الوكالة العربية السورية للأنباء:
2024-12-21@08:10:40 GMT
29 آذار-1549 تأسيس مدينة سالفادور باهيا كأول عاصمة للبرازيل
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
دمشق-سانا
1549- تأسيس مدينة سالفادور باهيا كأول عاصمة للبرازيل.
1632- توقيع معاهدة سان جيرمان بعودة كيبك إلى السيطرة الفرنسية.
1830- ملك إسبانيا فرديناند السابع يصدر قانونا يسمح فيه للنساء بوراثة العرش.
1921- سعد زغلول ورفاقه يعودون من المنفى إلى القاهرة.
1945- الجيش الأمريكي يستولي على مدينة فرانكفورت خلال الحرب العالمية الثانية.
1967- فرنسا تدشن أول غواصة نووية.
1973- الولايات المتحدة تنسحب من فيتنام بعد أن فقدت نحو 50000 من جنودها.
1974- مسبار ناسا (مارينر 10) أول مسبار فضائي يحلق فوق كوكب عطارد.
2010 – هجومان إرهابيان انتحاريان في قطاري أنفاق في موسكو يؤديان إلى مقتل 38 شخصاً على الأقل.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
هل تعيد الدبلوماسية الثقافية البديلة تأسيس الهوية العربية؟ قراءة في كتاب
الكتاب: الدبلوماسية الثقافية البديلة على إعادة تأسيس الثقافة العربيةالكاتب: د. حاتم الجوهري.
الناشر: مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، 2024م
عدد الصفحات: 321 صفحة.
تاريخياً ظهر مفهوم "الدبلوماسية الثقافية" الغربية وتوظيفها السائد؛ من خلال الثقافة والتقاليد والعادات والفنون، وتشكلت مع بداية الحضارة البشرية، التي انتقلت عبر التبادل التجاري بين البلدان المختلفة، ليتعرف كل بلد أو مجموعة بشرية على ثقافة الآخر من خلال التعامل التجاري أو المصاهرة والنسب، وأحيانا كانت الثقافة والعادات والتقاليد تنتقل عبر الفرض، وعمليات الاحتلال والغزو من جماعة بشرية وتمددها وسيطرتها على أرض وسكنى جماعة أخرى.
واستمر الأمر هكذا في انتقال الثقافات والعادات ما بين الطوعية عبر التجارة أو الفرض عبر الاحتلال أو الحروب، إلى أن جاء العصر الحديث وظهور الدبلوماسية وقواعدها المنظمة والممثلين الرسميين للدول وسفاراتهم عند البلدان الأخرى دفاعا عن المصالح المختلفة لتلك الدول، ومن خلالها قامت الحضارة الأوروبية / الغربية بتطوير مجال الثقافة وانتقاله إلى الآخرين في المرحلة الاستعمارية، عبر ما سمي بـ"الدبلوماسية الثقافية" التي بدأت في النصف الأول من القرن العشرين، في كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا عبر المجالس والمعاهد الثقافية والمؤسسات الشبيهة، لتكون مصدر قوة ناعمة لأوروبا الاستعمارية تفرض من خلالها حضورها ونفوذها على الآخرين بشكل طوعي منهم، من خلال آليات ومؤسسات رسمية تحتفي بالثقافة الأوروبية وعاداتها وتقاليدها، وتعرضها على الآخرين عبر منح وتمويلات ومسارات جديدة تماما.
كانت ممارسات الدبلوماسية الثقافية القديمة ونسقها الثقافي الغربي احتكاريا ـ لحد بعيد ـ في القرن العشرين، بينما يطرح الكتاب تصورا ومقاربة بديلة للدبلوماسية الثقافية في القرن الحادي والعشرين، يخرجها من فكرة الهيمنة والاحتكار الغربي، لتكون أداة فعالة في يد الدول العربية والدول خارج المركز الغربي عموما، ليساهم هذا التصور البديل في إعادة تأسيس الثقافة العربية وتجاوز سياقات القرن العشرين ومشاريعه ومحاولاته الثقافية التي تكسرت، ولتنهض الثقافة العربية حية وتُبعث من رمادها مثل طائر الفينق الأسطوري.
