«أباريق الشاي» و«أسطول الظل».. كيف تهرب الصين النفط الروسي والإيراني؟
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
تعتمد إيران وروسيا على عائدات النفط، والتي تعتبر “شريان الحياة” لاقتصادين خاضعين لعقوبات غربية، ما يدفع هاتين الدولتين إلى البحث عن طرق غير شرعية للحصول على المال، لتكون الصين هي الوجهة المفضلة.
ورغم العقوبات يجد النفط الروسي والإيراني طريقه للبيع عبر شحنات إلى الصين، والتي تعتبر أكبر مستورد للنفط في العالم، إذ تستفيد بكين من خصومات في الأسعار وهو ما مكنها من توفير نحو 10 مليارات دولار على الأقل بشراء النفط الخاضع للعقوبات، على ما أفادت ورقة بحثية نشرها “أتلانتك كاونسل”.
وتشرح الورقة البحثية نظام تجارة النفط الروسي والإيراني مع الصين والذي يتجاوز النظام المالي الغربي وخدمات الشحن.
وكانت مجموعة الدول السبع قد حددت في عام 2022 سعر النفط الروسي عند مستوى 60 دولار للبرميل.
ويعتمد نظام تجارة النفط الخاضع للعقوبات على الدفع بالعملة الصينية بالرنمينبي من خلال البنوك الصينية الصغيرة مقابل الخام الروسي والإيراني.
ويجري نقل شحنات النفط بواسطة ما أصبح يسمى بـ”أسطول الظل” وهي عبارة عن مجموعة من ناقلات النفط التي تعمل خارج الأنظمة البحرية، وتتبع خطوات لإخفاء تحركاتها إذ أنها تتحرك في البحر من دون أجهزة إرسال أو استقبال لتجنب اكتشافها.
وبمجرد وصول شحنات النفط الروسي والإيراني إلى موانئ الصين، يتم تغيير بلد المنشأ على أنه نفط ماليزي أو من الشرق الأوسط.
قبل غزوها لأوكرانيا في فبراير الماضي، كانت روسيا تبيع معظم نفطها إلى أوروبا، لكن مع العقوبات الغربيةـ تضطر موسكو إلى بيع المزيد منه إلى أماكن أخرى من الصين والهند، وذلك يفرض عليها المزيد من الجهد لتجنب العقوبات.
وأدرجت واشنطن في فبراير الماضي في قائمتها السوداء 14 ناقلة نفط روسية في إطار سعي الولايات المتحدة لإنفاذ سقف لأسعار النفط الخام فرضه الغرب على روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا.
وفرضت وزارة الخزانة عقوبات على شركة الشحن الروسية سوفكومفلوت التي تديرها الدولة، وأشارت إلى أنها أعطت مهلة 45 يوما لتفريغ الحمولات النفطية وغيرها للناقلات الـ14 قبل دخول القرار حيّز التنفيذ.
وحتى تكتمل سلسلة التوريد لهذا النفط ويصبح مشتقات قابلة للبيع، يتم بيعه لـ”أباريق الشاي” في الصين، ويطلق هذا المصطلح على مصافي صغيرة والتي تتعامل مع 90 في المئة من إجمالي صادرات النفط الإيراني منذ أن توقف المصافي الصينية المملوكة للدولة عن التعامل مع إيران بشكل رسمي.
وتدفع مصافي النفط هذه لإيران بالرنمينبي الصيني عن طريق مؤسسات مالية صغيرة خاضعة للعقوبات الأميركية مثل بنك كونلون، وهذا يسمح لبكين في النهاية تجنب تعريض بنوكها الدولية لخطر العقوبات المالية الأميركية.
قالت مصادر لوكالة “رويترز”، إن تجارة النفط بين الصين وإيران توقفت مع قيام طهران بحجب الشحنات ومطالبتها بأسعار أعلى من أكبر عملائها، مما يقلص الإمدادات الرخيصة لأكبر مستورد للخام في العالم.
وتكشف الورقة البحثية أنه بمجرد حصول إيران على مستحقاتها بالعملة الصينية يكون لديها خياران: إما شراء البضائع الصينية، أو الاحتفاظ بالأصول في بنك صيني، مشيرة إلى أن إيران لا يمكنها استخدام العملة الصينية خارج الصين إذ أنها ليست مرغوبة للتداول للتجارة الدولية ونادرا ما استخدام هذه العملة في المعاملات بين دولتين عندما لا تكون الصين واحدة منهم.
وفي 2022 تكشف بيانات التجارة إن إيران اشترت معدات من الصين بقيمة تتجاوز الملياري دولار، وإلكترونيات بقيمة مليار ونصف المليار دولار، ولا تعكس هذه البيانات قيمة التعاملات المالية بين طهران وبكين إذا من المحتمل أن تكون مقومة بالعملية الصينية المحلية.
ويعتبر التداول بالنفط الروسي أسهل من الخام الإيراني، إذ أنه يسمح بالتداول به طالما يدفع المشترون أقل من 60 دولار للبرميل، في حين أن التعامل بالنفط الإيراني محظور، وهو ما يمنح موسكو مزيدا من المساومة في الأسعار.
