الجديد برس:

ثمّة في المؤسسات العسكرية والبحثية الغربية، من يفكر بشكل جدّي وعميق في جدوى إدارة الصراعات والحروب بآليات الحرب العالمية الثانية، باعتبار ذلك لم يعد مجدياً، في وقت بات فيه الخصوم يمتلكون تقنيات حديثة ورخصية يمكنها إبطال قدرات الأساطيل الحربية الكبيرة. فالتكلفة العالية لاعتراض هجمات “أنصار الله”، أثارت قلقاً لدى “البنتاغون”؛ إذ تحتاج واشنطن إلى صاروخ بقيمة مليونَي دولار لإسقاط طائرة مسيّرة كلفتها 2000 دولار.

وكلما زاد عدد الهجمات باستخدام المسيّرات، ستكون الكلفة أكبر على أميركا وحلفائها. ولم تعد العبرة الاستراتيجية ممّا يحصل في البحر الأحمر تكمن في عدد السفن الحربية الغربية، بل في أساليب وطرق مواجهة قدرة اليمن على تعطيل الممرّ البحري بالإمكانات المتوفّرة لديه من مثل الصواريخ المتمركزة على الشواطئ، والمسيّرات القادرة على ضرب الأهداف على بعد مئات، وحتى آلاف الأميال في البحر، والتي تشكّل تهديداً يوازي أو يفوق التهديد الذي تمثله السفن الحربية. والحديث هنا، عن قدرات يمنية تُحدِث ثورة في مجال الحرب البحرية، كما فعلت حاملات الطائرات خلال القرن المنصرم.

ويرى الخبراء العسكريون أن البحارة الأميركيين في البحر الأحمر باتوا في حالة من التعب والتوتر، وهم مُجبرون في كل مرة على القيام بكل شيء بشكل صحيح، وأن يعملوا طوال الوقت وفق القاعدة التي يعتمدها خبراء المتفجرات وهي أن “الخطأ الأول هو الخطأ الأخير”.

في المقابل، لا يحتاج مقاتلو “أنصار الله” سوى إلى أن يكونوا محظوظين لمرّة واحدة في استراتيجية النفس الطويل التي يصفها الغرب بـ”المباراة الطويلة”، في انتظار وقوع الكارثة بالضربة القاضية. وفي الصورة الأعم، تفكّر القوى الغربية بما بعد حرب غزة، إذ إن التداعيات الطويلة الأمد لما يجري في البحر الأحمر لن تتوقّف بانتهاء تلك الحرب.

فالأمر بدأ ينسحب على الصراع المقبل مع الصين، حيث تثير التقييمات الغربية لما يحدث في البحر الأحمر، وكذلك الحرب الروسية – الأوكرانية، القلق حول أن العقيدة العسكرية الغربية لم تعد صالحة بالقدر الكافي للتعامل مع التقنيات الناشئة، وخصوصاً أن الصين تمتلك، فضلاً عن الجيوش النظامية، أنظمة مزودة بتقنيات ناشئة من مثل الزوارق السطحية المستقلّة، وأنظمة العوامات المتقدّمة، وأنواعاً مختلفة من الطائرات المسيّرة.

كما لديها صواريخ متنقّلة مضادة للسفن، ومسيّرات على كامل خطها الساحلي الذي يبلغ طوله نحو 19 ألف ميل”. وينبّه الخبراء إلى أن “تدمير هذه الصواريخ والمسيّرات الصينية، سيشكّل تحدياً أكبر للبحرية الأميركية مقارنة مع أنصار الله”.

من المرجّح أن تعتمد البحرية الأميركية في المستقبل على سفن حربية أصغر وأسرع

وعليه، أدت استراتيجية “أنصار الله” في الحرب اللاتناظرية واللامتكافئة في مواجهة حلف “الناتو” بشقّيه: “حارس الازدهار” الأميركي – البريطاني و”أسبيدس” الأوروبي، إلى إجبار “الأطلسي” على إعادة تقييم ليس فقط التهديدات المحدقة على المستويين الاستراتيجي والتكيتكي، بل مُجمل المفاهيم والمبادئ والسياسات والتكتيكات والتقنيات والتدريبات والأساليب المُستخدمة، وإعادة النظر في التسليح.

