فيتو روسي يوقف مراقبة عقوبات كوريا الشمالية ويغضب جارتها الجنوبية
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
استخدمت روسيا أمس الخميس حق النقض (الفيتو) لمنع التجديد السنوي للجنة خبراء تراقب تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة المفروضة منذ فترة طويلة على كوريا الشمالية بسبب برامج الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، واعتبرت كوريا الجنوبية الفيتو الروسي بأنه تصرف "غير مسؤول".
وامتنعت الصين عن التصويت، في حين صوّت باقي أعضاء مجلس الأمن وعددهم 13 لصالح التجديد للجنة.
وقالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية في بيان إن سول "تؤكد بوضوح أن روسيا الاتحادية اتخذت قرارا غير مسؤول رغم أنها عضوة دائمة في مجلس الأمن الدولي".
وقال سفير كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة جون-كوك هوانغ إن الفيتو الروسي "يشبه تقريبا تدمير كاميرا مراقبة لتجنب الضبط في حالة تلبس".
وجاء موقف سول بعيد تنديد واشنطن بالفيتو الروسي واعتباره محاولة من موسكو لإخفاء تعاونها العسكري المتزايد مع بيونغ يانغ.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن "أفعال روسيا اليوم قوضت بشكل ساخر السلام والأمن الدوليين، وكل ذلك من أجل المضي قدما في الصفقة الفاسدة التي أبرمتها موسكو مع كوريا الشمالية".
وقال روبرت وود نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة للمجلس إن "موسكو تقوض احتمال التوصل إلى حل سلمي ودبلوماسي لواحدة من أخطر قضايا الانتشار النووي في العالم".
وتأتي الخطوة وسط اتهامات تقودها الولايات المتحدة بأن كوريا الشمالية تنقل أسلحة إلى روسيا لتستخدمها موسكو في الحرب بأوكرانيا، وتنفي موسكو وبيونغ يانغ هذه الاتهامات رغم أنهما تعهدتا العام الماضي بتعزيز العلاقات العسكرية.
وتراقب لجنة الخبراء المستقلين تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على كوريا الشمالية على مدار الـ15 عاما الماضية، وتقدم تقارير مرتين سنويا إلى مجلس الأمن وتوصي بالقيام بعمل لتحسين تنفيذ الإجراءات، وسينتهي تفويض اللجنة الحالية في 30 أبريل/نيسان 2024.
وتخضع كوريا الشمالية منذ 2006 لعقوبات دولية مرتبطة بشكل خاص ببرنامجها النووي، وتم تشديدها مرات عدة في عامي 2016 و2017.
ومنذ عام 2019 تحاول روسيا والصين عبثا إقناع المجلس بتخفيف هذه العقوبات التي لم يحدد تاريخ انتهائها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات کوریا الشمالیة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
مسجد سول المركزي منارة الإسلام في كوريا الجنوبية
ليس الإسلام غريبا على كوريا الجنوبية لكن انتشاره محدود جدا، إذ تغلب البوذية والمسيحية على هذا البلد الآسيوي الذي يتميز سكانه بالرهبة من تجربة أي شيء غريب أو جديد عليهم.
ويقدّر عدد المسلمين الكوريين بنحو 5 آلاف، لكن هذا العدد يرتفع إلى نحو 300 ألف إذا جمعنا معهم المسلمين المقيمين في كوريا من الجنسيات الأخرى، ويقيم نحو نصف هؤلاء جميعا في العاصمة سول.
ورغم أن عددهم هذا لا يكاد يكون ملموسا قياسا إلى عدد سكان البلاد الذي يزيد على 51 مليون نسمة فإن تأثيرهم يتزايد يوما بعد يوم.
مسجد سول المركزيدخل الإسلام إلى كوريا سنة 1955 مع الجنود الأتراك الذين شاركوا في الحرب الكورية دعما لكوريا الجنوبية، وفي سنة 1976 تأسس أول مسجد في البلاد -وهو مسجد سول المركزي- على أرض تبرعت بها الحكومة الكورية وتبلغ مساحتها 1500 متر مربع، وساهمت دول إسلامية في تمويل بنائه.
يتميز المسجد بتصميمه الإسلامي التقليدي، مع مئذنتين وقبة كبيرة، ولا يعتبر مكانا للصلاة فقط، لكنه أيضا مركز ثقافي واجتماعي يجمع المسلمين من مختلف الجنسيات، وتقام فيه صلاة الجمعة التي يحضرها المئات من المسلمين، كما يتم تنظيم فعاليات ودروس دينية بشكل منتظم.
