أكدت وزارة الخارجية السودانية أن اعتداءات قوات الدعم السريع المتمردة على المساعدات الإنسانية تعد جرائم حرب، مجددة التنديد بما وصفته بالجرائم المشينة التي ترتكبها قوات الدعم السريع المتمردة وآخرها الاعتداء على قافلة الإغاثة التابعة لمنظمة اليونيسيف.

وقالت الخارجية السودانية في بيان اليوم: امتدادا للجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ترتكبها القوات المتمردة في أنحاء مختلفة من البلاد، حيث احتجزت المليشيا عددا من شاحنات المساعدات الإنسانية من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) كانت في طريقها للفاشر للمساهمة في احتواء الأزمة الغذائية والصحية في معسكرات النازحين، خاصة انتشار حالات سوء التغذية وسط الأطفال.

وأضافت الخارجية السودانية، في نفس الوقت شرعت المليشيا في تنفيذ تهديداتها المعلنة بمنع وصول قوافل المساعدات الإنسانية عبر مسار الدبة - مليط - الفاشر، حيث حشدت أعدادا من مرتزقتها بالقرب من مليط لقطع الطريق على قوافل المساعدات الإنسانية والاستيلاء على تلك المساعدات.

وتابعت الخارجية السودانية قائلة، وتزامنا مع بدء شهر رمضان المعظم، صعدت المليشيا اعتداءاتها على القرى الآمنة في ولايات الجزيرة، وشمال وجنوب كردفان. وفي ولاية الجزيرة وحدها، هاجمت المليشيا ثماني وعشرين قرية خلال الأسبوعين الماضيين وقتلت ثلاثة وأربعين من المدنيين، ونهبت ممتلكات مواطني هذه القرى ومحصولاتهم الغذائية، وحولت أعدادا كبيرة منهم لنازحين ومشردين.

وأوضحت الخارجية السودانية أن هذه الجرائم المتواصلة تؤكد أن المليشيا تحولت لمجموعات إجرامية وعصابات للنهب المسلح والاغتصاب والإرهاب، ولن تخفي هذه الحقيقة مساعي الدعاية الزائفة والبائسة لرعاة المليشيا، كالحديث عن إدارة مدنية في ولاية الجزيرة، لا سيما وأن عناصرها الذين قدمتهم باعتبارهم "إدارة مدنية" تبنوا خطابها الدعائي بوصفهم للحرب التي شنتها في ١٥ أبريل ٢٠٣٣ بأنها "ثورة".

وأشارت الخارجية السودانية إلى أن الجرائم التي ترتكبها الميليشا يتزامن مع كشف الإعلام الدولي عن واقع المأساة التي تعيشها قرى وبلدات الجزيرة، تحت وطأة المليشيا الإرهابية، حيث وثقت تقارير اعلامية عالمية ممارسات المليشيا ضد القرويين بما فيها أعمال السخرة والتجنيد القسري للأطفال، في تجسيد لما تعنيه الإدارة المدنية بالنسبة للمليشيا.

ورحبت وزارة الخارجية السودانية بتنامي إدراك المجتمع الدولي لحقيقة هذه المليشيا واستهدافها للمدنيين خاصة النساء والأطفال، والإدانات المتتالية لها، إلى جانب الإقرار بأنها لا يمكن أن تحقق أي نصر على القوات المسلحة، الجيش الوطني الذي عمره مائة عام، كما صرح بذلك مبعوث الإدارة الأمريكية توم بيرليو.

وشددت الخارجية السودانية على أن أقصر الطرق لوضع حد لمعاناة الشعب السوداني وإنهاء الأزمة الإنسانية ووقف الحرب يتمثل في إلزام رعاة المليشيا بالتوقف عن مدها بالسلاح والأموال والمرتزقة، مع التنفيذ الصارم لمقررات جدة خاصة ما يتعلق بإخلاء الأعيان المدنية ومنازل المواطنين والمدن والقرى التي اعتدت عليها المليشيا قبل وبعد توقيع إعلان المبادئ الإنسانية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الخارجية السودانية قوات الدعم السريع اعتداءات المساعدات الإنسانية جرائم حرب السودان المساعدات الإنسانیة الخارجیة السودانیة

إقرأ أيضاً:

بالبرهان السودان في كف عفريت

عبد الفتاح البرهان هو رئيس الدولة السودانية، والقائد العام للجيش السوداني منذ نيسان/ أبريل من عام 2019، وطوال السنوات الخمس الماضية، ظل السودان "يقوم من نقرة يقع في دحديرة"، كما يقول المثل المصري، عمن ينهض من كبوة ليقع في كبوة أفدح، ثم دخل الجيش السوداني في حرب ضد قوات الدعم السريع، التي أشرف الجيش على تشكيلها وتدريب عناصرها، حتى انقلب السحر على الساحر في 15 نيسان/ أبريل من العام الماضي، فاشتعلت الحرب، وما زالت رحاها تهرس عظام السودان وأهله.

