تعتمد إيران وروسيا على عائدات النفط، والتي تعتبر “شريان الحياة” لاقتصادين خاضعين لعقوبات غربية، ما يدفع هاتين الدولتين إلى البحث عن طرق غير شرعية للحصول على المال، لتكون الصين هي الوجهة المفضلة.

ورغم العقوبات يجد النفط الروسي والإيراني طريقه للبيع عبر شحنات إلى الصين، والتي تعتبر أكبر مستورد للنفط في العالم، إذ تستفيد بكين من خصومات في الأسعار وهو ما مكنها من توفير نحو 10 مليارات دولار على الأقل بشراء النفط الخاضع للعقوبات، على ما أفادت ورقة بحثية نشرها “أتلانتك كاونسل”.

وتشرح الورقة البحثية نظام تجارة النفط الروسي والإيراني مع الصين والذي يتجاوز النظام المالي الغربي وخدمات الشحن.

وكانت مجموعة الدول السبع قد حددت في عام 2022 سعر النفط الروسي عند مستوى 60 دولار للبرميل.

ويعتمد نظام تجارة النفط الخاضع للعقوبات على الدفع بالعملة الصينية بالرنمينبي من خلال البنوك الصينية الصغيرة مقابل الخام الروسي والإيراني.

ويجري نقل شحنات النفط بواسطة ما أصبح يسمى بـ”أسطول الظل” وهي عبارة عن مجموعة من ناقلات النفط التي تعمل خارج الأنظمة البحرية، وتتبع خطوات لإخفاء تحركاتها إذ أنها تتحرك في البحر من دون أجهزة إرسال أو استقبال لتجنب اكتشافها.

وبمجرد وصول شحنات النفط الروسي والإيراني إلى موانئ الصين، يتم تغيير بلد المنشأ على أنه نفط ماليزي أو من الشرق الأوسط.

قبل غزوها لأوكرانيا في فبراير الماضي، كانت روسيا تبيع معظم نفطها إلى أوروبا، لكن مع العقوبات الغربيةـ تضطر موسكو إلى بيع المزيد منه إلى أماكن أخرى من الصين والهند، وذلك يفرض عليها المزيد من الجهد لتجنب العقوبات.

وأدرجت واشنطن في فبراير الماضي في قائمتها السوداء 14 ناقلة نفط روسية في إطار سعي الولايات المتحدة لإنفاذ سقف لأسعار النفط الخام فرضه الغرب على روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا.

وفرضت وزارة الخزانة عقوبات على شركة الشحن الروسية سوفكومفلوت التي تديرها الدولة، وأشارت إلى أنها أعطت مهلة 45 يوما لتفريغ الحمولات النفطية وغيرها للناقلات الـ14 قبل دخول القرار حيّز التنفيذ.

وحتى تكتمل سلسلة التوريد لهذا النفط ويصبح مشتقات قابلة للبيع، يتم بيعه لـ”أباريق الشاي” في الصين، ويطلق هذا المصطلح على مصافي صغيرة والتي تتعامل مع 90 في المئة من إجمالي صادرات النفط الإيراني منذ أن توقف المصافي الصينية المملوكة للدولة عن التعامل مع إيران بشكل رسمي.

وتدفع مصافي النفط هذه لإيران بالرنمينبي الصيني عن طريق مؤسسات مالية صغيرة خاضعة للعقوبات الأميركية مثل بنك كونلون، وهذا يسمح لبكين في النهاية تجنب تعريض بنوكها الدولية لخطر العقوبات المالية الأميركية.

قالت مصادر لوكالة “رويترز”، إن تجارة النفط بين الصين وإيران توقفت مع قيام طهران بحجب الشحنات ومطالبتها بأسعار أعلى من أكبر عملائها، مما يقلص الإمدادات الرخيصة لأكبر مستورد للخام في العالم.

وتكشف الورقة البحثية أنه بمجرد حصول إيران على مستحقاتها بالعملة الصينية يكون لديها خياران: إما شراء البضائع الصينية، أو الاحتفاظ بالأصول في بنك صيني، مشيرة إلى أن إيران لا يمكنها استخدام العملة الصينية خارج الصين إذ أنها ليست مرغوبة للتداول للتجارة الدولية ونادرا ما استخدام هذه العملة في المعاملات بين دولتين عندما لا تكون الصين واحدة منهم.

وفي 2022 تكشف بيانات التجارة إن إيران اشترت معدات من الصين بقيمة تتجاوز الملياري دولار، وإلكترونيات بقيمة مليار ونصف المليار دولار، ولا تعكس هذه البيانات قيمة التعاملات المالية بين طهران وبكين إذا من المحتمل أن تكون مقومة بالعملية الصينية المحلية.

ويعتبر التداول بالنفط الروسي أسهل من الخام الإيراني، إذ أنه يسمح بالتداول به طالما يدفع المشترون أقل من 60 دولار للبرميل، في حين أن التعامل بالنفط الإيراني محظور، وهو ما يمنح موسكو مزيدا من المساومة في الأسعار.

