أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

بشكل فجائي، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، عن تعيين قنصلين جديدين لها في المغرب، بكل من وجدة، والدار البيضاء، وهو القرار الذي جاء تزامنا مع حالة التوتر التي تطبع علاقات البلدين، والتي ترتب عنها قطع الجارة الشرقية لجميع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة، من جانب واحد.

وارتباطا بالموضوع، أعلنت الخارجية الجزائرية في بلاغ لها، إجراء الرئيس "عبد المجيد تبون"، حركة تعيينات واسعة في السلك الدبلوماسي، همت 28 سفيرا و6 قناصل، ضمنهم، "هشام فرحتي"، الذي عين على رأس القنصلية العامة للجزائر بمدينة وجدة، في وقت جرى ترسمي "بلغيث جودي"، قنصلا عاما للجارة الشرقية بالدار البيضاء، وهو المنصب الذي يتولى تنسيق المهام الدبلوماسية بين البلدين الجارين.

وبحسب بعض المهتمين، فإن هذه الخطوة التي اتخذتها الجزائر (تغيير قناصلتها بوجدة والبيضاء)، سيما في ظل قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، تبقى حالة فريدة، وربما غير مسبوقة على المستوى الدولي، موضحين أن ما حصل يؤكد أمرين اثنين، أولهما أن سلطات الجارة الشرقية أقرت بالخطأ الجسيم الذي ارتكبته دبلوماسيته، حينما أبدت رد فعل عنيف مبني على أخبار (غير رسمية) رائجة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، في إشارة موضوع نزع ملكية عقارات جزائرية بالرباط، والذي اتضح بعد ذلك أن مسؤوليها أساؤوا التقدير، باعتراف وزير الخارجية "أحمد عطاف"، الذي شدد على أن التبريرات التي قدمها المغرب فيما اشتهر بملف مصادرة ممتلكات الجارة الشرقية بالعاصمة الرباط كانت "لائقة"، والقضية قد انتهت، وفق تعبيره.

أما بخصوص الأمر الثاني -يضيف ذات المهتمين- فتغيير قنصلية الجزائر بالمغرب دفعة واحدة، يعطي انطباعا واضحة وإشارات دبلوماسية قوية، تؤكد أن الجزائر تبحث عن وساطة لها مع المغرب، بهدف طي كل الخلافات السابقة.

في ذات الصدد، يرى ذات المهتمين أن هذا التغيير يفهم منه أن الجزائر تريد إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، مشيرين إلى أن نظام العسكر بات واعيا بحجم الخسائر الكبير التي تكبدها على جميع الأصعدة منذ قطع علاقاته مع المغرب.

إلى جانب ذلك، تؤكد بعض التقارير الجزائرية إلى أن تيار داخل نظام العسكر يحمل مسؤولية توتر العلاقات مع المغرب وما ترتب عنها من خسائر فادحة، لكل من شنقريحة وتبون، المتهمين بافتعال كل المشاكل التي تتخبط فيها الجزائر منذ قطع العلاقات مع المغرب.

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: مع المغرب

إقرأ أيضاً:

عسكرة الدبلوماسية الإسرائيلية

للسياسي الفرنسي المعروف جورج كليمنصو مقولة شهيرة وهي (إن الحرب أمر جلل لا يجب أن يترك للعسكر فقط)، وقد أثبتت العديد من وقائع التاريخ صحة هذه المقولة، فقرارات الحرب والسلام يجب أن يشارك فيها الدبلوماسيون لتجنب الحرب وفرض السلام قدر الإمكان، وهذا لا يعني تجاهل آراء ومقترحات العسكر بل يجب أن تؤخذ في الحسبان عندما تعجز الدبلوماسية عن إيجاد الحلول لتجنب قرار الحرب، كونها الوسيلة الوحيدة لدعم الاستقرار وبسط سيطرة الدولة على أراضيها.

