منافسا أردوغان.. لماذا يخوض أربكان انتخابات لا يمكنه الفوز بها؟
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
استطاع فاتح أربكان، زعيم حزب "الرفاه من جديد" التركي، ونجل رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، وضع حزبه في مقدمة الأحزاب المنافسة في الانتخابات المحلية المزمعة الأحد المقبل، وذلك عقب انشقاقه عن "تحالف الجمهور" بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، وطرح مرشحيه الخاصين.
ومن المتوقع أن يتمكن مرشحو أربكان في الانتخابات المحلية، لاسيما بمدينة إسطنبول ذات الأهمية الاستراتيجية على خارطة السياسة التركية، من جذب جزء من الناخبين المحافظين المنزعجين من سياسات حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، بعد طرح نفسه كبديل لهم عن باقي الأحزاب السياسية، وفي مقدمتها "الشعب الجمهوري" اليساري المعارض.
ويظهر مرشح أربكان لرئاسة بلدية إسطنبول، محمد ألتن أوز، بقوة أمام الشارع التركي عبر حملة انتخابية واسعة، ما قد يمكنه من حصد نسبة أصوات جيدة مقارنة بباقي الأحزاب المشاركة، الأمر الذي سيضر في المقام الأول بمرشح "العدالة والتنمية" مراد كورم، الذي يخوض بالفعل سباق محتدم ضد منافسه، أكرم إمام أوغلو، رئيس البلدية الحالي المنتمي لـ"الشعب الجمهوري"، الذي استطاع انتزاع المدينة التركية من كنف أردوغان عام 2019، لأول مرة منذ ما يقرب من عشرين عاما.
ومن المتوقع أن تسفر الانتخابات المقررة في 31 آذار/ مارس، الجاري عن فوز أحد المرشحين (أكرم إمام أوغلو و مراد كوروم) بفارق ضئيل جدا عن الآخر، وفقا لاستطلاعات الرأي التي تقوم عليها مراكز بحثية متخصصة، وذلك ما قد يجعل خسارة "العدالة والتنمية" لأي من ناخبيه أمرا قد يهدد وصوله إلى رئاسة البلدية مجددا.
ويعلم أربكان الذي أعلن قبل أيام عن تجاوز عدد أعضاء حزبه خلال الأشهر الأخيرة حاجز الـ500 ألف عضو، ليصبح بذلك ثالث أكبر حزب سياسي في البلاد بعد حزبي "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري"، أنه من غير الممكن الفوز برئاسة بلدية إسطنبول، وأن السباق المحتدم يتمحور حول مراد كوروم وأكرم إمام أوغلو.
إلى ذلك، يرى الكاتب التركي أوزاي شيندير أن السبب وراء خوض أربكان الانتخابات المحلية المقبلة لوحده يعود لرغبته في ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية عام 2028، مستغلا عدم قدرة أردوغان على المشاركة حينها بموجب الدستور الذي يمنع ترشحه لولاية رئاسية ثالثة.
وأضاف الكاتب في مقال نشر بصحيفة "ملييت" المحلية، أن حتى لو كان هذا هو الهدف النهائي لفتح أربكان، فليس من الواضح كيف ينوي تحقيق هذا الهدف، مشيرا إلى أنه في حال انتُخب أكرم إمام أوغلو مجددا لرئاسة بلدية إسطنبول عبر تقسيم أصوات الناخبين المحافظين (الذي يمنحون أصواتهم لحزب أردوغان عادة) على حزب إعادة الرفاه، فسيكون إمام أوغلو أحد منافسي نجل السياسي التركي الراحل عام 2028.
وفي حين برر الكاتب دخول أربكان في السباق الانتخابي رغم معرفته بخسارته المسبقة، قائلا إن الأحزاب السياسية يتم تأسيسها للمشاركة في الانتخابات، أوضح شيندير أنه في حال تسبب أربكان بفوز أكرم إمام أوغلو فإنه سيؤمن بذلك ترشح الأخير أيضا في الانتخابات الرئاسية عام 2028، ليكون منافسه حينها.
وأضاف الكاتب أن "فاتح أربكان فعل بالفعل ما لم يكن متوقعا واختار أن يتبنى نهجا سياسيا أعطى الحياة لأحد أكبر منافسيه"، في إشارة إلى ارتفاع إمكانية فوز أكرم إمام أوغلو برئاسة البلدية مجددا بسبب الانقسام المحتمل في أصوات ناخبي "العدالة والتنمية".
واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه يشعر بالفضول تجاه الطريقة التي ستتصرف بها قاعدة حزب "الرفاه مجددا" - التي تحب جارها في الحي من "العدالة والتنمية"، لكنها لا تحب جارها في الحي المقابل من حزب "الشعب الجمهوري" - أمام صناديق الاقتراع الأحد المقبل.
وأوضح أنه في حال تمكن مرشح الشعب الجمهوري من الفوز بسبب تأثير "الرفاه من جديد" على الانتخابات، فإن القاعدة الشعبية لأربكان لن تكون راضية، على حد قوله.
الجدير بالذكر، أن الانتخابات المحلية تتحول إلى انتخابات تتمحور حول مدينة إسطنبول بطريقة مثيرة للاهتمام، دون غيرها من المدن الأخرى؛ لموقعها الاستراتيجي على خارطة السياسة التركية، الأمر الذي دفع أردوغان إلى المشاركة بنفسه في السباق الانتخابي، دعما لمرشحه مراد كوروم.