يساعد الطرح البديل للدبلوماسية الثقافية الدبلوماسية العامة، في تبني مقاربة تقوم على أولوية الجغرافيا الثقافية الرافعة في الحاضنة العربية، مع توسعة نطاقها الجغرافي عبر مستودع هويتها الناعم لتشمل البعد الإسلامي والأفريقي، لتحتوي التناقضات مع تركيا العثمانية الجديدة وإيران المذهبية الشيعية، وتحرر "البان أفريقانيزم" أو حركة "عموم أفريقيا" التاريخية العظيمة من الأفروسنتريزم أو "المركزية العنصرية السوداء"، لتكون مصر قلبا نابضا لحاضنة ووحدة جغرافية جديدة وفاعلة في القرن الحادي والعشرين.ازدهرت الدبلوماسية الثقافية الغربية ومركزيتها عموما في شكل منح خارجية تَشَدُّ الرحال من الشرق والجنوب نحو الغرب، يمينه ويساره، إذ يعتبر البعض أن نفوذ الغرب الأيديولوجي أيضا وشبكة علاقاته الدولية وتفاعلاتها شكلا نوعا من الدبلوماسية الثقافية (وهذه نقطة التقاء مهمة بين الدبلوماسية الثقافية البديلة ومسألة إعادة تأسيس الثقافة العربية، فعند مستوى عميق من ترسبات الثقافة العربية الأيديولوجية كان هناك قبول لتلك المركزية، يجعل هناك ربطا جوهريا بين صعود الدبلوماسية الثقافية البديلة والتأسيس لتصورات ثقافية عربية جديدة في مختلف المناحي).
قام تعريف الدبلوماسية الثقافية البديلة في القرن الحادي والعشرين على أساس أن الدبلوماسية الثقافية البديلة: هي فكرة مركزية جديدة تكسر السياق الاحتكاري الغربي لمفهوم الدبلوماسية الثقافية؛ وتعتمد على تبادل المزيج الثقافي المتنوع الخاص بكل دول العالم ـ والدول العربية تحديدا ـ ومنحه المكانة نفسها دون قياسه إلى نموذج معياري أوروبي/ غربي، والترويج للآليات والمسارات والمشاريع الثقافية في هذا السياق، ودون أن تصطدم مباشرة أيضا ـ بالضرورة ـ هذه الدبلوماسية الثقافية البديلة بالنظريات الثقافية التي ورثت وهم المركزية الثقافية الأوروبية، تحديدا نظريات الصدام الحضاري/ الثقافي النشطة والفاعلة حاليا، لتسعى الدبلوماسية الثقافية البديلة لأن تطور علاقات وتراكمات خاصة بها، وأن تسعى لتوفير التمويل لتلك النشاطات حتى ولو استفادت من التصورات الفرعية في المؤسسات الثقافية الدولية التي يسيطر عليها الغرب.
يضيف الكاتب هنا: "لأسباب تاريخية وموضوعية على الذات العربية أن تكون محطة رئيسية من محطات الدعوة لتلك الدبلوماسية الثقافية البديلة وبزوغها، والتأسيس لها وبعثها للحياة كطائر فينق ينهض من رماده، ويكون لها دور فاعل في حراكها، تحديدا في دورها الذي يرفد الدبلوماسية العامة ويرفد سياسات الدول العربية الخارجية، ويربط ذلك بمحاولة إعادة تأسيس الثقافة العربية في واقع إقليمي وعالمي متدافع وساخن، تكاد الذات العربية أن تكون في مركز تلك التدافعات وصراعها الثقافي وصدامها الحضاري، والأهم أن الدبلوماسية الثقافية البديلة ستساعد في تغيير الصورة النمطية السلبية عن العرب التي روج لها الاستشراق الغربي، ومن ثم ستكون سندا وقوة ناعمة للحق العربي ووجهة النظر العربية على المستوى السياسي والاقتصادي والجيوثقافي.
