البدايات الأولى للعدوان.. استهداف اليمنيين في المساجد
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
يمانيون – متابعات
لا تزال المجزرة الدموية التي شهدتها العاصمة صنعاء في العشرين من مارس 2015م والتي راح ضحيتها مئات المصلين عالقة في ذاكرة اليمنيين وبالذات ذوي الضحايا.
في تلك الحادثة الإرهابية المؤلمة أقدم أربعه انتحارين على تفجير أنفسهم في أوساط المصلين أثناء أدائهم صلاة الجمعة في مسجدي بدر والحشحوش ما أدى إلى استشهاد 137 شهيداً وإصابة 357 آخرين بينهم العديد من الأطفال وكبار السن في جريمة بشعة تنافي القيم والأعراف والقوانين السماوية والإنسانية.
ويؤكد نشطاء سياسيون وإعلاميون في حديث “للمسيرة” بأن جريمتي تفجير بدر والحشحوش نفذت بتخطيط مرتب ومنظم من قبل تحالف العدوان وبتجاهل متعمد من قبل السلطة الحاكمة آنذاك، موضحين أن تلك الجريمة مثلت البداية الأولى لعدوان دولي مباشر يستهدف كافة البلد وهو ما حدث بالفعل حيث أعلن من العاصمة واشنطن بعد مرور ستة أيام من المجزرة المروعة تحالف عدواني على اليمن بقيادة النظام السعودي.
مخطط لتمزيق اليمن
ويؤكد الباحث في الشؤون الإسلامية الدكتور حمود الأهنومي أن تفجير المسجدين الذي تم في العشرين من مارس 2015م كان مقدمة لعدوان شامل على البلد.
ويوضح أن أعداء الوطن أرادوا بالعمليات الإرهابية إيجاد حالة من النزاع المذهبي في الداخل اليمني لتمزيقه مذهبياً وطائفياً كي يسهل غزو اليمن واحتلاله وهو مالم يتحقق.
ويلفت إلى أن التعايش والتسامح المذهبي اليمني الأصيل المتواجد في اليمن منذ عقود من الزمن أفشل مخططات الأعداء وجعل مؤامراتهم تذهب أدراج الرياح.
ويرى أن أعداء الوطن حرصوا على تفجير جامع بدر والحشحوش وذلك لأن العديد من قادة ورموز البلد الاجتماعيين والثقافيين الاجتماعيين يتواجدون بشكل متكرر ومستمر في هذه الجوامع، مبيناً أن العدو حرص من خلال التفجيرات الإرهابية قبيل العدوان تصفية النخب وتحييدهم حتى لا يكون لهم تأثير كبير وفاعل في مواجهة العدوان.
ويلفت إلى أن تنفيذ التفجيرات الإرهابية في مساجد الحشحوش وبدر والإمام الهادي جاء بأسلوب مباشر من قبل تحالف العدوان، مستدلاً بما تم تداوله في قنوات العدوان العربية والحدث واللتين أعلنتا بعمليات التفجير في الثلاثة المساجد، وذلك بحسب الخطة التي وصلت إليهم وفي حينها لم يعلموا آنذاك بفشل عملية تفجير الإمام الهادي.
من جهته يرى الناشط الإعلامي أسامة المحطوري أن جريمتي تفجير بدر والحشحوش نفذت من خلال منظومة العدوان السعودي والتي استغل ووظف التوليفة الفكرية التكفيرية لتنفيذ مثل هذه الجرائم الشنيعة.
ويوضح أن استهداف جامع بدر والحشحوش، وكذا جامع الإمام الهادي والتي فشلت عملية التفجير آنذاك جاء نظراً لما تمثله هذه المساجد من رمزية لأنصار الله باعتبارها معاقل جهادية تعبوية.
ويقول: ” القيام بتلك العمليات الإرهابية جاء كمحاولة لإيجاد تشظي طائفي كما حصل في أفغانستان والعراق في البيئة اليمنية التي لا تقبل ذلك؛ ولكن الجماعات التكفيرية التي تخدم التوجه الأمريكي والإسرائيلي توجهت نحو هذه الفعلة بتدبير أمريكي إسرائيلي مع عملائهم لخلق حالة اختلال أمني وهزة معنوية كمقدمة للعدوان على اليمن”.
