ليس جديداً أن نكرر الحديث عن القرآن الكريم والعلم، نرى ألواناً من العلم والتوجه العلمى فى آيات كثيرة فى القرآن الكريم، على نحو ما يدركه من يتأمل تاريخ العلوم عند العرب، وفى القرآن الكريم حث على العلم والتعلم والتفكر والتأمل والتدبر.
وفى كتاب على عبدالفتاح: أعلام المبدعين من علماء العرب والمسلمين، مكتبة ابن كثير، دار ابن حزم، بيروت، ط1 2010، ج1، فصل (العلم العلماء فى القرآن الكريم)، حيث ذكر الآيات القرآنية جميعها، ص 13ـ 59)، وفى فصل عنوانه الرسول (صلى الله عليه وسلم) والعلم، ص 60ـ 85.
ولا نبالغ إن قلنا إن القرآن الكريم هو باكورة صناعة الكتاب، وقد اهتم كثير من الدارسين بالخط العربى فى القرآن الكريم، ومنهم أحمد عزت البغدادى فى كتابه البيان المفيد فى رسم خط القرآن المجيد، وسواء قلنا إن الخط العربى دخل إلى بيئة قريش عن طريق المهاجرين، الذين تعلموه من الحيرة، التى أخذته بدورها من أهل الأنبار، أو أن رجلاً تعلمه من الأنبار، وعلمه لبنى أميـة، وهم بدورهم علموه للعرب، أو أن طريقاً آخر للخط وصل إلى قريش التى سادت لهجتها على اللهجات العربية المجاورة، فإننا لا نستطيع أن نتجاهل تلك الإشارات التى تتكرر فى القرآن الكريم عن القراءة والكتابة، وما اشتق منها وقد وردت نحو 90 مرة، منها: البقرة 185، والنساء 82، والمائدة 101، والأنعام 19، وطه- 39، والصافات 8، والنحل 98، والإسراء 14، و45، و71، و93، و106 والقيامة 18، والشعراء 99، والتوبة 111، ويوسف 3، والفرقان 5، والإسراء- 90، ويونس15، 37، 61، و94، والعلق 1، و3، والحاقة19، والمزمل 20، و30، والأعراف 204 والأنعام 7، و91، والانشقاق 21، والأعلى 6، والحجر 1، 87، و91.
كما تتكرر كلمة الكتاب والكتابة، وما اشتق منها فى سور:
البقرة، والمائدة، والأنعام، والتوبة، والمجادلة، والحشر، والنساء، المائدة، والأعراف، والأنفال، والأنعام، والكهف، ومريم، والأنبياء، والحديد، وآل عمران، ومريم، ويس، والحج، والزخرف، وطه، والحج، والمؤمنون، والنور، والنمل، والقصص، والشعراء، والعنكبوت، وهود، والرعد، وإبراهيم، والحجر، والنحل، والفرقان، والأنبياء، والانفطار، والأحقاف، وق، والطور، والواقعة، وفاطر، وص، والزمر، وغافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والحديد، والحشر، والجمعة، والقلم. وللقراءة والكتابة منزلتهما، وكان أول ما نزل من الوحى {اقرأ}، وفيها تمجيد للقلم، وما يسطر، وأقسم الله تعالى بالقلم، وقد طلب المشركون من الرسول كتاباً يقرأونه، أو صحفًا منشرة، ووصفوا الوحى بأنه أساطير الأولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلاً، كما ذكر القرآن الكريم من المواد الكتابية: القرطاس(2)، والمداد(3)، والقلم(4)، والصحف(5)، والسجل(6)، والرق(7). ويرتبط ذلك بقضية الإعجام، أى تمييز الحروف المتشابهة بوضع نقط منعاً للبس، والشكل، وهو وضع علامات تدل على حركات الحروف، وكانوا يسمونها نقطاً لأن علامة الحركة كانت تتغير بتغير وضع النقطة فوق الحرف، أو أسفله، أو من يمينه، أو شماله.
وقد كانت المصاحف الأولى- فى مسيرة صناعة الكتاب الإسلامى – مجردة من الإعجام، ولم يكن فى ذلك ما يمس القراءة؛ وذلك لاعتمادهم على المشافهة، إلى أن بدأ التصحيف، فقام علم كبير ونشأ.
وقد اكتشفت بردية يرجع تاريخها إلى سنة 22 هجرية زمن عمر بن الخطاب مكتوبة باللغتين العربية واليونانية وبعض حروفها منقوط معجم، وكذلك نقش وجد قرب الطائف ومؤرخ سنة 58 هجرية على عهد معاوية بن أبى سفيان وأكثر حروفه معجم، وهذا الإعجام مختلف عن ذلك الإعجام الذى ابتدعه أبوالأسود الدؤلى، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وغيرهم على اختلاف الروايات.