ومن المقرر أن يتوافد الأتراك طوال، الأحد المقبل، على مراكز الاقتراع، عقب فتح الصناديق في تمام الساعة الثامنة صباحا، بالتوقيت المحلي في 81 ولاية وقضاء في عموم البلاد، من أجل انتخاب رؤساء البلديات الكبرى والفرعية وأعضاء المجالس المحلية والمخاتير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية أردوغان أردوغان اسطنبول اربكان الانتخابات التركية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات المحلیة العدالة والتنمیة أکرم إمام أوغلو الشعب الجمهوری فی الانتخابات
إقرأ أيضاً:
د. إسلام عبد الرؤوف يكتب: ترامب الذي كان .. لماذا صوت مسلموا أمريكا لترامب؟
من إيجابيات وصول ترامب للبيت الأبيض هذه المرة أن الجالية العربية والمسلمة في أمريكا، سوف يتم الاستماع إليها مستقبلاً بعدما كانت كمًا مهملًا، وصوتًا مضمونًا. فالمسلمون والعرب تحولوا في نظر الإدارة الأمريكية من مشكلة وعبء يجب التخلص منه، إلى شريك وداعم يجب التواصل معه، فقد أعطوا ترامب وعدًا بالتصويت له إذا أعطاهم وعودًا محددة، أهمها وقف الحرب في غزة، ومحاربة الإسلاموفوبيا في الإعلام الأمريكي، وإشراك بعض المسلمين في الإدارة الجديدة، والوقوف صد المناهج الدراسية المضادة للقيم الدينية، وتعهد ترامب بذلك، وبالفعل كانوا سببًا في فوزه بولاية ميتشيجن المتأرجحة والتي أعطت صوتها لبايدن الانتخابات الماضية.
رغم أن شخصية ترامب مثيرة للجدل وخارجة عن السياق السياسي التقليدي، الأمر الذي يسبب قلق وترقب في أروقة الإدارة الأمريكية العميقة وغيرها، إلا أنه في نظر من صوتوا له قائد قوي وشجاع وعفوي، وشخصيته النرجسية تلك تجعله أكثر عندًا وحرصًا على الوفاء بوعوده أمام الناخبين مهما كلفه ذلك.
ترامب في الغالب ليس رجل عقيدة ومبدأ، وإنما رجل "صفقات"، وهو لا يخجل من تقديم نفسه بهذه الصفة، ولو رأى أن مصلحته مع المسلمين ممكن أن يفعل أي شيء لممالأتهم، وقد فعلها من قبل عندما رفع الإنجيل وأقسم عليه أمام الكنيسة المجاورة للبيت الأبيض وأمام عدسات المصورين، وكأنه رجل متدين، ليغازل الإنجيليين ويكسب تأييدهم، وقد فُضح في أحد اللقاءات سأله فيه مذيع عن أكثر آية يفضلها في الإنجيل، فرد "هذه مسألة شخصية لا أحب الحديث فيها" ويبدو أنه لا يحفظ شيئًا من الإنجيل، القضية بالنسبة له صفقات وقتيه، وليست بالعمق الأيدولوجي والفلسفي الذي قد يظنه البعض.
هو هو من لعب من قبل على وتر الإرهاب والإسلاموفوبيا لأنه كان كارتًا رابحًا وخطابًا رائجًا في الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك، أو بعبارة أخرى بضاعة وجد من يشتريها من الأمريكيين المائلين للخوف أو القلق من الإسلام والمسلمين،وهذا الموضوع قديم حديث ويتجدد مع حوادث العنف المنسوبة للإسلام، وربما نفصل أكثر في هذا لاحقًا، أما الآن فالوضع تغير، وخطابه تغير معه، لإنه في الغالب ليس مؤمنًا بأيدولوجية محددة، بل مؤمن بكل يمكن به تحقيق “الانتصار” على خصومه.
نظريتنا بأن “كلهم أسوء من بعض” في رأيي ليست فعَّالة، السياسة هي “فن الممكن”، وهي مسألة فيها تدافع شدًا وجذبًا لتحقيق المصلحة، أو لنكون أكثر دقة “المصلحة الممكنة”.
بكل حال من الأحوال لن يكون هناك أسوء من السنوات الأربع التي مرت لأسباب تتعلق بمصلحة أمريكا نفسها، وليس رحمة بنا ولا تعاطفًا مع قضايانا. وأفضل ما يمكن فعله هو أن ننتظر لنرى ما سيحدث نحن كمسلمين وعرب خارج الولايات المتحدة الأمريكية، أما عن مسلمي وعرب أمريكا، فليس أمامهم سوى تأكيد تواجدهم وتأثيرهم، فقد بدأ عهد جديد بالنسبة لهم يجب أن يستثمروه بقوة، ويزيدوا من مساحة مشاركتهم السياسية، فغير مقبول أن يكون في الكونجرس الأمريكي فقط عضوان مسلمان، ثم نشتكي أن خطاب نتانياهو الأخير في الكونجرس حاز تصفيقًا حادًا عقب كل جملة كما لو كانت تغني "أم كلثوم" في دار الأوبرا!
معروفٌ أن الواقع السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية معقد وفيه كثير من القوى وكروت الضغط التي فهمها الطرف المعادي مبكرًا وأعد نفسه لوقت معلوم، واليوم يجني ثمار ذلك واضعًا ساقًا على أخرى، بينما نحن لم نخطط ولم نتجهز ليوم نحتاج فيه لكل صوت مؤثر يسند ويساند القضية من داخل البيت الأمريكي، البيت الذي يتحرك بعصا الضغط وجزرة المصلحة، فهل ما حدث بداية سياسية جديدة للمسلمين والعرب في أمريكا؟ هذا ما نأمله ونترقبه.