ويضيف : ” ولكن ذلك فشل وكانت النتيجة عكس ذلك تماماً، وزاد الوعي بخطورة الفكر التكفيري الخبيث وضرورة التصدي له ولأربابه ومشغليه”.
محاولة بائسة لإسكات الحق
بدوره يقول الناشط السياسي والإعلامي عبد العزيز أبو طالب : “في محاولة فاشلة لإعاقة انتشار المسيرة القرآنية قامت الجهات المعادية باستهداف المراكز التي استقبلت المسيرة والمشروع القرآني، وبدأت بتصديره للمجتمع ومنها الجوامع التي تبنت المشروع القرآني، وكان أبرز هذه الجوامع جامع الحشحوش ومركز بدر، إضافة إلى أن هذين الجامعين يقوم عليهما شخصيتان مؤثرتان هما الشهيد الدكتور المرتضى المحطوري والدكتور طه المتوكل، واللذان كان لهما الأثر الكبير في تحشيد المجتمع وكشف فساد النظام وتبعيته للأمريكي”.
ويضيف: “لذلك كان القرار بتفجير بيوت الله والراكعين الساجدين فيها من الأبرياء لتكون رسالة بألا تذهبوا مجدداً إلى المساجد التي تتبنى المشروع القرآني”، إضافة إلى إسكات الأصوات الصادحة بالحق”.
ويزيد :” ولكنها فشلت وكانت نتائجها عكسية إذ اتضح للشعب اليمني أن هذه التفجيرات، وإن تمت بأيادي تدعي الإسلام إلا أن المستفيد منها هو العدو الأمريكي والصهيوني، فازداد الشعب يقيناً بأهمية المشروع القرآني وتأثيره على العدو.
ويؤكد أبوطالب أن تنفيذ العمليات الإرهابية في العاصمة صنعاء كان بتواطئ من النظام السابق آنذك، والذي وفر تسهيلات أمنية كبرى للتكفيريين ما يوحي بوجود تنسيق مسبق وضمانات للإفلات من الملاحقة والعقاب كما هي عادة الجماعات التكفيرية في البلدان العربية.
ويشير إلى أن ما يثبت تأكيده في تواطئ النظام السابق مع الإرهابيين سقوط أركان النظام السابق وهروب الكثير من قادته إلى المناطق المحتلة، حيث هربت معهم الكثير من عناصر القاعدة وداعش، موضحاً أن من تبقى منهم تمكنت الأجهزة الأمنية الوطنية من ملاحقتهم وضبطهم.
ويختتم أبو طالب حديثه بالقول: ” ظهر ذلك جلياً في انخفاض العمليات التكفيرية في المناطق الحرة في صنعاء إلى الصفر، بينما ارتفعت وتيرة العمليات التكفيرية في المناطق المحتلة
يوم دامٍ
في تلك الحادثة الدامية استشهد مئات الأبرياء وخيم الحزن أرجاء البلد بحسب ما يقوله مدير الإعلام بالهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء نجم الدين إدريس.
ويرى أن الفكر الوهابي التكفيري حرص من خلال التفجيرات الإرهابية لتلك الجوامع القضاء على الكوادر العلمية والسياسية والاجتماعية للمذهب الزيدي والمسيرة القرآنية.
ويؤكد إدريس أن جامع بدر و الحشحوش وكذا الإمام الهادي كانا من أبرز الجوامع الزيدية والتي كان لها دور بارز وكبير جداً في مواجهة الفكر الوهابي الذي اجتاح الجزيرة العربية، موضحاً أن شهيد المنبر الدكتور مرتضى المحطوري جعل من مسجد بدر منارة لتخرج الآلاف من الكواكب المتعلمين والذين تقع على عاتق غالبيتهم الكثير من المسؤوليات والمهام الوطنية.
ويشير إلى أن جامع الحشحوش كان له دور بارز في ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر التي اقتلعت جذور الفساد وأخرجت اليمن من الوصاية، لافتاً إلى أن الدكتور طه المتوكل شكل آنذاك منارة لتحرك الآلاف من الشباب وتحفيزهم للثورة ضد النظام المرتهن للخارج.