يمكن فهم الدبلوماسية الثقافية البديلة بوصفها أداة فعالة ممكنة لمساعدة الذات العربية في عبور مراوحتها للمكان ونهضتها من عثرتها، وتساعد في تجسير المسافات وتجاوز الاستقطابات القديمة وإرثها المكبل، إذ يرى بعضهم أن التمثلات السياسية إرث القرن العشرين قد تركت أثرا سلبيا ما (مع تكسر مشروع القومية العربية وتفكك سردية الخلافة العثمانية)، ليصير ممكنا أن تمثل الدبلوماسية الثقافية ومكوناتها العميقة والتاريخية والراسخة، جسرا محتملا يمر من عليه المستقبل العربي انتظارا لإنتاج خطابات وتصورات سياسية جديدة، تتجاوز ندوب الماضي وجراحه، حيث تصبح الثقافة أقوى المكونات الإنسانية التي تمارس دورها حينما تتعثر باقي التمثلات الأخرى (السياسية تحديدا)، وهذا وجه الأسطورة والرمزية في موضوع الثقافة ودورها القادر على إعادة بعث الأمم من كبوتها، أو من رمادها كما طائر الفينق في مقاربة لدور الدبلوماسية الثقافية الممكن وإعادة تأسيس الثقافة العربية واضطلاعها بدورها، عندما تعجز التمثلات السياسية والأيديولوجية.
يختلف دور المثقف الجديد عن المثقف القديم "المثقف القديم كان يشعر باليقين في كل شيء وكان دوره الثقافي يقتصر على اختيار جهة ما والترويج لها والدفاع عنها، سواء في الحداثة التقليدية والصراع بين الماركسية والليبرالية بتنوعاتهما، أو ما بعد الحداثة ودور الهوامش والسياسات الفرعية والنسوية والتفكيك وتجاور الأفكار.. أما الآن فالعالم في حاجة لمثقفين فاعلين مركزيين جدد يعيدون بناءه.. لمثقف يبدأ من الصفر ويتعامل مع الظاهرة البشرية بأفق منفتح يرصد الظواهر الحالية ويفترض الحلول ويختبر صلاحيتها، ويُعدِّل فيها بالخصم أو الإضافة أو الاستبدال، العالم في حاجة للمثقف الحقيقي الفاعل لا مثقف الاصطفاف واختيار جانب والترويج له... المثقفون أو العارفون والمفكرون الجدد يجتهدون بمفردهم في مجتمع عالمي وعربي يحتاج لتأسيس نظام قيمي وإنساني جديد."
ومن ثم بين الكاتب مفهوم "المحاصصة الهوياتية" وضرورة تجاوزها، حيث عرفت هذا المفهوم وتناولته ذاكرا أنه: "تم عمل محاصصة هوياتية لتناسب العقلية الأوربية ومتلازماتها الثقافية ومركزها عن العلمانية والدين والديمقراطية والاستقطاب حول نهاية التاريخ وذروته بين الليبرالية أو الشيوعية، لكن في حقيقة الأمر إذا أرادت الذات العربية أن تستعيد نفسها عليها أن تتجاوز التصنيفات الأوربية في مسألة الهوية... على المثقف العربي في اللحظة الراهنة أن يقدم خطابا يتجاوز الاستقطابات التاريخية ويعبر عن الواقع عند رجل الشارع العربي، الذي يتماس مع المحلي أو القطري، ومع القومي، ومع الديني، ولا يجد فيهم الصراع بل بجد فيهم الحياة والفطرة".
يقف المتن الأساسي للدراسة على موضوع الدبلوماسية الثقافية البديلة وإعادة التأسيس للثقافة العربية، وإلى جوار هذا المتن كانت بعض الحوارات تمر على قضايا أدبية أو موضوع الترجمة أو موضوع الإرهاب أو القضية الفلسطينية، أو الجدل بين الذات والآخر.. الخ، لكن معظم تلك القضايا كان تناولها يأتي من منظور كلي يسهم في إعادة تأسيس الثقافة العربية والبحث عن آفاق جديدة لها، وفي الوقت نفسه سبل توظيف القضايا الجزئية والفرعية كلما أمكن في نسق عام لدبلوماسية ثقافية جديدة فاعلة تخدم الذات العربية في القرن الحادي والعشرين.