كان النبى(صلى الله عليه وسلم) بتوقيف من جبريل، عليه السلام، يخبر كتبة الوحى ويدلهم على موضع كل آية، وترتيب كل سورة، على مدى ثلاث وعشرين سنة، وإذا ما انتهى كتاب الوحى من أمرهم سلموه إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ ليودع فى بيته، والرجال يحفظون، وكان كتاب الوحى ينسخون لأنفسهم نسخاً، وكثيراً ما كان يجلس الرسول إلى أصحابه يقرأ الآيات، ويخص عبدالله بن مسعود بذلك.
وأشهر من عرف بالكتابة بين يدى النبى: على بن أبى طالب، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وأبوبكر ابن أبى قحافة، ومعاوية بن أبى سفيان، وأبان بن سعيد، وأبى بن كعب، وزيد بن ثابت، وثابت بن قيس، وخالد بن الوليد، وعبدالله بن مسعود، وعبدالرحمن بن عوف وغيرهم، ولم ينقضِ عهد الرسول إلا والقرآن كله مكتوب ومجموع ومرتب فى سور.
عضو المجمع العلمى
وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د يوسف نوفل القرآن الكريم تاج اللغة وحارسها لغتنا العربية جذور هويتنا القران الكريم القرآن المجيد صناعة الكتاب القرآن الکریم
إقرأ أيضاً:
ماذا كان يفعل الرسول بعد صلاة العشاء؟.. 3 سُنن مهجورة فضلها عظيم
لاشك أنه ينبغي معرفة ماذا كان يفعل الرسول بعد صلاة العشاء ؟، باعتبارها أحد السُبل لاتباع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فلنا فيه أسوة حسنة ، حيث دائمًا ما يرشدنا إلى كل ما فيه خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة ، لذا ينبغي معرفة ماذا كان يفعل الرسول بعد صلاة العشاء للاقتداء به -صلى الله عليه وسلم-.
ماذا كان يفعل الرسول قبل النوم كل ليلة؟.. 16 عملا لا تفوتهمماذا يحدث عند تشغيل سورة البقرة أثناء النوم؟.. انتبه لـ5 حقائقماذا كان يفعل الرسول بعد صلاة العشاءورد في مسألة ماذا كان يفعل الرسول بعد صلاة العشاء ؟ ، أنه -صلى الله عليه وسلم كان يُصلي صلاة العشاء وهي إحدى الصلوات الخمس المفروضة، وعدد ركعاتها أربع، ويصلي بعدها ركعتين وهما سنّة صلاة العشاء وهي ركعتان مؤكدتان بعد الفريضة.
و أجمع العلماء على أنّ صلاة العشاء أربع ركعاتٍ؛ فهي من الصّلوات الرُّباعيّة، مثل: الظُّهر، والعصر، وهي صلاةٌ ليليّةٌ؛ تُؤدّى في الليل، وصلاةٌ جهريّةٌ، وللعشاء سُنّة راتبة بعديّة فقط، وليس لها سُنّة راتبة قبليّة، إنّما يجوز أن يُصلّي المسلم قبل العشاء ركعتي نافلةٍ أو سنّةٍ لها، غير أنّها غير لازمةٍ، فيُؤجَر إن صلّاها، ولا يأثَم إن تركها، وتُسمّى تلك السنّة بالسنّة غير الرّاتبة، لما رُوِي من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث صحَّ عنه قوله: «عشرُ ركعاتٍ كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ يداومُ عليهنَّ: ركعتينِ قبلَ الظّهرِ، وركعتينِ بعدَ الظّهرِ، وركعتين بعدَ المغربِ، وركعتين بعدَ العشاءِ، وركعتين قبلَ الفجرِ».
وكذلك ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقرأ المعوِّذتين، وهما سورتا الفلق والناس، حيث قال عقبة بن عامر: «أمرني رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلّم- أنْ أقرأ بالمعوِّذتينِ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ»، حيث كان يقرأ بعد صلاة العشاء ، السور الآتية: قراءة سورة الإخلاص (3 مرّات): بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)»، وقراءة سورة الفلق (3 مرّات): بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)»، و سورة النّاس (3 مرّات):بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)».
كما جاء في مسألة ماذا كان يفعل الرسول بعد صلاة العشاء ؟، أنه -صلى الله عليه وسلم - كان يجلس في مُصلاه ويردد أذكار بعد صلاة العشاء ، ومنها :
أذكار بعد صلاة العشاء1- ورد من أذكار بعد صلاة العشاء ، الاستغفار ثلاثًا؛ فالمسلم لا يخلو من تقصيره في الصلاة.
2- ثمّ يردّد الدّعاء: «اللهُمّ أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام»، حيث جاء في صحيح مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذا انصرف من صلاتِه، استغفر ثلاثًا، وقال: اللهمَّ أنت السلامُ ومنك السلامُ، تباركت يا ذا الجلالِ والإكرامِ».
