تناولنا فى المقال السابق بعض آليات النهوض بفكرنا العربى والإسلامى المعاصر، ونستكمل اليوم حديثنا.. نعم كثيرة هى المناهج فلدينا المناهج التجريبية التى تعتمد على الملاحظة والتجربة التى استخدمها علماؤنا قديماً، فنجد رشيد الدين الصورى استخدم هذا المنهج وهو عالم عربى من علماء النبات استخدم الملاحظة ملاحظة تطور النبات فى الأرض عن طريق رسم النبت فى الأرض وهى برعم على سطح الأرض إلى أن يزهر.

كذلك لدينا المنهج الوصفى، المنهج التاريخى وتتبع الأحداث تاريخياً فنتحول من التاريخانية إلى التأريخية (صنع التاريخ)، كذلك لدينا المنهج التحليلى الذى يُستخدم فى تحليل أفكار الفلاسفة والوقوف على رأى كل فيلسوف على حدة فى دراسة أفكاره وماذا يريد أن يقدم لنا، وهل سنوظف هذا التحليل التوظيف الأمثل متوخين الحيطة والحذر، ومتوخين كذلك الموضوعية وطرح النزعة الذاتية، وإلا لن نصل فى بحوثنا إلى النتائج المرجوة. ثم لدينا المنهج المقارن، مقارنة بين أفكار الفلاسفة، بين أفكار العلماء، بين أفكار اتجاهين مختلفين قد يربط بينهما خيط رقيق لا يراه الناظرون، لكن يراه الباحثون المنقبون، كالمقارنة بين اتجاه مشائى أرسطى ينتهج المنهج العقلانى، واتجاه إشراقى حدسى صوفى سواء حدس عقلى أو حدس قلبى نورانى. أو بين فكر مدارس المشرق الفلسفية، ومدارس المغرب الفلسفية، وإذا ما حدث ذلك سنخرج من الركود الفكرى والعطب الذهنى الذى كاد أو أوشك أن يعصف بنا ويفقدنا هويتنا الفكرية والثقافية، إذا ما حدثت مثل هذه المقارنات سيصبح فكرنا حركياً ديناميكاً مستمراً يؤثر فى الذى سيلحق بنا وسيجعله يواصل المسيرة واقفاً على أرضية فولاذية لا يحيد ولا يميد عن الجادة والصواب. ثم لدينا المنهج النقدى الذى هو روح الفكر والدينامو المولد للطاقة فى حياتنا الفكرية والعلمية. منهجًا نقدياً أقول ولا أقول منهجًا نقضياً هدامًا، فنحن ننقد على أسس ودعائم وركائز، ننقد لا من أجل النقد أو من أجل الشو والاستعراض الإعلامى وإثبات الوجود، وإذا كان ذلك كذلك فوجودك ها هنا هو والعدم سواء، وسيتلاشى هذا الوجود الوهمى. ننقد على أسس صحيحة عن طريق تقديم الدليل العقلى والمناقشة الموضوعية السليمة، عن طريق عرض الرأى والاستماع إلى الرأى الآخر، ننقد مقدمين الحجة والدليل الثابت ثبوتاً قطعياً يقينياً موثَّقاً توثيقاً دقيقاً.

أيضاَ لابد أن يكون لدينا اطلاع جيد على الموضوعات المطروحة للمناقشة التى تخضع للنقد، حتى نستطيع تفنيد أفكارها تفنيداً جيداً من أجل الوصول إلى نقد بناء يستفيد منه الناقد ذاته والمنتقد، والذى سيقدم له هذا الفكر. هذا المنهج النقدى إذا ما طبقناه تطبيقاً منضبطاً أكاد أجزم أن حالتنا الفكرية ومساراتنا الفكرية على كافة الأصعدة والمستويات والأنشطة السياسية، الاقتصادية، الثقافية، العلمية، الدينية وخصوصاً الدينية، سيحدث ذلك صحوة ونهضة دوماً ما كنا نحلم بها لأمتنا العربية والإسلامية، نهضة تعيدنا سيرتنا الأولى، خير أمة أخرجت للناس. بل ستتحق المعادلة التى كان يظن البعض أنها صعبة التحقيق ورموزها عصية الحل، ستتحقق التنمية الشاملة والمستدامة لبلدنا الحبيب مصر، ولأمتنا العربية والإسلامية التى أدعو الله أن تستفيق من سباتها وتلملم شعثها وتتحد أقطابها ويتوحد قادتها تحت شعار واحد، أمة واحدة تدين لرب واحد، معملة شعار رفعه الله تعالى من فوق سبع سماوات (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) فهل انتهجنا منهجاً نقدياً لا نقضياً، منهجاً أساسه البناء لا الهدم.

