د. منذر سليمان وجعفر الجعفري من خصائص دورة الانتخابات الرئاسية المقبلة أنها ستشهد انتخاب كل أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435، إضافة إلى 34 مقعداً في مجلس الشيوخ من مجموع 100 مقعد، ما يؤشر على دورة انتخابية حامية بين مرشحي الحزبين في ظل أوضاعهما الداخلية التي لا تبعث على الارتياح لكليهما.
تدل المؤشرات الأولية على عزم الرئيس جو بايدن خوض الجولة المقبلة لولاية رئاسية ثانية، متغاضياً عن جملة عوامل وتحذيرات من أقرانه بأن قراره يمثل مغامرة في مستقبل الحزب الديموقراطي، وربما يكلفه خسارة المنصب.

أما الحزب الجمهوري، فلا يزال الرئيس السابق دونالد ترامب يتبوأ المرتبة الأولى بين عددٍ من الراغبين في خوض الانتخابات.
لم يعد خافياً على أحد تكوّن شبه إجماع بين الناخب العادي والنخب المختصة، مفاده عزم الحزب الديموقراطي على إثارة جملة عقبات “قانونية” الطابع تهدف إلى تنحية الرئيس السابق ترامب وحرمانه من أداء أي دور سياسي في المستقبل، وتستند إلى تعديل دستوري بالغ القدم يعرف بالفصل 3 من المادة الرابعة عشرة من التعديلات الدستورية، التي تنص على أن”المسؤول رسمي لا يجوز له، بعد أدائه القسم، الانخراط في حالة عصيان أو تمرّد” ضد النظام السياسي.
لكن المادة نفسها تتيح لمجلسي الكونغرس التصويت بنسبة ثلثي الأعضاء، بصورة منفصلة، على إلغاء العمل بذلك الفصل، كما أنها لا تنصّ على مرتبة “المسؤول الرسمي” وهناك ضبابية في تطبيقها على رئيس البلاد. لا ريب في أن الجدل المرافق لتلك الصيغة الفضفاضة سيُطرح على أختصاصيي القانون، وسيستغرق فترة زمنية غير محددة، نظراً لطبيعة المرحلة وخصوصيتها.
وفي حال افتراض نجاح جهود تنحية الرئيس ترامب بفترة زمنية قصيرة بعد فوزه بترشيح مؤتمر الحزب الجمهوري العام المقرر انعقاده في 15 تموز/يوليو 2024، فستشهد البلاد  تحديات غير مسبوقة في تاريخ كيانها السياسي.
والجدير بالذكر ثبات الرئيس ترامب في المرتبة الأولى بين منافسيه من الحزب الجمهوري. أحدث استطلاعات الرأي، أجرته جامعة هارفارد العريقة، وبعد توجيه إدانة رسمية أخرى له في نيويورك، أفاد بأن ترامب يحظى بتأييد 52% من مجموع أصوات الناخبين، في حال عُقدت الانتخابات الرئاسية حالياً، وسيفوز ويتفوّق على منافسه الرئيس جو بايدن بنسبة 45% في مقابل 40%.
أما الرئيس جو بايدن، فقد نال معارضة 68% من مجموع الناخبين القلقين من تدهور حالته الصحية، وأحياناً الذهنية. وتشكل تلك النسبة العالية ضعف معدّل النسبة التي سجّلها عام 2020، بحسب الاستطلاع. وقد أشار إلى تدنِّ ملحوظ بين الناخبين في نظرتهم إلى المؤسسات الرسمية والثقة بها، وخصوصاً وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي التابع لها (شبكة “أن بي سي”، 27 حزيران/يونيو 2024)
ما يقلق النخب السياسية الحاكمة في الحزبين هو “تردّد” منافسي الرئيس ترامب من مرشحي الحزب الجمهوري وانصياعهم إلى مشيئته، وهم الذين “لا يتحلّون بالشجاعة لمواجهته مباشرة وتوعية الجمهور بأنه يشكّل خطراً محدقاً ثابتاً على النظام الديموقراطي الأميركي”، (يومية “ذي هيل”، 24 تموز/يوليو 2024).
جولة الانتخابات الرئاسية الراهنة تُنذر بتكريس حالة الانقسام الشديدة بين مختلف أطياف المجتمع الأميركي، ويجد المرء سيلاً لا بأس به من تحذيرات متواصلة من قبل النخب السياسية والفكرية بهذا الشأن، مع إقرار ملتوِ أحياناً بتفاقم الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، والتي تشكل الركن الأساسي لتوجهات كل الناخبين.
