الوزراء ببعض النساء من فئات متنوعة، وبعد كلمته من رؤية للمستقبل وشكوى لحاضر مثقل بالأزمات، و من تأملي في أحرف كلماته وشغفي على هذه المدينة/ العزلة المكلومة، حان دوري في الكلام، وقد أصبح صعبًا ومحرجًا عن عدن والاحداث التي تمر بها في جميع الآونة، من حروب و انقسامات تقودها بثبات نحو الهاوية، إذ وجدت نفسي بين تساؤلين( مشكلة عدن و عدن المشكلة والعكس صحيح)، إذ يجعل هذا التساؤل المرء يعيد النظر عما يتركه مسمى الوطن(عدن) في الفؤاد قبل القلب منذ أن كان طفلًا.
فمشكلة عدن بأنها وطن احتضن الكثير والكثير والكثير، ولم ينتمي إليها أحد وتملص الجميع من ذكر الإنتماء إليها عند كلُّ فرصة تذكر، تمردوا وخانوا وباعوا وغادروا ورأس مال التمرد والخيانة والبيع والمغادرة هي عدن، مشكلة عدن بأنها دافعت عن حقوق الكثير، وطالبت بتوفير أسس الحياة الضرورية من( صحة وتعليم وفرص عمل و توظيف، من كهرباء وماء وطرقات سليمة وسكن لائق)، ودافعت لبقاء الكرامة عن (نظام و أمن وعدل وسيادة قانون وحرية رأي وتعبير وفعاليات وأنشطة) وناهضت من أجل الحق(الفساد والرشوة والنفوذ والمحسوبية و الوساطة) وناضلت للإنسانية في تحقيق( المساءلة والمحاسبة والتقييم).
عدن صارت الوطن الذي يقتل أبناءه ولا يحزن، منهم من ضاعت روحه نتيجة إهمال طبي أو نقص في الكادر أو عدم توفر الأجهزة أو ارتفاع سعر العلاج، والبعض يموت حرًّا وجوعًا وصدمات، ويَقتُل الجهل أحلام الأطفال لازدحام المدارس، وعدم القدرة على شراء الملابس وإضراب المعلمين، والبعض الآخر ينقض عليه الموت إختناقًا لانطفاء الكهرباء وتيبسًا انقطاع الماء وسقوطًا لرداءة مشاريع الطرقات وطفح مجاري الصرف الصحي، عدن أضحت القرية التي تفقد فيها أدميتك، إذ تجد نفسك مجرد أي شيء آخر، غير الإنسان وتخجل من نفسك حين تقول:” أنها وطني الدم الذي يجري في عروقي”( أكذوبة الوالدين علينا)، فأي بلد هذه التي تتحلى بالزيف، كلُّ ما فيها زائف ومضلل مثل الاخبار التي توجه الرأي العام نحو ما يخدم مصالح فئة معينة غير أهلها، بواسطة إعلام تنعدم فيه المصداقية والشفافية وتمارس هيئته شغل الاستخبارات في قمع منظمات المجتمع المدني، دون أدنى معايير دستورية أو قانونية أو شرعية، وبالمقابل تدَّرسُك في خطابات قادتها أن للجميع حرية التعبير عن الرأي، وانت أقرب ما تكون عرضة للقمع إن اختلفت مع الآخرين في توجهاتهم وأفكارهم، بُغية تحقيق مبدأ الاحترام، والإيمان بالاختلاف، وتنمية آداب الحوار مثلما كانت عدن.
