ترك الاحياد.. هل قرار تحرير السودان وطني أم تضارب مصالح؟
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
بعد حياد داعم لما يقرب من عام ورفض التدخل في حرب أذاقت أهل السودان الويل، وتسببت في نزوح 8 ملايين شخص، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، أعلن مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور ترك الحياد ووجه قوات من الحركة إلى العاصمة الخرطوم للمشاركة مع الجيش في القتال ضد قوات الدعم السريع.
وخلال بث مباشر عبر صفحات الفيسبوك أعلن رئيس الحركة وسط قواته المشاركة في الحرب، قال فيه "في طريقنا نحو العاصمة الخرطوم، نعيش في الأزمة التي تكمن في الاعتداء على الدولة وعلى حقوق المواطنين وكرامتهم وسيادة الدولة".
ماذا تعرف عن حركة تحرير السودان؟
وتعد الحركة التي يصل عدد قواتها إلى 30 ألف مقاتل "حسب إعلانها" من أكبر وأقدم الحركات المتمردة في إقليم دارفور "غرب السودان"، وترفض الحكم المركزي للسودان وتعتبر النظام الفدرالي هو الأنسب للبلاد وتنوعها العرقي والثقافي والديني.
وتأسست في 2002 من طرف قبائل الزغاوة والمساليت والفور، وهي من أبرز القبائل الأفريقية في إقليم دارفور، وعرفت في البداية باسم "جبهة تحرير دارفور"، واقتصرت عضويتها على بعض أبناء قبيلة الفور الأفريقية، وبعدما انفتحت على أبناء القبائل الأخرى وتغير اسمها إلى حركة تحرير السودان"، وذلك في 14 آذار/ مارس 2003.
انقسمت الحركة، الجناح الأول كان بقيادة مني أركو ميناوي، الذي وقّع عام 2006 اتفاقية أبوجا وأصبح كبير مساعدي الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، والثاني عبد الواحد محمد نور، وغادر إلى باريس منذ الاتفاقية.
وظهر أركو مناوي الذي ولد في منطقة فوراوية بولاية شمال دارفور في 12 كانون الأول/ ديسمبر 1968، كسياسي سوداني على الساحة مع بداية التمرد بإقليم دارفور عام 2003، وتولي منصب الأمين العام والقائد الميداني لـ "حركة تحرير السودان".
حظي بعلاقات كبيرة مميزة مع رئيس جمهورية إريتريا أسياس أفورقي، بل حاول أن يبني قواعد عسكرية له في شرق السودان مع حركة العدل والمساواة بدعم أريتريا.
وفى آب/ أغسطس من العام الماضى أعلن مسؤول عسكري بارز في حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي، دعمه وتأييده للجيش السوداني في حربه التي يقودها ضد قوات الدعم السريع، لكن المتحدث باسم التنظيم شدد على تمسكهم بموقف الحياد
فيما قررت مجموعة من قيادات الحركة الانفصال عن رئيس الحركة مني أركو مناوي وتغيير اسم الحركة إلى “حركة تحرير السودان – الديمقراطية”، معلنة عن توجهها لانتخاب مكتب تنفيذي جديد خلال الفترة المقبلة.
ويرى متابعون أن قرار مناوي الخروج عن مبدأ الحياد والانخراط في الحرب الدائرة منذ نيسان/ أبريل الماضي إلى جانب الجيش السوداني، يعتبر مجازفة بالحركة التي تملك نفوذا في إقليم دارفور.
ويري مراقبون أن حالة من التوتر أصبحت موجودة منذ البداية حين دعمت الحركة قرار عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وميل رئيسها وعدد من القادة المشاركين في الجهاز التنفيذي للحكومة إلى دعم الجيش.
ولكن تظل أمور السياسية غامضة تحركها المصالح، فما السر وما الدفاع وراء تحول قرار حركة تحرير السودان من موقف الحياد للمشاركة في الحرب وما سر تأخره إن كان القرار صواب؟
وفى تصريحات خاصة لـ" عربي21" أكد الصحفي السوداني الصادق الرزيقي، أن حركة تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي اتخذت في بداية الحرب موقفاً محايداً، وبحكم وجود رئيسها في منصب حاكم إقليم دارفور وجد نفسه في مواجهة الموقف الذي لا مناص منه بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع المتمردة علي أربع ولايات من ولايات دارفور الخمس.