– المسيرة نت: محمد ناصر حتروش
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
وصية القزاز للمعارضة المصرية.. حوار وطني جامع
قبل ساعات قليلة من وفاته يوم الأربعاء الماضي 18 كانون الأول/ ديسمبر 2024، حرص الأكاديمي والسياسي المصري يحيي القزاز على توجيه وصية سياسية لرفاق دربه من القوى السياسية في مصر، وخص بالرسالة الحركة المدنية الديمقراطية، لكنه أرسلها بشكل منفرد أيضا إلى العديد من أصدقائه لعلها تجد صدى، وقد كانت بمثابة النداء الأخير منه للمعارضة المصرية للمسارعة بعقد حوار وطني جامع على قاعدتي المواطنة والدولة المدنية.
كان القزاز سياسيا وأكاديميا مصريا صعب المراس، قضى حياته مناضلا من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، شارك في تأسيس حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، وفي تأسيس حركة كفاية، وكذا في تأسيس حركة تمرد التي كانت الواجهة الشبابية المدنية للجيش للانقلاب على الرئيس محمد مرسي رحمه الله، لكنه اختلف مع السلطة الجديدة عقب تفريطها في جزيرتي تيران وصنافير، ثم فشلها في إدارة أزمة سد النهضة الأثيوبي، وأصبح واحدا من ألد خصومها. ودفع ثمنا باهظا لذلك باعتقاله، وفصله من عمله الجامعي، وأخيرا حصار أسرته، ومنع نجله من السفر للعمل في إحدى الدول العربية التي حصل على عقد للعمل فيها، وكذا منع زوجته من السفر لأداء العمرة بطريقة مهينة، ووضع الأسرة عموما على قوائم الاشتباه والمنع من السفر، وهو ما لم يستطع القزاز احتماله، فنقل إلى المستشفى لعدة أيام فارق بعدها الحياة.
الوصية التي أوصى بها القزاز المعارضة المصرية التي انتمى إليها ردحا من الزمن، وكان من أبرز وجوهها، كانت بحق وصية مودع، ظهر ذلك في صياغتها، وفي تفصيلاتها، وقد جاءت عقب سلسلة من التغريدات التي حذر فيها من تصاعد المخاطر على مصر من جميع النواحي
وقد وجه قبل وفاته العديد من الرسائل العلنية للنظام للتوقف عن ملاحقة ومعاقبة أسرته التي لا ذنب لها، بل دعا السيسي مباشرة للقبض عليه واعتقاله شخصيا، أو حتى الأمر باغتياله، بدلا من معاقبة الأسرة.
الوصية التي أوصى بها القزاز المعارضة المصرية التي انتمى إليها ردحا من الزمن، وكان من أبرز وجوهها، كانت بحق وصية مودع، ظهر ذلك في صياغتها، وفي تفصيلاتها، وقد جاءت عقب سلسلة من التغريدات التي حذر فيها من تصاعد المخاطر على مصر من جميع النواحي، وفي آخر تغريدة له قبيل وفاته كتب: "واضح أن السلطة مستمرة في غيها وعنادها، ولم تتعلم شيئا من ماض ولا من حاضر.. الخطر يحيط مصر من جميع الجهات. والحوار من طرف واحد لرأس السلطة هو تقطيع طرق النجاة لمصر وخنقها.. عناد الحكام يدمر الدول لأنهم يملكون سلطة القرار، والشعب يدفع الثمن.. السياسات الحالية تعجل بتدمير الدولة ورحيل السلطة".
حرص القزاز في دعوته على شمولها للجميع، مستشهدا بدعوة المجتمع الدولي لحوار مجتمعي سوري بلا إقصاء بمن في ذلك من قامت الثورة عليهم، ومؤكدا ضرورة أن تكون الدعوة للحوار في مصر بمبادرة وطنية (بيدي لا بيد عمرو)، وأن لا تستثني أحدا إلا من يرفض قاعدتها، وأن يصل الحوار إلى توصيات حقيقية، وتحميل كل طرف مسئوليته. ولم ينس القزاز في نهاية دعوته التنبيه إلى احتمال اعتقال الداعين والمشاركين، لكنه يرى أن هذا الاعتقال نتيجة عمل لإنقاذ الوطن سيكون أفضل من الاعتقال بلا سبب!!
