سودانايل:
2024-12-22@21:53:20 GMT

مساعي تقويض التحول الديموقراطي

تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT

mohammedhamad11960@gmail.com

بقلم: د. محمد حمد مفرح
يؤكد واقع الحال على ان غالبية القوى السياسية بالسودان تتفق على ان نظام الحكم الديموقراطي، مقارنة بغيره من النظم، يعد النظام الأنسب لحكم البلاد. و بالرغم من عدم اخضاع هذه الفرضية لقياس موضوعي يؤكد مدى صحتها، الا ان الطرح السياسي لمعظم القوى الحزبية يدلل على صحتها.

فالنظام الديموقراطي يعد، بحكم طبيعته، مؤهلا لمخاطبة الواقع السوداني الموسوم بالتعددية Multiplicity، فضلا عن تأهله لمخاطبة تراكم الأزمات السياسية و الاقتصادية و الظلامات التاريخية الناتجة عن قبضة المركز التي افرزت التهميش Marginalization و خلقت واقعا سياسيا أقعد البلاد عن اللحاق بركب التطور الدولي. كما أن تجارب الحكم الديموقراطي في الكثير من دول العالم تمثل شواهد على إيجابيات هذا النظام.
و مع هذا فان التجارب السياسية بالسودان أكدت عمليا، و برغم افضلية نظام الحكم الديموقراطي، ان هذا النظام تعتوره الكثير من المتاريس و المطبات. و يأتي على رأس هذه المتاريس المساعي الهدامة لبعض القوى السياسية التي ظلت تعمل جاهدة للحيلولة دون تطبيق النظام الديموقراطي، لسبب او اخر ، و بالتالي تسهم في ديمومة تخلف البلاد و دورانها في فلك الفشل العام.
و قد ظلت القوى السياسية الساعية لاجهاض مساعي توطين و ترسيخ الديموقراطية بالبلاد تبذل كل الجهود لتحقيق اهدافها بشتى الطرق. و يعمل النشاط الواسع الذي يقوم به العديد من مؤيدي هذه القوى، عبر الميديا، على تعزيز مساعي هذه القوى. و يستبد بي العجب، و أنا اقف، من وقت لاخر، من خلال الميديا، على حقيقة تضليل اعداء الديموقراطية الممثلين في القوى السياسية المشار اليها، للبعض ممن يفترض فيهم الوعي و الاستنارة، مع تغبيش وعيهم من خلال تصوير قوى الحرية و التغيير بأنها تقف مع الدعم السريع و تعد حاضنة له، مع وقوفها ضد الوطن. و قد أصبح هذا ديدنهم برغم دفع قوى الحرية و التغيير بكل الحيثيات و الاسانيد التي تؤكد براءتها من هذه التهمة الباطلة و الجزافية، بالإضافة الى نقدها لطرفي الحرب مع الدعوة لوقفها. ليس هذا فحسب بل و لم يعر هؤلاء انتباها لما قامت به الحرية و التغيير من الدفع بعدد من (التسجيلات) التي نادت فيها سابقا بحل الدعم السريع و دمجه في الجيش. ما كنت أعتقد قط ان شخصا مدركا و وطنيا، يفترض ان يعتمد، في تقييمه للأمور على الموضوعية و اعمال العقل، دون تحامل او تحيز، لجهة ما، يمكن ان ينطلي عليه الهدف من وراء شيطنة قوى الحرية و التغيير لصالح استمرار و رسوخ مشروع الشمولية في السودان، و بالتالي ديمومة تخلف الوطن و تدهوره العام، ان لم يكن زواله و تلاشيه من على الخارطة السياسية Political map.
و لا يملك المرء، ازاء هذا الواقع المدمر و المعري لعقلية و أسلوب تفكير البعض أو تماهيهم مع الباطل، الا و ان يؤكد على ضرورة ان يدرك هؤلاء ان قوى الحرية و التغيير تعد، ككيان افرزته موازين القوى Balance of power بعد الثورة، رمزا للديموقراطية او عنوانها، كما تمثل اتفاق حد ادنى، و كيان غير مقدس، قابل للنقد و التطوير، في اطار السعي لتوطين الديموقراطية في السودان.