ستكون عدن بدون مشكلة، عندما يضع صناع القرار نصب أعينهم المسؤولية التي وكلت لهم (إبتدأ من رأس السلطة المحلية مع المديريات ومرورًا بالسلطة التنفيذية مع وزارة كنت مسؤول فيها وانتهاء بمجلس الرئاسة)، على أن يخدموا الشعب لا أنفسهم فقط، بالالتفات لمشاكلهم وأخذها بعين الاعتبار، ثم الشروع في تطبيقات عملية، واختيار أحسن الأسماء وأعمقها تأثيًرا في نفوس الناس لأكبر البرامج والإصلاحات، وليس الإختيارات القائمة على من يعرف ويختار رئيس المجلس الرئاسي أو من يعرف نوابه وإذ بنا أمام محاصصة لثمانية، هذا إذا خرجنا من محاصصة الأحزاب والمكونات السياسية ومعاريف السلطة التنفيذية والمحلية. وعندما يبتعد كلُّ مسؤول عن أقوال دون تطبيق أي منها على أرض الواقع، وقد سئمنا من تلك الخطابات التهريجية المتكررة، التي تجعلنا نعيش مسرحية هزلية مؤلمة، كان من نصيب الكثير فيها لعب الأدوار الثانوية.
عليكم تنقية المصالح الحكومية من الفاسدين بالمعني الواسع لهؤلاء البشر ومن يساعدهم ويكونون عبرة حقيقية لأناس عملهم النيل من طموح هذه المدينة عبر سنوات طالت كثيرا. وعليكم تنقية كشوف المنظمات الدولية من ناهبي أموالها “بقصد منهم أو غيرهم أو استمرارا لأخطاء ممتدة” في منظومة الدعم على جميع المستويات والتأخر في ذلك جريمة في حق من يحتاج هذا الدعم فعليًا.
كما تلوث العدل في فساد القضاء وتسيسه بعد أن كان هو الأمل الذي علي يديه يتحقق كل شيء له بريق في الدنيا، ولم يعد مقبولا أن يعيش المواطن على عدالة فاسدة ناقصة و بطيئة فقد شاخ الناس في انتظار تحقيق ذلك. إن مشكلة عدن هذه ممتدة في الشأن الداخلي العدني عاشتها أجيال متعاقبة ولكن الإحساس بآثار ذلك أنها أصبحت كارثية الآن وأصبحت صعبة المواجهة.
أما عدن المشكلة، لأنها كانت الأولى على شبه الجزيرة العربية والخليج وبعض دول الوطن العربي، المدينة المدنية التي سُخر أهلها الأصليين و(هم من الأقليات الان) ليكونوا رعاة للمسؤولين من خارجها، وامتلاك ثرواتها والاعتداء على تاريخها على حساب دولة أخرى حتى أيام الوحدة، والاعتداء لأسباب عقائدية وأيدولوجية، بهدف الطغيان عليها وعلى ملامحها، بلى فكلُّ الاعتداءات التي تمت عليها هي طغيان.
و تنوعت الاعتداءات وتعرضت لمخطط تقسيم الارض والناس إلى فئات متناحرة ومتذابحة بعد أن كانت تتميز بالتعايش وحُسن الجوار وهذه الاعتداءات هي تمهيد في الغالب لاعتداءات اخرى، وهناك الاعتداء الذي تم بأيدي أبنائها الذين سممت أفكارهم وغذيت بالكراهية والحقد وعدم تقبل الآخرين المختلفين عقائديًا أو أيديولوجيًا، وتقبل فقط العنصرية المناطقية المتطابقة بكل شيء.
عدن المشكلة إذ أصبح الانتماء لها حافزًا سلبيًا يدفع إلى السكون أو الركون أو تدميرها وإفسادها، فانتكس الحاضر وضاع المستقبل؛ ، يسافر المسؤول منكم وفيكم ويرى كلُّ عواصم ومدن العالم تتمتع بالجمال والنظافة و…إلخ ثم يأتي ويلقي علينا خطاب عن عدن روحه وقلبه …لذلك عدن المشكلة لأنها تحيا زمن اختلطت فيه المفاهيم وانقلبت المعايير حتى صار التسليم بالمعاني الحقيقية الثابتة مضربًا للشك والتكذيب أو التدليس من قبل الكثير.