وبحسب خبراء غربيين، فإن من المرجّح أن تعتمد البحرية الأميركية في المستقبل على سفن حربية أصغر وأسرع ومزودة بصواريخ، بدلاً من الدفاعات الجوية الكبيرة، وأن تدعم هذه السفن بمركبات غير مأهولة في الجو والسطح وتحت الماء.

ووصفت صحيفة “ناشيونال أنترست” الأميركية الوضع الحالي بأنه “كابوس البحرية الأميركية الجديد”، وتساءلت: “هل انتهى عصر السفينة الحربية الكبيرة؟” لتجيب “نعم، لقد انتهى عصر السفن الحربية الكبيرة الباهظة الثمن مثل البوارج”.

غير أن التغيّرات الكبيرة والجذرية في البحرية الأميركية تحتاج إلى متطلبات قد يكون متعذّراً في الوقت الحالي تنفيذها. وعليه، ولردم الفجوة العسكرية التي فرضتها استراتيجية الحرب اللاتناظرية مع صنعاء؛ عمدت واشنطن بشكل أولى إلى إرسال فرق فنية وعسكرية، في محاولة لمعالجة الإخفاقات في منظومات السلاح المتنوّعة للأسطول البحري التابع لها واستخلاص العبر.

ويقود “مركز تطوير الحرب البحرية والألغام” جهداً لتطوير تكتيكات الحرب السطحية، ودمجها في عمليات التدريب، وتوفير الخبرة التكتيكية للأسطول.

ويدرس الفريق كذلك الاشتباكات التي تخوضها السفن والطائرات الأميركية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التهديدات التي تشكّلها قوات “أنصار الله” لفهم كيف يمكن تعديل العمليات وتقوية القدرة على اكتشاف الطائرات المسيّرة والصواريخ والعمل على إسقاطها بشكل أفضل.

كما ينظر المركز في القدرات الجديدة التي قد يحتاج إليها الأسطول لحماية سفنه، وكذلك السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.

ومن ضمن المهام أيضاً، ما طوّرته البحرية الأميركية وشركة “لوكهيد مارتن” ضمن عملية “Aegis Speed to Capability”، التي تسمح بإجراء تغييرات صغيرة بسرعة على برنامج النظام القتالي، بدلاً من انتظار الدمج في عملية التطوير الرئيسة.

ويعتمد الفريق القائم على هذه العملية، على ما توفّره السفن والطائرات من “قصص مصوّرة” لما حدث في كل اشتباك، بالإضافة إلى البيانات التي جرى جمعها بواسطة الرادارات وأجهزة الاستشعار والأنظمة القتالية، والتي يجري فحصها بشكل سريع، قبل أن يرسل الفريق إلى السفن تعليقات فورية، أو توصيات بتغييرات في التكتيكات، أو أيّ شيء جديد يراه في سلوك القوات اليمنية، أو طرق جديدة لرؤية التهديد والاستجابة له بشكل أفضل، أو غير ذلك من الدروس العاجلة.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: البحریة الأمیرکیة فی البحر الأحمر السفن الحربیة أنصار الله

إقرأ أيضاً:

واشنطن: ملتزمون باستعادة أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر

عدن (الاتحاد)

أخبار ذات صلة روسيا: استعادة الثقة مع أميركا ستتطلب وقتاً وجهوداً مستمرة الصين: لا رابح في الحرب التجارية ومعاداة العالم ستؤدي للعزلة الذاتية