ويقع المسجد في حي إتابغو بمنطقة إيتايوون التي تعد واحدة من أبرز المناطق التي يتجمع فيها المسلمون، إذ تضم العديد من المطاعم الحلال والمتاجر التي تلبي احتياجات المسلمين، إلى جانب مطاعم الحلال الأخرى العديدة المنتشرة في أنحاء سول، خاصة في المناطق القريبة من الجامعات والمؤسسات التعليمية حيث يدرس العديد من الطلاب المسلمين.
إعلانوبهذا الصدد، يقول عبد الرحمن لي رئيس اتحاد المسلمين الكوريين إمام المسجد للجزيرة نت إن المسجد المركزي في سول هو أكثر من مجرد مكان للعبادة، فهو مركز ديني وثقافي يخدم الجالية المسلمة في كوريا الجنوبية ويُعرّف غير المسلمين بالإسلام، وتقام فيه الصلوات اليومية وخطب الجمعة بـ3 لغات، إضافة إلى صلاة التراويح والإفطارات الجماعية في رمضان، مما يجعله نقطة تجمّع مهمة للمسلمين.
ويضيف لي أن المسجد يقدم أيضا برامج تعليمية تشمل دروس الفقه والعقيدة والتفسير، وحلقات لتحفيظ القرآن الكريم، ومحاضرات تعريفية بالإسلام للكوريين، مما يعزز دوره في نشر المعرفة الدينية.
وإلى جانب دوره الديني ينظم المسجد فعاليات اجتماعية وثقافية تهدف إلى تعزيز التفاهم بين المسلمين والمجتمع الكوري، ويقدم خدمات مثل دعم المسلمين الجدد، وتقديم المساعدات الإنسانية، وتنظيم حملات التبرع بالدم.
كما يشارك المسجد -بحسب ما أخبرنا الإمام- في الحوار بين الأديان عبر استقبال الزوار والسياح لتعريفهم بالإسلام، مما يجعله رمزا للتعايش والتواصل الثقافي في كوريا الجنوبية.
طموحات رغم الصعوباتويقول عبد الرحمن لي إن المسجد يعتمد بالأساس على إمكانيات المسلمين الكوريين رغم تواضعها، لكن بفضل مساعدة بعض الدول الإسلامية تمكنوا من إنشاء مقبرة للمسلمين في عام 2005، كما أنشئ معهد تطوير الحلال العام الماضي، والذي يتولى منح تراخيص "الحلال" للشركات والمطاعم.
ويضيف لي أنهم هذا العام يعملون على ترميم المسجد لأول مرة منذ عام 1981، كما سيحتاجون إلى ترميم المساجد الواقعة تحت رعايتهم وعددها 21 مسجدا في مختلف أنحاء كوريا الجنوبية.
ويطمح رئيس اتحاد المسلمين الكوريين إلى بناء مدرسة لتعليم أطفال المسلمين، إضافة إلى وضع برنامج لابتعاث الشباب الكوريين المسلمين لدراسة الإسلام في الدول العربية، لتشكيل نخبة من الأئمة والدعاة الذين يجمعون بين فهم الثقافة الكورية والقدرة على التواصل الفعال مع الإنسان الكوري، إلى جانب الفهم الجيد لتعاليم الإسلام السمحة، على حد تعبيره.
إعلان قلة العلماء والدعاةكما تحدثت الجزيرة نت مع الداعية المسلم كرم كيم الذي فضل التواصل معنا عبر الهاتف، فأوضح أن عدد المسلمين الكوريين المواظبين على ممارسة الشعائر يقدّر بـ5 آلاف "لكنهم في ازدياد".
وأكد كيم أنهم يحاولون زيادة عدد المسلمين بوسائل متعددة رغم ضعف الناتج حتى الآن، مشيرا إلى أن الزواج أصبح مؤخرا هو أهم سبب لإسلام الكوريين.
وأشار الداعية الكوري إلى أن في كوريا حرية تامة لنشر الإسلام ودعوة الكوريين إليه، لكن المشكلة تكمن في قلة العلماء والدعاة وطلاب العلم.
وأضاف كيم أن عدد الكوريين الذين تخرجوا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة منذ تأسيسها بلغ 5 كوريين فقط، حسب قوله، وكان هو "خامس خريجي هذه الجامعة المباركة"، لكنه قال إن 3 من هؤلاء الخمسة يشتغلون في ما لا يتعلق بالدعوة نهائيا، في حين أن الاثنين الآخرين هما هو وعبد الرحمن لي "لذلك يعد الدعاة على أصابع اليد حرفيا".
