مسار إجباري.. مسلسل يغرد خارج سرب الاعتياد والتكرار
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
تحتشد صور النجوم على اللوحات الإعلانية بأحجام عملاقة لا تدع مجالا لقراءة عنوان العمل الرمضاني، الذي تُعلن عنه، كما لو أنه كلما كبر الحجم الذي يحتله الممثل على أفيش العمل تزيد موهبته أو شهرته، لكن صورة لشابين عاديين بلا عضلات مفتولة أو أعين غاضبة، تظهر في خلفية لوحة إعلانية لمسلسل "مسار إجباري".
شابان استطاعا تحقيق نجاحات تلفزيونية كبيرة مؤخرا، أحدهما بقائمة قصيرة من الأعمال ولكنه وصل إلى قاعدة شعبية عريضة وهو "عصام عمر" بعد مسلسله الناجح "بالطو"، والثاني "أحمد داش" الذي عرفه الجمهور طفلا لينضج ويصبح أحد أشهر ممثلي جيله ومن أكثرهم تنوعا في أدواره.
مسلسل "مسار إجباري" من إخراج "نادين خان"، مع معالجة درامية لـ"باهر دويدار" وسيناريو "أمين جمال" وبطولة "عصام عمر" و"أحمد داش" و"بسمة" و"صابرين" و"رشدي الشامي" ويتكون من 15 حلقة.
بعيدا عن الأنواع الدرامية الشائعةيبتعد مسلسل "مسار إجباري" عن الأنواع الدرامية الشائعة بين مسلسلات رمضان 2024، فهو ليس كوميديا، ولا تدور أحداثه حول غدر الأصدقاء والأهل والانتقام في حارة شعبية، بل يمكن اعتباره كشفا خاصا للطبقة الوسطى بما تحمله من تناقضاتها الخاصة، ويستعرض عائلتين من هذه الطبقة تتشاركان رغما عن أنفيهما أبا واحدا.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4هل نجحت الدراما المغربية في تجاوز أخطاء الماضي بموسم رمضان 2024؟list 2 of 4مسلسل "العتاولة".. دراما المقاولات وخلطة النجاح المضمونةlist 3 of 4مسلسل "بابا جه".. كوميديا اجتماعية من قلب الأزمات الأسريةlist 4 of 4لهذه الأسباب مسلسل "صلة رحم" الأفضل في دراما رمضان 2024end of listيبدأ المسلسل بمشاهد قصيرة تشبه الإعلانات التلفزيونية لأحد المجمعات السكنية الحديثة، عائلة صغيرة من أب وأم وطفلة يتضاحكون في ضوء الشمس الغاربة التي تُضفي ألقا ذهبيا على سعادتهم، صورة مثالية للأسرة، تكسرها في اللقطة التالية فتاة يُلقى بها من أعلى بناية لتقع الجثة وتتفتت هذه السعادة.
لا نرى أفراد الأسرة هذه مرة أخرى، فهم ليسوا سوى مفتتح للعمل، الذي يخبرنا منذ لحظاته الأولى أن لدينا جريمة، وهذه الجريمة متصلة بسعادة أسرة ما، وقادرة على تفكيك أواصرها كما حدث عندما يدفع رب هذه الأسرة ابنته وزوجته جانبا حتى لا يريان الفتاة المفتتة العظام الملقاة على الأرض، فينكسر سحر هذه اللحظة بشكل آني.
تقود المشاهد التالية المتفرج إلى دار القضاء العالي، حيث تجري محاكمة للمتهم في قتل الفتاة الملقاة من أعلى البناية، ويحكم القاضي بالإعدام على المتهم، ويسقط أحد الحاضرين أرضا ويتم نقله للمستشفى.
يستمر المسلسل في التأسيس لحبكته، فنشاهد على التوازي عائلتين، لكل منهما أم حنون، إحداهما بابن واحد وهو "حسين" أو "أحمد داش"، وأخرى لديها 3 أبناء، أكبرهم "علي" ويقدم دوره "عصام عمر"، يتلقى كل من الشابين مكالمة هاتفية تخبره أن والده مصاب بأزمة قلبية وفي أحد المستشفيات، وأمام غرفة المريض يكتشفان أنهما إخوة من أب واحد أخفى حقيقة وجودهما عن بعضها البعض.