وهناك فرق كبير وجب توضيحه بين الانتماء لعدن وبين التعصب للمنطقة والقبيلة، فالشعور بالانتماء إلى عدن يوطد الروابط بين كلُّ من سكن فيها، بغضّ النظر عن الاختلافات الفردية الطبيعية في ما بينهم ويحفزهم على العمل معًا على رُقيها ويرسخ الشعور بالمسؤولية تجاهها بما يدفعهم إلى التعاون من أجل نهضتها وازدهارها الحفاظ على استقرارها،
إن شعور الانتماء إلى عدن لدى البعض قد أصبح غريزة خاملة لا تحرك ساكنًا أمام كل ما يدمرها ويفسدها، بل في بعض الأحيان نجد أنه قد تبدلت فطرة الانتماء وتشوهت بفعل فاعل خبيث يضمر شرًا لعدن حتى صار الكثير يسهم عن وعي أو بدونه في تخريب حاضرها ومستقبلها بنفسه أملًا وطعمًا في مصالح ذاتية ضيقة أو تطلعات فردية رخيصة تحت دعوى الانتماء ايضًا. واتحدى أحد يقول:” بأن بقية المحافظات اليمنية حدث ويحدث لها مثلما حدث ويحدث في عدن”
فلا داعٍ معالي رئيس الوزراء بأن تشكو، كفانًا صراخًا وعويلًا علي سلبيات أدمناها طويلًا ولا مجال للحديث إلا لمن يملك رؤية اصلاح هذه المدينة اولًا وثانيًا واخيرًا فجميعكم دون استثناء من أعلى هرم السلطة إلى أسفلها مدينون لهذه المدينة، وعليكم بناء أمنها واقتصادها والعودة إلى فخر قدمها وحضارتها التي لم تحافظوا ونحافظ عليها، ولدينا تجارب حولنا نستطيع محاكاتها مثل أثيوبيا ونيجيريا ودول شرق آسيا فلهم نماذج وخطط ناجحة.
إن الاعتراف بفشل السابقين و سابقين السابقين وربما فشلكم في بناء ثقافة عدن خالصة، ليس عيب أو عار، وإن الذي حدث ويحدث في عدن ليس له ما يبرره في ظل عدد من الرؤوس للقيادة و المسؤولية و جميعها ظالمة وغير عادلة في كلُّ السلطات( الرئاسية والتنفيذية والقضائية والمحلية) والاتجاه يسير نحو استيعاب كلُّ من يطيع الأوامر ويقول: “نعم فقط على اي شيء وكلُّ شيء حتى للفساد”، إنها ثقافة السلطة السياسية اليمنية، ولكن من يريد التغيير والبناء عليه امتلاك الارادة وتحقيق رضا داخلي بالانتماء إلى مدينة ظُلمت وأهلها أولًا، ثم الانطلاق نحو بناء تكامل شعبي فاعل بعد ذلك تجاه جميع المحافظات التي من الأساس وفي الأصل لم يغزوها أو يحقد عليها أحد.
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
الأزهر: الغضب بين الأزواج سر ضياع الكثير من الأسر وحدوث الشقاق بينها
عقد الجامع الأزهر اليوم الاثنين، ملتقاه الفقهي تحت عنوان "رؤية معاصرة"، حيث ناقش الملتقى اليوم موضوع “الغضب بين الشرع والطب”.
وشارك في اللقاء، الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، والدكتور محمود عبد الرحمن حمودة، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة الأزهر، والدكتور أحمد كامل العوضي، أستاذ الطب النفسي والأعصاب كلية الطب جامعة الأزهر، وأدار الملتقى الدكتور هاني عودة ، مدير عام الجامع الأزهر.
