طائفة الحشاشين.. جماعة حاربت الفاطميين والعباسيين والسلاجقة وقضى عليها هولاكو
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
جماعة الحشاشين، وتعرف أيضا بالطائفة الإسماعيلية النزارية، انتشرت في فارس والشام وأنشأت "الدولة النزارية الشرقية بالشام وفارس وبلاد الشرق"، وتأسست على يد حسن الصباح، الذي انشق عن الفاطميين لما تولى الخلافة أحمد الملقب بالمستعلي بالله، فقد كان يدعو إلى خلافة نزار بن معد علي العبيدي، الذي أوصى الخليفة المستنصر بالله الفاطمي بتوليته من بعده.
وكانت الجماعة تتحصن بالقلاع وتنتهج الاغتيال وسيلة للقضاء على خصومها، وسببت رعبا للفاطميين بالقاهرة والعباسيين في بغداد والسلاجقة في إيران إضافة إلى الصليبيين. قضى على وجودها في فارس القائد المغولي هولاكو عام 1255 ميلادية وفي الشام أنهاها الظاهر ببيرس.
الحشاشون وألقاب أخرىاختلفت الروايات في سبب تسميتهم بالحشاشين، لكن قيل إنهم سموا بذلك لكثرة تعاطيهم الحشيش، فقيل إن الصباح كان يعطيهم إياه لينفذوا المهام المسندة إليهم، وقيل إنه أنشأ حدائق غناء في قلعة حصينة، وكان يأخذ أتباعه إليها بعد أن يتعاطوا الحشيش ويوهمهم أن هذه هي "الجنة الموعودة" في الآخرة، وعندما يفيقون يعدهم بالعودة إليها إن نفذوا ما طلب منهم.
وقيل إن تسمية "الحشاشين" مشتقة من الكلمة الأجنبية (Assassin) والتي تعني في بعض اللغات الغربية "القاتل خلسة أو غدرا"، أو "القاتل المحترف المأجور"، وبرر أصحاب هذا التفسير رأيهم بكون أتباع هذه الطائفة احترفوا الاغتيال، وقيل إن الفرنسيين الصليبيين أطلقوا هذه التسمية على الطائفة لأن أتباعها كانوا يفتكون بملوكهم وقادة جيوشهم.
وقد سمي الحشاشون بأسماء أخرى كثيرة، منها الإسماعيلية -لتقارب مذهبهم الذي يدينون به مع طائفة الإسماعيلية- وسموا أيضا بالباطنية والنزارية، وذلك لتأييدهم الإمام الذي ينادون به وهو نزار ابن المستنصر الفاطمي.
وسماهم ابن العديم في كتابه "تاريخ حلب" الملاحدة والحشّيشية، وهو الاسم الأشهر لهم في كتب العرب الأوائل، أمثال جمال الدين الحموي وشمس الدين الذهبي وعبد الرحمن بن خلدون الذي ذكر أنهم لقبوا أيضا بـ"الفداوية" لانتهاجهم أسلوب "العمليات الفدائية" ضد خصومهم.
زعيم طائفة الحشاشين حسن الصباح (مواقع التواصل الإجتماعي) المؤسس حسن الصباحاسمه الكامل الحسن بن علي بن محمد بن جعفر بن الحسين بن محمد الصباح الحميري، وأصل نسبه يعود إلى اليمن، ولد في إيران عام 1037 ميلادي وتوفي فيها عام 1124 ميلادي. تربى على المذهب الإثني عشري ثم اعتنق المذهب الإسماعيلي عندما بلغ الـ17.
وعمل فترة في بلاط الدولة السلجوقية، ثم بدأ يتنقل بين مناطق إيران لنشر المذهب الإسماعيلي بشكل سري، فزاد أتباعه إلى أن استولى على قلعة "آلموت" واتخذها مركزا لدعوته، ومنها بدأ توسيع نفوذه في المناطق المجاورة، حتى شملت بلاد فارس والشام.
العقيدة العسكريةكان الحشاشون يركزون اغتيالاتهم ضد الملوك والأمراء والوزراء وقادات الجيوش والقضاة ورجال الدين، ويتجنبون المواجهة المباشرة بالمعارك درءا للخسائر الكبيرة، ويعتمدون تصفية المطلوبين المهمين أمام العامة لبث الرعب في النفوس.
