إعداد: ربيع أوسبراهيم تابِع 3 دقائق

بعد سنوات من البحث والتساؤلات، نجح باحثون أمريكيون من تحديد الآلية التي جعلت الإنسان والقردة الكبيرة تصبح بدون ذيل، عكس كثير من الحيوانات الفقرية. وحسب دراسة نشرت في مجلة "نيتشر" مؤخرا، فإن طفرة جينية على مستوى الجين TBXT، المعروف بتحكمه في طول الذيل، أدت إلى فقدان الذًّنب.

ويُعتقد أن هذه الطفرة حدثت قبل 25 مليون سنة لدى القردة التي انبثقت عنها لاحقا عائلة القردة الكبيرة. 

إعلان

تملك غالبية الحيوانات الفقرية ذيلا ينفعها كثيرا لحفظ توازنها ولمساعدتها على الحركة والتواصل مع أقرانها وأيضا لإبعاد الحشرات عنها. لكن الإنسان والقردة الكبرى كالشامبانزي أو الغوريلا لا تملك ذيلا. لماذا وكيف؟ سؤالان لطالما حيّرا الباحثين. إذ يُعتقد أن فقدان الذيل طرأ قبل خمسة وعشرين مليون سنة. ولا تزال آثار الذيل ظاهرة لدى الإنسان من خلال العظم المسماة، العصعص، Coccyx بالفرنسية والإتجليزية. كما يظهر الذيل جليا لدى الجنين في بطن أمه في الأسابيع الأولى، قبل أن يقصُر تدريجيا ويختفي في حدود الأسبوع الثامن من الحمل.

وتشير النظريات العلمية إلى أن فقدان الذنب ساعد على اكتساب خاصية المشي على قدمين، ما يسمى بثنائية الحركة، Bipedalism. لكن، ولغاية إنجاز الدراسة الجديدة، لم نكن نعرف كيف تمّ عمليا فقدان الذيل داخل خلايا الجسم، على مستوى الحمض النووي والجينات، والتي هي محركات التطور. 

"الدي.ان.ايه القمامة"

ونشرت الدراسة مؤخرا في مجلة "نيتشر" العلمية العريقة وحدّد من خلالها باحثون أمريكيون طفرة جينية، وهو تغيير في جزء من الحمض النووي DNA، لا يوجد إلا عند القردة الكبرى والإنسان. وكان تحديد تلك الطفرة بفضل أحد المشرفين عن الدراسة من مرصد تنظيم الجينات، التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد. لقد نظر الباحث في جزء لطالما أهمله العلماء هو "الدي.ان.ايه القمامة" كما يُنعت أو "الدي.ان.ايه غير المُشفِّر". وتعتبر تلك أجزاء من الجينات منتشرة في كل الحمض النووي في الخلايا كان يُعتقد أن لا دور لها في التأثير على صفات الجسم. 

نظر عالم الوراثة بو شيا، إلى الجين المسؤول عن الذيل، وهو المسمى TBXT، فلاحظ أنه لدى القردة الكبرى، بجوار الجين TBXT هناك جين غير مُشفِّر، عكس باقي الحيوانات التي تملك ذيولا. ذلك الجين عند دخوله بجوار الجين TBXT يُعطّل على ما يبدو عمل هذا الجزء المسؤول عن نمو الذيل. 

فئران تفقد ذيولها أيضا

للتأكد من ذلك، قام الباحثون بتجارب لدى الفئران دامت أربع سنوات. إذ عدّلوا الفئران جينيّا. وكما نعرف، للفئران ذيول بفضل الجين المسؤول على ذلك (TBXT) . لكن عندما أدخل الباحثون الجين المُعطّل الذي تحدثنا عنه إلى جانبه في محاكاة للطفرة الموجودة عن القردة الكبيرة بدأت ذيول الفئران تقصُر شيئا فشيئا إلى أن اختفت تماما كما نرى في الصورة. وتعتبر هذه أولى تجربة تقدم دليلا دامغا حول فقدان الذيل.

 

تأثير تجربة التغيير الجيني على الفئران © مجلة NATURE

وأظهرت الدراسة العلمية أنه لم يكتمل بعد الفهم الدقيق لآليات الحمض النووي، الدي.ان.ايه، بمختلف مكوناته وعلاقته بتطور الكائنات، خاصة بشأن دور الدي.ان.ايه القمامة الذي يُمثل حسب بعض الباحثين قرابة نصف الحمض النووي لدينا. قادم الاكتشافات يعد بمزيد من المفاجآت.

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا السنغال ريبورتاج علوم تاريخ دراسة حيوانات إرهاب الحرب بين حماس وإسرائيل غزة وقف إطلاق النار تنظيم الدولة الإسلامية الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الحمض النووی

إقرأ أيضاً:

الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية اليوم الجمعة إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

المصدر رويترز الوسومجدري القردة منظمة الصحة

مقالات مشابهة

  • كيف تغير الحروب الحمض النووي للأطفال؟.. استشاري طب نفسي يُجيب
  • حل قضية باردة.. مؤثرة تجري اختبار الحمض النووي لتكتشف جريمة جدتها
  • جزيرة اللعنات منذ مئات السنين.. لا يفضل للبشر دخولها
  • من كولومبوس إلى الفراعنة.. هل يعيد فحص الحمض النووي قراءة تاريخ البشرية؟
  • كندا تسجل أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة
  • الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة
  • دراسة حديثة تكشف تأثير الحروب على الحمض النووي للأطفال
  • افتتاح 4 مساجد جديدة في البحيرة بتكلفة 9 ملايين و700 ألف جنيه
  • عفريت الماء.. أعجوبة الخلق الذي يملك ما يحلم به البشر
  • إيران تصعّد من برنامجها النووي رداً على قرار أمريكا والترويكا