أبو زيد المقرئ الإدريسي: هذه صفات المنافقين وأسباب تقدم الأمة رغم كيدهم
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
قال المفكر الإسلامي أبوزيد المقرئ الإدريسي، إن غاية الكافرين مقاومة الإسلام ومحاربته وأن يبقى ضعيفا وذليلا، بينما غاية المنافقين "نسف الإسلام من الداخل، وإفنائه كيانا عقديا بشريا اجتماعيا ماديا ومعنويا".
جاء ذلك في الحلقة الـ19 من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان"، التي تناولت سمات المنافقين ودورهم الهدّام من عصر النبوة حتى عصرنا الحالي.
وأشار الإدريسي إلى أن المنافقين واصلوا أدوارهم واستخدموا وسائل مختلفة لكل عصر، خاصة بعدما تطور المجتمع الإسلامي وازداد غنى وثراء واتساعا ومعرفة وثقافة، مبينا أن الأمة اخترقت بـ3 خطوط، الأول "أدبي – فكري – ثقافي"، والثاني "سياسي – عرقي"، والثالث "ديني – عاطفي".
ومع ذلك أكد أن الأمة واصلت تقدمها وازدهارها ونشر حضارتها في ربوع الأرض رغم كيد المنافقين، بفضل الوعي والمناعة والتماسك، والوضوح والعلانية بالمشروع الإسلامي والانضباط المنهجي، إضافة إلى العلماء والمكاثرة العددية التي جعلت المنافقين قلة عددية.
تعريف المنافق
ويوضح الإدريسي أن المنافق اسم إسلامي لم تعرفه العرب، وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه، وكثير الحيل عظيم التلاعب، ماكر ويحسن التخلص، وله عدة أوجه.
وأضاف أن التعريف الشرعي للمنافق يعني إضمار المرء غير ما يظهر وبصفة دائمة واختيارا وبوعي من أجل أهداف شريرة بقصد الإضرار بالعقيدة، التي يُظهر سعيا لخدمة مصالحها.
وأشار إلى أن المنافق شخص يعتقد أنه أذكى من الكفار والمؤمنين، وليس له شيء من اليقين في الله، ويقينه في الأسباب والحيل والتحالفات التي يعتمد عليها.
وشدد على ضرورة التفريق بين النفاق والتقاة، لأن الأخيرة مؤقتة وعارضة، وتأتي من باب الاضطرار خضوعا للإكراه وطلبا للنجاة، كما أنه لا يجوز الخلط بين النفاق والمداراة لكون الأخيرة جزءا من التقاة خاصة بالبعد الاجتماعي والعلاقات الإنسانية بالحياة اليومية.
وينبغي التمييز بين النفاق والرياء -وفق الإدريسي- لأن الرياء نفاق جزئي عملي لا علاقة له بجانب الاعتقاد.
وأفرد القرآن الكريم حيزا كبيرا للتحذير من المنافقين، أكثر من الحديث عن المؤمنين والكفار، مثلما جاء في سورة البقرة (13 آية)، والنساء (13 آية)، والمنافقون (8 آيات من أصل 11)، والتوبة، بحسب المفكر الإسلامي.
وبين الإدريسي أن القرآن ذكر المنافقين، في 37 مرة جرت على 6 اشتقاقات وتصريفات، متطرقا إلى شيوع خطر النفاق بالنسبة للمشروع الإسلامي، لأن النفاق والكفر متحالفان".
وأوضح أن النفاق ورد بغير لفظه في حالتين الأولى وصفه بالكفر المتكرر، والثانية التبعيض حيث يؤمن المنافقون بطريقة انتقائية وانتهازية وأهوائية ويرفضون شيئا حسب مزاجهم.
وأكد أن وصف القرآن للمنافقين كان دقيقا ومكررا حتى يقف المسلمون على حقيقة المنافقين وخطرهم لأنهم موجودون داخلهم، ويتكلمون بلسانهم، ومن بني جلدتهم، ويصلون معهم بالمساجد، ويذهبون معهم في الحج، ويسمعون من المسلمين فيطلعون على عوراتهم ونقاط ضعفهم.
صفات المنافقينوتطرق المفكر الإسلامي إلى الصفات السلبية للمنافقين وهي: الكذب، الخداع، الوهم، مرض القلوب، الإفساد بالأرض وإنكار ذلك، الغرور، الجهل، تحقير الآخرين، الازدواجية، رفقة الشياطين، الاستهزاء، الطغيان، العمه والتيه، الخسارة، الصمم والبكم والعمى، والإصرار.
وأضاف أن من صفقات المنافقين -أيضا- الخداع، الرياء، التكاسل بالعبادات، التذبذب، الضلال، الخذلان، موالاة غير المسلمين، الاستهزاء، الانتهازية، التربص، مبينا أن الله حكم عليهم بأنهم في الدرك الأسفل من النار، وبالهزيمة والذلة والمقاطعة، والنتيجة النهائية ضرورة الحذر منهم.
وأشار إلى أن المنافقين هم أعداء وفاسقون وجهلة ومغرورون لا يعلمون، فضلا عن موت القلب، والمبارزة الإلهية، والخلود في النار.
تعامل النبي مع المنافقين
وحول منهج الرسول محمد ﷺ في التعامل مع المنافقين، قال المفكر الإسلامي، إن موقفه يوجهه إليه القرآن، ويدل على المستوى الأخلاقي الرفيع، مضيفا أن مشيئة ربانية وراء استمرار وجودهم في إطار الصراع بين الحق والباطل.