وكان الحشاشون فرسانا يتقنون التنكر والقتل بحرفية، خاصة "الفدائيين" منهم، وهم جماعة من المخلصين للإمام يتدرّبون لتنفيذ اغتيالات مهمة، وكانوا جاهزين لقتل أنفسهم حال الإمساك بهم كي لا يبوحوا بأسرار الجماعة.
وكان الحشاشون يتوغلون بين أعدائهم وتجمعاتهم بحرفية، ويدسون أتباعهم في بلاط الخلفاء والمراكز المهمة في الدولة، تسهيلا لتنفيذ اغتيالاتهم. واستطاعوا اغتيال شخصيات مهمة مثل الوزير السلجوقي نظام الملك والخليفة العباسي المسترشد والراشد وملك بيت المقدس كونراد.
"الفدائيون" عند الحشاشين كانوا يقتلون المستهدفين أمام العامة لبث الرعب في نفوس الناس (الجزيرة) العقيدة الدينيةيعد الحشاشون إحدى الجماعات المنشقة عن الشيعة، وتلتقي معتقداتهم عموما مع الإسماعيلية، فيؤمنون بوجود إمام معصوم ومنصوص عليه.
واختلفت عقيدتهم باختلاف توجهات أئمتهم، فقد آمن إمامهم بالشام رشيد الدين سليمان بالتناسخ، وادعى علمه بالغيب، وأما إمامهم الملقب بـ"الحسن الثاني" فقد أعلن قيام القيامة وألغى الشريعة وأسقط التكاليف، وجاء جلال الدين بن الحسن الثاني ونسف كل معتقدات آبائه، ثم جاء بعده ابنه ونسف عمل أبيه وعاد للفكر الأصلي للجماعة.
ولقب الإسماعيلية بالباطنية "لدعواهم أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن تجري في الظواهر مجرى اللب من القشر.. وهي عند العقلاء والأذكياء رموز وإشارات إلى حقائق معيّنة"، وادعوا أن من يملك فهم هذه الحقائق والإشارات هم الذين سقط عنهم التكليف.
النشأة والتأسيسمن مصر تكوّن فكر الحشاشين أيام حكم الفاطميين، فقد أرسل أحد زعماء الإسماعيلية في مدينة الري الفارسية حسن الصباح إلى مصر عام 1078 ميلادي للتقرب من الخليفة الفاطمي ودراسة عقائد المذهب الإسماعيلي هناك.
ولما لقي الصباح الخليفة الفاطمي آنذاك المستنصر بالله أكرمه وأمره أن يدعو الناس إلى إمامته، فسأله الصباح "من إمامي بعدك؟" فقال "ابني نزار"، وهكذا صار الصباح يدعو لإمامة نزار.
ولما مات الخليفة المستنصر بالله شبّ خلاف في البلاط الفاطمي، حيث كان الوزير بدر الجمالي حينها يرى أحمد (الأخ غير الشقيق لنزار) أحق بالخلافة فولَّاه ولقبه "المستعلي بالله"، ففر نزار إلى الإسكندرية وانشق عن أخيه، وحشد قواته للقاهرة لكنه هُزم وقُتل فيها.
وسعى الوزير الجمالي إلى إخراج الصباح من دائرة الحكم، لأنه كان يدعو إلى استخلاف نزار ويرى أن المستعلي بالله مغتصب للخلافة وأن نزارا أحق بها.
وبعد مقتل نزار بدأ الصباح الدعوة إلى "الإسماعيلية النزارية"، فطرده الجمالي من مصر، وعاد الصباح إلى إيران، وبدأ يحشد أتباعه وينشر تعاليم مذهبه، وهكذا أنشأ جماعة "الحشاشين".
الضحية الأولى للحشاشين كان مؤذنا بأصفهان رفض دخول مذهبهم – صورة بالذكاء الاصطناعي (الجزيرة-ميدجورني) الدعوة السريةخرج الصباح من مصر واتجه بحرا إلى عكا ومنها إلى حلب ثم إلى بغداد ومنها إلى بلاد فارس، فبلغ أصفهان في يونيو/حزيران 1081 ميلادي، وظل 9 سنوات يتنقل من مدينة إلى أخرى بشكل سري يدعو إلى المذهب الإسماعيلي ويكتسب الأنصار.