الحروب عادة لا تحل الصراعات والمشكلات من جذورها، بل تمنح الطرف المنتصر بعض المزايا لفترة من الوقت حتى يتمكّن الطرف المنهزم من إعادة ترتيب أوراقه ومعاودة الهجوم مرة أخرى، ويظل الأمر هكذا بين كر وفر قد يستمر لعقود طويلة، فما أن يفوز طرف حتى يسعى الطرف الآخر لمعاودة القتال، وخلال هذه الرحلة يفقد كلا الطرفين الكثير من مواردهما المالية والبشرية ويكاد يتساوى كل منهما سواء عند النصر أو الهزيمة، وتظل المشكلة قائمة بلا حل جذري ومعرِّضة فترات الهدنة المؤقتة للانفجار مرة أخرى. 
غير أن الدبلوماسية أمر مختلف تماماً، فالحلول الدبلوماسية ترتكز على مواجهة المشكلة والبحث في جذورها والتوصل لحل عميق لكافة جوانبها، وهو ما يعني مخاطبة جميع الأطراف المعنية ومناقشة متطلباتهم ثم التوصل لتسوية ترضي جميع الأطراف؛ حيث يحصل كافة الأطراف المنخرطين في الصراع على مزايا متقاربة، كما يقدّم كل منهم تنازلات متساوية، وبالتالي يتم -من خلال عقد عدة جولات تفاوضية هادفة- الحصول على حلول مستدامة ونهائية تضمن عدم خوض أي صراع أو حروب مستقبلية، فالتفاوض يسعى لتجنب الحرب في المستقبل خاصة إذا كان كلا الطرفين جاداً في رغبته في إنهاء النزاع، والدبلوماسية يجب ألا تضغط على طرف لصالح طرف آخر، بحيث تبقي أحدهما مضطرباً محتقناً على أهبة الاستعداد لتوفر اللحظة المواتية للانقضاض على الطرف الآخر، وبالتالي تستديم حالة الاضطراب المحفوفة بالخطر طيلة الوقت وتخيم على شعوب كلا طرفي النزاع.
من الملاحظ أن إسرائيل منذ نشأتها وحتى يومنا هذا لا تعتمد مفهوم الدبلوماسية مع العرب، فهي لا تنتهج سوى نهج عسكرة السياسة، ولا تؤمن إلا بلغة القوة كلغة حوار مع جيرانها، كما أنها لا تؤمن إلا بمنطق التفوق العسكري ولا تعتقد أنه بإمكانها التواجد بسلمية وسط محيطها العربي دون أن تتفوق عليهم عسكرياً، ومن المؤسف أن تكون هذه الأفكار الصراعية أيضاً أفكار بعض الدول العظمى؛ فبعض الدبلوماسيين في الدول الغربية يؤمنون بأن التفاوض يأتي بعد شعور الطرف الضعيف بالملل والانكسار، وهذا المبدأ تتبعه إسرائيل خلال مفاوضاتها مع الفلسطينيين حتى تستطيع أن تحصل منهم على أكبر قدر ممكن من التنازلات.
لا شك أن هذه السياسة التعسفية تدل على سطحية قادة إسرائيل وتبرهن على افتقاد زعمائهم لأبسط قواعد الفهم السياسي والحكمة المطلوبة لدى الساسة لقيادة أي دولة، ولو نظر قادة إسرائيل للمأزق السياسي الذي تعاني منه إسرائيل منذ نشأتها فسيجدون أن دولتهم منذ تأسيسها وهي في حالة حرب مستمرة مع الدول العربية؛ فهي تخوض أنواعاً مختلفة من الصراعات العسكرية، بعضها داخلي مع الفلسطينيين وبعضها خارجي مع جيرانها، ولا شك أن أول من عانى من تلك السياسة الرعناء هو الشعب الإسرائيلي، والذي وجد نفسه منخرطاً في صراعات هنا وهناك دون ظهور أية بوادر للسلام، فدوي صفارات الإنذار وهلع جموع الشعب وحالات الطعن والدهس والقتل تمثل أرقاً دائماً للشعب الإسرائيلي، غير أنها نتيجة مباشرة لممارسات زعمائه المتطرفين التواقين للحرب، فإسرائيل لا تفكر إلا بلغة العسكر، وهم المسيطرون على سياسة إسرائيل الخارجية البعيدة عن دبلوماسية الحوار.
لا شك أن قادة إسرائيل لا يتمتعون بأية فطنة سياسية من أي نوع، فلو كانوا يمتلكون أقل القليل منها لأدركوا أن سياسة القوة والتهديد لا يمكن أن تؤتي ثمارها أبداً على المدى الطويل، فالعرب لم ولن يتنازلوا أبداً عن حقوقهم المشروعة، وأن القتل المستمر والممنهج للفلسطينيين لا يعني موت القضية، فسيولد جيل جديد يحمل القضية في قلبه وفي أعماقه، فالقضية لن تموت أبداً، وقادة إسرائيل المتطرفين لا يرون من البحر سوى سطحه، لذا فإن الدموية المفرطة وعدم مناقشة القضايا الخلافية بالجدية الكافية سيجعل المنطقة مسرحاً للصراع لعقود وربما لقرون قادمة حتى يعود الحق لأصحابه. 

مقالات مشابهة

  • ظهور زعيم البوليساريو إلى جانب قادة دول مغاربية في الجزائر يثير جدلا
  • فايد: الجمارك تصدّت للتهريب والظواهر التي تنخر بالاقتصاد الوطني
  • فك شفرة "إشارة فضائية" من المريخ.. وصفة تدمير أم رسالة سلام؟
  • السفير هلال: لا وجود لحرب عسكرية بالمناطق العازلة..كل مافي الامر متسللون يناوشون ويعودون للجزائر
  • اعتراف فرنسي رسمي بقتله.. من يكون القيادي الجزائري بن مهيدي؟
  • إشارة إلى حسام حبيب؟.. شيرين عبدالوهاب: عانيت من "الأسر" 10 سنوات
  • شيخي: 1 نوفمبر 1954 هو الشعاع الذي مزّق سماء الجزائر المظلم
  • عسكرة الدبلوماسية الإسرائيلية
  • بعد تطبيق التوقيت الشتوي.. مواقيت الصلاة بعد تغيير الساعة اليوم الجمعة 1 نوفمبر 2024
  • الخارجية تبحث إعادة افتتاح مكتب قنصلي لمملكة النرويج