وأكد أن الرسول كان يعرفهم واحدا واحدا -من خلال الوحي- بعدما نزل له النهي الشديد من القرآن بعدم الصلاة عليهم بعد واقعة الصلاة على عبد الله بن أبي بن سلول، وبين أنه أعلم بالوحي بأنه سيموت لذلك أسر بلائحة المنافقين إلى حذيفة بن اليمان.
وأضاف أن اللائحة احترازا من أجل تطبيق حكم شرعي واحد وهو عدم الصلاة عليهم، ولفت إلى أن النبي منع استخدام العنف ضدهم رغم أنه تعرض إلى 12 محاولة اغتيال، بينها 3 محاولات من الكفار، و9 من اليهود جزء منها خطط فيها المنافقون.
وبين أن القرآن نهى أن يذهب النبي محمد إلى مسجد ضرار لكونه كان وكرا للتجسس والكيد والتربص وإثارة الفتنة، بعدما حاول المنافقون تحويل عملهم إلى منظومة مؤسسية تحمل مشروعا وأهدافا.
وبعد وفاة النبي، لم يتوقف كيد ومكر المنافقين، وكانت بداية رجوعهم إلى عملهم الممنهج التخريبي الفتنوي في عهد ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان، إذ طالت فترة ولايته وكان فيه لين، ليجدها المنافقون فرصة لإثارة الغوغاء وسط المسلمين الضعاف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل الأحزاب السودانية ظالمة ام مظلومة؟
قال لي أحدهم إن تجربة أحزابنا السودانية ضعيفة؛ قلت له نعم ولكن كيف تكون أحزابنا السياسية قوية ومعظم تجربتها في معارضة ومناهضة النظم الديكتاتورية الشمولية فلم يترك لها الجيش المؤدلج وقتا للحكم تستمد منه خبرة أو حتى فرصة لتمارس الديمقراطية داخلها وتقييم مؤتمراتها وتجدد كوادرها وقياداتها وبرامجها لذلك فإني اعتبر ما قدمته وما تقدمه من دور معارض بالرغم من كل ما مر بها من تشريد وتنكيل وقمع فإنه لا غبار عليها فهي مواعين الديمقراطية ولن تستقيم الا بممارستها حقبا ودورات عديدة ولنستعرض تاريخ السودان الحديث وما مرت عليه من فترات حكم لنستمد منه العبر ولنحكم بالعدل لهذه الأحزاب بما لها وما عليها.
فمنذ بداية الحكم الذاتي في 1954م واستقلال السودان في 1956م وحتى اليوم مرت 71 عاما منها:-
56 عاما أنظمة عسكرية شمولية دكتاتورية على أربعة فترات منها
-6سنوات انقلاب عبود
-16سنة انقلاب نميري(مايو)
-30سنة انقلاب البشير(الإنقاذ)
-4سنوات انقلاب البرهان_حميدتي
6سنوات من الفترات الانتقالية منها:-
-2سنة الحكم الذاتي(قبل الاستقلال).... ازهري.
-سنة واحدة... جبهة الهيئات (عقب ثورة أكتوبر)... سرالختم الخليفة.
-سنة واحدة... التجمع النقابي (عقب انتفاضة مارس/أبريل)... سوار الدهب والجزولي دفع الله
-2سنة.... قوى إعلان الحرية والتغيير(عقب ثورة ديسمبر)...عبدالله حمدوك
9سنوات حكم ديمقراطي بواسطة الأحزاب على ثلاثة فترات منفصلة لم تهنأ فيها ولو لمرة واحدة باستكمال دورة برلمانية منها:-
-2سنة بعد الاستقلال (حكومة الأزهري وحكومة عبدالله خليل)... الوطني الاتحادي ثم إئتلاف الشعب الديمقراطي والأمة على التوالي.
-4سنوات بعد ثورة أكتوبر (حكومات الصادق ثم المحجوب) إئتلاف الأمة جناح الصادق والحزب الاتحادي الديمقراطي ثم إئتلاف الأمة جناح الهادي والحزب الاتحادي الديمقراطي على التوالي.
-3سنوات بعد انتفاضة أبريل (حكومات الصادق المهدي الثلاثة الإئتلافية من أحزاب الأمة والاتحادي والجبهة الإسلامية).
من خلال قراءة متأنية لتلك الفترات فإن الأحزاب المفترى عليها لم تنل نصيباً من تجربة الحكم إلا لماماً في فترات أعقبت خروجها منهكة من مقارعة الديكتاتوريات باستثناء حزب الجبهة الإسلامية في تشكلاته المختلفة.
هذا طبعاً لا ينفي مسئولية الأحزاب عن مساهمتها بهذا الضعف في تبرير المغامرين من العسكر لإستيلائهم على السلطة وإن كنا نجد لها العذر من شواهد التاريخ المنشور وخلاصة القول فإن الديمقراطية هي بمثابة حياة وتطور للأحزاب مثل الماء للأحياء فإن فقدتها ستؤول إلى موات فهل نعي الدرس بعد هذه الحروب المتتالية والتي توجت بهذه الحرب المدمرة والمستمرة حتى الآن لنصطف حول تلك المواعين الحزبية المتبقية ونتعهدها بالإصلاح ليعود الحكم المدني الديمقراطي راشداً والذي لا مفر منه ام سنستمر في هذا السفه الذي أشعل الحرب و دمر الدولة؟
عبدالمنعم محمد أحمد العوض
samir.alawad@gmail.com