وأضاف الصحفي السوداني، أن قرار الحركة بالوقوف إلي جانب الجيش أملته عدة عوامل أهمها، الانتهاكات والجرائم ضد المواطنين خاصة في دارفور وإعادتها لذاكرة الحرب بين هذه الحركات و الدعم السريع نفسه وهي ثارات قديمة لم تلتئم جراحها بعد، ولا تستطيع الحركة الوقوف في مربع الحياد حتي لا تفقد المواطن.
وأشار الرزيقي إلى أن العامل الثاني مرتبط بموقف الحركة وهي جزء من شراكة السلطة فهي موقعة على اتفاق جوبا للسلام، وتري وفق حساباتها أن الدعم السريع في نهاية الأمر سيخسر المعركة مهما طالت الحرب، فالوقوف مع الدولة ومؤسسة الجيش العريقة هو الموقف السليم.
وقال، إن اعتبارات أخري وهي تعقيدات الموقف مع تشاد والتميز والاصطفاف القبلي ومصالح القبائل في دارفور التي تفرض على أبنائها النظر في هذه المصالح.
ومن ناحيته يرى المحلل السياسي، محمد عثمان عوض الله، في تصريحات خاصة لـ " عربي21" أن قرار الحركة يعبر عن موقف وطني حقيقي، وعن وعي كبير، وأن قائد الحركة مني أركو مناوي، رجلا وطنيا يتحدث في القضايا القومية.
وأشار عثمان إلى أن قرار الحركة الانحياز للقوات المسلحة، جاء بعد تأكدها من عدم جدوى الحياد بسبب الجرائم الكبيرة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد المجتمع وضد كيان الدولة السودانية.
وأضاف المحلل السياسي، أن الحركة قررت أن تشارك في معركة الوطن القومية. فأرسلت جنودها لتنظيف الخرطوم، وتحرير ولاية الجزيرة، والدفاع عن ولايات دارفور وكردفان.
وعلى النقيض، تري نائب رئيس حملة سودان المستقبل، زكية صديق، في تصريحات خاصة لـ "عربي21" أن قرار حركة تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي لم يكن بدافع وطني أو خوفا على قضية الوطن، لكنه نابع عن تضارب المصالح كونه يرتبط بمصالح "عمل" مع فرق الدعم السريع، ولم يقف أبدا على الحياد، واصفة القرار بأنه أسلوب للضغط على فرق الدعم السريع.
وقالت نائب رئيس حملة سودان المستقبل، إن من يبحث في سيرة مني أركو مناوي، يجد أنه مراوغ وشخص غير موثوق فيه ودخل في اتفاقات كثير مع الحكومة وفشل فيها، وأن قراراه بالقتال مع الجيش لابد أنه نابع عن استفادة كبيرة وتدخلات تجارية.
وأضافت، أن "كل ما يتم من قائد حركة تحرير السودان من فساد ومصالح كان بمريء ومسمع من الجيش والحكومة لأنها هي من قننت الفساد ،" على حد قولها"، مشيرة إلى أن الجيش مستفيد من قرار مناوي كونه في موقف ضعف، والقرار يجعله يسوق لنفسه أنه في موقف قوة وقادر على إبرام التحالفات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السودان الدعم السريع تحرير السودان السودان تحرير السودان الدعم السريع الحرب في السودان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرکة تحریر السودان قوات الدعم السریع منی أرکو مناوی إقلیم دارفور أن قرار
إقرأ أيضاً:
معارك عنيفة قرب الخرطوم والنائب العام يتعهد بمحاكمة الدعم السريع
الخرطوم- قال مصدر عسكري للجزيرة إن مدينة بحري شمال الخرطوم شهدت -اليوم الاثنين- اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع، في حين تعهد النائب العام مولانا الفاتح محمد عيسى طيفور بمحاكمة مسلحي قوات الدعم أمام المحاكم الوطنية بالبلاد.
