طارق علاء الدين يعدُ لاعباً رئيسياً في استقرار المملكة منتصف القرن الماضي

شارك في نشأة البلاد وترسيخ مؤسساتها، وكان طرفاً رئيساً في انشاء جهاز المخابرات العامة منتصف القرن الماضي، أهم الأجهزة الأمنية في البلاد.

شهدَ فجرُ الـ28 من آذار لعام 2024فقدان الأردن لأحد رجالاتها، وكان التاريخ شاهداً على مفارقة الروح للجسد، حينما توفي طارق علاء الدين حسن طوبال، مدير المخابرات العام الأسبق من عام 1982 إلى 1989، وعضو مجلس الأعيان الأسبق، والرجل الذي شهد صمود المملكة في وجه العواصف والظروف التي مرت بها.

اقرأ أيضاً : مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يشارك في تشييع جثمان مدير المخابرات الأسبق طارق علاء الدين

طارق الذي ولدَ عام 1935 في محافظة معان جنوبي الأردن، رسمت تضاريس الأرض الأردنية على محيا وجهه الباسم، ذاك الرجل الذي نال ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1960، كافح طويلاً، وحارب بضراوة قسوة الحياة وصعوبتها إلى أن غدا أحد رجالات القصر الأكثر وفاءً واخلاصاً وفهما للحالة الأردنية.

طارق ترفع إلى أن غدا "الفريق أول"، وقاد المخابرات بأكملها، كما عين عضوا في مجلس الأعيان الأردني، إلا أن تاريخه الطويل لا يجتزء في المنصبين، ولا يحصر الحديث عنهما بشكل عام، وعن تجربته الطويلة في دائرة المخابرات العامة بشكل خاص.

طارق علاء الدين "أبو حسن" عمل في المخابرات العامة لنحو ثلاثة عقود، منذ عام 1962إلى عام 1989، وأصبح مديراً للدائرة عام 1982 ولمدة ثماني سنوات.

وحول سيرة الرجل في خدمة البلاد فقد بدأت في مشاركته البارزة في تأسيس جهاز المخابرات العامة، حيث يقول ويروي مدير الجهاز ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور مضر بدران في كتابه "القرار" الذي جاء رصداً لسيرته ومسيرته المهنية ومذكراته الشخصية، تفاصيل مثيرة عن تأسيس جهاز المخابرات الأردني عام 1964م ودوره في ذلك عندما غادر هو وثلاث من رفاقه الضباط إلى العاصمة البريطانية لندن وهم هاني طبارة، رجائي الدجاني (وطارق علاء الدين) .

ويقول دولة الرئيس عن ذلك:"بعد تأسيس دائرة المخابرات العامة، ورثنا عن دائرة المباحث العامة أعداداً كبيرة من الملفات المليئة بالتقارير التي عادة ما كان يكتبها (مخبر صادق) واستطعنا بمدة زمنية وجيزة تدقيق تلك الملفات، وتنظيف نحو 70 ألف ملف منها، ودعونا وصفي التل الذي كان رئيساً للوزراء حينها لحرقها، وكان هذا حدثاً مهماً في ذلك الوقت".

ويعترف بدران أن هذه اللحظة كانت بداية مرحلة" العمل المتعب" ، حيث كانت الجهود موزعة في اتجاهين، الأول تأسيس دائرة المخابرات العامة وجهازها الأمني، والثاني مشقة العمل اليومي ومتابعة كل ما يدور في الساحة وأبرز القضايا الخطرة على أمن الوطن واستقرار النظام السياسي.

ويتابع "عندما كنت مساعداً لمدير المخابرات، كان الراحل الحسين يزورنا في مقر دائرة المخابرات، وكان يطلبنا كضباط للاجتماع معه، فقد كان رحمه الله يزورنا ليلاً، وكان يطلبنا أنا وأديب طهبوب وأحمد عبيدات وطارق علاء الدين وعدنان أبو عودة، وكنا نجلس في مكتب محمد رسول الكيلاني بحضوره، كان رحمه الله يشجعنا على الحديث، وكنا في بداية الأمر متحفظين، خصوصاً وأننا نتحدث أمام الملك، ولكن وأمام إصراره علينا في معرفة وجهات نظرنا من المعلومات التي بين يدينا، صرنا أكثر تحرراً في الكلام".

ووفق كتاب القرار فقد كان طارق علاء الدين جزءا ًلا يتجزأ من بناء هذا الجهاز الراسخ، والذي أسهم فيما بعد في حفظ أمن واستقرار المملكة من نفحات الإقليم الملتهب.