وقد ادعى الصباح أن الإمامة انتقلت لحفيد نزار، الذي أحضره الحشاشون سرا إلى قلعة "آلموت" وأبقوا أمره طي الكتمان.
في هذه الفترة قتل أنصاره في أصفهان مؤذنا كانوا قد دعوه إلى مذهبهم فرفض الاستجابة لهم فخافوا أن يكشف أمرهم للسلطات، وكانت هذه أول عملية اغتيال ينفذونها. ومثلت ممارسات الحشاشين حينها خطرا على الدولة السلجوقية ونفوذها في إيران.
عندما بلغ خبر الحادثة للوزير السلجوقي نظام الملك أمر باعتقال القاتل، وانتبه حينها إلى خطر هذه الجماعة والتهديد الذي تشكله على أمن واستقرار السلطة، فبدأ بتعقب المنتمين إليها ودعاتها، مما دفع الصباح إلى التفكير جديا في إيجاد حصن منيع يحميه هو وأتباعه من الملاحقة المتواصلة ويمكنه من نشر دعوته.
قلعة ألموتاختار الصباح قلعة آلموت لهذا الغرض، وهي حصن بناه أحد ملوك الديلم ويقع فوق صخرة عالية وسط الجبال ويبعد نحو 100 كيلومتر عن مدينة طهران، وقد كان استيلاء جماعة الصباح على هذه القلعة أول عمل تاريخي كبير تنفذه هذه الحركة الوليدة. وقيل إن الجماعة قد اشترتها بـ3 آلاف دينار ذهبي.
منذ تأسيسها عرفت الجماعة بتحصنها في الجبال والقلاع والحصون -صورة بالذكاء الاصطناعي (الجزيرة-ميدجورني)وتعني "آلموت" بالفارسية "وكر العقاب"، ووفق بعض الروايات فقد جعلها الصباح "الجنة المنشودة" و"الفردوس الأعلى" لأتباعه، وكان يعطيهم الحشيش الذي وجده في تلك المنطقة، ويقودهم إلى حديقة أعدها فيها خمرا ونساء وغيرها، حتى يظنوا أنهم في الجنة، ولما يستفيقون يظنون أنهم دخلوا الجنة فعلا، ويعتقدون أن مفتاح الجنة بيده، فينقادون له بالكامل، وهذا تفسير بعض الروايات لوجود "الفدائيين"، لكنها روياة فندها البعض لوعورة المنطقة وبرودتها لفترات طويلة مما يستحيل معه إنشاء مثل هذه "الجنة الموعودة".
ومن قلعة "آلموت" واصل الصباح نشر دعوته في المناطق المجاورة، وسيطر على عدد من القلاع والحصون مستخدما تارة الإقناع العقائدي وتارة أخرى القوة العسكرية، وقد أثارت أطماعه التوسعية غضب السلطان السلجوقي ملك شاه، فقرر توجيه حملتين عسكريتين إلى قلعة "آلموت" و"قهستان" للقضاء على نفوذ الصباح المتزايد، لكنهما فشلتا في تحقيق أهدافهما.
محطات في تاريخ الحشاشينأرسل السلطان ملك شاه رسولا للصباح ينهاه ويدعوه للعودة عن أفعاله في الاغتيالات والقتل، فقال الصباح لجماعة من أصحابه كانت حاضرة " أريد أن أنفذكم إلى مولاكم في قضاء حاجة فمن ينهض لها"، فبادر جمعه كلهم، فظن الرسول حينها أنه سيريل مع واحد منهم رسالة، فأشار الصباح لواحد منهم، وقال "اقتل نفسك" فأخرج الشاب سكينة وقتل نفسه، ثم أشار لآخر وقال له "ارم نفسك من القلعة" فألقى الشاب نفسه ومات، ثم التفت الصباح للرسول وقال له "عندي من هؤلاء 20 ألفا هذا حد طاعتهم لي، وهذا جوابي".
