خطاب مشعل.. لماذا تسعى حماس لإشعال الفوضى في الأردن؟
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
تتوالي دعوات التحريض من حركة حماس في الداخل الأردني في ظل تقارير أميركية تتحدث عن دور تنظيم الإخوان في التحريض.
وفي خطابه عبر تقنية الفيديو، خلال فعالية نسائية في العاصمة الأردنية عمان، دعا رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل إلى نزول الملايين للشارع بشكل وصفه بالمستدام.
وهو ما يحيل إلى تساؤلات بشأن الشارع الأردني في حسابات حماس، كما اعتبر محللون خطاب مشعل دعوة صريحة أخرى من الحركة إلى توسيع نطاق الفوضى في المنطقة.
وقال مشعل إنه "على جموع الأمة الانخراط في معركة طوفان الأقصى"، وأن "تختلط دماء هذه الأمة مع دماء أهل فلسطين حتى تنال الشرف، وتحسم هذا الصراع لصالحنا بإذن الله تعالى".
ووصف معركة طوفان الأقصى بأنها "تاريخية وفاصلة"، وأن "المقاومة بخير رغم شراسة المعركة، ورغم "الألم القاسي" لما يجري في غزة، فإن "هذا يحفّزنا أكثر للانخراط في المعركة".
فخطاب مشعل أعقب زيارة وفد لحماس إلى طهران، كما أعادت حسابات تابعة للإعلام العسكري لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، الأربعاء، مقطعا صوتيا لقائد الكتائب، محمد ضيف، يدعو فيه الشعوب المسلمة إلى الزحف نحو فلسطين، قائلا: "ولا تجعلوا حدودا ولا أنظمة ولا قيودا تحرمكم شرف الجهاد والمشاركة في تحرير المسجد الأقصى".
وخصّ بالذكر شعوب دول، كان من بينها الأردن ومصر والجزائر والمغرب.
رسائل التحشيد والتحريض
رغم مآسي غزة تريد حماس فوضى أكبر في الجوار، حيث تتجلى السياقات بعد أن بدا تصعيد حماس من رسائل التحشيد والتحريض لتوسيع نطاق الفوضى، فكل خطاب يحتوي على رسائل مدروسة.
ويظهر جليا أن ميزان القوى العسكرية ليس لصالح حماس، كونها كانت تعلم علم اليقين، أن مغامرة السابع من أكتوبر ستقود إلى مواجهة مع جيش نظامي يصنف من بين أقوى جيوش المنطقة والعالم، وفقا لمحللين.
من جانبها، تصر حماس على أن هجوم السابع من أكتوبر كان مغامرة مدروسة، لكن النتيجة كانت مقتل أكثر من 32 ألف فلسطيني ودك أحياء بأكملها في قطاع غزة.
ويتساءل مراقبون، هل كانت الحركة تتوقع، أن يحاصر الموت جوعا كل من في غزة؟
فإذا كانت كل هذه المآسي متوقعة سلفا عند حماس، فذاك يعني منطقا أنها غامرت بالفلسطينيين.
تظاهرات الأردن
ولليوم الثالث على التوالي، واصل آلاف المتظاهرين الأردنيين احتجاجاتهم في محيط السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الأردنية عمّان تنديدا بالحرب الإسرائيلية على غزة، ورددوا هتافات مؤيدة لحركة حماس.
من جانبها، منعت قوات الأمن الأردنية المتظاهرين من الوصول إلى السفارة الإسرائيلية عبر فرض طوق أمني مكثف عند المداخل والمخارج المؤدية إلى السفارة.
في المقابل، تقول السلطات في الأردن إن الاحتجاجات السلمية مسموح بها، "لكنها لن تتسامح مع أي محاولة ممن يسعون إلى استغلال الغضب ضد إسرائيل لإحداث الفوضى أو محاولة الوصول إلى منطقة حدودية مع الضفة الغربية المحتلة أو إسرائيل".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات عمان حركة حماس خالد مشعل الشارع الأردني فلسطين معركة طوفان الأقصى طهران تصعيد حماس حماس حركة حماس الحكومة الأردنية الفوضى نشر الفوضى عمان حركة حماس خالد مشعل الشارع الأردني فلسطين معركة طوفان الأقصى طهران تصعيد حماس
إقرأ أيضاً:
الخطاب المعلق
نعيش زمنا تاريخيّا، فـيه تتساقط منظومات ونظم وتتغيّر وسائط المعرفة ووسائلها، وتسقط أوهام عشّشت لأزمان فـي أفئدة النّاس ومعتقداتهم. ليس الأمر معقودا على سقوط النظام فـي سوريا، وليس مرتبطا بما يجري من مجازر يوميّة، نخشى أن تتحوّل إلى أخبار مألوفة، عادية فـي ضمائر الشعوب، وليس الأمر موصولا بالوجه الشرس الذي انكشف للضمير العالمي ولدعاة حقوق الحيوان، ولأنصار الخضْرة فـي العالم، وإنّما الأمر على صلة بنا نحن العرب، فـي آليّات فهمنا وتفاعلنا مع الخطاب، مع القول، فهل نحن فعلا -كما يروّج عنّا- أمّة كلام، قول لا فعل؟ يتحوّل العالم من حولنا بسرعة، وتتهاوى خطابات، كانت إلى حدٍّ قريب فاعلة مؤثِّرة فـي نفوس النّاس، على رأسها الخطاب القوميّ، الذي تآكل فـي البيئة العربيّة وعاد للتألّق فـي البيئة الغربيّة، الخطاب القوميّ، لم يسقط مع سقوط بشّار الأسد، ولا مع سقوط صدّام حسين، ولا مع دكتاتوريّة الأنظمة القوميّة التي تولّت الحكم فـي البلاد العربيّة، ولكنّه خطاب ساقط من البداية، فهل العرب وحدة واحدة؟ أنا فـي بلادي -مثالا- يسود فـي الأمثلة الشعبيّة وفـي معتقدات النّاس اعتقاد عنصريّ يفرّق بعمق بين أهل المدينة وأهل البادية، ويفرِّق بعمق بين مناطق بعينها، وقس على ذلك، ما يدور فـي كامل المنطقة العربيّة، هل يشعر ساكن الجبل فـي الأوراس أو ساكن سوق وهران أو الريفـيّ فـي أقصى الشمال الغربيّ فـي تونس، أو الصعيديّ المصريّ أنّه حامل لانتماء عروبيّ مميّز؟ ما دفعني إلى هذا القول، هو إعادة التفكير فـي الخطاب القوميّ العربيّ ليستبدل به خطاب محليّ قُطريّ، هو الأنجح فـي زماننا، «قُطريّ وأفتخر»، «لو لم أكن مصريّا لوددت أن أكون مصريّا».