وقال المصدر إن الجيش استخدم القصف الجوي والمدفعي على مواقع الدعم السريع ببحري أعقبه هجوم بري تمكن الجيش خلاله من استعادة عدة أحياء بضاحية شمبات وسط مدينة بحري واستعادة عدد من المباني من بينها مستشفى البراحة ومصانع الدقيق، وأشار المصدر إلى أن الجيش عازم على استعادة مدينة بحري بالكامل خلال الفترة القادمة.
ويسعى الجيش السوداني لفك الحصار عن قيادته العامة بوسط الخرطوم من خلال التوغل عبر شمال بحري. وتسيطر قوات الدعم السريع على مركز العاصمة الخرطوم وتحاصر قيادة الجيش وتسيطر على القصر الرئاسي منذ مايو/أيار من العام الماضي.
وفي دارفور غربي السودان قالت مصادر بقيادة الجيش بالفاشر للجزيرة نت إنهم قصفوا بالمدفعية الثقيلة مواقع الدعم السريع في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، وكشفت المصادر عن تنفيذ سلاح الجو سلسلة ضربات جوية على المحور الجنوبي مما أدى لتصاعد الدخان.
وتشهد الفاشر معارك عنيفة ومستمرة بين الجيش والقوة المتحالفة معه من حركات دارفور المسلحة وقوات الدعم السريع، حيث تسعى قوات الدعم السريع للسيطرة على آخر معاقل الجيش في اقليم دارفور.
إعلانفي الأثناء ذكرت مصادر للجزيرة أن الطيران الحربي شن ضربات جوية على مواقع تتبع لقوة الدعم السريع بمدينة نيالا جنوب دارفور غربي البلاد، وبحسب المصادر استهدف الجيش بالضربات مواقع للسلاح وقاعدة دفاع جوي تستخدمها قوات الدعم السريع لإطلاق المسيرات الطويلة المدى فضلا عن ضرب مواقع لتنقيب الذهب بمنطقة سانقو بجنوب دارفور. وأشارت مصادر محلية بنيالا إلى وقوع ضحايا مدنيين جراء القصف الجوي.
محاكمةمن جانب آخر، قال مولانا الفاتح محمد عيسى طيفور النائب العام، رئيس اللجنة الوطنية لجرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني، إن قوات الدعم السريع "ارتكبت جرائم بشعة يندى لها جبين الإنسانية، أبرزها جريمة الإبادة الجماعية ضد شعب المساليت بمدينة الجنينة بولاية شمال دارفور، فضلا عن استهداف المدنيين في نفس الولاية من خلال قتل الرجال واغتصاب النساء".
وقال مولانا طيفور في تصريحات -اليوم الاثنين- ببورتسودان إن السلطات السودانية ستحاكم مسلحي قوات الدعم أمام المحاكم الوطنية بالبلاد، مشيدا بكفاءة السلطة القضائية الوطنية والمؤسسات العدلية قائلا "لدينا بالبلاد سلطة قضائية راسخة وعادلة ونيابة عامة فاعلة قادرة على إنجاز كل المهام المنوطة بها".
وكشف النائب العام عن تواصل مع بعض الدول بخصوص تسليم المتهمين، مبينا أنه إذا لم يتم تسليمهم فستمضي الإجراءات وستتم محاكمتهم غيابيا.
وتطرق مولانا طيفور لجرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني في ولاية الجزيرة، مستعرضا تفاصيل جرائم القتل والاغتصاب والتهجير وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم في المنطقة.
وتحدث النائب العام عن ارتكاب قوات الدعم جرائم اغتصاب بشكل واسع يتجاوز 966 حالة اغتصاب موثقة، مشيرا إلى وجود حالات لم يتم الإبلاغ عنها وتوثيقها.
إعلانومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية، ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداما حادا في الأمن الغذائي، وفقا للأمم المتحدة التي دقت ناقوس الخطر مجددا -الخميس- بشأن الوضع في البلاد التي قد تواجه أخطر أزمة غذائية في التاريخ المعاصر.