خطيب الأزهر: اليقين بالله من أفضل القربات وأعظم الطاعات
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد بمجمع البحوث الإسلامية، والتى دار موضوعها حول "اليقين بالله".
وقال د.الهواري، إن من كرم الله -عزّ وجلَّ- بخلقه، ورحمته بأمة الحبيب أنه يجدد لهم معاني الإيمان حيناً بعد حين، لافتا أن من أروع المعاني وأفضل القربات وأعظم الطاعات التي يتقرب بها العبد إلي رب الأرض والسماوات والتي تحتاجها الأمة أفراداً ومجتمعات "اليقين بالله".
وأوضح أن المتأمل لكتاب الله يدرك أن أهل اليقين في منزلة عالية رفيعة لا تضاهيها أي منزلة ودونها أي مكانة، وهذا اليقين الذي يعني العلم المنافي للشك والجهل، والثبات المنافي للتردد، والثقة التي تنافي الريب، واليقين بعلم الغيب بلا تردد أو ظن جملة من المعاني تندرج تحت معنى اليقين.
وبيّن أن المسلمون تتفاوت أقدارهم في هذا اليقين، البعض سعى لتحصيله، والبعض الآخر وقف عند درجة واحدة منه، والبعض أدركه وعايشه، والبعض يحبو حتى يدرك أول درجاته، موضحا أن على المسلم العيش على يقين بما ورد عن رب العالمين وعن رسوله ﷺ الصادق الأمين من أخبار ثم يرتقي في درجات اليقين ليري الأدلة الحسية الواقعية فيزداد يقينه ﴿وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾.
وأشار أن المتأمل لحال الأنبياء في اليقين يجد الكثير والكثير فهذا نبي الله نوح عليه السلام، حين أمره ربه أن يصنع الفلك وسخر منه قومه، رد عليه بقوله ﴿قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون﴾، وهذا خليل الله إبراهيم حين حاجه قومه وألقوه في النار كان لسان حاله "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وهذا موسى عليه السلام عندما قال له قومه سيدركنا فرعون وقومه قال:﴿قال كلا إن معي ربي سيهدين﴾، وأيضاً النبي حين كان في الغار مع أبو بكر وقال له أبو بكر "يا نبي الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا" رد عليه رد الواثق من يقين ربه قائلاً: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا".
ويواصل الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتتضمن: (١٣٠ مقرأة- ٥٢ ملتقى بعد الظهر- ٢٦ ملتقى بعد العصر- صلاة التراويح بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث الإسلامية ٢٠ ركعة يوميا بالقراءات العشر- ٣٠ درسًا مع التراويح- صلاة التهجد بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث في العشر الأواخر- تنظيم ٧ احتفالات متعلقة بمناسبات الشهر الكريم- ٥٠٠٠ وجبة إفطار يوميًّا للطلاب الوافدين، لتصل الوجبات لـ ١٥٠ ألف وجبة طوال الشهر الكريم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أفضل القربات الجامع الأزهر اليقين بالله خطيب الأزهر مجمع البحوث الإسلامية
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد الحرام: التعصب حجاب غليظ يحول بين الحق وصاحبه
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، المسلمين بتقوى الله عز وجل في جميع الأحوال.
وقال خطيب المسجد الحرام، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في الحرم المكي الشريف: إن التعامل بالرفق مع الحبيب يستديم المودة، ومع الغريب يجلب المحبة، ومع العدو يكف الشر، ومع الغضوب يطفئ الجمر، وكرام الناس أسرعهم مودة، وأبطؤهم جفوة، ولئام الناس أبطؤهم مودة، وأسرعهم عداوة، والسباق إلى الله بالقلوب والأعمال، لا بالمراكب والأقدام.
وبين أن داء التعصب ومرض العصبية يعدان داءً اجتماعيًا خطيرًا يورث الكراهية، وينبت العداوة، ويمزق العلاقات، ويزرع الضغائن، ويفرق الجماعات، ويهدد الاستقرار، وينشر القطيعة، مرض كريه، يبني جدارًا صلبًا بين المبتلى به وبين الأخرين، ويمنع التفاهم، ويغلق باب الحوار، يعمم في الأحكام، ويزدري المخالف.
وأكد أن التعصب داء فتاك، وهو علة كل بلاء، وجمود في العقل، وانغلاق في الفكر، يعمي عن الحق، ويصد عن الهدى، ويثير النعرات، ويقود إلى الحروب، ويغذي النزاعات، ويطيل أمد الخلاف، لافتًا النظر إلى أن التعصب عنف، وإقصاء، ويدعو إلى كتم الحق وسَتْرِه، لأن صاحبه يرى في الحق حجةً لمخالفه، كما أنه يقلل من فرص التوصل إلى الحلول الصحيحة، وينشر الظلم، وهضمَ الحقوق، ويضعف الأمة، وينشر الفتن والحروب الداخلية.