في بداية الملتقى قال الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري: لقد وصف العلماء الغضب بأنه جمرة في جوف الإنسان، كما أن النبي أثنى على الصبر والحلم، لما لهما من أثر عظيم في كل شيء في الحياة، فقال النبيُّ ﷺ لأشجِّ عبد القيس: إنَّ فيك خصلتين يُحبّهما الله الحلم، والأناة"، كما قال ﷺ لمعاوية إياك والغضب فإنه يفسد الإيمان، كما يفسد الصب العسل، وهو تحذير من النبي ﷺ للمسلم بأن يتجنب الغضب في كل شيء، مبينا أن الغضب لا يكون محمودا إلا إذا انتهكت حرمات الله سبحانه وتعالى، فساعتها يكون الغضب محمودا لأنه التزام لأمر الله ورسوله، "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ".
وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر، أنه يجب على الإنسان عندما يشعر بأن هناك شيئا يغضبه فعليه وقتها أن يتمسك بالطمأنينة "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"، لهذا أوصى النبي ﷺ الصحابة بأن يغير كل واحد هيئته عند الغضب حتى يذهب عنه ما يغضبه، ويتروى قبل أن يصدر عنه ما يصيبه بالندم بعد ذلك، كما أوصاهم ﷺ بالوضوء عند الشعور بالغضب فقال ﷺ: "إِنَّ الْغَضَبَ مِنْ الشَّيْطَانِ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنْ النَّارِ وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ"، كما أوصاهم بالصلاة لأنه لا سعادة للعبد ولا فلاح له في الدنيا والآخرة إلا بطاعة الله تعالى لذلك كان رسولنا الكريم ﷺ يقول لبلال أرحنا بها يا بلال.
وبين نائب رئيس جامعة الأزهر، أن الغضب بين الناس في المعاملات، هو أمر منهي عنه، لذلك أوصي النبي ﷺ بالتروي في البيع فقال ﷺ"البيعان بالخيار مالم يتفرقا"، حتى لا تدخل بينهم الضغينة"، كما أن النبي ﷺ "سَمِعَ صَوْتَ خُصُومٍ بالبَابِ، عَالِيَة أَصْوَاتُهُمَا، وإذَا أَحَدُهُما يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ وَيَسْتَرْفِقُهُ في شيءٍ، وَهو يقولُ: وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ، فَخَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عليهمَا، فَقالَ: أَيْنَ المُتَأَلي علَى اللهِ لا يَفْعَلُ المَعْرُوفَ؟ قالَ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، فَلَهُ أَيُّ ذلكَ أَحَبَّ" وهو دليل على التروي والحلم، مضيفا أن الغضب بين الأزواج هو السبب في ضياع الكثير من الأسر وحدوث الشقاق بينهم.
من جانبه ، قال الدكتور محمود عبد الرحمن حمودة، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر: إن الغضب هو انفعال أساسي لدى البشر، لكنه انفعال خطير، يسبب الكثر من المشاكل للإنسان، والغضب رد فعل انفعالي سريع نتيجة تفاعل العقل مع السلوكيات، وكلما كان العقل متحكما وفي منطقة الاستجابة كلما كان الانسان متحكما في سلوكه ومنضبطا، أما عندما يتحول الانفعال إلى منطقة ردة الفعل فإنه يتحول إلى سلوك خطير، لذا فإن تعريف الغضب هو: أنه " حالة من الانفعال تتراوح في الحالات الخفيفة من حالات الاستثارة، إلى الاشتعال في الحالات الشديدة"، كما أن هناك فرقا بين الغضب والعدوان، والذي يعد سلوكا حادا ينتج عنه خسائر، وهو ما يمكن فهمه من قول الفلاسفة مثل أرسطو الذي قال: "من المقبول أن يغضب الإنسان ولكن في الوقت الصواب ومع الشخص الصواب وبالطريقة الصواب".