التحوّل من ترويج الخطاب القومي العربيّ إلى تسييد الخطاب القُطري أمر له أبعاد ودلالات، وله أيضا عبء تاريخيّ من عدم جدوى الخطاب القوميّ، وإيمان عميق بأنّ الدول العربيّة يمكن أن تشترك فـي بعض الموروثات التاريخيّة، ولكنّها تحمل فـي أحشائها خصائص قطريّتها، ثمّ هنالك إيمان مؤكّد بفشل التنسيق العربيّ حتّى على مستوى إنجاز مجمع للّغة العربيّة! سقوط النظام القومي فـي سوريا ليس كارثة، وإنّما هو متوقّع، ولكنّ سقوط الخطاب القومي العربيّ هو الأهمّ، ذلك أنّه محض خطاب -كما يتّهمنا الغرب- هو خطاب للاستهلاك فقط، أمّا العرب وحدة فهو أمر خارج التاريخ، إذن علينا أن نفكِّر فـي وجهتين، تغذية الخطاب القطْري من جهةٍ، ورفض المبادئ الإنسانيّة والديمقراطيّة الغربيّة من جهة ثانية، فلِم لا يقْبل خطاب الملكيّة العربيّة، وقد قبل الغرب بملكيّة بريطانيّة ونيذرلاندية؟ ولِم لا يعدّ الحكم الملكيّ حكما أنجع من النظم الجملكيّة؟ هل ما يحدث من تنازع القوى المالية فـي الغرب هو دليل على ديمقراطية؟ لقد دفعتني خطابات عديدة إلى الاعتراف أنّ الأدب هو المدخل الأساس للأمم، الأدب الذي فكّك الجزر العربيّة فـي رواية «مدن الملح»، الأدب الذي كشف سوء الأنظمة القوميّة وقدرتها على تذويب الإنسان فـي رواية «شرق المتوسّط» قبل أن يسقط النظام فـي سوريا وأن يتكشّف الإعلام على سوء أفعاله. لا تعنيني الأنظمة، ولكن أنا مهتمّ بالخطاب، ونحن أمّة اللّغة، ننصرف إلى الخطاب، إلى القول، نقلِّبه، وننظر فـي تفاصيله، ومآله، ومقاصده، نفتِّته، علّنا أن نظفر منه بفائدة، وكان جماعة العلوم يقولون إنّنا أصحاب كلام، متفرّغون لتناوله، دون فعل، ولو كانوا يعلمون أنّ مؤسّسات تقوم على دراسة أثر الخطاب، وعلى بيان أثره وتأثيره! بثينة شعبان هي وجه من وجوه الخطاب الذي وجب أن يدرس، وهي مستشارة الرئيس السوري الإعلاميّة وكاتبة خطبه وخطاباته، والمدافعة الشرسة عن النظام، والأستاذة الجامعيّة والباحثة التي أضافت إلى البحث وتألّقت فـيه، واختيارها الوقوف إلى جانب نظام الأسد لا ينقص -النسبة إليّ- من علمها ودرايتها وقدرتها المعرفـيّة، غير أنّ خبرا أربكني ودعاني إلى التدبّر والتفكّر، وهو خبر قد يمرّ على الجميع مرور البساطة، إلاّ أنّه مهمّ ومؤثِّر، يقول الخبر إنّ الرئيس السوري بشّار الأسد يوم هروبه، دعا الدكتورة بثينة شعبان إلى قصره لكتابة خطابٍ، فهمّت إليه، غير أنّها عندما وصلت وجدت أنه غادر الأرض، وانتظرت طويلا، ولم تكن تعلم أنّه غادر البلاد. سؤالي أنا الآن بغضّ النظر عمّا كان يدور فـي ذهن الرئيس السوري من بقاءٍ أو مغادرةٍ، وبغضِّ النظر عن فكرة الخيانة، ما الذي دار فـي ذهن بثينة شعبان عندما دعاها رئيس تحاصر عاصمته، ما هي الكلمات التي أعدّتها لإنقاذ الرئيس، هل كتبت له رسالة اعتذارٍ من شعبٍ يكرهه، أو كتبت له رسالة تخوين لعصابات حملت السلاح ضدّه أو كتبت له خطاب استقالة؟ ما الذي أعدّته من جملٍ ومن فِكرٍ لدعمِ الرئيس فـي أزمته؟ ثمّ وهي تنتظره فـي قصره، ما الذي فكّرت فـيه لإنقاذ «موقف قوميّ بعثيٍّ» آمنت به؟ ولمّا علمت أنّ صاحب الخطاب قد غادر البلاد وتركها وخطابها معلّقة ما الذي دار فـي ذهنها؟