التصعيد المنهجي الميداني والإعلامي والسياسي الذي اتجهت اليه إسرائيل بشكل لافت في اليومين الأخيرين يؤشر الى ان تركيزها على الجبهة اللبنانية بات جزءا لا يتجزأ عن الاستراتيجية التي تتبعها منذ تفجر الخلاف النادر بينها وبين الإدارة الأميركية بمواكبة صدور قرار مجلس الامن الأخير القاضي بوقف نار فوري في غزة.

وفي حين تصاعدت حرب التهويل بغزو إسرائيلي جديد للبنان عقب المجازر التي ارتكبها الطيران الحربي الإسرائيلي اول من امس، كانت علامة فارقة ان يصدر موقف عن البيت الأبيض في واشنطن يؤكد فيه ان "استعادة الهدوء على الحدود اللبنانية الإسرائيلية أولوية بالنسبة لواشنطن".

وبينما شيع الذين سقطوا في الغارة على الناقورة مساء اول من امس، بقيت المواجهات على حالها جنوباً ومعها تهديدات اسرائيلية بشن حرب على لبنان. في السياق، أفادت هيئة البث الإسرائيلية نقلا عن مسؤول قوله إن "الجيش الإسرائيلي سيدخل لبنان بعد الانتهاء من عملية رفح"، وذلك غداة اعلان قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أوري غوردين أن "القوات الإسرائيلية جاهزة لـ"التصرّف" على الحدود اللبنانية".

في المقابل أودعت وزارة الخارجية والمغتربين بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك نص شكوى لتقديمها أمام مجلس الامن وتناول الشكوى المجازر التي ارتكبتها إسرائيل ضد المسعفين والمدنيين في قرى الجنوب لا سيما الهبارية والناقورة وبعلبك، والتي راح ضحيتها ما يزيد عن 18 شخصا بين مسعفين ومدنيين.

واما مؤشرات القلق الدولي من التصعيد، فكان ابرزها اصدار قيادة "اليونيفيل" بيانا تلفت فيه الى "إن اليونيفيل تشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد أعمال العنف التي تحدث عبر الخط الأزرق في الوقت الحالي، حيث تسبب هذا التصعيد في مقتل عدد كبير من المدنيين وتدمير المنازل وسبل العيش" . واضافت "من الضروري أن يتوقف هذا التصعيد فوراً، ونحن نحثّ جميع الأطراف على إلقاء أسلحتهم وبدء العمل نحو حل سياسي وديبلوماسي مستدام. وتظل اليونيفيل على استعداد لدعم هذه العملية بأي طريقة ممكنة، بما في ذلك من خلال عقد اجتماع ثلاثي بناء على طلب الأطراف".
وبدوره قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عمران ريزا في بيان، تعقيباً على الأحداث الأخيرة التي وقعت في جنوب لبنان:"لقد أدت الأحداث المروعة التي وقعت خلال الـ 36 ساعة الماضية إلى خسائر كبيرة في الأرواح والإصابات في جنوب لبنان. وقُتل ما لا يقل عن  11 مدنياً في يوم واحد، من بينهم 10 مسعفين". اضاف: "أشعر بقلق بالغ بشأن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية والعاملين الصحيين الذين يخاطرون بحياتهم لتقديم المساعدة الطارئة لمجتمعاتهم المحلية"، مشيرا الى ان "الهجمات على مرافق الرعاية الصحية تنتهك القانون الإنساني الدولي وهي غير مقبولة . قواعد الحرب واضحة: يجب حماية المدنيين، بما في ذلك العاملون في مجال الرعاية الصحية. ويجب حماية البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الصحية".
وكتبت" نداء الوطن": لم تهدأ أمس المواجهات على الحدود الجنوبية، لكنها تراجعت مقارنة بليل الأربعاء حيث جعلت الغارات والقصف الصاروخي الوضع على شفير الحرب المفتوحة. وبدا التأرجح في مستوى التصعيد صدى لسياسة إسرائيلية كشف عنها أمس الإعلام العبري، الذي أفصح عن «أنّ تل ابيب ما زالت تضع الأولوية لحرب غزة، فاذا ما تم التوصل الى صفقة أسرى، يتجه البحث عندئذ الى الاقتراح الأميركي حول الشمال (الحدود مع لبنان)، وهو اقتراح جيد مع ضمانات دولية لتطبيق القرار 1701. فاذا لم ينفّذ القرار ننقل الوحدات العسكرية الى الحدود الشمالية، وندخل حتى الليطاني لتنفيذ القرار بالقوة». وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية نقلاً عن مسؤول عسكري قوله: «الجيش الإسرائيلي سيدخل لبنان بعد الانتهاء من عملية رفح».
ناحيتها، قالت رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني: «إنّ السلام لا يبنى بالكلام، بل بالردع»، وذلك خلال زيارتها القوة الإيطالية في «اليونيفيل» في الجنوب لشكر جنودها على خدمتهم قبل عيد الفصح. وخاطبتهم قائلة: «السلام لا يبنى بالمشاعر والكلمات الطيبة، فالسلام هو، قبل كل شيء، الردع والالتزام والتضحية». وأوضحت أنّ «هذه أيام صعبة للشرق الأوسط وأوروبا والعالم».
وكتبت" اللواء": خلافاً لما كان يُرسم في الدوائر الأميركية والغربية من أن قرار مجلس الأمن الدولي، الهادف الى وقف اطلاق النار في غزة، وفتح المجال امام المساعدات الانسانية، ومواصلة جهود المفاوضات لإطلاق الاسرى والمحتجزين، فإن الوضع المتفجر في القطاع أخذ في التزايد، مما يعني أن جولات العنف والقتل والإبادة، لم تشفِ غليل مجرم الحرب في إسرائيل بنيامين نتنياهو، ومجلس حربه، الذي ألغى جلسة له امس، كانت ستتطرق إلى ملف الرهائن، ليعود ويترأس اجتماعاً للمجلس الوزاري المصغّر في القدس.
وسط ذلك، ومع اطلالة، للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم، لمناسبة يوم القدس، اتجهت الأنظار في الـ48 ساعة الماضية، الى تطورات الوضع الجنوبي الحدودي، في ضوء خروج جيش الاحتلال عن «قواعد الاشتباك» والانصراف الى قصف السيارات والمقاهي والمنازل التي يتواجد فيها المدنيون، ليسقطوا شهداء من اجل توتير الاوضاع، وجرّ البلاد الى حرب متوسِّعة.
وتوقعت مصادر ذات صلة ان تشكل الكلمة اليوم تحولاً مفصلياً في رسم مسارات المواجهة القادمة في ضوء مراجعة لحرب الاشهر الستة، من غزة الى سائر جهات الإسناد، ومن بينها لبنان.
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