وأفاد أن التعصب يكون غلو في الأشخاص، وفي الأسر، وفي المذاهب، وفي القوم، وفي القبيلة، وفي المنطقة، وفي الفكر، وفي الثقافة، وفي الإعلام، وفي الرياضة، وفي كل شأن اجتماعي، مستدلًا بالموقف النبوي الحازم الصارم، حيث أخرج الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صل الله عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين – أي ضرب – رجلًا من الأنصار فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجرون: يا للمهاجرين، فقال النبي صل الله عليه وسلم: ما بالُ دعوى الجاهلية ؟! ثم قال: دعوها فإنها منتنة.
وأبان الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن الهجرة والنصرة وصفان شريفان كريمان، والمهاجرون والأنصار هم الأولون السابقون رضي الله عنهم ورضوا عنه، ولكن لما أراد هذان الرجلان توظيف هذه الألقابِ الشريفة والنعوتِ الكريمة توظيفًا عصبيًا فَزِع النبي صل الله عليه وسلم وبادر باحتواء الموقف بقوله: ( أبدعوى الجاهلية ؟! ) أي أن شرف الهجرة، وشرف النصرة تحول بالعصبية إلى نعت غير حميد، بل صار مسلكًا منتنًا مكروهًا، وصار من دعوى الجاهلية: ( دعوها فإنها منتنة ) لا أشد إنكارًا من هذا الوصف، ولا أعظم ذمًا من هذا النعت ، مبينًا أنه في الحديث الصحيح عنه صل الله عليه وسلم: من قاتل الناس تحت راية عِمِّيةٍ يغضب لعصبية، أو يدعو لعصبية، أو ينصر عصبية، فقتل، فِقتلةٌ الجاهلية، وفي لفظ " فليس من أمتي " رواه مسلم.
وأوضح أن المتعصب ينسُب نقائصه وعيوبه إلى غيره، المتعصب يعرف الحق بالرجال، ولا يعرف الرجال بالحق، المتعصب لا يود أن يكون الحق مع الطرف الآخر، فهو أسير أفكاره ورؤيته الضيقة، همه المراء، والترفع على الأقران، المتعصب يعتقد أنه على الحق بحجة وبغير حجة، ومن خالفه فهو على الباطل بحجة وبغير حجة، والمتعصب لا يرى إلا ما يريد أن يراه.
وبين أن من صفات المتعصب التشدد في الرأي، والجمود في الفكر، والميل إلى العنف ضد المخالف، موضحًا أن المتعصب يميز الناس ويقيِّمهم حسب انتماءاتهم الدينية، والقبلية، والمناطقية، والمذهبية، والطائفية، والسياسية.
وأضاف فضيلته أن المرء لا يولد متعصبًا ، وإنما يكتسب التعصب من أسرته، ومن أقرانه، ومن مدرسته، ومن الوسط المحيط به، لافتًا الأنظار إلى أنه من أجل علاج التعصب فلا بد من تقرير المساواة بين الناس، ونشر ثقافة الحوار، والتعايش، وقبول الآخر، والمحبة، والاعتذار، وبذل المعروف لمن عرفت ومن لمن تعرف.
وأردف قائلًا : يقي من التعصب - بإذن الله - الاعتقاد الجازم، واليقين الصادق، أنه لا عصمة لغير كتاب الله، ولا لبشر غير رسول الله صل الله عليه وسلم، والنظر إلى العلماء والشيوخ على أنهم أدلاء على الحق، مبلغون عن الله بحسب اجتهادهم وطاقتهم غير معصومين، ولا مبرأين من الأخطاء والأغلاط ، وكذلك القوة والعزيمة في نبذ العادات والأعراف الخاطئة ، والتقاليد المجافية للحق والعدل، هذا كله من مسؤولية أهل العلم، والفضل، والصلاح، والوجهاء، ورجالات التربية، والغيورين على الأمة، والعمل على بناء الإنسان السوي، وإشاعة الصلاح والإصلاح، ومقاومة الفساد بكل أشكاله، وقبل ذلك وبعده الإخلاص، وحسن السريرة، وقطع النفس عن شهوة الغلبة، والانتصار، والسلامة من فتنة التطلع، للمدح والرئاسات، ونشر المحبة في البيت، والمدرسة ، وفي السوق، وفي الإعلام بكل وسائله وأدواته، وسلامة النفس من الأحقاد، والتحرر من الأنانية، يجمع ذلك كله قول صلى الله عليه وسلم في كلمته الجامعة: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وبين أن أهل العلم قالوا : كل من نصب شخصًا كائنًا من كان فيوالي على موافقته ويعادي على مخالفته في القول والفعل فهو من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون ، قالوا : وهذه طريقة أهل البدع والأهواء المذمومين، فمن تعصب لواحد بعينه ففيه شبه منهم، وكل ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية، "ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه".
وأكد الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن التعصب حجاب غليظ يحول بين صاحبه وبين الحق وبينه وبين الحب، التعصب حجاب غليظ عن العلم النافع، والعمل الصالح، وعقبة كؤود عن الاستفادة من الآخرين، ويمنع الإبداع والابتكار، مبينًا أنه لا يقضي على التعصب إلا التسامح ، ذلك أن التسامح احترام التنوع، وقبول الاختلاف، ويسلم من التعصب من كان همه الوصول إلى الحق، وليس الانتصار للنفس، أو المذهب، أو الطائفة.