وتعتمد روسيا على نقل نفطها للصين على أسطول الظل أيضا، وهي تصدر للصين النفط مقابل استيراد المعدات والتكنولوجيا، وفي عام 2022 بلغت مبيعات النفط الروسي للصين نحو 88 مليار دولار، ودفعت موسكو قرابة 72 مليار دولار مقابل البضائع الصينية.
وزادات التجارة بين الصين وروسيا باستخدام العملات الوطنية الروبل والرنمينبي.
وتشير الورقة البحثية إلى أن الصين تتعامل بالنهاية بما لا يضر مصالحها، وبعد ديسمبر الماضي توقفت ثلاثة بنوك صينية عن قبول المدفوعات من قبل الشركات الروسية الخاضعة للعقوبات، ويزعم مسؤولون صينيون إنهم يعملون على حل المشكلة مع نظرائهم الروس.
وأفاد تقرير نشرته وكالة رويترز أن موسكو تعاني من بعض التأخير في تلقي مدفوعات النفط، حيث تواجه شركات نفط روسية تأخيرات تصل لعدة أشهر في تلقي المدفوعات مقابل الخام والوقود في ظل تزايد حذر بنوك في الصين وتركيا والإمارات من العقوبات الأميركية الثانوية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الصين العقوبات على روسيا النفط الايراني النفط الروسي
إقرأ أيضاً:
إيران رداً على إعلان ترامب عن محادثات نووية: الاتفاق ممكن وهدفنا الأساسي رفع العقوبات
قابلت طهران إعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب إجراء محادثات أميركية -ايرانية «على مستوى عال جدا» بالإيجاب، حيث قال وزير خارجيتها عباس عراقجي إن الاتفاق ممكن في حال أتى الأميركيون إلى المحادثات بـ«إرادة حقيقية»، وفق ما نقلت وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية.
وقال عراقجي «إذا جاء الجانب الأميركي إلى عمان بإرادة حقيقية فسنحقق نتائج»، مشددا على أن «هدفنا الأساسي في هذه المفاوضات هو تحصيل حقوق الشعب الإيراني ورفع العقوبات»، مضيفا انه إذا توافرت الإرادة الحقيقية لدى الطرف الآخر، فإن هذا الهدف قابل للتحقيق، بغض النظر عن الطريقة، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.
وفيما قال ترامب ان بلاده ستجري «محادثات مباشرة» مع ايران، أكد عراقجي في تصريحات صحافية خلال زيارته للجزائر، ان المباحثات ستكون «غير مباشرة» في سلطنة عمان السبت المقبل، مؤكدا ان لن يتم القبول بأي طريقة أخرى للتفاوض.
واستطرد وزير الخارجية الايراني، موضحا ان «السبب في هذا الاختيار هو أن المفاوضات التي يفرضون فيها وجهات نظرهم بالضغط والتهديد هي في الواقع إملاءات، ونحن لا نؤمن بهذا الأسلوب، وبالتالي فالتفاوض غير المباشر يمكن أن يضمن محادثة حقيقية وفعالة وسوف نستمر بهذه الطريقة أيضا.» وأوضح أن سلطنة عمان هي الوسيط، معربا عن ثقته في سلطنة عمان كوسيط لما لها من سجل طيب، ومعربا ايضا عن امله في أن تكون لدى الطرف الآخر إرادة جادة للتوصل إلى حل ديبلوماسي وهذا هو المهم في المفاوضات. وقال عراقجي «الكرة في ملعب أميركا»، مؤكدا انه «لا توجد شروط مسبقة مقبولة لدينا».
واختتم عراقجي حديثه بالقول: «بحسب المعلومات المتوافرة لدينا فإن ستيف ويتكر سيمثل الولايات المتحدة، وسأمثل بلدي إيران في المفاوضات غير المباشرة التي ستجرى في سلطنة عمان».
وكان ترامب قال أثناء استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض «لدينا اجتماع كبير للغاية السبت، ونحن نتعامل معهم بشكل مباشر».
وأضاف «ربما سيتم التوصل إلى اتفاق، وهذا سيكون رائعا. سنعقد اجتماعا مهما جدا السبت، على مستوى عال جدا»، محذرا من أن إيران ستكون في «خطر كبير» إذا فشلت المحادثات.
ولقي الاعلان ترحيبا من كل من روسيا والصين، حيث قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين «ندرك أن بعض التواصل المباشر وغير المباشر من المقرر أن يحصل في سلطنة عمان.
وبالتأكيد لا يسعنا الا أن نرحب بذلك لأنه قد يقود إلى خفض التوترات المتعلقة بإيران». وأضاف «أكدنا مرارا أننا ندعم حل قضايا الملف النووي الإيراني من خلال تدابير سياسية ودبلوماسية».
بدورها، حضت الصين الولايات المتحدة على إبداء «صدق» في المحادثات النووية مع إيران.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان في مؤتمر صحافي «باعتبارها الدولة التي انسحبت أحاديا من الاتفاق النووي (الذي أبرم مع إيران عام 2015) وتسببت في الوضع الحالي، يجب على الولايات المتحدة أن تظهر صدقا سياسيا و… احتراما متبادلا».
وقال لين إن واشنطن يجب أن «تشارك في الحوار والمشاورات، وفي الوقت نفسه (يجب) أن تتوقف عن ممارستها الخاطئة المتمثلة في استخدام القوة لممارسة الضغوط القصوى».