أكدت الولايات المتحدة الأميركية التزامها باستعادة أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر، معتبرةً أن هجمات الحوثيين على خطوط الملاحة العالمية عرقلت جهود تحقيق مستقبل مشرق للشعب اليمني.
وجدد السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، التزام الولايات المتحدة بدعم تطلعات الشعب اليمني نحو السلام والازدهار، وإيجاد وضع أفضل لتحقيق حل سياسي شامل، وتمكينِ اليمنيين من المضي قُدُماً نحو مستقبل أكثر أملاً لبلادهم، إضافة الى استعادة أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
وأشار السفير فاجن، خلال حفل استقبال نظمته سفارة الولايات المتحدة الأميركية لدى اليمن، بمناسبة اليوم الوطني الـ 249 لاستقلال الولايات المتحدة، إلى أن «هجمات ميليشيات الحوثي غير القانونية على خطوط الملاحة العالمية عرقلت جهود تحقيق مستقبل مشرق للشعب اليمني».
وأكد السفير الأميركي، أن «الضربات الجوية المُركّزة، تستهدف ميليشيات الحوثي وقدرتهم العسكرية فقط، وليس المدنيين اليمنيين المختطفين في مناطق سيطرتهم، والتخلص من المنشآت الحوثية لمستودعات الأسلحة ومصانعها، ومراكز القيادة والسيطرة، ومواقع أخرى، يستخدمونها لتوجيه هجماتهم الصاروخية، والطائرات المسيّرة، والقوارب المفخخة، والتخلص من كبار القادة الحوثيين».
ولفت فاجن، إلى أن الولايات المتحدة تعمل بشكل مكثف لمنع تدفق الأسلحة إلى الحوثيين، ورفع مستوى التعاون مع الشركاء، والعمل على توقف التدفق المالي للحوثيين. 
وفي سياق آخر، أعرب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، عن إدانته واستنكاره الجريمة الحوثية أمس الأول، ضد المدنيين في مديرية «حيس» بمحافظة الحديدة، باستخدام طيران مسيّر استهدف منزلاً في قرية «بيت بيش»، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أطفال من أسرة واحدة.
وأوضح الإرياني في تصريح صحفي نقلته وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، أن «هذه الجريمة المأساوية تضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات التي ترتكبها ميليشيات الحوثي ضد المدنيين الأبرياء في مختلف المناطق المحررة، في تجسيد واضح لنهج الميليشيات التي لا تميز بين طفل أو امرأة أو شيخ، وتستمر في قتل وتشريد الشعب اليمني من دون رحمة».
وأكد الإرياني، أنه «وفي الوقت الذي يزايد فيه عبدالملك الحوثي في تصريحاته، يستمر في قتل المدنيين في المناطق المحررة، وبخاصة الأطفال والنساء، وتهجيرهم وتشريدهم»، مشيراً إلى أن «هذا التناقض الصارخ يفضح حقيقة شعاراته، التي لا تعدو كونها مزايدة رخيصة لا تُسمن ولا تغني أمام الجرائم اليومية التي يرتكبها بحق اليمنيين».
ودعا الإرياني إلى «تحرك دولي جاد وفوري لوقف هذه الجرائم التي يدفع ثمنها المدنيون الأبرياء، ومحاسبة مرتكبيها من قيادات وعناصر ميليشيات الحوثي، واتخاذ خطوات ملموسة لحماية المدنيين».

مقالات مشابهة

  • كاتب أميركي يشكك في فاعلية التصعيد الأميركي ضد أنصار الله
  • واشنطن: ملتزمون باستعادة أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر
  • شاهد| بيان القوات المسلحة بشأن استهداف القطع الحربية المعادية شمالي البحر الأحمر وعلى رأسها حاملة الطائرات “ترومان”
  • بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن استهداف القطع الحربية المعادية شمالي البحر الأحمر على رأسها حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” (إنفوجرافيك)
  • ناشيونال إنترست: اليمنيون يفرضون معادلة بحرية جديدة والبحرية الأمريكية منهكة وغير قادرة على المواجهة
  • السفينة الحربية الصينية التي أظهرت تخلف البحرية الأميركية
  • القيادة المركزية الأمريكية: لن نتسامح مع أي جهة تدعم منظمات إرهابية مثل الحوثيين
  • بيان القوات المسلحة بشأن استهداف هدف عسكري في يافا المحتلة وعدد من القطع الحربية المعادية شمالي البحر الأحمر (إنفوجرافيك)
  • شاهد| بيان القوات المسلحة بشأن استهداف هدف عسكري في يافا المحتلة وعدد من القطع الحربية المعادية شمالي البحر الأحمر
  • ناشيونال انترست: البحرية الأمريكية تعاني الإرهاق في مواجهة اليمنيين