(من اليمين) عصام عمر وأحمد داش في مسلسل مسار إجباري (شاهد)تلك المفاجأة الأولى التي يفجرها الأب "عمر البرنس"، غير أنها ليست الوحيدة، فيعلم ابناه أنه متورط مع عصابة تقف خلف إلقاء الفتاة بالمشهد الأول من أعلى البناية، وقد زور تقرير الطب الشرعي بعد حصوله على رشوة، ويندم على ما اقترفه وينوي ما إن يخرج من المستشفى التوجه للنيابة لإظهار براءة المتهم الذي حُكم عليه بالإعدام، وإلى هنا تنتهي رحلة الأب، الذي يتم قتله قبل نهاية الحلقة، ليترك لولديه إرثا عبارة عن مجموعة من الأسرار وعصابة قاتلة وحقيقة يجب كشفها بأقل خسائر ممكنة.
وبينما يحاول "علي" و"حسين" حل اللغز، والبحث عن الدليل الذي يثبت براءة المتهم، يكتشف كل منهما أهمية الآخر في حياته، وتبدأ علاقة من الإخوة، التي على الرغم من نشوئها من العدم فإنها حقيقية في كل تفاصيلها.
نادين خان والولع بالطبقة الوسطىانطلقت مسيرة "نادين خان" من المسلسل الاجتماعي الواقعي "سابع جار" والذي قدم على مدار 60 حلقة القصص اليومية الاعتيادية لسكان إحدى البنايات بالقاهرة، وانتقلت بعد ذلك إلى عدة مسلسلات تلفزيونية وفيلم سينمائي وحيد هو "أبو صدام"، يمكن ملاحظة سمتين في أعمال المخرجة، أولاهما تركيزها على قصص الطبقة الوسطى -ما عدا "أبو صدام"-، بينما الثانية اهتمامها الخاص بقصص أبطالها من الشباب.
يؤكد مسلسل "مسار إجباري" على هاتين السمتين، بل يُعتبرا أفضل مميزاته، فبينما يبدو لأول وهلة صراعا تقليديا بين الخير والشر، الفساد والصلاح، فإن هذا الجانب هو أكثر تفاصيله تواضعا، وقد اتخذت الشخصيات الشريرة نمط الشدة التقليدية، سواء من حيث المظهر أو البناء وانعكس ذلك على الحوار الخاص بهم، وينطبق ذلك على كل من المحامي "مجدي حشيش" وزوجة المتهم اللعوب "سناء" و"سعد" الذراع القاتلة لـ"مجدي".
على الجانب الآخر، فإن عامل الجذب الحقيقي هو العلاقة الناشئة بين "حسين" و"علي" ووالدة كل منهما والأخرى، والفروقات الواضحة بين أسرة كل منهما على الرغم من أن كلاهما ينتمي للطبقة ذاتها، ليوضح المسلسل الاختلافات التي تكمن حتى بين أبناء الطبقة الواحدة نتيجة لعوامل مثل تعليم الأم، ومكان العيش، والميول الشخصية، فبينما تقترب عائلة إحسان الزوجة الأولى والمعلمة في إحدى المدارس من حدود الطبقة الوسطى العليا، تقف "عنايات" أو "نعناعة" كما تفضل على الحدود بين الطبقة الوسطى والدنيا، سواء من حيث طريقة ارتدائها لملابسها أو مفرادتها اللغوية، غير أن هذا التباين لم يقلل من الدفء أو الود النامي بين كل منهما.
استخدمت "نادين خان" أدواتها كمخرجة وعلى رأسها التصوير وتأطير ممثليها داخل الكادرات لتعزيز هذا الطابع الحميمي الذي يجمع الشخصيات، ويمكن ملاحظة ذلك في كل المشاهد التي تجمع بين البطلين على الأريكة في مغسلة السيارات التي يجتمعان فيها للتداول والتخطيط، ومشاهد كل من "علي" و"حسين" في منزلهما ومع والدتيهما على وجه الخصوص.