ميقاتي: نحن في حالة حرب في الجنوب  

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، السبت، “نحن في حالة حرب، والتهديدات التي نتعرض لها ما هي إلا نوع من الحرب النفسية”.

وأضاف ميقاتي من مقرّ قيادة قطاع جنوب الليطاني في الجيش اللبناني في مدينة صور ، “التهديدات التي نشهدها هي نوع من الحرب النفسية، والسؤال الذي يتردد على كل الألسن هل هناك حرب؟ نعم نحن في حالة حرب وهناك عدد كبير من الشهداء من مدنيين وغير مدنيين والعديد من القرى المدمّرة بسبب العدوان الاسرائيلي”.

وأكد ميقاتي أن السؤال البديهي، ” لو لم يكن الجيش موجوداً في الجنوب هل كان بالإمكان إجراء الامتحانات للطلاب”.

وأكمل قائلا: “في كل المحطات نجدد التأكيد ان الجيش هو السند وسياج الوطن بكل ما للكلمة من معنى”.

ومنذ السابع من أكتوبر يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر حدود لبنان الجنوبية بشكل شبه يومي، وتصاعدت حدّة التوترات بين الطرفين في الأيام الأخيرة مع تزايد المخاوف من اندلاع حرب واسعة قد تشعل نزاعا إقليميا.

وأدّى القصف المتبادل منذ أكثر من ثمانية أشهر بين حزب الله والجيش الإسرائيلي إلى مقتل 482 شخصا على الأقل في لبنان، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة “فرانس برس”.

وفي الجانب الإسرائيلي، قُتل ما لا يقل عن 15 عسكريا و11 مدنيا، بحسب السلطات الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • المعارضة: ندعو إلى عقد جلسة مناقشة نيابية لموضوع الحرب الدائرة في الجنوب
  • إعلام إسرائيلي يكشف نهاية الحرب خلال 10 أيام... ماذا عن جبهة لبنان؟
  • "رويترز": نازحو الجنوب اللبناني في قلب المعاناة.. ومخاوف من التصعيد
  • تقرير: غالانت أيّد فتح جبهة في الشمال ضد حزب الله ثم تراجع
  • البحرين تدعو لتجنب التصعيد العسكري بين لبنان وإسرائيل وتطالب مجلس الأمن الدولي بتدخل عاجل
  • البحرين تدعو إلى تجنب التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية
  • البحرين تدعو إلى تجنب التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية الإسرائيلية
  • البحرين تدعو إلى ضرورة تجنب التصعيد العسكري على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية
  • ميقاتي: نحن في حالة حرب في الجنوب  
  • الامتحانات الرسمية جنوبا بـحماية الجيش واليونيفيل.. ميقاتي: الامتحانات تجري بشكل طبيعي