العامل المتجدد في الصراع السياسي الحالي يسلط الضوء على “ضلوع” الرئيس بايدن بما ينسب تلقيه أموالاً من “دولة أجنبية” خلال توليه منصب نائب الرئيس الأميركي، وكذلك تفاقم قضية نجله هنتر وما يساق بأن وزارة العدل ضمن تركيبتها الحالية “منحته طوق نجاة” لا يستطيع المرء العادي المتهم بأقل من ذلك التمتع به.
كما أن قطب اليمين المتشدد في الحزب الجمهوري لا يفوّت فرصة لمطالبة رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي بالشروع في ترتيبات محاكمة الرئيس بايدن، وهو الذي بدأ يتساوق مع التوجه من دون الحسم.
أما بشأن وضع الحزب الديموقراطي قبيل بدء الجولة الانتخابية رسمياً، فهو يشهد جملة صراعات داخلية، أبرزها عدم تنحي الرئيس بايدن قبل الانتخابات التمهيدية ووجود مرشحيْن عن الحزب لا يحظيان بدعم المؤسسة الرسمية نظراً إلى مواقفهما “المتقدمة” عنها، هما نجل السيناتور السابق وحامل الإسم نفسه روبرت كنيدي، والمؤلفة ماريان ويليامسون المعارضة بشدة لهيمنة شركات النفط الأميركية، لعدم امتثالها لتدابير الحفاظ على البيئة ودور الوقود الأحفوري في أزمة المناخ.
وضع نائبة الرئيس كمالا هاريس الراهن لا يبعث على ارتياح أقطاب الحزب الديموقراطي، هم يحبّذون غيابها عن المشهد لسوء أدائها وما تسببت به من أضرار ألحقتها مبكراً بالحزب الديموقراطي، فضلاً عن معارضة شديدة لها من بقية الناخبين، لكن دورها الرسمي كرئيس لمجلس الشيوخ، بحسب الدستور، له أهمية بالغة في حسابات التوازنات السياسية، إلى حين.
أحداث جولة الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1968 تعود بقوة إلى الواجهة الآن، إذ أسفرت عن اغتيال المرشح الأقوى للحزب الديموقراطي، روبرت كنيدي، وتمسّك قيادة الحزب بنائب الرئيس آنذاك هيوبرت همفري، على الرغم من تمتع منافسه يوجين مكارثي بدعم عريض من القوى الناشئة التي رأت أنه مرشّح ضد استمرار الحرب الأميركية على فيتنام، وعلى الرغم من الانقسام الحاد في قواعد الحزب أثناء انعقاد مؤتمره العام في شيكاغو داخله وخارجه. وفي النهاية، أدت تلك الحسابات “الضيقة” إلى خسارة الحزب الرئاسة وفوز الجمهوري ريتشارد نيكسون.
الانقسامات السياسية ليست حصراً على مرشّح بعينه، لكن تردي الأوضاع الاقتصادية الراهنة، داخلياً وعالمياً، أعادت تساؤلاً “مكروهاً من المؤسسة الحاكمة”: لماذا يجري ضخ مليارات الدولارات في أوكرانيا، فيما تعاني المرافق الاقتصادية نقصاً شديداً في الموارد  فاقم فعالية البنى التحتية وترديها؟
لكن التاريخ لا “يكرر نفسه”، بل تتشابه الأحداث، وليس بالضرورة النتائج، وخصوصاً إغفال القوى النافذة للاستجابة للدروس المطلوبة من تجاربها السابقة. بعبارة أخرى، المؤسسة الأميركية الحاكمة بقطبيها، الديموقراطي والجمهوري، ماضية بقوة إلى تعزيز هيمنتها العالمية، وقرار الصدام مع القوى الصاعدة والمنافسة تم اتخاذه على أعلى المستويات، ولم يعد سراً.
المرشّح الأوفر حظاً سيواصل اتباع الأولويات السياسية الراهنة، المتمثّلة بالحفاظ على رقعة انتشار عسكري عريضة عبر العالم، وتوتير الأجواء وتقريبها من حافة الصدام مع المنافسين الكبار.
وفي حال استطاع الرئيس ترامب المضي إلى النهاية والفوز بالمنصب الرئاسي، فالأولويات الأميركية المرسومة في الاستراتيجية الكونية لن تشهد تغييراً جوهرياً، بل “إعادة انتشار” ربما، وتوزيع أدوار الأطراف المؤيدة، وخصوصاً دول “حلف الناتو”.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