ثم وضع الصباح وزير السلاجقة نظام الملك على رأس قائمة الاغتيالات باعتباره عدوه الأول وعدو حركته، إذ كان من أشد المحاربين للمذاهب الفكرية الباطنية، وعام 1092 ميلادية أرسل فدائيا اغتال نظام الملك، وتعتبر هذه أول عملية اغتيال لشخصية كبيرة تنفذها هذه الحركة، وبها أرسى حسن الصباح أسس "الفدائية" كما يقول بعض المؤرخين.
بعد هذه العملية نفذت الحركة سلسلة اغتيالات طالت كبار الشخصيات التي تعارض دعوتها من وزراء وقادة في الجيوش وأمراء وعلماء بهدف زرع الخوف في قلوب أعدائها، وساهم في ذلك ضعف الدولة السلجوقية وما حل بها، إذ توفي الملك شاه بعد وزيره بقليل، فدخلت الدولة في صراع استغله الحشاشون وانتشر نفوذهم حتى وصل الشام.
وتوسع نفوذ الحشاشين حتى كثر أعداؤهم، واتفقت الولايات الإيرانية على القضاء عليهم وقتل كل المنتمين لهم، فتعرضت الجماعة لانتكاسة كبيرة، وتعرضت قلعتهم للحصار عدة عقود، إلى أن هدد الصباح باغتيال السلطان الأخير الذي أحاط بقلعته ففك عنه الحصار.
فوجه الصباح جهوده لاغتيال كل الرؤوس التي جهرت بمعارضته في فارس والشام، ومن أبرز من اغتالهم الوزير الأعز أبو المحاسن عبد الجليل بن محمد الدهستاني وزير السلطان بركيارق بن ملك شاه، ووالي بيهق، ومفتي أصفهان، وزعيم فرقة الكرامية في نيسابور، والوزير السميرمي وزير السلطان محمود.
الحشاشون في الشامانتشر الحشاشون شرقا حتى وصلوا مازندران ثم قزوين واحتلوا منطقة رودبار ولاماسار وكوهستان، واحتلوا فيها جميعا كثيرا من القلاع وامتدوا إلى نهر جيحون.
وصلت دعوتهم إلى الشام وهناك امتلكوا القلاع والحصون على طول البلاد، وكان من قلاعهم بانياس وحصن مصياف والقدموس والكهف والخوابي وسلمية والمنيقة والقليعة.
وقد استمالوا والي حلب حينها رضوان بن تتش إلى مذهبهم فاعتنقه، وهو ما ساهم بانتقال كثير من الفارسيين الإسماعيليين إلى حلب حينها، فزادت شوكتهم وقوتهم.
ومن قادتهم في بلاد الشام بهرام الاسترابادي وإسماعيل الفارسي، وأبرزهم شيخ الجبل سنان بن سليمان المشهور برشيد الدين وتصفه بعض الروايات بأنه كان شخصا مخيفا، وتقول إنه تلقى علومه في قلعة "آلموت" ثم أرسلته الجماعة إلى بلاد الشام.
وقد اعترف الناس بإمامة شيخ الجبل، وهناك كوّن نفوذه وجمع الأتباع حوله، إلى أن مات وعاد أتباعه إلى طاعة الأئمة في القلعة. وفي زمانه حاول اغتيال صلاح الدين الأيوبي عدة مرات لأنه أسقط حكم الفاطميين، وأعد خططا كثيرة لذلك وقتل عديدا من الأمراء في حلب في سبيل الوصول إليه، إلا أن خططه باءت جميعها بالفشل.
ويذهب بعض المؤرخين إلى أن الحشاشين قد تعاونوا مع الصليبين، واستندوا على هذا الاستنتاج إلى عدة مؤشرات أولها أن هذه الطائفة لم تعتقل أو تقتل أي صليبي، والثاني أنهم قاتلوا حاكم الموصل السلجوقي لما ذهب لقتال الصليبيين، كما تقول بعض الروايات التاريخية إنهم سلموا قلعة بانياس للفرنجة، واشتركت كتيبة منهم مع الصليبيين في أنطاكية بعد سيطرة نور الدين زنكي على حلب.