نحو ثقافة عالمية جديدة.. دبلوماسية تبادل المزيج الثقافي
أعتقد أن المفهوم الشائع لـ"الدبلوماسية الثقافية" يخلط كثيرا بينها وبين مفهوم "السياسة الثقافية" للدولة على المستوي الخارجي (الدولي)، أي فيما يخص تصور البلدان لكيفية تقديم مزيجها الحضاري والثقافي للآخرين، وتحديدا من حيث قدرتها على توظيف ذلك في بناء علاقات النفوذ والتدافع في المجتمع الدولي، وأعتقد أن هذا المفهوم الأوروبي يجب تجاوزه، والمبادرة منا برؤية حضارية جديدة لا تتبنى الهيمنة وتحترم المساحات الخاصة بكل الثقافات البشرية وتقبل تدافعها كسمة طبيعية، لكنها توجهه في إطار التفاعل والتعارف والبحث عن المشترك قدر الإمكان، لا فرض النمط وهيمنته، وهذا لب تصوري لمفهوم مصري [وعربي] جديد لـ"دبلوماسية ثقافية" تحتضنه البلاد وتروج له وتتبناه تحت مسمى: "دبلوماسية تبادل المزيج الثقافي".
أسباب فشل نموذج " الدبلوماسية الثقافة" الغربية على المدى الطويل
المقاربة الغربية لـ "الدبلوماسية الثقافية" تعمل لحد بعيد على فرض أنماط ثقافية دخيلة على ثقافات دول العالم (خارج المركز الأوروبي)، وهذه المقاربة هي مقاربة مرحلية ومؤقتة للغاية قد يكسب من ورائها الغرب بعض المكاسب المرحلية من فرض الأنماط والهيمنة على المدى القصير، لكنها على المدى الطويل ستؤدي لرد فعل عكسي وقوي وعنيف ضدها، لأن بعض هذه الأنماط معادي للمزيج الثقافي لتلك الدول غير الأوروبية و"مستودع الهوية" التاريخي الخاص بها.
من ثم يؤكد الكاتب أن "مقاربة (الدبلوماسية الثقافية) العادلة القائمة على فهم الآخر، من الأساس لن تنزع للسيطرة وفرض النمط، إنما ستقوم على احترام ما عند الاخر والتواصل معه، وستعمل على تقوية أنماط مشتركة بعينها تكون متصالحة مع "المزيج الثقافي" و"مستودع الهوية" الخاص بكل دولة، حينها سيتحول كل بلد من أطراف "عملية التعاون" لحماية تلك الأنماط الثقافية المتبادلة بشدة، والدفاع عنها ضد محاولة اختراقها".
بين الأيديولوجي والأكاديمي
تراوح الحضور الأيديولوجي العربي -يمينا ويسارا- وثقافته العامة الآن بين: إما تعميمات تكفي النفس شر القتال والدخول في معترك الواقع لمحاولة استنطاقه، أو الحنين والبكائيات وتعزية النفس ببعض الذكريات القديمة والشعارات التاريخية.
على جانب آخر الثقافة الأكاديمية وممارساتها تقف في المعظم إما عند حدود التبعية للمقاربات المعرفية والثقافية الغربية، كرد فعل على الإحباط من مسارات الذات العربية وتعثر مشاريعها للنهضة في القرن العشرين، وكذلك تعثر مساعي الذات العربية لحلم التغيير والنهضة في القرن الجديد، ووقوع ثوراتها الشعبية الحالمة في فخ التناقضات أيضا.