عرفت القزاز رحمه الله مبكرا، وتعمقت علاقتنا في أيام الثورة المصرية، لكننا تباعدنا مع تباعد مواقفنا السياسية، ثم استعدنا علاقتنا الطيبة بعد انتقاله من مربع الدعم إلى مربع المعارضة للنظام. تناقشنا كثيرا حول هموم الوطن، والسعي لإنقاذه، ورغم خصومته الشديدة لجماعة الإخوان المسلمين إلا أنه أقر في نهاية حياته أن الوطن يسعنا جميعا، بل لا نجاح لأي جهد لإنقاذه إلا بمشاركة الجميع بمن فيهم الإخوان، وراح ينشر هذه التوجهات عبر تغريداته على موقع إكس (تويتر سابقا)، حيث لم يكن من رواد فيسبوك، كما حرص على استمرار التواصل معي حتى في لحظات مرضه، وكان من بين ما ناقشناه فكرة الحوار الوطني الجامع التي كتبها في وصيته الأخيرة.
الأجواء مهيأة الآن للبدء في تنفيذ هذا الحوار الجامع على القاعدتين اللتين ذكرها الفقيد في وصيته، وهناك الكثير من الأصوات العاقلة تعالت مؤخرا في هذا الاتجاه، خاصة بعد انتصار الثورة السورية، وتمكنها من الإطاحة بحكم الأسد رغم ما توفر له من حماية عسكرية وأمنية محلية وخارجية
لم تكن الدعوة لحوار وطني شعبي غائبة من قبل، بل تم تنفيذها بالفعل على مستوى المعارضة المصرية في الخارج وبمشاركة من بعض الشخصيات في الداخل، وذلك عقب دعوة السيسي لحوار وطني اقتصر على مكونات تحالف 30 يونيو (ليس جميعها)؟ وقد استمر الحوار الشعبي في الخارج لمدة 17 يوما، (7-24 آب/ أغسطس 2022)، ودارت نقاشاته حول 3 محاور في السياسة والاقتصاد والأمن القومي. وقد تزعّم هذا الحوار الدكتور أيمن نور، والدكتور حلمي الجزار، والدكتور ممدوح حمزة، لكن دعوة يحيي القزاز جاءت من الداخل، حيث يخشى معظم رموز المعارضة المشاركة مع معارضة الخارج تجنبا للملاحقة الأمنية.
والسؤال الآن: هل سيبادر رفاق يحيي القزاز سواء في الحركة المدنية التي وجه لها وصيته أو غيرها من الرموز السياسية لإنفاذ هذه الوصية؟
في اعتقادي أن الأجواء مهيأة الآن للبدء في تنفيذ هذا الحوار الجامع على القاعدتين اللتين ذكرها الفقيد في وصيته، وهناك الكثير من الأصوات العاقلة تعالت مؤخرا في هذا الاتجاه، خاصة بعد انتصار الثورة السورية، وتمكنها من الإطاحة بحكم الأسد رغم ما توفر له من حماية عسكرية وأمنية محلية وخارجية. والجميع الآن سواء داخل الحركة المدنية أو خارجها في اختبار عملي لإنفاذ هذه الوصية، والتي هي فرصة جديدة لإنقاذ الوطن.. رحم الله يحيي القزاز وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
محمد باكوس
لا يفوتني في هذا المقام نعي وطني مصري آخر هو صانع المحتوى محمد باكوس، والذي وافته المنية أمس السبت في العاصمة القطرية الدوحة التي لجأ إليها عقب انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، وقدم من خلال شاشة الجزيرة العديد من الأعمال الفنية الساخرة، ليقتصر لاحقا على قناته الشخصية على يوتيوب.
وقد ظل باكوس على اتصال بأصدقائه حتى قبل ساعات قليلة من وفاته، لكن حُرم من لقاء أسرته، التي لم تتمكن حتى من المشاركة في توديع جثمانه.. رحمه الله رحمة واسعة.
x.com/kotbelaraby