صورة مصممة بالذكاء الاصطناعي لنزار بن معد علي العبيدي الذي نادى الحشاشون بتوليته الخلافة (ميدجورني-الجزيرة) الحشاشون بعد الصباحمات حسن الصباح عام 1124 ميلادي ولم يخلف سلالة، فقد قتل ولداه وهو على قيد الحياة، فأوصى بأن يتولى كيابزرك آميد رئاسة الطائفة بعده، وتزعم الجماعة 14 عاما تخللتها معارك طاحنة مع السلاجقة.
وتزعم بعد آميد ابنه محمد عام 1162 ميلادي، وقد أولى جل اهتمامه للدعوة إلى "الإمام"، وعرف باحترامه لتعاليم مذهبه، حتى إنه أقدم على قتل كثير من أتباعه ممن اعتقدوا بإمامة ابنه وطرد وعذب آخرين.
جاء بعد محمد عام 1162 ميلادية ابنه الحسن، وعرف بالحسن الثاني، وادعى أنه حفيد كيابزرك، بينما اعتبره أتباعه "إمام العصر" وابن الإمام السابق من نسل نزار، فأعلن "قيام القيامة" في رمضان من عام 559 هجرية، وأنهى العمل بالشريعة والفرائض، وأباح الإفطار وأسقط التكاليف.
وجاء ابن الحسن الثاني عام 1166 ميلادية وأكمل مسيرة أبيه، فزاد على فكرة قيام القيامة، ورسخها بين أتباعه، وقد ساعده ضعف السلاجقة وفتور هيمنتهم حينها، إلى أن أوقف هذه العقائد جلال الدين الحسن الثالث عام 1210 ميلادية، فرفض عقائدهم حتى أحرق كتبهم وتبرأ من مذهبهم.
وركز جلال الدين حينها على ربط جماعته بالعالم الإسلامي، فأرسل للخليفة العباسي الناصر لدين الله وإلى السلجوقي خوارزم شاه وغيرهم ما أكد فيه صدق دعوته إلى الإسلام، فانتشر الخبر في الأوساط الإسلامية وأُطلق عليه وعلى جماعته لقب "المسلمون الجدد".
لكن بعد جلال الدين، عادت الجماعة إلى مذهبها الأصلي، فقد حكم ابنه وكان عمره حينها 5 سنوات، فضعفت الجماعة وانتشرت السرقة والاعتداءات، إلى أن أنهى هولاكو وجودهم.
الحشاشون في الشام حاولوا اغتيال صلاح الدين الأيوبي عدة مرات لأنه أسقط حكم الفاطميين (غيتي) نهاية الحشاشينكتبت نهاية الحشاشين على يد المغول، الذين كانوا حينها يوسعون إمبراطوريتهم، فأجهزوا عليهم خلال طريقهم، واستولوا على قلاعهم الواحدة تلو الأخرى، فقد استفز الحشاشون المغول بعدما اغتالوا قائدا لهم، فقضى عليهم هولاكو وساعده بذلك تنوع وتطور الأسلحة التي امتلكها.
وكان حينها حكم الدين خورشاه من يحكم الحشاشين، فأعلن استسلامه لهولاكو وسلمه عددا من القلاع، وتزوج فتاة مغولية أهداه إياها هولاكو، الذي قتله فيما بعد على حين غرة. وما زال لهذه الطائفة أتباع منتشرون في إيران وسوريا ولبنان واليمن ونجران والهند.
وفي الشام ضعف نفوذهم بعد موت والي حلب رضوان تتش، فقد خلفه ألب أرسلان الأخرس الذي انقلب على كل الإسماعيليين في الولاية، وقتل رئيسهم حينها أبو طاهر الصائغ فهرب الباقون.
ومن بقي منهم في دمشق حاول الاستنجاد بالصليبيين وسلموهم قلعة بانياس مقابل ذلك، إلى أن قضى عليهم الظاهر بيبرس بعد أن ضعفت قوتهم وقادتهم ولم يستطيعوا مواجهة المماليك، وبدأوا يدفعون الجزية بعد أن كانوا يجمعونها وخسروا قلاعهم الواحدة تلو الأخرى حتى انتهى وجودهم تماما عام 1273 ميلادية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الحسن الثانی حسن الصباح نظام الملک جلال الدین فی إیران فی الشام إلى أن
إقرأ أيضاً:
الحرب ، الكِيزَان ، حِمِيدتِي و إبليس
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
متى و كيف تتوقف الحرب الدآئرة الآن في بلاد السودان؟...
