بوابة الوفد:
2025-02-03@17:07:12 GMT

عامان مرا.. وبيني وبينهما فريضة النسيان

تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT

يقولون إن الحزن وحده يبدأ كبيرا ثم يقل حتى يخبو بكرور الأيام وتوالي الهموم والانشغالات، ولأن الإنسان جبل على النسيان؛ فلا حزن يدوم ولا متعة تستمر، كلاهما إلى زوال...
وهو ما تؤكده رؤية نيتشه، حين قال: «لا سعادة، لا سكينة، لا أمل، لا فخر، لا متعة، تتحقق في اللحظة الحاضرة، من دون ملكة النسيان».
حيث يرى أن نسيان الماضي يخلق هدوءا وسكينة في الحاضر، بل هو شرط أساسي لتطوير كفاءات وملكات جديدة.

لهذا فمسح الطاولة وغسل الوعي من شوائب الماضي، أمر ملح لترك المجال لأشياء جديدة تتشكل. 
فمعنى أن تمتلك قوة النسيان، وأن تحرص على عدم التصاقك بذاكرتك، فهذا يعني أنك تخلق لذاتك رغبة أكيدة في أن تصير وأن تستمر؛ فيرى نيتشه أن الوحيد الذي يقول: «إنني أتذكر» هو الإنسان، وهو بذلك يقتل سعادته بيده، فحضور الماضي يمنعه من تذوق اللحظة الصافية، ويثقل كاهله ويسحقه، ويمنع مشيه السليم. 
وعلى منواله يسير فرويد، الذي يرى أن الإنسان لا يحمل في كيانه فقط ذاكرة واعية يمكن استحضارها، بل ذاكرة أخرى منسية هي اللاشعور، التي تعد خزانا ومقبرة ندفن فيها المكبوتات المؤلمة التي يصعب استحضارها إلا عن طريق التحليل النفسي؛ مما يعني أن الحياة النفسية للفرد، واعية كانت أم غير واعية، هي في الجزء الأكبر منها، مشكلة من الماضي، الذي ينبغي العمل على نسيانه إذا ما أصبح ثقلا جاثما علينا في الحاضر.
كلتا الرؤيتين تحققان ما ينادي به أحباؤنا والعارفون بما يسكننا من جراحات وانكسارات، الدعوة للنسيان جد منطقية، لا أنكر أهميتها بأي شكل، قد تؤتي أكلها بشرط، أن تحتل الذاكرة أحداث موازية وأكثر قوة، يمكنها ببساطة أن تزيح الماضي وتنتصر عليه، أو تتملكنا رغبة في التخطي إذا ما شعرنا بأن حياتنا وحياة من نحب تنسحق تحت وطأة الذكرى، والتمسك بأيام منحتنا سعادة كانت حينئذ أسمى ما نبتغيه. 
مشاهد كثيرة ومواقف ظلت عالقة بالذاكرة، إذا ما حاولنا نسيانها قد يغمشها مرورنا بمكان أو ترديد كلمة ما، أو تكرار موقف بعينه، أو حتى تنسم رائحة ما ارتبطت بمن رحل، لا أراهن على استمرار آثارها، أو عدمه، لكنها موجودة على كل حال، أوجدها من أخلص لمشاعره يوما، وجعلنا في مكان أنكره ومازال ينكره البعض، حتى ظنوا أن محاولات الإقصاء المتعمد من مشهد وحلم طالما سعيت لتحقيقه، قد يشفي غليل قوم لا يفقهون ولا يدركون للحب والأصول طريقا، لكنه الإخلاص لاسم مهما انتهت بيننا الحياة وسعت وسعيت معها للنسيان، ستظل فريضة الاحترام واجبة له، احترام لمن أكرمنا يوما وفضلنا على العالمين وكنا لديه من المصطفين المقربين حتى الرمق الأخير، وهو ما يجعل من النسيان محاولة بائسة لإنكار الفضل، لكنها الحياة، التي تفرض علينا أن نحقق مقولة نيتشه: «لا سعادة، لا سكينة، لا أمل، لا فخر، لا متعة، تتحقق في اللحظة الحاضرة، من دون ملكة النسيان»... والله عليم بذات الصدور.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نبضات الحزن النسيان

إقرأ أيضاً:

النعماني يودع سفير اليابان.. ويستقبل السفير الصيني المُعيَّن

مسقط- العُمانية

استقبل معالي الفريق أول سُلطان بن محمد النّعماني وزير المكتب السُّلطاني صباح أمس بمكتبه سعادة جوتا ياموتو سفير اليابان المعتمد لدى سلطنة عُمان بمناسبة انتهاء مهام عمله سفيرًا لبلاده، وقد عبّر سعادتُه عن عميق اعتزازه وتقديره للتعاون الذي حظي به مشيدًا بمتانة العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين الصّديقين.

من جانبه أشاد معالي الفريق أول بجهود سعادتِه التي بذلها في سبيل تعزيز العلاقات القائمة ومجالات التعاون المشترك بين سلطنة عُمان واليابان متمنيًا له دوام التوفيق في مهام عمله القادمة.

كما استقبل معاليه سعادة ليو جيان سفير جمهورية الصين الشعبية المُعيَّن لدى سلطنة عُمان. وفي بداية اللقاء رحّب معالي الفريق أول بسعادته متمنيًا له التوفيق في مهام عمله. وتطرق معاليه إلى العلاقات الثنائية التي تجمع بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية، وقد أبدى سعادة السفير الصيني تطلعه للعمل على تعزيز العلاقات الثنائية القائمة بما يخدم مصالح البلدين الصديقين.

مقالات مشابهة

  • سعادة النائب المخالف يعتذر
  • خواطر نيتشه ـ من ديواني الخامس
  • النعماني يودع سفير اليابان.. ويستقبل السفير الصيني المُعيَّن
  • عُمان ضيف شرف "معرض بغداد الدولي".. واليوسف يؤكد أهمية التعاون التجاري الثنائي
  • محبة آل البيت.. فريضة إيمانية وسُنّة نبوية تقربك من الله ورسوله
  • تتويج الفائزين بـ"كأس السفراء للجولف" في نادي غلا
  • ثلاث سنوات على فاجعة الطفل ريان.. ذكرى أليمة تأبى النسيان
  • تأجيل النوم الانتقامي.. اكتشف ثمن متعة الثأر من ساعات النهار
  • طلقها غيابي وطالبته بأكثر من مليون جنيه نفقة متعة .. صرخة زوجة أمام محكمة الأسرة
  • طالبته بسداد 1.9 مليون جنيه.. سيدة تشكو مطلقها وتطالبه بنفقة متعة