هل لبينا نداء الله تعالى أمة واحدة شعارها ورايتها الاتحاد قوة والتشرذم ضعف ووهن. 

 

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ى المعاصر 2 علماء النبات سطح الأرض أمة واحدة

إقرأ أيضاً:

مكتبة الإسكندرية تناقش مستقبل النظام الإقليمى العربى

نظمت مكتبة الإسكندرية من خلال مركز الدراسات الإستراتيجية التابع لقطاع البحث الأكاديمى، صباح امس، ندوة تحت عنوان: "مستقبل النظام الإقليمى العربي" والممتدة علي مدار يومي 25-26 ديسمبر بمقر مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى بالقرية الذكية بالقاهرة، بمشاركة الأستاذ الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والسفير محمد وجيه حجازى؛ نائب مساعد وزير الخارجية للشئون العربية، والسفير علاء التميمى؛ مدير إدارة الدراسات الإستراتيجية فى جامعة الدول العربية، وعدد من رموز الفكر والثقافة والخبراء والمتخصصين وعدد من قيادات مكتبة الإسكندرية.

وبدأت فعاليات اليوم الأول من الندوة بكلمات افتتاحية لكل من الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والمفكر السياسي الدكتور علي الدين هلال، واللواء أحمد الشربيني؛ مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة الإسكندرية. وخلال كلمته، أكد الدكتور أحمد زايد علي أننا أمام ما يمكن اعتباره موضوع الساعة، خاصة فى ضوء التطورات الأخيرة فى سوريا، حيث أصبح النظام الإقليمي العربى فى مواجهة تحديات غير مسبوقة، خلال عمر هذا النظام الذى يمتد لأكثر من 75 عاماً.

وقال اللواء الدكتور أحمد الشربينى إن التطورات الأخيرة فى سوريا وضعت النظام العربى تحت ضغوط غير مسبوقة. وأضاف أن إنهيار النظام السورى ومعه الجيش الوطنى أوجد فراغاً، تسعى عدة قوى لملئه عبر عدة مشاريع، مشيراً إلى أن هذا الأمر سوف يعيد توزيع توازن القوى فى المنطقة ومن هنا تظهر أهمية استدعاء التاريخ فى مثل هذه المراحل المفصلية. كما أكد علي أننا فى حاجة إلى بدائل للحفاظ على هذا النظام الاقليمى العربى، أو على الحد الأدنى منه.

وقال الدكتور على الدين هلال إن مفهوم النظام الإقليمي ظهر لأول مرة عام 1970 وعُرف عربياً لأول مرة عام 1979، وأكد علي أننا فى حاجة إلى أن نجد إجابات للعديد من الأسئلة منها: لماذا تتطور أنظمة إقليمية ولماذا تفشل أخرى، وما هو مستقبل النظم الإقليمية فى ظل نظام العولمة.

وخلال تقديمه الندوة، أكد الدكتور محمود عزت؛ مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بمكتبة الإسكندرية، علي أهمية الندوة فى ظل ما يشهده العالم من تحولات جذرية ومتسارعة ألقت بظلالها على المنطقة العربية، وأثارت العديد من التساؤلات حول مستقبل النظام الإقليمى العربى.

مكتبة الإسكندرية تشهد الاحتفال باليوم العالمي لذوي الإعاقة 2024مكتبة الإسكندرية تنظم ندوة عن الهوية الحضرية لمدينة بغدادإطلاق أوراق صلاح عيسي في ذاكرة مصر بمكتبة الإسكندريةمكتبة الإسكندرية تشهد ختام مشروع سبل دعم العيش "ملاذ" 2024الإيسيسكو ومكتبة الإسكندرية توقعان اتفاقية تعاون في مجالات الحوار الحضاري والثقافة والتراثتعزيز التعايش السلمي .. مؤتمر بـ المغرب بحضور مدير مكتبة الإسكندريةمدير مكتبة الإسكندرية: نحتاج للتأكيد على نشر مبادئ السلام والتسامح والاحترام المتبادلالنظام الإقليمي العربي 