في جميع بلدان العالم يعتبر الجيش أقوى مؤسسات الدولة، لأنه يتسم بالانضباط في أداء مهامه، ولأنه يملك القوة الفيزيائية (العتاد الحربي)، التي لا تملكها مؤسسات الدولة الأخرى، ولكن وقائع حرب السودان تشي بأن الجيش شديد الهشاشة، بدليل أنه عاجز عن الدفاع عن نفسه، وها هي قلاعه تتهاوى كقطع الشطرنج أمام قوات الدعم السريع، التي لا تملك طائرات مقاتلة أو دبابات أو مدفعية ميدان، وتتألف في معظمها من شباب دون الثلاثين، لم ينالوا تدريبات كتلك التي يتلقاها عناصر الجيش النظامي، الذين يتخرجون من مدارس عسكرية، وينخرطون في مناورات تدريبية، وبعضهم يحمل شهادة "أركان حرب"، التي هي درجة الماجستير في العلوم العسكرية.

أسفرت الحرب في السودان حتى الآن، عن خضوع نحو ثلثي مساحة البلاد لسيطرة قوات الدعم السريع، التي غنمت العاصمة وإقليم دارفور بأكمله (ما عدا مدينة الفاشر كبرى مدن الإقليم، والتي دعا مجلس الأمن الدولي قوات الدعم السريع لعدم اقتحامها)، وولاية غرب كردفان، وولاية الجزيرة، ثم سقطت حاضرة ولاية سنار، وإذا بالجيش ينسحب طوعا من بلدة المزموم، ثم فُجع السودانيون بسقوط اللواء 92 في الميرم في كردفان، يوم الأربعاء الماضي (3 تموز / يوليو الجاري) وبهذا سقطت منطقة غنية بالغاز والنفط في أيدي قوات الدعم السريع.

لم يكن للبرهان ما يقوله عن كل تلك الانكسارات للجيش سوى: خسرنا معركة ولم نخسر الحرب، وهي المقولة التي نطق بها الجنرال الفرنسي شارل ديغول، في حزيران/ يونيو من عام 1940، عن انهزام بلاده أمام جيش المانيا النازية، ودارت الدوائر على النازيين، وعاد ديغول إلى فرنسا الحرة، ثم صار رئيسا لها، ومن ثم لا يجوز للبرهان النطق بتلك المقولة، لأنه لم يخسر معركة بل خسر جميع المعارك، وصار السودان مرشحا للوقوع بالكامل في قبضة قوات الدعم السريع، التي ولاؤها الأول لقادتها من آل دقلو وعلى رأسهم محمد حمدان (حميدتي) وشقيقه عبد الرحيم، وبقية أبناء العمومة والخؤولة.

حرب السودان، كما كل الحروب، ستقف بالتفاوض، وما لم يدرك قادة الجيش أن خير التفاوض عاجله، يبقى الاحتمال القوي بأنه سيأتي يوم يكون فيه التفاوض، وقوات الدعم السريع في موقع قوة، يجعلها الطرف الذي يملي الشروط، والبرهان يتحمل وزر كل ما هو حادث، وكل ما سيحدث من ويلات، فهو الذي أدخل حميدتي القصر الجمهوري، نائبا له في مجلس السيادة، وأعطاه شيكا على بياض كي يزيد عديد قواته ويزودها بالسلاح كيفما أراد، وها هو السودان يحصد الهشيم الذي تسبب فيه البرهان.ودون أدنى مزعة من حياء تباهى البرهان في مخاطبة لجنوده قبل أيام، بأن "السودانيين كُثْر"، ويساندون القوات المسلحة، ولا عليه أن الجيش رفع يده تماما عن حماية المواطنين، ثم صار يدعو المواطنين لحماية تلك القوات، وقد سبق له ان قال ان 75% من عناصر الجيش حاليا من المستنفرين (المتطوعين)، ولم يقل أين ذهب ال75% من عناصر الجيش "الأصليين"، ليحل محلهم متطوعون. ثم أضاف في أيار/ مايو الماضي خلال جولة في الولاية الشمالية: "الحرب بدت يا داب"، أي الحرب بدأت الآن، وهو بهذا يريد إلغاء 13 شهرا من القتال من ذاكرة المواطنين، لأنها مثقلة بالهزائم.