و من المعلوم أن الديموقراطية تقوم على قيم الحرية Freedom و المساءلة Accountability والشفافية Transparency، ضمن قواعدها و مبادئها التي تعد نتاج تجليات العقل البشري و الفكر الليبرالي الغربي.
و من الأهمية بمكان الإشارة الى ان الديموقراطية تلتقي مع الشريعة الاسلامية في المقاصد و الاهداف، مع تفوق الشريعة عليها في الكثير من الجوانب. و مما لا شك فيه ان الشريعة الاسلامية سبقت الديموقراطية بقرون من الزمان للدعوة الى قيم السلام و العدل و الحرية. بيد ان الديموقراطية فرضت نفسها، كنظام حكم أمثل في العصر الحديث، في ظل تقاعس المسلمين عن الاجتهاد بغية التوصل لنظرية حكم مرتكزة على الشريعة الاسلامية الغراء المؤهلة، من وجهة النظر الفكرية او المفاهيمية و القيمية، لاداء وظيفة (نظام الحكم)، مع أهليتها لمقابلة متطلبات العصر، اذا ما أعتمد علماء المسلمين منهج (الاجتهاد) في اطار التمسك بالقطعي الورود في الدين كالشعائر، مع اعمال (الاجتهاد) المؤطر بضوابط الدبن لما عداها.
لذا فان على الذين ينتقدون الحرية و التغيير أن يدركوا انها مبرءة تماما مما الصق بها من تهم كونها لا تعدو ان تكون الية للحكم الديموقراطي و ليست كيانا ضد الوطن يمثل شخوصا متسلطة تسعى للهيمنة، طالما ان طبيعة النظام الديموقراطي نفسها لا تسمح بذلك.
و ينسحب الأمر نفسه على (تقدم) التي يراسها الدكتور عبد الله حمدوك و التي تضم طيفا واسعا من القوى السياسية و المدنية و المجتمعية بما فيها مكونات قوى الحرية و التغيير. ذلك ان (تقدم) قد وجهت إليها ايضا سهام النقد الهدام و تعرضت لتهم جزافية غير مؤسسة على حيثيات منطقية.
و تاسيسا على ما سبق، فان من الواضح و الجلي أن النقد الذي ظل يلصق بكل من قوى الحرية و التغيير و (تقدم) يهدف فحسب الى قطع الطريق على التحول الديموقراطي بالسودان، و اجهاضه.
الجدير بالتأكيد ان القوى التي تقوم بمساعي قطع الطريق على الديموقراطية لم تقدم أي برنامج حكم بديل لحكم البلاد، بل برهنت من خلال هكذا تصرف أنها ترتكب جريمة كبرى في حق الوطن، ستظل محفوظة في صفحات التاريخ السياسي للبلاد.
و بالنسبة ل(تقدم) يمكن، بطبيعة الحال، القيام بإصلاحها او تطويرها أو بث الفاعلية فيها و مواكبتها لمجريات الأحداث، حسبما تقتضي الضرورة، و ذلك دون السعي لتقويضها. و ستقطع هذه الخطوة، اذا ما تمت، الطريق امام أي مساعي او محاولات لتقويض التحول الديموقراطي، عبر شيطنة (تقدم).
و تاسيسا على ما سبق، تقتضي ضرورات التحول الديموقراطي Democratic transformation و دعم الديموقراطية تفويت الفرصة على هذه المساعي الهدامة، من خلال الكف عن دعمها، يجهل او إدراك لمغازيها، بناء على أهلية الديمقراطية لحكم السودان و حرصا على توطينها و تثبيت اركانها.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة من خلال

إقرأ أيضاً:

ذكرى 19 ديسمبر: عهد يتجدد مع الحرية والسلام والعدالة.

فتحي محمد عبده

في مثل هذا اليوم من عام 2018، شهدت مدينة عطبرة شرارة ثورة ديسمبر المجيدة، وأشعلت جذوة النضال في قلوب الملايين من السودانيات والسودانيين. عطبرة، مدينة العمال والنضال، كانت كعادتها في طليعة الحراك الثوري، حيث أضرمت نار الغضب في وكر الكيزان ودار حزبهم (المحلول)، معلنة بداية نهاية عهد الظلم والاستبداد. هذه اللحظة التاريخية، التي انطلقت من شوارع عطبرة، كانت بمثابة سقوط سجن الباستيل في الثورة الفرنسية، حيث أضاءت طريق الحرية لشعب عانى طويلًا من القمع والقهر.