وأشار إلى أن سبب قلة الدعاة في كوريا هو ضغط الحياة، إذ يعجز الشاب المسلم الكوري عن التفرغ لطلب العلم والنشاط في الدعوة، لأنه مضطر للعمل ساعات طويلة، فيسلم الكثير من الشباب لكنهم يغرقون في غمار الحياة ولا يشاهَدون في المسجد إلا نادرا، بحسب كلامه.
وعن قصة إسلامه، يقول كيم إنه تعلم اللغة العربية في كوريا، مما جعله يفكر في زيارة بلدان مسلمة، فسافر إلى تركيا، وهناك تأثر بحسن أخلاق المسلمين الأتراك رغم أنه كان يعتبر نفسه "طيب الأخلاق"، لكنه يقول إنه أدرك عندما قابل المسلمين في تركيا أن معياره للأخلاق ليس الأعلى كما كان يظن.
وبعد ذلك يقول كيم إنه قرر دراسة الإسلام، فرجع إلى كوريا وزار المسجد المركزي في سول ليتعلم المزيد، وهنا يقول "قرأت كتبا عن الإسلام لمدة 3 أشهر حتى جاءني اليقين بأن هذا الدين هو الدين الحق، فأسلمت لله رب العالمين سنة 2004، والحمد لله الذي هداني".
إعلانتزوج كيم لاحقا معلمة لغة عربية مغربية، وبدأ دراسة الشريعة في المدينة المنورة في 2007 وحصل منها على البكالوريوس ثم الماجستير، وهو الآن يحضّر لشهادة الدكتوراه في الدراسات القرآنية.
وعن عائلته، يقول الداعية إن والديه وأقاربه جميعا حاربوه، ونهره أبوه قائلا "اترك هذا الدين الغريب وإلا فلست ابني"، فخرج كيم من البيت، ومنذ ذلك اليوم إلى الآن يمتنع والده عن التواصل معه، لكنه يتواصل مع والدته سرا، بحسب قوله.
ويدعو كيم لوالديه "اللهم اهدهما، اللهم أرهما الحق حقا وارزقهما اتباعه يا رب العالمين".
كما كان للجزيرة نت لقاء صغير مع مديرة معهد تطوير الحلال في كوريا صفية كانغ التي أوضحت لنا أن مسجد سول المركزي تولى منذ عام 1994 إصدار تراخيص الحلال من خلال لجنة شرعية أشرف عليها الدكتور عبد الرحمن لي، لكن مع تنامي صادرات المنتجات الغذائية الكورية إلى الدول المسلمة زاد طلب الشركات الكورية على تراخيص الحلال، مما قاد إلى إنشاء هذا المعهد.
وعن طبيعة عملهم، تقول كانغ -التي بدأت العمل في لجنة الحلال منذ عام 2015- إن المعهد يتولى وضع آليات دقيقة لترخيص المنتجات الحلال، ويقوم بعمل لقاءات ومحاضرات مع الشركات الكورية لشرح مفهوم الحلال، ويساعد تلك الشركات في وضع المعايير اللازمة لتصنيع المنتجات الحلال، كما يتولى المعهد مراقبة احترام الشركات الشروط والمعايير.
وأضافت أنهم أصدروا حتى الآن نحو 400 ترخيص للحلال، معظمها لشركات الصناعات الغذائية والمطاعم، وتقول إن أهم منتج هو "شعيرية الرامين الكورية التي تجد إقبالا كبيرا في البلدان الإسلامية، خاصة إندونيسيا".
ويدير المعهد إلى جانب صفية كانغ شابان كوريان آخران متخصصان في الصناعات الغذائية، وهما مصطفى سو وشريف لي.
ولحسن حظنا صادفنا في المسجد أميركيا كان قادما لرؤية الإمام ليستفسر منه عن أمر، وعندما سألناه قال إنه يدعى جوناثان، وهو جندي أميركي مقيم في كوريا.
إعلانوبشكل موجز أخبرنا جوناثان أنه أسلم بفضل زوجته الفلبينية المسلمة، ويزور مسجد سول دوريا للصلاة ولقاء المسلمين.
وعن إسلامه، يقول جوناثان "أشعر هنا بالانتماء والدفء الاجتماعي، فالجميع يسلّم على الجميع كأننا عائلة كبيرة".
وختاما، فإنه على الرغم من صغر حجم الجالية المسلمة في كوريا مقارنة بأتباع الديانات الأخرى فإنها تزداد قوة وتنظيما مع مرور الوقت، ومع تزايد عدد المسلمين في البلاد -سواء من الوافدين أو الكوريين المعتنقين للإسلام- فإن الإسلام بدأ يترك بصمته على المجتمع الكوري.