الإجابة على هذا السؤال تستدعي الإجابة على عدة أسئلة:
- ما الدوافع و الأسباب التي أدت إلى الحرب؟...
- من المستفيد من إشعال الحرب و إستدامتها؟...
- من الخاسر من إيقاف الحرب؟...
الدوافع و الأسباب إلى إشعال الحرب متعددة و في مقدمتها:
- إعاقة/إجهاض/إفشال ثورة ديسمبر ٢٠١٨ ميلادية و إقصآء القوى المدنية من المشهد السياسي
- منع التحول إلى الحكم المدني و عملية التغيير
- منع إزالة التمكين و تفكيك نظام إنقلاب الثلاثين (٣٠) من يونيو ١٩٨٩ ميلادية
- الحيلولة دون محاسبة و معاقبة مدبري إنقلاب الثلاثين (٣٠) من يونيو ١٩٨٩ ميلادية و سدنة نظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و معاونيهم من الفاسدين و المجرمين
- العودة إلى ”مشروع“ جماعة الإخوان المسلمين (الكيزان) السياسي ، و لكن في صورة جديدة متحورة (الإسلام العريض ، الوفاق الوطني ، المستقبل ، الإصلاح و التنمية ، الكرامة... ألخ... ألخ... ألخ...)
- الحفاظ على مصالح أمبراطورية الفساد الكيزانية الناشطة في: المضاربات في السلع الضرورية و إحتكارها و التحكم في البنوك و عمليات الصادر و الوارد و تجارة السلاح و مواصلة إستغلال موارد و ثروات بلاد السودان
- تحقيق أحلام و طموحات حِمِيدتِي ، صنيعة الكيزان ، و مليشياته/عشيرته في السلطة و المال
و الشاهد هو أن المستفيد الأول من الحرب و إستدامتها و الخاسر الأكبر من إيقافها ، و بلا أدنى شك ، هو جماعة الأخوان المسلمين (الكيزان) و عضويتها الفاعلة في: الأجهزة الأمنية المختلفة و كتآئب الظل و الجماعات الجهادية و حزب المؤتمر الوطني و بقية تنظيمات الحركة الإسلامية و تفريعاتها مروراً بصنيعتهم حِمِيدتِي و مليشياته و إنتهآءً بحلفآء الجماعة من: أمرآء الحروب و الأرزقية و الطفيلية السياسية و الإقتصادية و السواقط الحزبية و الفواقد التربوية و المجتمعية ، و جميع هؤلآء يعوون و يعلمون جيداً أن إيقاف الحرب لا تعني فقط ضياع السلطة و النفوذ و الإمتيازات و إيقاف عمليات الفساد المصاحبة ، بل تعني المحاسبة و المسآءلة القانونية و العقاب على عقود من الفساد و الظلم و الإجرام و تغييب العدالة...
أما حِمِيدتِي قآئد مليشيات الجَنجَوِيد (قوات الدعم السريع) المتلهف بشدة إلى السلطة و النفوذ و الثرآء فقد وجد مبتغاه في نظام جماعة الكيزان الذي قَرَّبَه و قنن له القمع و القتل و السلب و النهب و الإرتزاق الخارجي ، و على الرغم من أن طبيعة الرجل و مليشياته لا تتناسب مع الحكم و إدارة الدولة ، و حقيقة أن الرجل و مستشاروه و مليشياته لا يمتلكون البعد الأخلاقي أو التأهيل الوظيفي أو الخبرة دعك من برامج الحكم و إدارة الدولة أو الخطط و المشاريع التنموية ، إلا أنه و لما قَرَّبَت قيادات الجماعة (الكيزان) الرجل من مراكز السلطة و إتخاذ القرار ، و لما رأى الرجل الفساد المهول و لمس ، من على القرب ، مدى تواضع مقدرات القيادات الكيزانية و فسادها و وضاعتها و هوانها إزدادت شهيته ، و تحولت/تحورت طموحاته من إمتلاك النفوذ و غنم/نهب الثروات إلى إعتلآء/حيازة الكرسي الكبير ، كرسي الرئاسة/الأمارة...