تسلم أبو حسن إدارة جهاز المخابرات العامة عام 1982 واختياره لمثل هذا المنصب الحساس جاء بعد دراسة مستفيضة من قبل الملك حسين رحمه الله لشخصيته الحكيمة وبصيرته الواسعة وحكمته في إدارة المشهد، فلم تطغى نفسه عليه بعد المنصب، وظل ذاك الرجل الصادق الواضح الأمين، اللين الهادئ، والذي لم يعرفه الناس بالقسوة والحقد.

ولعلَ إحدى القصص التي توحي أن طارق علاء الدين امتلك شخصية المسؤول الكبير التي قلَ نظيرها هذه الأيام، هي تلك التي تداولها كتاب على مدار سنوات، حينما طفت إلى السطح في فترة إدارته لجهاز المخابرات العامة رواية تتهم أساتذة جامعيين يروجون لنقد لاذع للنظم السياسية، فحينما اجتمع طارق علاء الدين مع بعض الأساتذة قال:"نحن في المخابرات لا نتدخل في النصوص العلمية حتى لو انتقدت النظم السياسية، ولكن تركيزنا أن لا نرى أفكارا لصالح دول أخرى أو هجوما علينا لصالح دول أخرى فقط، وليس من العلم في شيء".

ولعل أبرز محطات الراحل كانت دوره في تثبيت أمن البلاد والمحافظة على الاستقرار خلال هبة نيسان التي اندلعت في العام الأخير لتسلمه إدارة جهاز المخابرات العامة.

أبو حسن استطاع احتواء الغضب الشعبي قدر المستطاع والاستماع لأنين الجوعى وألم الضعفاء وخوف الفقراء، وسعى لإدراك مطلبهم ومسعاهم من دون اللجوء إلى الغضب والقسوة.

وأي نعم تمثل هبة نيسان فترة الاحتجاجات والمظاهرات الغاضبة التي شهدها الأردن في 15 أبريل/نيسان 1998 والأيام التي تلته أثناء شهر رمضان، حيث بدأت في مدينة معان جنوبي البلاد وسرعان ما انتقلت إلى باقي المدن كالكرك والسلط وإربد، ومادبا نتيجة للظروف الاقتصادية السيئة التي كان كانت البلاد تعاني منها وانخفاض سعر صرف الدينار الأردني في نهاية حرب الخليج الأولى، بالإضافة إلى قرار الحكومة برفع الأسعار.

وأي نعم انتقلت هذه المظاهرات إلى مرحلة الاشتباكات المسلحة مع رجال الأمن العام في بعض الأحيان وفي عموم المحافظات، إلا أن طارق علاء الدين لعب دورا بارزا في التهدئة، وكان حاضرا في الحاضنة الشعبية، قريباً من الناس وأوجاعهم، وفتح عينيه على المتربصون بالبلاد من خارج حدودها والذين انتظروا بشغف سقوطها في وحل الحروب الأهلية.

أما على الصعيد الشخصي فقد نال طارق علاء الدين محبة الناس، واحتضن اولئك المقربون منه، ولعل أحد أشهر أصدقائه ورفاقه هو الوزير الأسبق د. زيد حمزة، الذي لازم أبو حسن سنوات طويلة، وعاشره حتى عرف معدنه الأصيل، وإن كانا مختلفان في توجههما وقلمهما، إلا أنهما اتفقا على حب البلاد والدفاع عنها.

يقول د. زيد حمزة لـ"رؤيا":"علاقتي مع أبو حسن رحمه الله كانت علاقة شخصية إجتماعية غير سياسية أو وظيفية، وربط بيننا الكثير من المودة".

وتابع: "من المعروف عني أنني على الصعيد السياسي ثاحب فكر سياسي يساري، وعلى مدار 50 عاما كتبت في الصحف واحتسبني البعض على تيار المعارضة، إلا أن علاقتي مع طارق علاء الدين جعلتني أعرف أنه من أصدق الناس الذين مروا في حياتي".

وأضاف:" كنا نتحدث في السياسة، إلا أن علاقتنا بنيت على المودة، فعرفت به انساناً نبيلاً محترما، أما وظيفته المعروفة بين الناس بالقسوة والعنف لم تنعكس على صفاته الحميدة، فقد كان لينا هيناً طيب القلب ورؤوف بالآخرين".

