عقد الجامع الأزهر أمس الخميس، في الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك، عقب صلاة التراويح «ملتقى الأزهر.. قضايا إسلامية»، بمشاركة ‏الدكتور محمد يسري جعفر، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، والدكتور جميل تعيلب، وكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر وأستاذ العقيدة والفلسفة، وذلك بحضور جمعٍ من علماء وقيادات الأزهر الشريف، وجاء عنوان الملتقى اليوم: «مكانة العقل في الإسلام».

مكانة العقل في الإسلام

وقال الدكتور محمد يسري جعفر إن مكانة العقل في الإسلام، ومكانته في كل الأديان، وفي كل العلوم الإنسانية عبر التاريخ الإنساني، مكانة جليلة، لذا يجب علينا تجلية هذه الحقيقة، لأن العقل جوهرة ربانية منحها الله للإنسان ليميز بها بين الحق والباطل وبين الخبيث والطيب، موضحا أنه من الواجب علينا أن نعلم أن من يضر عقله بسكر أو بتعاطي مسكر أو مخدر ليضيع قيمة العقل كالذي يضر عقله أيضا في التعامل مع النصوص الشرعية، ويقصي هذا العقل جانبا ويزعم أو يتصور أن النصوص الشرعية واضحة بنصها وظاهرها.

وأكد أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن الإسلام دين عالمي، ويجب على أتباعه أن يوضحوا هذه الحقيقة، فالآيات في القرآن الكريم كثيرة في الكلام عن العقل، يكفينا أن نقارن بين آيتين كريمتين، قوله تعالى " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون"، وقوله أيضا "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب"، وهذه الدعوة الواضحة تجعلنا نفهم مكانة العقل في الإسلام والنصوص كثيرة تدلنا على ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم بين مكانة العقل، حين بدأ تبليغ الوحي، فجمع القوم وقال "أرأيتم لو أخبرتكم بأن خيلا وراء هذا الوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي، قالوا ما جربنا عليك كذبا قط"، فحكموا بأنه صادق وكلامه مقطوع بصدقه، فكان العقل هو الذي حكم من خلال تجارب واقعية بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك لم يجرؤ أبولهب أن يقول له شيئا، فكان رده "تبا لك ألهذا جمعتنا"، اغتاظ أن تكون الرسالة فيه، أما صدقه فلم يستطع أحد أن ينازع فيه.

وأوضح فضيلته أنه وفي العلاقة بين الوحي والعقل، اختلف الناس كثيرا هل الوحي أولا أم العقل أولا، وهذه جدلية تبدو معقدة ولكنها سهلة لو أدركنا قيمة الوحي وقيمة العقل، فالعقل من الله والوحي من الله، وما كان من الله لا يمكن أن يعارض بعضه بعضا، مصداقا لقوله تعالى "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط"، فالكتاب هو الوحي والميزان هو العقل، فالإنسان حينما يقضي بين الناس يقضي بمجرد النص، أم يقضي باستخدام العقل في فهم النص، مبينا أن نبينا كان مدركا لقيمة العقل، وهناك الكثير من النصوص الواضحة في ذلك ونحن في أمس الحاجة لتطبيق تلك النصوص باستخدام عقولنا في واقع حياتنا، وهناك أسئلة ترد على الشباب والكبار والصغار، وهو ما يفرض علينا إدراك أمرين مهمين، الفرق بين خطاب الدعوة الموجه إلى أمة الإجابة، وبين خطاب الدعوة الموجه إلى أمة الدعوة، وكل الأمم تندرج تحت أمة الدعوة، فهذا الخطاب الذي نوجهه لهم ينبغي أن يكون عقلانيا من الدرجة الأولى.

ومن جانبه، أوضح الدكتور جميل تعيلب أن الدين الإسلامي هو دين العقل، ولكن العقل المنضبط، والقرآن الكريم هو كتاب العقل، فكل آيات القرآن الكريم الخاصة بإثبات آيات العقيدة ذكرها الله تعالى في صورة أدلة عقلية، وفي صورة أقيسة منطقية، وكثير من آيات القرآن الكريم تبين مكانة العقل ودور العقل، كما بين الحق سبحانه وتعالى في كثير من الآيات "إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون" وفي أخرى "يتفكرون" و"لأولي الألباب" و"لأولي النهى"، كما أمرنا الله تعالى أن نسير في هذا الكون لنتدبر في خلق الله تعالى.

درس التراويح بالجامع الأزهر: القرآن مأدبة الله من تمسك به عصمه

وبين وكيل كلية أصول الدين أن أدلة وجود الله تعالى جميعا تعتمد على وجوب إعمال العقل، ولكن كما قلنا العقل المنضبط، فالله تعالى يحاسب من لم يعمل عقله، بل إن جناية الكافرين في الآخرة واستحقاقهم الخلود في النارد أنهم لم يعملوا عقولهم "وقالو لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير" لو كانوا يتبعون العقول القويمة الرشيدة لما أوصلهم الأمر إلى أن صاروا في الآخرة في العذاب، مضيفا أن كثير من التكليفات الشرعية، كما نعلم، قال الله تعالى وقالت الشريعة أن شرطا فيها وجوب العقل، فالإسلام قد أوجب على فاقد العقل الحجر، لأنه لم يعد مؤهلا لهذا، وفي الشريعة نجد دائما الدليل العقلي بجوار الدليل النقلي، بل إن الصفات الواجبة لله تعالى هي ثلاثة عشر صفة، تسعة منها يثبت وجوبها أولا من خلال العقل، ثم يأتي الشرع مدعم لإثبات العقل، والثلاث الأخرى يكون استدلالها من خلال الشرع ويدعم العقل هذه الأدلة.