3- ومن أذكار بعد صلاة العشاء قول دُعاء: «لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ»، فعن المغيرة بن شعبة أنّه قال: «إنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كان إذا فرغ من الصلاةِ وسلَّمَ، قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كل شيءٍ قديرٌ، اللهمَّ لا مانعَ لما أعطيتَ ولا مُعطيَ لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منك الجَدُّ».
4- من أذكار بعد صلاة العشاء الدُّعاء بقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسَن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كرِه الكافرون»، فقد جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: «لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير، لا حول ولا قوةَ إلا بالله، لا إله إلا اللهُ، ولا نعبد إلا إياه، له النعمةُ وله الفضلُ، وله الثناءُ الحسنُ، لا إله إلا اللهُ مُخلصين له الدينَ ولو كره الكافرون».
5- ومن أذكار بعد صلاة العشاء التسبيح ثلاثًا وثلاثين مّرًة.
6- والتحميد ثلاثًا وثلاثين مرّةً من أذكار بعد صلاة العشاء .
7- ويأتي التكبير ثلاثًا وثلاثين مرّةً من أذكار بعد صلاة العشاء ، جاء عن الرسول -صلّى الله عليه وسلم- أنّه قال: «أفلا أُعلِّمكم شيئًا تُدركون به مَن سبقَكم وتَسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحدٌ أفضل منكم إلا من صنع مثلَ ما صنعتُم؟ قالوا: بَلى يا رَسولَ الله، قال: تُسبِّحونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتُحَمِّدونَ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين مرّةً».
8- ومن أذكار بعد صلاة العشاء قول دعاء: «اللهم إنّي أعوذ بك من الجُبن، وأعوذ بك أن أُرَدَّ إلى أرذل العُمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر»، فقد جاء في صحيح البخاري: «كان سَعْدٌ يَأمُرُ بخَمسٍ، ويَذْكُرُهُنَّ عَنِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنّه كان يأمُرُ بهِنَّ: اللَّهُمَّ إني أعوذُ بكَ مِنَ البُخلِ، وأعوذُ بِكَ مِنَ الجُبنِ، وأعوذُ بِكَ أنْ أُرَدَّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ، وأعوذُ بِكَ مِن فِتنَةِ الدُّنْيا -يَعني فِتنَةَ الدَّجَّالِ- وأعوذُ بِكَ مِن عَذابِ القَبرِ».
10- من أذكار بعد صلاة العشاء ترديد دُعاء: «اللهُمّ أعنّي على ذِكرك، وشُكرك، وحُسن عبادتك»، فعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: «أخذَ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- بيدي يومًا، فقالَ: يا معاذُ إنِّي واللَّهِ لأحبُّك. فقالَ معاذٌ: بأبي أنتَ وأمِّي يا رسولَ اللَّهِ، وأنا واللَّهِ أحبُّكَ. فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعَنَّ دُبرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ أن تقولَ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكرِكَ، وشُكرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ».
11-من أذكار بعد صلاة العشاء قول المسلم: «اللهُمّ اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلَّها، اللهم أنعشني واجبُرني واهدِني لصالح الأعمال والأخلاق، فإنّه لا يهدي لصالحها ولا يصرف سيِّئها إلا أنت»، فقد رُوي عن أبي أمامة الباهلي: «اللهُمّ اغفِر لي ذنوبي و خطايايَ كلَّها، اللهم أَنعِشْني واجبُرْني، واهدِني لصالحِ الأعمالِ والأخلاقِ؛ فإنّه لا يهدي لصالحها ولا يصرفُ سيِّئَها إلا أنت».
12- من أذكار بعد صلاة العشاء دعاء: «اللهم إنّي أعوذ بك من الكُفر، والفقر، وعذاب القبر»، حيث رُوِي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كان يقولُ: اللهمَّ إنّي أعوذُ بك من الكفرِ، والفقرِ، وعذابِ القبرِ».
13- الصّلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلم، والتوجّه بالدعاء إلى الله تعالى، جاء في السُّنة النبويّة: «سمِع -صلَّى اللهُ عليه وسلم- رجلًا يدعو في صلاتهِ لَم يُمجِّدِ اللهَ تعالَى، ولم يصلِّ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم، فقال: عجِلَ هذا، ثمَّ دعاهُ فقال له أو لغيرِه: إذا صلَّى أحدُكم فليبدأْ، بتحميدِ ربِّه جلَّ وعزَّ، والثناءِ عليه، ثمَّ يصلِّي، وفي روايةٍ: ليصلِّ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم، ثمَّ يدعو بعدُ بما شاء، وسمِع رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- رجلًا يصلِّي، فمجَّد اللهَ وحمِدَه، وصلَّى على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: ادعُ تُجَبْ، وسَلْ تُعطَ».