مأزق الثقافة العربية
تمر الثقافة العربية بمنعطف هام في ظل الأزمات العالمية في السنوات الأخيرة، بما يعظم من دور النماذج الثقافية والمعرفية الجادة لمواجهة تلك التحديات أمام الهوية الثقافية العربية، فالعالم الآن والبلدان العربية في حاجة لدور المثقف والعارف بشكل ملح، لاسيما في ظل تفجر تناقضات المسألة الأوروبية والأحداث التي ألقت بظلالها علي المشهد العالمي وبالتالي المشهد العربي ، ومن هنا يبرز دور أجيال من المثقفين والمفكرين يتحركون في إطار خارج النمطية.
يقول "الجوهري: العالم الآن والبلدان العربية في حاجة لدور المثقف الواعي غير المستقطب لأي جهة، ودور المثقف الحقيقي سوف يظل، الذي انتهى هو دور مثقف القرن العشرين مثقف ما قبل الثورات العربية وكورونا وصعود الأوراسية الجديدة وتفجر تناقضات المسألة الأوربية، المثقف القديم كان يشعر باليقين في كل شيء وكان دوره الثقافي يقتصر على اختيار جهة ما والترويج لها والدفاع عنها، سواء في الحداثة التقليدية والصراع بين الماركسية والليبرالية بتنوعاتهما أو ما بعد الحداثة ودور الهوامش والسياسات الفرعية والنسوية والتفكيك وتجاور الأفكار.. كان الأمر واضحا لحد بعيد، أما الآن فالعالم في حاجة لمثقفين فاعلين مركزيين جدد يعيدون بناءه. لا لمثقف الاصطفاف واختيار جانب والترويج له كما كان فيما قبل الثورات العربية وجائحة كورونا وصعود الأوراسية الجديدة وغزو روسيا لأوكرانيا، لهذا نحن عربيا الآن في حالة انعدام توازن.. مثقفو القرن العشرين وورثتهم يتحسرون على نموذجهم القديم، والمثقفون أو العارفون والمفكرون الجدد يجتهدون بمفردهم في مجتمع عالمي وعربي يحتاج لتأسيس نظام قيمي وإنساني جديد.
الوعي الشعبي العربي والنخب والتدافع الإقليمي
اعتقد البعض أن صفقة القرن قد انتهت بسقوط ترامب الجمهوري في الانتخابات الأمريكية الماضية ونجاح بادين الديمقراطي، ولكن على العكس من ذلك قدم بايدن والديمقراطيون نسخة خاصة بهم من صفقة القرن، وروجت إدارة بايدن للاتفاقيات الإبراهيمية، ليتضح أن البنية الثقافية العميقة للشخصية الأمريكية المتطرفة واحدة والاختلاف قد يكون في القشرة الضحلة التي يرفعها هذا أو ذاك، لكنهما يحملان وهم المسألة الأوربية القديمة وخرافة الحضارة المطلقة التي يجب أن تسيطر على الآخر دائما. لقد ضغط بايدن من أجل انضمام السعودية إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، وقبلها حاول تفجير التناقضات بين العرب السنة وإيران الشيعة مروجا لحلف ناتو عربي تقوده (إسرائيل) في "اجتماع النقب" العام الماضي، وفي عهده أصبح اقتحام المسجد الأقصى فعلا اعتياديا، واستمرت أمريكا في تفجير التناقضات العربية وإدارتها كسياسة خارجية ضاغطة تُضعف البلدان العربية وتضعها تحت دائرة الخضوع والعجز دوما.
"الصهيونية الإبراهيمية"
تيار التطبيع القديم الذي شمل مصر بعد حرب عام 1973 ثم الأردن بعد حرب الخليج الثانية في تسعينيات القرن الماضي، كان يقوم على علاقات دبلوماسية وتبادل السفارات، وفي مرحلة لاحقة تحت ضغط الضعف الاقتصادي ظهرت التعاون الاقتصادي المحدود في "اتفاقية الكويز" مع الأردن ثم انضمت لها مصر. لكنه ظل تيارا يقوم على فكرة التعاهد والصلح ورفضه المستوى الشعبي، ولم يحقق شيئا خاصة بعدما اغتيال إسحاق رابين وموت فكرة السلام مقابل الأرض، حين كشف (إسرائيل) عن قيمها الصهيونية العميقة التي ترفض فكرة الحدود والتنازل عن الأرض، لكننا الآن مع تيار الاستلاب للصهيونية والترويج لها الذي ظهر مع صفقة القرن أمام مسألة مختلفة، هم فصيل صهيوني فعلا بما يجعلنا نطلق عليه "الصهيونية الإبراهيمية" التي تستخدم خطاب المشترك الديني لتمرير هيمنة (إسرائيل) على المنطقة العربية ومن خلفها أمريكا.