هذا إلى جانب حسن توجيه الممثلين، فنشاهد "عصام عمر" بعيدا عن الكوميديا التي عُرف بها في مسلسله "بالطو" بينما يخرج "أحمد داش" من عباءة الشاب الجامعي الذي ينتمي للطبقة الوسطى العليا كما قدمته "نادين خان" نفسها في مسلسل "مين قال؟!" منذ عامين.
يغرد مسلسل "مسار إجباري" خارج السرب، لا يقدم لمشاهديه مغامرة يعلمون نهايتها من قبل بدئها، ويراهن على موهبة أبطاله وليس فقط أسمائهم الرنانة، عمل يمكنه حتى إزالة الصراع التقليدي بين الخير والشر من حبكته ليقدم قصة أخوين يبنيان علاقتهما من الصفر مليئة بالدفء والرقة والتمثيل الممتاز.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الطبقة الوسطى مسار إجباری نادین خان أحمد داش عصام عمر کل منهما
إقرأ أيضاً:
«الري»: قناطر أسيوط الجديدة ثالث أكبر مشروع على نهر النيل ورفع كفاءة منظومة «مصر الوسطى»
نفّذت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2014 الكثير من المشروعات العملاقة، وعلى رأسها مشروع قناطر أسيوط الجديدة، وافتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويُعد أيضاً ثالث أكبر مشروع مائى مقام على نهر النيل بعد السد العالى وقناطر نجع حمادى، وله عدة أهداف استراتيجية، على رأسها تأمين الاحتياجات المائية الحالية واحتياجات الأجيال الجديدة والتحكم فى مياه الرى، والحفاظ على كل قطرة مياه من الهدر، وذلك عن طريق بوابات حديثة تعمل بنظام هيدروليكى، وتحسين حالة الرى بإقليم مصر الوسطى فى 5 محافظات هى «الجيزة - الفيوم - بنى سويف - المنيا - أسيوط»، لخدمة مليون و650 ألف فدان، أى ما يُعادل نحو 20٪ من المساحة المنزرعة بمصر، وتحسين الملاحة النهرية بنهر النيل، باستخدام منظومة تحكم على أحدث النظم العالمية، للتحكم فى التصرّفات والمناسيب.
تنفيذ مشروعات فى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى بطاقة معالجة 4,80 مليار متر مكعب سنوياًوفى مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى للتوسّع الزراعى وتعظيم العائد من وحدة المياه، نفّذت وزارة الرى مشروعات كبرى بطاقة معالجة إجمالية تصل إلى 4,80 مليار متر مكعب سنوياً، وهى مشروع محطة بحر البقر لمعالجة المياه بطاقة 5.60 مليون متر مكعب يومياً لاستصلاح 456 ألف فدان، ومشروع محطة الدلتا الجديدة بطاقة 7.50 مليون متر مكعب يومياً لاستصلاح 362 ألف فدان، ومشروع المحسمة بطاقة مليون متر مكعب يومياً لاستصلاح 50 ألف فدان، بالإضافة إلى إعادة تدوير واستخدام 21 مليار متر مكعب سنوياً من المياه.
وأكدت الوزارة أن هذه المشروعات حطمت ثلاثة أرقام قياسية فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية فور افتتاحها، إذ إنها لم تكن فقط أكبر محطة معالجة فى العالم وقتها، كونها تقوم بمعالجة 64.8 متر مكعب من المياه فى الثانية، بل كانت أيضاً أكبر منشأة بيئية لمعالجة الحمأة وأكبر محطة لتوليد وتشغيل الأوزون فى العالم، وكما كان مخططاً له، لم يستمر هذا الرقم متفوقاً لفترة طويلة، إذ خططت الحكومة لتحطيم رقمها القياسى الخاص بمحطة مياه الصرف الصحى والزراعى بمدينة الحمام، وهو مشروع آخر بدأ تنفيذه فى شهر فبراير 2021 قبل أن يُفتتح فى أواخر عام 2022، وصُممت المحطة الجديدة لتقوم بمعالجة 6 ملايين متر مكعب من المياه يومياً، وهو ما سيسمح برى ما يصل إلى 500 ألف فدان غرب منطقة دلتا النيل، وكانت الحكومة قد تعاقدت مع تحالف شركات «أوراسكوم للإنشاءات، وحسن علام للإنشاءات، والمقاولون العرب، وميتيتو»، من أجل تصميم وإنشاء هذا المشروع القومى.