وتعتمد روسيا على نقل نفطها للصين على أسطول الظل أيضا، وهي تصدر للصين النفط مقابل استيراد المعدات والتكنولوجيا، وفي عام 2022 بلغت مبيعات النفط الروسي للصين نحو 88 مليار دولار، ودفعت موسكو قرابة 72 مليار دولار مقابل البضائع الصينية.

وزادات التجارة بين الصين وروسيا باستخدام العملات الوطنية الروبل والرنمينبي.

وتشير الورقة البحثية إلى أن الصين تتعامل بالنهاية بما لا يضر مصالحها، وبعد ديسمبر الماضي توقفت ثلاثة بنوك صينية عن قبول المدفوعات من قبل الشركات الروسية الخاضعة للعقوبات، ويزعم مسؤولون صينيون إنهم يعملون على حل المشكلة مع نظرائهم الروس.

وأفاد تقرير نشرته وكالة رويترز أن موسكو تعاني من بعض التأخير في تلقي مدفوعات النفط، حيث تواجه شركات نفط روسية تأخيرات تصل لعدة أشهر في تلقي المدفوعات مقابل الخام والوقود في ظل تزايد حذر بنوك في الصين وتركيا والإمارات من العقوبات الأميركية الثانوية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الصين العقوبات على روسيا النفط الايراني النفط الروسي

إقرأ أيضاً:

النفط يرتفع مدفوعا ببيانات إيجابية من الصين رغم مخاوف الرسوم الجمركية والسلام بأوكرانيا

ارتفعت أسعار النفط صباح اليوم الاثنين، مدفوعة ببيانات تصنيع مشجعة من الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم ما أثار التفاؤل بشأن الطلب على الوقود، رغم استمرار الغموض بشأن اتفاق السلام في أوكرانيا والنمو الاقتصادي العالمي بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية المحتملة.

وذكر موقع انفستنج الأمريكي أن خام برنت 19 سنتًا، أو 0.3%، صعد ليصل إلى 73 دولارًا للبرميل، بينما بلغ خام غرب تكساس الوسيط الامريكي 69.95 دولار للبرميل، مرتفعًا 19 سنتًا أو 0.3%.

وجاءت الأسعار مرتفعة بعد أن أظهرت البيانات الرسمية يوم السبت الماضي أن النشاط الصناعي في الصين توسع بأسرع وتيرة له في ثلاثة أشهر في فبراير، حيث أسهمت الطلبيات الجديدة وحجم الشراء المرتفع في زيادة الإنتاج.

ويركز المستثمرون على الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني الذي يبدأ في 5 مارس الجاري، لترقب مزيد من الإجراءات لدعم الاقتصاد المتضرر في البلاد.

وقال محللون اقتصاديون إن أحد العوامل المحتملة لارتفاع الأسعار هو "أن مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصيني NBS دخل منطقة التوسع نهاية الأسبوع الماضي".

ومع ذلك، حذر المحللون من أن التوقعات الاقتصادية للصين قد لا تكون مشجعة، خاصة مع بدء جولة جديدة من الرسوم الجمركية على الصادرات إلى الولايات المتحدة اعتبارًا من 4 مارس.

وفي الشهر الماضي، سجل خام برنت وغرب تكساس الوسيط أول انخفاض شهري لهما في ثلاثة أشهر، حيث هزت تهديدات الرسوم الجمركية من الولايات المتحدة وشركائها التجاريين ثقة المستثمرين في النمو الاقتصادي العالمي لهذا العام، مما قلل من شهية المخاطرة لديهم.

وتحسنت المعنويات العامة بعد قمة الأحد، حيث قدم قادة الاتحاد الأوروبي دعمًا قويًا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ووعدوا بفعل المزيد لمساعدة بلاده، وذلك بعد يومين فقط من مواجهته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي أدى إلى اختصار زيارة زيلينسكي إلى واشنطن.

اقرأ أيضاًاستقرار أسعار النفط قبيل محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا

ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من إمدادات روسيا وإيران وتداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية

ارتفاع أسعار النفط وسط تهديدات ترامب بفرض رسوم جديدة على واردات الصلب والألومنيوم

مقالات مشابهة

  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • نائب يحدد خيارات بغداد لمواجهة عاصفة العقوبات الأمريكية المرتقبة - عاجل
  • النفط يرتفع مدفوعا ببيانات إيجابية من الصين رغم مخاوف الرسوم الجمركية والسلام بأوكرانيا
  • أونر الصينية تعلن استثمار 10 مليارات دولار لدعم أجهزتها بالذكاء الاصطناعي
  • ارتفاع أسعار النفط مع بيانات اقتصادية ايجابية من الصين
  • الجديد في العقوبات الأمريكية على إيران وأثرها على العراق: الضغوط والفرص
  • تداعيات بقاء إيران في القائمة السوداء لمجموعة فاتف
  • هاكر فى الظل- سرقة بنك بنجلاديش.. 81 مليون دولار بضغطة زر
  • إجمالي معاملات التجارة الدولية الصينية تتخطى 4 تريليونات يوان في يناير الماضي
  • ارتفاع واردات الهند من النفط العراقي وتراجع الروسي في شباط