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: المخابرات العامة مجلس الأعيان وفاة أردني جهاز المخابرات العامة رحمه الله أبو حسن إلا أن

إقرأ أيضاً:

انهيار النظام السوري: وثائق استخباراتية تكشف ضعف الجيش وتداعيات الهجوم المفاجئ

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقريرًا يسلط الضوء على الانهيار السريع للنظام السوري في نهاية 2024 من خلال وثائق سرية كانت في مقر الفرع 215 للاستخبارات العسكرية في دمشق.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن تقريرًا من خمس صفحات وصل إلى مكتب ضباط المخابرات العسكرية في دمشق بعد أيام من دحر الثوار للجيش السوري من مدينة رئيسية في الشمال، وكان التقرير يحمل تفاصيل مقلقة. فقد أُجبرت قوات النخبة التي أُرسلت لتعزيز دفاعات حلب على الانسحاب "بطريقة جنونية وفوضوية" حيث وفرّ الجنود "بطريقة هستيرية" تاركين وراءهم الأسلحة والآليات العسكرية، وذلك وفقًا لتقرير صدر عن ضابط رفيع المستوى في الاستخبارات العسكرية في المدينة بتاريخ 2 كانون الأول/ديسمبر.

بحلول ذلك الوقت، كان مقاتلو هيئة تحرير الشام قد وضعوا المدينة الثانية نصب أعينهم، ومع تقدمهم توالت التقارير التي وصلت إلى المقر الخرساني المكون من ثمانية طوابق للفرع 215 - وهو جزء مرهوب من جهاز الأمن الواسع للديكتاتور السوري بشار الأسد - وتضمنت التقارير تفاصيل عن سرعة واتجاه تقدم الثوار، وخطط وأوامر محمومة تهدف إلى إبطاء تقدمهم.



ذكرت الصحيفة أنه بينما كانت هيئة تحرير الشام تتقدم بسرعة في جميع أنحاء سوريا، قللت الحكومة في تصريحاتها العلنية من حجم تقدم الثوار وسعت إلى بث جو من الثقة لكن الاتصالات الداخلية بين القوات التي تحاول حماية النظام اتسمت بالقلق المتصاعد. وفي نهاية المطاف، تخلى ضباط الفرع 215 عن مواقعهم أيضًا تاركين وراءهم كومة من الأزياء الرسمية والأسلحة والذخائر إلى جانب زجاجات الويسكي الفارغة والسجائر المطفأة ورزم من تقارير المخابرات.

وأشارت الصحيفة إلى أن النجاح المفاجئ لهجوم هيئة تحرير الشام والانهيار المذهل لجيش النظام مثّلا فشلًا استخباراتيًا ذريعًا داخل سوريا وخارجها، حيث ساد اعتقاد بأن الأسد قد انتصر بعد 13 سنة من الحرب الأهلية. لكن هذا كله تغير في تشرين الثاني/نوفمبر عندما لاحظ قادة هيئة تحرير الشام أن إيران وحزب الله وآخرين ممن يساعدون في الدفاع عن الأسد يواجهون انتكاسات كبيرة، وأن روسيا منشغلة بحربها في أوكرانيا، شنت هيئة تحرير الشام هجومًا مفاجئًا وتقدمت بسرعة نحو حلب. ومع اقتراب المتمردين من المدينة في 28 تشرين الثاني/نوفمبر، صدر تعميم من مقر القيادة إلى جميع فروع جهاز المخابرات هناك برفع الجاهزية القتالية، وتعليق الإجازات حتى إشعار آخر، وبعد يومين كان الثوار داخل المدينة.

أوضحت الصحيفة أن التعميم الذي يوثّق انهيار الجيش يبدأ بالإشارة إلى وصول طائرة نقل عسكرية من دمشق وعلى متنها 250 عنصرًا من المخابرات العسكرية، بمن فيهم عناصر من الفرع 215، مسلحين بقذائف صاروخية ورشاشات ثقيلة في محاولة أخيرة للسيطرة على المدينة. وفي غضون ساعات من انتشارهم في 29 تشرين الثاني/نوفمبر تعرّضوا لهجوم من طائرات مسيّرة.

قال العميد نيكولاس موسى، ضابط المخابرات الذي كتب التقرير، إن الجهود المتكرّرة لحشد وحدات الجيش باءت بالفشل مع فرار الجنود وتركهم للأسلحة والمركبات العسكرية وأضاف أن نقص الدعم الجوي والغطاء المدفعي زاد من حالة الذعر. وفي لغة صريحة غير معتادة، لفت التقرير الانتباه إلى فساد جيش الأسد. ورد في التقرير أن فشل القيادة العسكرية أدى إلى "تراخٍ" في الصفوف وخروقات أمنية، وقال التقرير إنه تم تسريب معلومات حرجة حول مواقع القوات أثناء الهجوم، وأن "الضباط والأفراد انصرفوا إلى الاهتمامات والملذات المادية"، ولجأ أفراد الجيش إلى "أساليب غير قانونية" لإصلاح المعدات وتأمين معيشتهم، متذرعين بنقص الموارد والوضع الاقتصادي المتردي. 