وبين أستاذ الطب النفسي ، أن هناك أنواعا من الغضب، فهناك الغضب المزمن، وهو الشخص دائم الاستياء من كل شيء حوله، وهناك غضب متطاير والذي يصدر فجأة نتيجة موقف أو مثير ثم يختفي، وهناك الغضب المكتوم الذي يصدر في جمل نقدية أو حديث التوبيخ وهناك الغضب السلبي الذي يعبر عنه بالاستياء، وهناك الغضب الغامر، والذي نلاحظه في سخرية الناس من الأمور الصعبة التي تمر في حياتهم، وهناك الغضب الانتقامي تجاه الآخرين، وهو ما يعبر عنه بالسلوكيات العدوانية، وهناك الغضب الذاتي والذي يظهر في صورة عدم رضا عن النفس، وهناك الغضب البناء الذي يدفع صاحبه إلى التغير نحو الأفضل، وزيادة النشاط النفسي والحركي والاهتمام بالتخلص من المشاكل، وهو ما يمكن أن نطلق عليها النتائج الإيجابية للغضب.
من جانبه ، أوضح الدكتور أحمد كامل العوضي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أنه يجب على الإنسان أن يمنح نفسه فرصة للمراجعة عند الغضب، لكي لا يتحول هذا الشعور إلى سلوك عدواني يضر به نفسه ومن حوله، وأن يتجنب الإنسان المثيرات التي تتسبب في الغضب، فإن كان لابد من التعامل معها فلابد أن يكون التعامل بتفكير عميق حول الطريقة المثلى في التعامل مع هذا المثير، وهذه الوقفة هي التي حدث عنها الرسول الكريم بأن الشخص إذا غضب فعليه أنه يغير الحالة التي عليها لأن هذا يمنحه فترة للتفكير بعمق وهدوء.
وأكد الدكتور هاني عودة مدير عام الجامعة الأزهر، على أهمية الحلم وسعة الصدر في التعامل مع كل الأمور، ولذلك كانت وصية الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل الذي طلب الوصية من رسولنا الكريم فقال له "لا تغضب"، وهو تأكيد أن الغضب مفسدة للحياة، وإلا لما كررها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا عندما طلب الرجل المزيد من الوصية، وكثير من المشاكل في المجتمع يكون السبب وراءها الغضب، كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: لِيَقُمْ أَهْلُ الْفَضْلِ، فَيَقُومُ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ: انْطَلِقُوا إِلَى الْجَنَّةِ، فَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ، فَيَقُولُونَ: إِلَى أَيْنَ؟ فَيَقُولُونَ: إِلَى الْجَنَّةِ ، قَالُوا: قَبْلَ الْحِسَابِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: أَهْلُ الْفَضْلِ ، قَالُوا: وَمَا كَانَ فَضْلَكُمْ ؟ قَالُوا: كُنَّا إِذَا جُهِلَ عَلَيْنَا حَلُمْنَا، وَإِذَا ظُلِمْنَا صَبَرْنَا، وَإِذَا أُسِيَ عَلَيْنَا غَفَرْنَا، قَالُوا: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِين.
وذكر مدير الجامع الأزهر ، الوصاية النبوية من القرآن الكريم والسنة النبوية للتعامل مع الغضب كي تستقيم الحياة، حيث راعى الإسلام فيها الجانب المادي والجانب المعنوي، والوصية الأولى هي: ما قاله رسول اللهﷺ إذا غضب الرجل فاستعاذ بالله سكن غضبه"، الوصية الثانية: ما علمه النبي ﷺ لأصحابه من تغيير الهيئة التي عليها الإنسان حالة الغضب" "إذا غضب أحدكم وهو واقف فليجلس"، الوصية الثالثة: ما أمر به النبي ﷺ وهو الوضوء فإن الْغَضَبَ مِنْ الشَّيْطَانِ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنْ النَّارِ وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ، لذا علينا أن نقابل الغضب بالصمت وعدم الاسترسال في الحديث الذي يسبب الغضب، مع الالتزام بوصايا النبي ﷺ.