أتذكر من بين ما كنا نحفظه فى العصر الناصرى من عبارات مكتوبة على الصفحة الأخيرة لكراسات التلاميذ، عبارة «الأسرة هى الخلية الأولى للمجتمع» للتوجيه نحو أهمية سلام بنيان الأسرة ودعم صحة علاقاتها البينية وما بينها والمجتمع..
وعليه، بات من المزعج ما نتابعه وينشرعلى صفحات الحوادث ويذاع عبر فقرات برامج الجريمة الإذاعية والتليفزيونية التى تتعرض لممارسات التحرش وجرائم هتك العرض والاغتصاب، والتى توثقها المراكز البحثية، ويتردد أن الجرائم التى لا يكشف عنها تفوق فى أعدادها تلك التى يُبلغ عنها، لأن النساء ضحايا تلك الجرائم فى الغالب من الأحوال يتجنبن الفضيحة التى سيحدثها إبلاغهن عن الجريمة، وما يتبعه من تحقيق ومحاكمة، والحرج الناشئ عن نظرة الناس إليهن، والتى تجعلهن يشعرن وكأنهن هن اللاتى أجرمن، ذلك أن النظرة المهينة التى تلقاها النساء المُغتصبات، سواء من بعض رجال التحقيق عند الإبلاغ عن الجريمة، أو من جهاز العدالة أثناء المحاكمة تسبب لهن ارتباكًا شديدًا، إذ ينظر إليهن المعنيون فى خبث وارتياب، ويبالغون فى توجيه الأسئلة التى تتناول أدق التفاصيل المحرجة، وغالبًا ما يعتبرون أن الضحية كانت سببًا فى وقوع الجريمة، سواء لأن مظهرها مثير كما يدعون، أو لأن سلوكهن فيه شىء من الليونة كما يصفون، الأمر الذى قد يؤدى إلى تعذر زواج الضحية إذا كانت لم تتزوج بعد، أو إلى طلاقها إذا علم زوجها بما حدث، فتفضل معظمهن إبقاء الأمر سرًا.
وأرى أن هناك ممارسة ما يمكن أن نطلق عليه اغتيالا وعنفا معنويا كما يصيغها بعض أشاوسة الإعلام وأهل الدراما بكافة أشكالها الإذاعية والتليفزيونية والمسرحية والسينمائية، وقد أوضحت دراسة قديمة نسبيًا نُشرت بمركز بحوث الإعلام بجامعة القاهرة، وأجراها الدكتور محمود يوسف الأستاذ بكلية الإعلام عن صورة المرأة المصرية فى الأفلام السينمائية التى يقدمها التليفزيون خلصت إلى أن 72% من تلك الشخصيات النسائية تحمل ملامح سلبية مقابل 28% فقط يحملن قيماً إيجابية لصورة حواء السينمائية جاء فى مقدمتها التفكير المادى واستخدام عبارات مبتذلة أثناء الحديث، وإظهار مفاتن الجسد بطريقة مبالغ فيها، وشرب الخمر وتزيين الفاحشة وتجميل السقوط للرجل. كما أكدت الدراسة ــ وفق ما جاء فى صحيفة الأهرام - أن 35% من تلك النماذج التى تقدمها السينما يدفعها الثراء السريع لممارسة أعمال غير مشروعة...
فى ظل الأمن الأسرى یمكن للأفراد أن یمارسوا كامل حقوقهم وأن یكونوا عناصر فعالة فى المجتمع، فعلى الأسرة أن تقوم بدورها الاجتماعى التربوى الداعم لحالة أمنها أكثر من أى وقت مضى بسبب التغیرات الاقتصادية والاجتماعية.
لى أمل أن تدعم مؤسسات الدولة الإعلامية والثقافية المزيد من الجهود بالتعاون مع المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وغيره من مراكز الفكر والبحث، ونحن فى مرحلة نتحدث فيها عن ضرورة إعادة بناء المواطن، ودعم آليات التحالف مع كل أصحاب الأدوار الهامة والفاعلة لتطوير الخطاب الثقافى والإعلامى والدينى لمجابهة كل قوى الشر الباغية الجاهلة ورسائلهم المضللة من خارج وداخل البلاد..
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أمن للوطن رؤية والتليفزيونية المراكز البحثية الجرائم
إقرأ أيضاً:
فى كواليس الجريمة.. خيانة الأمانة تتحول إلى سرقة مغلفة بالثقة
تحت سماء القاهرة الجديدة، حيث الهدوء يبدو سيد الموقف، وحيث الأمن يطمئن القلوب، انقلبت الصورة رأسًا على عقب في أحد المنازل الفاخرة، خلف الأبواب المغلقة، لم يكن أحد يتوقع أن تتحول الثقة التي منحت لحارس العقار والخادمة إلى خيانة مؤلمة، تُسفر عن سرقة مجوهرات ثمينة كانت شاهدة على لحظات الفرح والذكرى.
نجحت الأجهزة الأمنية في فك خيوط الجريمة التي بدت في ظاهرها لغزًا، لكنها في حقيقتها كانت أقرب مما يتصور سكان المسكن، حيث بدأت الحكاية عندما اكتُشفت سرقة كمية من المشغولات الذهبية من شقة أحد المواطنين في دائرة قسم شرطة التجمع الخامس.
بالتحقيقات السريعة والمكثفة، وضعت الداخلية يدها على طرفي الجريمة: حارس المسكن والخادمة، كانا يعملان في ذات المكان الذي وثق فيه أصحاب المنزل بحضورهم اليومي وابتساماتهم العابرة، لكن خلف تلك الوجوه، كانت النوايا تتجه نحو استغلال الفرصة واقتناص الثمين بأسلوب لا يخلو من الحيلة.
"المغافلة" كانت وسيلتهم، استغلوا لحظات غفلة، ونسجوا خطتهم بصبرٍ مريب، ربما ظنوا أن الأمر سيمر دون أن يلتفت إليهم أحد، أو أن انشغال العائلة سيمنحهم غطاءً كافيًا لسرقتهم، لكن الأجهزة الأمنية لم تترك مجالًا للهروب.
وبمواجهة المتهمين بالأدلة التي جمعتها الشرطة، انهارت قصتهم وأقروا بما اقترفوه، اعترفوا بفعلتهم التي حاولوا إخفاءها، لكن الحقيقة، كعادتها، لا تبقى دفينة طويلاً.
هذه ليست مجرد جريمة سرقة، بل هي خيانة لأمانة عُهد بها إليهم، وخطوة عبثية دفعتهم إلى درب الخطيئة، ومع ذلك، يظل العدل حاضرًا، يقتص من أولئك الذين يحيدون عن طريق الصواب، حتى تعود القلوب المكسورة إلى هدوئها، وتتعلم النفوس أن الثقة أثمن من الذهب، وأن خيانتها لا تُغتفر.
مشاركة