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التشخيص يؤكد ما لاحظه المحللون لسنوات، فمع الدمار الذي لحق بالاقتصاد بسبب الحرب والعقوبات، سرّح الأسد بعض الجنود، وخفض مخصصات المجندين، وأصبح يعتمد بشكل كبير على الميليشيات المحلية والمقاتلين الأجانب الذين حشدتهم إيران، وكان التضخم قد أدى إلى تآكل قيمة رواتب الجنود النظاميين، واستشرى الفساد.

وقد أوضح سقوط حلب أن هجوم الثوار شكّل تحديًا خطيرًا لقبضة الأسد على السلطة. وحذّر تقرير في 30 تشرين الثاني/نوفمبر من وجود اتصالات وتنسيق بين الجماعات في شمال سوريا والخلايا النائمة في المنطقة الجنوبية ومحيط دمشق، ودعا إلى تشديد المراقبة والإجراءات الأمنية. وصدرت الأوامر للفرع 215 بنشر وحدات الرد السريع المسلحة على أبواب العاصمة.

وبعد الاستيلاء على حلب، شن الثوار هجومًا على مدينة حماة مهددين بذلك المدينة التالية في سلسلة المدن التي كانت في قلب استراتيجية الأسد للتمسك بالسلطة حتى مع تنازله عن السيطرة على أجزاء أخرى من البلاد. ومع تقدم الثوار، اقترح أحد التقارير الاستخباراتية أن يشن الجيش السوري هجومًا مباغتًا على الجبهة الخلفية لهيئة تحرير الشام مستهدفًا قاعدتهم القريبة في إدلب ومستفيدًا من دفاعاتها المتفرقة. وذكر التقرير أن هذه العملية يمكن أن تثير الفوضى وتخفف الضغط على القوات السورية حول حماة، ولكن يبدو أنه لم يتم اتخاذ مثل هذا الإجراء.

حذّرت التقارير من تنكر الثوار في زي قوات النظام من خلال حمل صور الأسد ورفع العلم السوري، وحذرت تقارير أخرى من أن الثوار يفخخون سيارات الإسعاف بالمتفجرات، وحذر أحدها في 4 كانون الأول/ديسمبر من أن كتائب النخبة الحمراء التابعة لهيئة تحرير الشام ستتسلل إلى حماة في تلك الليلة. استولى الثوار على المدينة في اليوم التالي، وكان هذا الانتصار نقطة تحوّل، إذ لم يبق بين الثوار والعاصمة سوى مركز سكاني رئيسي واحد هو حمص. وفي هذه الأثناء، انضمت جماعات متمردة أخرى من جميع أنحاء البلاد إلى القتال؛ حيث اندفعت جماعات المعارضة من الجنوب شمالاً نحو دمشق.

مع ضغط الثوار، ركزت أجهزة الاستخبارات بشكل متزايد على الأمن في العاصمة، وانشغلت حتى بما بدا وكأنه تفاصيل صغيرة. وقد أفاد أحد فروع المخابرات بأن عدة أفراد انتقلوا مؤخراً من الأراضي التي يسيطر عليها الثوار في الشمال الغربي إلى إحدى ضواحي دمشق، محذرًا من أنهم قد يكونون خلايا نائمة. ووفقًا لتقرير آخر، أصدرت هيئة تحرير الشام تعليمات إلى عملائها في ريف دمشق بالاستعداد لتفعيل نشاطهم.

وأضافت الصحيفة أن البعض داخل النظام حاول حشد القوات للدفاع عن العاصمة حيث صدر أمر في منتصف ليلة 5 كانون الأول/ديسمبر باسم الرئيس يأمر وحدة مدرعة بالعودة إلى دمشق من دير الزور في الشرق. ومع اقتراب الثوار، قدم المخبرون طوفانًا من المعلومات الاستخباراتية عن مكان وجودهم المفترض. حدد أحدهم مزرعة دجاج فيها 20 "إرهابيًا" ودبابتين، وقال مصدر آخر إن هيئة تحرير الشام تستخدم كهفاً في ريف إدلب كمقر لها.

وأشارت الصحيفة إلى تزايد الخوف من التدخل الأجنبي مع ضعف قبضة النظام. فقد حذّر فرع فلسطين التابع لأجهزة المخابرات، المعروف بين السوريين بتعذيبه للمعتقلين، من أن الإرهابيين قرب الحدود السورية مع إسرائيل يعتزمون شن هجوم "بدعم من العدو الصهيوني". وأبلغ مصدر في صفوف الثوار المدعومين من الولايات المتحدة والمتمركزين بالقرب من الحدود الأردنية المخابرات السورية بأن الولايات المتحدة أصدرت تعليمات لهم بالتقدم نحو ريف درعا الشرقي ومدينة تدمر التاريخية، وذلك وفقاً لتقرير أرسل في 5 كانون الأول/ديسمبر.