أكثر العسكريين السودانيين اعتلاء للمنابر، هو الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش وعضو مجلس السيادة منذ عام 2019، الذي يستعرض عضلاته الخطابية في جيب صغير شمال مدينة ام درمان، لا يخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، وقبل أيام قليلة حدد العطا شروط الجيش للتفاوض على وقف الحرب، وأولها استسلام قوات الدعم السريع، مع جلائها من جميع المواقع التي تحتلها، ليتم نقل عناصرها الى خمسة معسكرات "مع التعهد بعدم التعرض لها"، وخروج تلك القوات نهائيا من العمل العسكري والسياسي، وأكّد العطا في نفس الوقت ان مجلس السيادة بعضويته من الجنرالات، سيبقى على رأس السلطة الحاكمة لفترة انتقالية، تسبق قيام الانتخابات العامة.

وبهذا فإن الفريق العطا يدعو قوات الدعم السريع، للتنازل طوعا عما حققته من انتصارات، لتصبح تحت حماية الجيش في معسكرات "إيواء"، وهذا كأن يطالب فريق كرة قدم منهزم، من الفريق الخصم الفائز في مباراة، بسحب لاعبيه من الملعب كي تنقلب الآية، فيصبح المنتصر مهزوما بانسحابه.

منذ انتقال الحرب في السودان من العاصمة إلى الأطراف، ظلت المبادرة والمبادأة في يد قوات الدعم السريع، فهم من يحددون بوصلة المعارك، ويحققون الانتصار تلو الانتصار، بعد أن انكشف حال الجيش، من حيث افتقاره للقوة من حيث عدد الجنود والعتاد، وبهذا صار السودان بكامله في كف عفريت، فقد كانت المخاوف في بدايات الحرب، واشتداد وطيسها في دارفور، بأن آل دقلو سيعلنون دولتهم في غرب البلاد، كما فعل أهل جنوب السودان "القديم"، فإذا بوقائع الحرب تكشف عن ارتفاع سقف طموحهم، بعد أن تمددوا في الإقليم الأوسط ثم زحفوا شرقا.

وحرب السودان، كما كل الحروب، ستقف بالتفاوض، وما لم يدرك قادة الجيش أن خير التفاوض عاجله، يبقى الاحتمال القوي بأنه سيأتي يوم يكون فيه التفاوض، وقوات الدعم السريع في موقع قوة، يجعلها الطرف الذي يملي الشروط، والبرهان يتحمل وزر كل ما هو حادث، وكل ما سيحدث من ويلات، فهو الذي أدخل حميدتي القصر الجمهوري، نائبا له في مجلس السيادة، وأعطاه شيكا على بياض كي يزيد عديد قواته ويزودها بالسلاح كيفما أراد، وها هو السودان يحصد الهشيم الذي تسبب فيه البرهان.

مقالات مشابهة

  • الفصائل السياسية السودانية تجتمع في القاهرة وسط تضاؤل فرص السلام
  • بالبرهان السودان في كف عفريت
  • مصر ومؤتمر الأزمة السودانية.. 5 تحديات ملحّة تدفع للتحرك الفوري
  • البرهان: الحرب لن تنتهي إلا بتطهير السودان من مليشيا “الدعم السريع”
  • الخارجية تدين امتداد إنتهاكات المليشيا المتمردة لمناطق الانتاج الزراعي
  • لقاء ببرلين لنقاش تطورات الأوضاع السودانية
  • الخارجية السودانية تتهم الدعم السريع بمنع وصول شحنات بذور للمزارعين
  • الدعم السريع تسيطر على اللواء 92 جنوب غربي السودان
  • ما هي الأهمية الاستراتيجية لولاية سنار السودانية؟
  • مشاد: أفعال قوات الدعم السريع الإجرامية تسببت في تدهور الأوضاع الإنسانية وتشريد ملايين المدنيين