النخبة العربية وموقفها الفكري من الأحداث
النخبة العربية حاليا في أزمة؛ معظم المشاريع الثقافية في القرن العشرين قد تفككت أو ثبت عجزها، وكانت معظمها رد فعل (مع اليمين الديني) أو مجرد انعكاس باهت (اليسار والليبرالية) للمسألة الأوربية، الثورات العربية كشفت اليمين الديني فلا يكفى أن تطور نظرية مطلقة مضادة للمسألة الأوربية تستند إلى السماء دون مهارات سياسية أو اجتهادات فكرية حقيقية، وكشفت اليسار والليبرالية فلم يستطيعا التعبير عن تطلع الناس للانعتاق من الشعارات الجوفاء القديمة إرث المسألة الأوربية و استقطاباتها. الكل الآن عاجز لا يملك القدرة على الاعتراف بذلك أو البحث عن نظرية وجودية جديدة فيما بعد المسألة الأوربية، يعيشون على ذكريات نفسية مريحة عن النضال القديم، لكن هذه النخبة الثقافية ليس لديها البنية النفسية لتقديم جديد لقد تم استهلاكها، والأمل في نخبة ثقافية جديدة تتحمل مسئولية المستقبل.
تمر الثقافة العربية بمنعطف هام في ظل الأزمات العالمية في السنوات الأخيرة، بما يعظم من دور النماذج الثقافية والمعرفية الجادة لمواجهة تلك التحديات أمام الهوية الثقافية العربية، فالعالم الآن والبلدان العربية في حاجة لدور المثقف والعارف بشكل ملح، لاسيما في ظل تفجر تناقضات المسألة الأوروبية والأحداث التي ألقت بظلالها علي المشهد العالمي وبالتالي المشهد العربي ، ومن هنا يبرز دور أجيال من المثقفين والمفكرين يتحركون في إطار خارج النمطية.تناول الكتاب في فصوله الخمسة موضوع "الدبلوماسية الثقافية البديلة" والممكنة في القرن الحادي والعشرين بالنسبة للذات العربية، من خلال تصور يربط الدبلوماسية الثقافية بإعادة تعريف دور الثقافة العربية من جهتين، الجهة الأولى في نفسها وأدوارها الداخلية، والثانية في علاقتها بالثقافات الإقليمية والعالمية، معتبرا أن تلك المقاربة الثقافية والدبلوماسية يمكن أن تعمل وكأنها طائر الفينق/ العنقاء، الذي يمكن أن يبعث الذات العربية من شتاتها ومن رمادها المحترق في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، وفي ظل مجموعة ضخمة من التناقضات والاستقطابات التي تفجرت على العديد من المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.
يلخص الجوهري مضمون دراسته، بأنه" قدم مفهوما للدبلوماسية الثقافية البديلة يقوم على فكرة تبادل المزيج الثقافي المتنوع للدول خارج المركز الأوربي/ الغربي، وليس على فكرة تمثل التصورات والتقاليد والبروتوكولات الثقافية الأوربية التي شاعت في القرن الحادي والعشرين، وأن تتحول تلك التقاليد إلى نمط شائع في كافة دول العالم، تتبارى وتتنافس في السعي إلى تمثلها واتباعها والتنافس في تمثيل المركز الأوربي وتهميش "مستودع الهوية" ومكونات الثقافة الذاتية والخجل منه، والنظر له بدونية".