«الشعب الجمهوري»: هدفنا تأهيل وتدريب الكوادر الشبابية لانتخابات المحليات

قال الدكتور زاهر الشقنقيري، المتحدث الرسمي لحزب الشعب الجمهوري، إن المرحلة الحالية تشهد برنامج تأهيل وتدريب الكوارد الشبابية للمحليات على مستوى المحافظات، لافتا إلى أن المستهدف في المرحلة الأولى هو تأهيل 3000 من شباب المحافظات لخوض انتخابات المحليات.

مبادرة «دورك»

وأضاف الشقنقيري، في تصريح لـ«الوطن»، أن حزب الشعب الجمهوري عقد تدريبا في محافظتي القليوبية والمنوفية ضمن مبادرة «دورك» التي يراعها الحزب، وذلك بحضورالسيد أحمد الألفي الأمين العام المساعد لشؤون التنظيم والعضوية، أمين تنظيم الحزب المركزي، والنائب عبد الله مبارك أمين الحزب بمحافظة القليوبية، والمهندس طارق الوراقي أمين الحزب بمحافظة المنوفية.

إعداد كوادر شبابية مؤهلة  

وأوضح أن الحزب يعمل على إعداد كوادر شبابية مؤهلة تمتلك المعرفة والمهارات اللازمة للتعامل مع تحديات العمل المحلي، مشددًا على أن المبادرة تهدف إلى تعزيز المشاركة السياسية وتنمية قدرات الشباب ليكونوا قادة فاعلين في مجتمعاتهم، مشير إلى أن التدريبات تشمل محاور متعددة، مثل إدارة الحملات الانتخابية، والتخطيط المحلي، وإدارة الموارد، إضافة إلى تعزيز الوعي بالدور المهم للمحليات في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد أن الحزب يولي أهمية كبيرة لتوفير بيئة تدريبية متكاملة تتيح للمشاركين فرصة التفاعل مع خبراء ومتخصصين في مجالات السياسة والإدارة المحلية، ما يسهم في صقل مهاراتهم وتوسيع آفاقهم، مؤكدا أن البرنامج يشكل خطوة نحو بناء جيل جديد من القيادات المحلية القادرة على الإسهام بفعالية في تحقيق التنمية المستدامة وترسيخ قيم الشفافية والمساءلة داخل مؤسسات الدولة.

مقالات مشابهة

  • تعيين محمد بهنس أمين إعلام محافظة القاهرة بالشعب الجمهوري
  • محمد بهنس أمينا لإعلام القاهرة بحزب الشعب الجمهوري
  • جهاز تنمية المشروعات يتعاون مع الشعب الجمهوري لنشر ثقافة العمل الحر
  • الوطنية للانتخابات تبدأ برامج التوعية بأهمية المشاركة بالاستحقاقات الانتخابية بالمدارس.. صور
  • هويدي: فرص نهضة سوريا بعيدة المنال بسبب انفراد «الإسلام السياسي» بإدارة المشهد
  • «الشعب الجمهوري»: هدفنا تأهيل وتدريب الكوادر الشبابية لانتخابات المحليات
  • الأديب عبدالرحمن مراد – رئيس الهيئة العامة للكتاب: تأثرت الحياة الثقافية بسبب العدوان على بلادنا والانقسامات في المشهد السياسي
  • معزب ينتقد مخرجات بوزنيقة: تجاوزت القضايا الأساسية للعملية الانتخابية
  • في اشارة إلى الحزب الديمقراطي.. الجعيدي: “المتأسلمون” أشد ضرراً من العلمانيين في المشهد السياسي
  • «الشعب الجمهوري» ينظم احتفالية لتجهيز 150 عروسًا في الجيزة الثلاثاء المقبل