وقد عقدت الجلسة الأولى من الندوة تحت عنوان "النظام الإقليمى العربى: رؤية نقدية" وتحدث خلالها الدكتور إبراهيم عوض عن" النظم الإقليمية فى العالم"، وأشار فى مداخلته إلى أنه لا يوجد إتفاق على مفهوم واحد ومحدد للإقليم، مشيراً إلى أن الدول النامية رأت فى النظم الإقليمية فرصة لمواجهة النظام الكونى. وقال أنه فى الوقت الذى نجح فيه الإتحاد الأوروبي وتطور رغم أنه مكون من دول كانت تحارب بعضها البعض، ولكنهم رأوا فى الإتحاد ضرورة، فى الوقت الذى فشل فيه النظام الإقليمي العربى لأنهم لم ينتهجوا نفس النهج، يكفى أن نعرف أن ميزانية الإتحاد الأوروبي تبلغ 288 مليار دولار سنوياً، تاتى من الجمارك ومن ضريبة القيمة المضافة للدول الاعضاء، إضافة إلى الاشتراكات.

وعقب الدكتور عبد المنعم سعيد بقوله إن الإقليم العربى عانى نتيجة لما يسمى بثورات الربيع العربى، حيث أصبحنا أمام جيل جديد يرى أن الأنظمة العربية أصبحت جميعها غير صالحة، ولكن لم يكن لديهم رؤية أو مشروع لما بعد، وجاءت تطورات 7 أكتوبر لكى تفجر الوضع الإقليمى العربى وتضعه أمام تحديات داخلية وخارجية.

وتحدث الدكتور حسنين توفيق عن أزمة الدولة الوطنية العربية، وقال إن أزمة الإقليم العربى تتجلى فى أن هناك 7 دول عربية إما متصدعة أو فاشلة أو هشة، وقال إن ملامح الأزمة بدأت فى الفترة الاستعمارية لكنها تفاقمت على يد النخب العربية بعد ذلك.

وقال الدكتور محمد صفى الدين خربوش إننا أمام نظام يتسم بالفوضوية وسوف يستمر هذا الوضع فى الأجل المنظور، مشيراً إلى أنه لا يمكن إعادة إنشاء الجيش السورى من ميليشيات مسلحة لأن هذا يتعارض مع فكرة الجيش الوطنى.

وتحدث الدكتور جمال عبد الجواد عن أزمة "العلاقات العربية-العربية"وقال أننا نعيش مرحلة ضعفت فيها مفاهيم الهوية العربية، ومن ملامح ذلك دخول الإقليم فى مرحلة جديدة من الضعف، متسائلاً عن وجود هوية جديدة قد تحل محل الهوية العربية. كما طرح الدكتور محمد زايد رؤيته للدول المؤهلة لقيادة الإقليم خلال الفترة المقبلة. 
وتناولت أعمال الجلسة الثانية: المشروعات المطروحة إقليميا لمستقبل المنطقة والطرق التى يفكر بها الجيران فى الإقليم. وتناول الدكتور محمد عباس ناجى فلسفة تدخلات إيران فى الإقليم العربى، مشيراً إلى أن خامنئى قال قبل سنوات نحن نحارب الأعداء داخل سوريا حتى لانضطر لمحاربتهم داخل طهران. كما أضافت الدكتورة شيماء ماجد إن تدخلات تركيا المتكررة أظهرت هشاشة النظام الإقليمي العربى وعدم قدرته على إتخاذ القرار.

مقالات مشابهة

  • حياة الفهد.. تعود بـ«أفكار أمي» إلى شاشة رمضان
  • علي جمعة: العلم والعقل وأهمية المنهج في الفكر الصحيح
  • تطور الشخصيات والأفكار في المجتمع المعاصر.. جمعة يوضح
  • الاستسلام العربى
  • الأوبرا تتجمل بـ3 حفلات ليلة العام الجديد
  • اذا تم التوافق على شخصية وسطية.. بدر: سيكون لدينا رئيس في 9 ك2
  • أفكار مميزة للاحتفال برأس السنة
  • خاص| توقعات عبير فؤاد لبرج الدلو 2025.. لا تخف من طرح أفكار جديدة
  • 20 عاما على تسونامي.. واحدة من أسوأ الكوارث في التاريخ المعاصر
  • مكتبة الإسكندرية تناقش مستقبل النظام الإقليمى العربى