إحلال وتجديد 45 محطة رفع لخدمة 7,10 مليون فدانكما نفّذت الوزارة الكثير من المشروعات فى مجال صيانة محطات الرفع، حيث تم تنفيذ أعمال إحلال وتجديد 45 محطة لخدمة زمامات 7,10 مليون فدان، وتأهيل وتوفير المهمات الكهروميكانيكية لرفع كفاءة المحطات.
وفى مجال تطوير منظومة الرى يتم تطهير 33 ألف كيلومتر من الترع و22 ألف كيلومتر من المصارف، سنوياً، كما تم تأهيل 7700 كيلومتر من الترع، واستكمال تأهيل 2000 كيلومتر من الترع، بالإضافة إلى وضع أولويات للتحول للرى الحديث فى الأراضى الرملية والبساتين ومزارع قصب السكر، من خلال تصميم وتنفيذ شبكة رى بالتنقيط متصلة بنقطة رفع واحدة تعمل بالطاقة الشمسية.
وفى واحة سيوة، تقوم الوزارة بتنفيذ مشروع متميز، بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وجامعة القاهرة وأهالى واحة سيوة لتطوير وتنمية الواحة والتعامل مع تحدى ارتفاع مناسيب المياه ببركة سيوة وبركة بهى الدين وسوء حالة جسور بركة سيوة، حيث تم تنفيذ قناة مكشوفة بطول 33 كيلومتراً لتصريف مياه الصرف الزراعى إلى منخفض عين الجنبى شرقى الواحة، وغلق 60 بئراً شديدة الملوحة كمرحلة أولى ومستهدف غلق 212 بئراً مع حفر بدائل من الآبار العذبة، وإنشاء محطة رفع لخفض مناسيب المياه فى بركة سيوة ودعم وتعلية عدد من الجسور المحيطة ببركة سيوة بإجمالى أطوال تصل إلى 14 كيلومتراً، والتعامل مع تحدى نقص المياه بمنطقة الكاف من خلال إنشاء مأخذ لمحطة رفع وبيارة بسعة 200 متر مكعب، وتركيب منظومة توليد كهربية بالطاقة الشمسية قدرة 120 كيلووات وإنشاء محطة رفع مياه تتكون من 3 مجموعات رفع قدرة 85 كيلووات ورفع كفاءة خزان منطقة الكاف بسعة 2400 متر مكعب.
وفى مجال التكيّف مع التأثيرات السلبية للتغيّرات المناخية قامت الوزارة بتنفيذ مشروعات للحماية من أخطار السيول، حيث تم إنشاء 272 عملاً صناعياً بمحافظات الصعيد بسعة تخزينية 233 مليون متر مكعب، وجارٍ إنشاء 58 مشروعاً بمحافظات الصعيد بسعة تخزينية 47 مليون متر مكعب، ومن المستهدف إنشاء 69 عملاً صناعياً آخر بمحافظات الصعيد حتى عام 2025، وفى محافظات شمال وجنوب سيناء والبحر الأحمر ومطروح، وتم إنشاء 1359 عملاً صناعياً للحماية من أخطار السيول بسعة تخزينية 158 مليون متر مكعب، وجارٍ إنشاء 20 عملاً صناعياً للحماية من أخطار السيول بسعة تخزينية 9.50 مليون متر مكعب، ومن المستهدف تنفيذ 600 عمل صناعى للحماية من أخطار السيول، وفى مجال حماية الشواطئ المصرية تم تنفيذ أعمال حماية بأطوال تصل إلى 120 كيلومتراً، ونتج عنها اكتساب مساحات من الأراضى قدرها 1.80 مليون متر مربع وحماية استثمارات قيمتها عشرات المليارات من الجنيهات.