حاشية:
الرجآء الإستماع إلى حوارات الطاهر حسن التوم مع حِمِيدتِي في قناة سودانية ٢٤ التلفزيونية قبل الثورة ، و الإطلاع على حديثه عمن يمتلك بَلِف البلد عقب غضبه من إنتقادات السيد الصادق المهدي لمليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) ، و كذلك مراجعة هطرقاته المتعددة أيام الثورة و إعتصام القيادة العامة و خلال الفترة الإنتقالية...
و معلومٌ للجميع أن الجماعة قد وظفت جميع أجهزتها الأمنية/القمعية و حِمِيدتِي و مليشياته في محاولاتها المستميتة إلى إجهاض الثورة و إعاقة مشروع التغيير ، و قد قاد الإفراط في قمع و قتل الثوار إلى تورط الكيزان و حِمِيدتِي و مليشيات الجَنجَوِيد في جرآئم قتل و إنتهاكات و إبادات جماعية غير مسبوقة ، و هذا التورط الأخير ، و سجل حافل من الفساد و الإنتهاكات الأخرى ، مما يؤرق كثيراً مضاجع قادة الأجهزة الأمنية الكيزانية و حِمِيدتِي و آخرين...
و قد أتاحت الثورة و الإطاحة بالبشير لحِمِيدتِي فرصة الشروع في تنفيذ/تحقيق حلمه الرئاسي ، حيث تمكن الرجل من إكتساب: الشرعية السيادية و المكانة الإجتماعية و المنعة الإقتصادية و القوة العسكرية ، و نجح في زيادة أعداد و عتاد مليشياته حتى أصبحت قوة قتالية ضاربة لا يستهان بها ، كما أضحت للرجل علاقات و تحالفات داخلية مع قطاعات عريضة في المجتمع السوداني غطت: الأحزاب السياسية و النقابات المهنية و الطوآئف الدينية و الأندية الرياضية و المنتديات الثقافية و الأدبية و المنظمات المدنية و الأهلية ، كما إمتدت علاقاته/تحالفاته الخارجية لتشمل دول في: أفريقيا و شبه الجزيرة الأعرابية و ساحل عمان المطل على الخليج الفارسي و الإتحاد الأوروبي و روسيا...
و لأسباب عديدة فإن الحرب و إستدامتها تمثل لحِمِيدتِي و مليشياته الملاذ و الأمان!!! ، و طوق النجاة من المسآءلة و المحاسبة و العقاب و جسر لتحقيق حلم الرجل في الحكم/الأمارة ، و ذلك لأن حِمِيدتِي يعلم جيداً أن نهايته و فنآء مليشياته في نهاية الحرب ، و أما إدعآء الرجل العلني بالجنوح إلى السلم فما هو إلا كذب و نفاق و تكتيك سياسي مرحلي ، و جميع ما يهذي و يهطرق به الرجل و مستشاروه و جنوده في وسآئل الإعلام و تطبيقات التواصل الإجتماعي ما هي إلا إدعآءات فارغة/جوفآء لا يسندها واقع أو منطق أو تأريخ ، فالرجل و مليشياته غارقون/متورطون في الإبادات الجماعية و إنتهاكات حقوق الإنسان ، و فطرة الرجل و مليشياته و حرفتهم التي يجيدونها هي الإستثمار في القتل المدفوع الأجر و النهب و السلب و ترويع و إرهاب الناس...