واختتم فضيلته  بأن التطبيقات العملية لأهمية العقل في الإسلام تفيد بأن كل قضايا العقيدة من خلال أدلة عقلية، بل وفي سورة منطقية، إثبات وحدانية الله تعالى في قوله "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا" وهذا دليل منطقي، لأنهما لم يفسدا، وهذا يدل على وجود إله واحد وينتفي وجود أكثر من إله، وأيضا الحق تعالى ذكر الكثير من الأمثلة لإثبات وحدانية الله منها "يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له"، فهذه الذبابة التي هي من أقل الكائنات، لن تستطيع كل الآلهة مجتمعة لخلقها ما استطاعت، وهذا دليل عقلي أيضا، فالعقل هو مناط التكليف والقسمة المشتركة بين الناس جميعا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجامع الازهر شهر رمضان صلاة التراويح ملتقى الأزهر القرآن الکریم الله تعالى من خلال

إقرأ أيضاً:

من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟

يُوصف محمد حيدر بأنه "العقل الأمني" لحزب الله، ومن قادة الصف الأول، بينما وصفته إسرائيل بأنه "الرجل الذي أدار الحرب في الأسابيع الأخيرة".

وُلد في بلدة قبريخا عام 1959، ودرس في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، كما تخصص في التخطيط الإستراتيجي. بدأ حياته المهنية في شركة طيران الشرق الأوسط، قبل أن ينتقل إلى العمل الحزبي، ثم السياسي، وصولًا إلى المسؤوليات العسكرية، ليصبح أحد أعلى القيادات الأمنية في حزب الله.

تولى محمد حيدر العديد من المناصب في الحزب، منها: نائب رئيس المجلس التنفيذي، وعضو مجلس التخطيط العام، ومسؤول عن العمل الإجرائي التنفيذي في الوحدات المركزية للحزب.

شغل منصب نائب عن محافظة بعلبك عام 1992، ثم نائبًا عن دائرة مرجعيون - حاصبيا بين عامي 2005 و2009.

ازداد نفوذه داخل الحزب بعد اغتيال عماد مغنية عام 2008، وتوسّع دوره أكثر بعد اغتيال مصطفى بدر الدين عام 2016. يُعتبر حيدر أحد القادة الثلاثة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، إلى جانب طلال حمية وخضر يوسف نادر.

بحسب موقع إنتيلي تايمز، كان حيدر مسؤولًا عن تطوير مشاريع عسكرية سرية يديرها حزب الله باستخدام الوحدة 8000 في "فيلق القدس"، من خلال نقل وسائل قتالية ومستشارين من سوريا.

في فجر السبت، 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، استهدفت غارة إسرائيلية مبنى في منطقة البسطة وسط بيروت، مما أسفر عن مقتل 20 شخصًا وإصابة 60 آخرين، حسب آخر إحصاء منشور. وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن المستهدف كان محمد حيدر، مسؤول العمليات في حزب الله. إلا أنها عادت وأعلنت لاحقًا فشل العملية.

هذه ليست المحاولة الإسرائيلية الوحيدة لاغتياله؛ ففي عام 2019، استهدفت طائرتان مسيرتان الضاحية الجنوبية في محاولة سابقة فاشلة لاغتياله.

خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، قُتل العديد من قادة حزب الله، أبرزهم الأمين العام السابق حسن نصرالله، والقائد العسكري الأول في جنوب لبنان فؤاد شكر، والرجل الثاني بعد شكر، إبراهيم عقيل، ورئيس وحدة الأمن الوقائي نبيل قاووق، بالإضافة إلى قادة من فرقة الرضوان وآخرين.

مقالات مشابهة

  • أعر الله جمجمتك
  • نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق: المغالاة في الأسعار والغش من أشكال الظلم
  • دراسة تكشف: العقل يفضل التفسيرات البسيطة والأفعال المنتجة
  • حكم سرقة وصلات الأطباق الفضائية المشفَّرة
  • دور العقل في الدين والإيمان ودعاء الحفظ من الفتن
  • "مخاطر الإدمان والمخدرات على الفرد والمجتمع".. ندوات بأوقاف الفيوم 
  • أهمية الاستغفار في حياة المسلم
  • «الأزهر» يؤكد ضرورة تحري الفتوى وعدم الاستماع إلى الآراء الخارجة عن إجماع الأمة
  • مجلس جامعة الأزهر يشدد على ضرورة تحري الفتوى
  • من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