كما احتوت الدراسة على مجموعة من المبادرات والاستراتيجيات المهمة لإعادة تأسيس الثقافة العربية، ولرفد موضع الدبلوماسية الثقافية البديلة، بحيث شكل مجمل الأفكار والتصورات التي طرحها الكاتب تصورا شبه متكامل يصلح للبناء عليه، وأن يكون مقاربة ثقافية عربية، وتضمنت مجموعة من التطبيقات التي عمل عليها الكاتب، أهمها على المستوى الإقليمي للذات العربية من خلال مشروع "المشترك الثقافي العربي" في دورات بين مصر وكل من السودان وتونس واليمن والعراق، ومن خلال مشروع "الحزام والطريق" الصيني، وعلى مستوى الدول الإسلامية من خلال مؤسسة "الإيسيسكو" ومشروع "الدبلوماسية الحضارية"، وكذلك الألكسو في ملف ودراسة نشرت عن إعادة تأسيس الثقافة العربية وتمفصلها في القرن الحادي والعشرين، وعبر المعهد العالمي للتجديد العربي ومشروع وضع استراتيجية جديدة للثقافة العربية، إضافة إلى العديد من المشاريع والتصورات الأخرى التي عمل عليها المؤلف بنفسه.
من المفاهيم الجديدة التي يمكن أن تساهم في إعادة تأسيس الثقافة العربية وبعثها من جديد كان المفهوم "الجيوثقافي" ودور الثقافة كمحرك استراتيجي للتوجهات الكبرى للدول عربيا وعالميا، وأن العالم تجاوز مفهوم "الجيوسياسي" ودور الأيديولوجيا التقليدي، واتجه للثقافة والحضارة في القرن الحادي والعشرين بوصفهما موضعا للحراك والتدافع والتمفصل في القرن الجديد، من ثم يجب أن يحضر مفهوم الجيوثقافي في بنية التصور الثقافي وحراك الدبلوماسية الثقافية العربية الجديدة.
يساعد الطرح البديل للدبلوماسية الثقافية الدبلوماسية العامة، في تبني مقاربة تقوم على أولوية الجغرافيا الثقافية الرافعة في الحاضنة العربية، مع توسعة نطاقها الجغرافي عبر مستودع هويتها الناعم لتشمل البعد الإسلامي والأفريقي، لتحتوي التناقضات مع تركيا العثمانية الجديدة وإيران المذهبية الشيعية، وتحرر "البان أفريقانيزم" أو حركة "عموم أفريقيا" التاريخية العظيمة من الأفروسنتريزم أو "المركزية العنصرية السوداء"، لتكون مصر قلبا نابضا لحاضنة ووحدة جغرافية جديدة وفاعلة في القرن الحادي والعشرين.
كما تسعى الدبلوماسية الثقافية البديلة للوصول لأرضيات ثقافية مشتركة بين الدول في قضايا بعينها، دون الاحتكاك بالتناقضات السياسية التي تفجرت في العديد من مستودعات الحاضنة الثقافية العربية تحديدا وتخومها المجاورة، خاصة التناقضات التي تفجرت بين الأبنية الفرعية المكونة للحاضنة الإسلامية: فيما بين الحاضنة العربية والحاضنة التركية (السنية/ السنية)، والحاضنة العربية والحاضنة الفارسية (السنية/ الشيعية)، والحاضنة العربية الأفريقية (الشمال/ الجنوب- الفاتح/ الغامق)، والحاضنة العربية وحاضنة دول آسيا الإسلامية (التغلب على فواصل الجغرافيا).
يقول الكاتب في خاتمة دراسته: "إن الدبلوماسية الثقافية ليست فعلا ترفيا ورفاهية لا حاجة لها، بل هي شريك أساسي في التأسيس لاستعادة الذات العربية ولحمتها في ظل استقطاب إقليمي جيوثقافي شديد، وجيوثقافي بمعنى أن هناك تدافع على الحضور في جغرافيا المنطقة وفق سرديات وروايات ثقافية تنافس رواية الذات العربية وسرديتها الثقافية.. بما يجعل من الهمية الدفاع عنها بشكل دبلوماسي ثقافي رصين ومتجذر وارسخ.