و رغم التحالف (شهور/سنين العسل) ما بين الكيزان و حِمِيدتِي إلا أن طموحات الأخير و سعيه الحثيث و المتسارع نحو السلطة و الإنفراد بالنفوذ و إستغلال الثروات تسبب في إرباك خطط الجماعة و أزعاجها و زيادة قلقها بحكم أن ذلك يتعارض مع ”مشروعها السياسي“ ، هذا الخلاف هو ما دفع الطرفان: حِمِيدتِي و الكيزان ، إلى المواجهات النهآئية (الحرب) ، و من بعد/قبل ذلك قادتهم الحوجة الملحة إلى الإمدادات و السند في المحافل الدولية إلى تحالفات غير متكافئة مع جهات خارجية في الجوار و الإقليم و العالم لها مصالح (أطماع) في بلاد السودان ، و مصلحة هذه الجهات في: إستغلال طرفي القتال و إطالة أمد الحرب و إزكآء نيران الفتن الجهوية و القبلية و العنصرية و إحداث الخراب و الفوضى و إضعاف الفرقآء و إفراغ الأرض من قاطنيها مما يسهل مشاريع: التغيرات السكانية و ضم الأراضي و إستغلال/نهب الموارد و الثروات ، و هذا مما يزيد من إحتمال إنهيار الدولة السودانية و إنفراط عقدها ، و مما يؤدي إلى تعاظم دور أمرآء الحروب و القتلة و عصابات المناطق و الجهويين و المرتزقة و وكلآء الجهات الخارجية ، و لكن إلى حين ، و أمد هذا الحين تقرره قوى الثورة و أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير و الحفاظ على وحدة أراضي جمهورية السودان!!!...
و هكذا فإن الإجابة النهآئية على جميع الأسئلة أعلاه تنتهي عند جماعة الكيزان و أجهزتها و تنظيماتها و صنيعتهم حِمِيدتِي و مليشياته و كفلآءهم من الجهات الأجنبية...
و قد دلت التجربة و الشواهد و البراهين أن سياسات الجماعة و ”مشاريعها“ و ممارسات منسوبيها و صنيعتهم حِمِيدتِي يتناسب/يتماشى تماماً مع ما يصبو/يهدف إليه إبليس من الغواية و إعاقة الطريق المستقيم لعباد الله ، بل و ربما تفوقت الجماعة و صنيعتها حِمِيدتِي على إبليس في المكر و السوء و الشرور و بَذَّته في الفساد و الإفساد و ممارسة البغي و الظلم ، و لهذا فليس هنالك ما يحجر الناس من تدبر الآيات القرءانية و إعادة فهمها/تفسيرها ، و ليس هنالك ما يمنع بعض/كثير من الناس من الإعتقاد أنه و عندما طلب إبليس من الله سبحانه و تعالى أن ينظره إلى يوم يبعثون:
{ قَالَ أَنظِرۡنِیۤ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ (١٤) قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِینَ (١٥) قَالَ فَبِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَ ٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ (١٦) }
[سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ١٤-١٦]
{ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِیۤ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ (٣٦) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِینَ (٣٧) إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ (٣٨) قَالَ رَبِّ بِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی لَأُزَیِّنَنَّ لَهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِیَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ (٣٩) }
[سُورَةُ الحِجۡرِ: ٣٦-٣٩]
.{ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِیۤ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ (٧٩) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِینَ (٨٠) إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ (٨١) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغۡوِیَنَّهُمۡ أَجۡمَعِینَ (٨٢) }
[سُورَةُ صٓ: ٧٩-٨٢]
فإنه ربما قد عنى بذلك الإنظار أن يمهله الله سبحانه و تعالى إلى يوم بعثة (نشأة) جماعة الأخوان المسلمين (الكيزان) ، و إن كان الأمر كذلك فذلك يعني أن الضمير في يبعثون يعود إلى الجماعة (الكيزان) و من نحا نحوهم و سلك سلوكهم ، و مما يعني أن فترة ولاية إبليس على: إقعاد الصراط المستقيم و بقية الأمور المتعلقة بالغواية و تزيين الظلم و الفساد تنتهي ببعثة/بنشأة جماعة الكيزان و تسلمها زمام الأمور و الشروع في ممارسة و تطبيق النشاطات الظلامية الكيزانية (الإقعاد/الغواية/التزيين) في الشؤون: ”الدينية“ و المجتمعية و السياسية و الإقتصادية و العسكرية و القضآئية و... و... و... ، و من ثم إحداث الإحتراب و الخراب و الدمار و الفوضى و الإنهيار...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
فيصل بسمة
fbasama@gmail.com