وكانت القوات التركية ترافق شاحنات محملة بالعتاد والأسلحة الثقيلة عبر الحدود إلى قاعدة المتمردين السوريين في إدلب، وفقاً لمصدر يحمل الاسم الرمزي "بي دي 2-01". وبينما كان الثوار يتقدمون من الشمال، كانت جماعات المعارضة المسلحة الأخرى تقترب من الجنوب. وجاء في تقرير أرسل إلى غرفة العمليات أن مجموعات صغيرة تستقل دراجات نارية سيطرت على نقاط تفتيش عسكرية، واستولت على عربة مشاة قتالية ومركبتين مزودتين برشاشات ثقيلة.

ونقلت الصحيفة عن ضابط مخابرات متمركز في درعا أنه كان هناك اضطراب متزايد مع تدفق التقارير حول المكاسب التي حققها الثوار، وأضاف أنه حتى قبل الهجوم كانت سيطرة النظام على الجنوب ضعيفة ولم تكن نقاط التفتيش العسكرية والمواقع الأمامية أكثر من مجرد بيان رمزي لوجود النظام ومصدر دخل للعناصر الذين يمكنهم الحصول على رشاوى لتكملة رواتبهم الضئيلة.



واستمر الجيش في الانهيار حيث قال ضابط الصف الأول أحمد الرواشدة، الذي كانت وحدته تدير محطة تشويش روسية الصنع على خط الجبهة بالقرب من حمص: "أراد الجميع الفرار، حتى الضباط"؛ فبعد ست سنوات من الخدمة الإلزامية، قال إنه لم يكن لديه اهتمام كبير بإطاعة الأوامر بالقتال. وانتظر الجندي البالغ من العمر 37 سنة غروب الشمس ثم تجرّد من زيه العسكري وبندقيته وانضم إلى مجموعة من الجنود الآخرين الذين ذهبوا للاختباء في قرية قريبة حتى انتهاء القتال.

وقبل أيام فقط من سقوط دمشق، كانت هناك أوامر بتحريك القوات والمعدات لمواصلة القتال، وكان من المقرر أن تنقل الفرقة الثالثة للدبابات 400 بندقية آلية و800 مخزن ذخيرة و24 ألف طلقة إلى كتيبة في منطقة طرطوس على الساحل حيث توجد قاعدة بحرية روسية رئيسية ومعقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها آل الأسد. وكان من المقرر أن تغادر التعزيزات إلى قاعدة الفرقة 14 غرب دمشق في منتصف نهار يوم 7 كانون الأول/ديسمبر.

وفي عشية انهيار النظام، أشار تقرير تم حجب اسم مصدره إلى اقتراب الثوار المتوقع من دمشق، وتوقع وصولهم إلى الضواحي خلال يومين والسيطرة على سجن صيدنايا؛ حيث كان المعارضون السياسيون مسجونين ومعذبين. كان التوقيت خاطئًا، لكن التنبؤ الأخير كان صائبًا إذ فقد اقتحمت قوات الثوار السجن وحررت المعتقلين بعد ساعات من هروب الأسد من البلاد.

مقالات مشابهة

  • محاولة إيرانيَّة.. لتبادل تسليم المعارضين مع نظام صَدام
  • غير منطقي.. مستشار الحوار الوطني ينتقد ضم"الدين" للمجموع بالثانوية العامة (فيديو)
  • والي الخرطوم يشيد بدور جهاز المخابرات العامة
  • حسام بدراوي: ضم مادة الدين للمجموع في الثانوية العامة «غير منطقي»
  • الرجل الثاني في المخابرات المغربية يفر إلى أوروبا
  • رئيس جامعة الأقصر تستقبل مؤسسي "ظواهر" لتعزيز التعاون المشترك
  • رئيس جهاز العاشر من رمضان يتفقد إصلاح عطل بمحبس الهواء بخط مياه مدينة بدر
  • انهيار النظام السوري: وثائق استخباراتية تكشف ضعف الجيش وتداعيات الهجوم المفاجئ
  • الكاتب وليد علاء الدين: نكتب الأدب لنعبّر عن ذواتنا وليس لإرضاء الآخرين
  • مخطط تهجير فلسطينيي غزة.. تفاصيل خطة المخابرات الإسرائيلية