ثورة ديسمبر لم تكن مجرد احتجاجات عابرة وفعل أدى إلى سقوط دكتاتورية وإقامة نظام حكم بديل فقط؛ بل كانت انتفاضة أمة بأكملها، اجتمعت على هدف واحد: استرداد الوطن من قبضة الإسلاميين الطغاة. خرج الرجال والنساء، الكبار والصغار، في المدن والقرى والفرقان، حاملين آمالهم وأحلامهم في وطن تسوده الحرية والسلام والعدالة. كانت هتافاتهم تملأ الشوارع، وأصواتهم تتحدى الرصاص والهراوات، مؤكدين أن إرادة الشعوب لا تُقهر.

ونحن نستذكر تلك اللحظات البطولية، نؤكد أن ثورة ديسمبر لم تنتهِ، بل هي مستمرة في كل فعل مقاوم، وفي كل صوت يطالب بالحرية والسلام والكرامة. إنها رواية كتبها جيل رفض الخنوع لعسكر الدكتاتوريات، وأصرّ على بناء مستقبل يليق بتضحيات شهدائه.

لكننا نعيش الآن فصلًا صعبًا من هذه الرواية، حيث تواجه بلادنا حربًا إجرامية تسعى لطمس أحلام شعبنا. الآلاف فقدوا أرواحهم، والملايين شُرّدوا من ديارهم، والجرائم البشعة تُرتكب بحق الأبرياء. ورغم ذلك، فإن روح الثورة لا تزال حية، تلهمنا بالمضي قدمًا، وتُشعل فينا الأمل بأن الغد سيكون أفضل.

إن هذه الذكرى ليست فقط فرصة للاحتفال، بل هي لحظة لتجديد العهد مع الوطن. فلنعمل جميعًا على إكمال مسيرة الثورة، بالوحدة والإصرار على تحقيق أهدافها. لا تراجع عن الحرية، ولا مساومة على العدالة، ولا بديل عن السلام الحقيقي الذي يُعيد الكرامة والحقوق لشعبنا..

في ذكرى 19 ديسمبر، لنتذكر تضحيات رفاقنا الشهداء والجرحى لنستعيد ذاكرة تلك الملاحم البطولية، ولنردد هتافاتنا التي لن تسكت حتى يتحقق حلم النصر الكامل للثورة ومقاصدها. فلنستلهم من عطبرة، ومن كل مدينة وفريق وقرية ناضلت، قوة الصمود والعزيمة، ولنواصل السير على درب الشهداء، حتى نرى السودان الذي نحلم به.

عاش السودان، ونضال شعبه الأبي.

المجد والخلود والانحناء لشهداء الثورة، والخزي والعار للطغاة، والنصر حليف شعبنا لا محالة.

الوسومفتحي محمد عبده

مقالات مشابهة

  • الحرية المصري: حديث الرئيس بأكاديمية الشرطة اتسم بالمكاشفة بشأن التحديات التي تواجه الوطن
  • القوات الامنية تعتقل صاحب مقاطع التغيير قادم في العراق
  • رئيس حزب الاتحاد: مساحة الحرية في مصر يجب استغلالها بالشكل الأمثل
  • منظمة قانون من أجل فلسطين: الهجمات على الأونروا هدفها تقويض القضية الفلسطينية
  • من القمع إلى الحرية.. تحولات الإعلام السوري بعد سقوط النظام
  • هل يقع التغيير بالثورة في اليوم العاقب لها: الثورة الفرنسية مثالاً (2-2)
  • سوريا بين الثورة والظلام، هل تنتصر الحرية على التطرف؟
  • في مسقط رأس آل الأسد.. سكان القرداحة بين الأمل في التغيير والقلق على المصير
  • وزيرة خارجية ألمانيا: تقويض استقرار سوريا يؤدي إلى زعزعة المنطقة بأكملها
  • ذكرى 19 ديسمبر: عهد يتجدد مع الحرية والسلام والعدالة.