أسامة عبد الماجد .. ذكرى المبروك ..
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
أسامة عبد الماجد .. ذكرى المبروك ..
¤ (لسنا فقهاء سلطان).. كانت تلك بداية اجابة للأمين العام للحركة الاسلامية الشيخ/ الزبير احمد الحسن على سؤال ..أنتم تقومون فقط بـ (شرْعَنة) الأفعال السياسية أو القرارات السياسية للمؤتمر الوطني لا أكثر ولا أقل.. طرحه عليه الزميل ضياء الدين بلال، في حواره معه.. وحاصره بسؤال آخر (كأنكم تنظيم مغلق؟).
¤ كان الزبير صاحب عقل مفتوح كما قلبه الذي تأذى من قحت وعصابتها في النيابة العامة الذين غدروا به ، حيث تمر اليوم – الثامن عشر من رمضان – الذكرى الثالثة لرحيله.. زجت به قحت في (السجن) وخرج منه الى (القبر)، مثله د. عبد الله البشير والشريف بدر.. وكاد ان يلحق بهم عددا من قيادات النظام السابق خاصة إبان جائحة كورونا.. بسعي حثيث من النائب العام الحبر حينها، حينما نقل لابناء المعتقلين ان ابائهم لن يغادروا المعتقلات الا محمولين على اربع.
¤ رحل الزبير، الرجل الامة عفيف اليد واللسان.. حافظ القرآن.. الصادق الذي سيجزى بصدقه.. كان مثل (نخله) شاهقة.. ومع علمه والمناصب الرفيعة التي تقلدها (وزيرا للمالية، ثم النفط والتعدين ونائبا لمحافظ المركزي) كان اكثر المسؤولين تواضعا.. استوقفني في فترة قيادته للحركة الاسلامية عمله من اجل الوحدة وجمع الصف الإسلامي والعمل على إنجاح الحوارالوطني.
¤ كانت له رؤية نفتقدها اليوم اكثر من اي وقت مضى حيث ظل يدعو في كل لقاءاته للاستعانة على العمل السياسي بالتسامح والمحبة.. وكان يطالب الجميع بالعمل سويا حتى ولو اختلفوا في البرامج.. لم اجد قياديا يتبني هذا المنهج المعتدل مثلما كان (ابو محمد).. خاصة وان الاقصاء الذي ينهش اليوم في جسد الوطن والاحزاب.. اوصلنا مرحلة الاحتراب.
¤ من اقوال الزبير: (ان الحركة الاسلامية حكمت كثيراً، حكمت وأنجزت في الاقتصاد وأسلمة المجتمع ورعاية استقلال البلد من التبعية).. لو يعلم الحسن ان بلادنا اليوم يتجاذبها الخارج من كل اتجاة لتململ.. من الدروس المستفادة من مسيرته انه ظل من المدافعين وبقوة عن الحركة الاسلامية والانقاذ بعكس اخرين من اصحاب المصالح والمنافع يرفعون شعار الخير و(الحمد) وهم ينطلقون من (منابع) الشر.
¤ دافع الحسن، عن الانقاذ في ذكراها الثامنة والعشرين، في يونيو 2017، وانها غيرت السودان نحو الأفضل والاحسن في دينه ودنياه.. كتب عنها وبكل شجاعة في صفحته على “فيسبوك” في الوقت الذي تحاشت فيه الحكومة نفسها الاحتفال بذكراها.. ممتدحا مضاعفتها لاقتصاد البلاد.. بأكثر من عشرة اضعاف..
¤ يا له من رجل مبروك ورجل امة.. وهو يحيي في رسالته الشعب الذي أنجزت الانقاذ كما قال بجهده وعرقه ودمه وتاييده ومؤازرته وصبره معها ما أنجزت.. قال نذكر به ونحن روؤسنا تتطأطا إجلالا للشعب ولانمتن عليه.. واعتذر له عن ماحدث من أخطاء وتقصير.
¤ لم بهز السجن شعرة في الزبير ولا اخوانه من القيادات وفي مقدمتهم المشير البشير.. كما كانت تامل (قحت) وظل بذات صلابته، وقد صبر قبل عقود على شرور نظام نميري الذي زج به في السجون مع كوادر الحركة الإسلامية الطلابية
¤ ومهما يكن من ينطبق على الشيخ الزبير مقولة البطل عمر المختار ( نعيش مجاهدين فوق الأرض أو شهداء تحتها).
المصدر: تاق برس
كلمات دلالية: الحركة الإسلامية
إقرأ أيضاً:
عطوان: لماذا سيدخل الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي قصف قلب يافا اليوم التاريخ من أوسع أبوابه؟
عبد الباري عطوان
من المؤكد أن الصاروخ الباليستي فرط الصوت اليمني الذي أصاب هدفه بدقة في قلب مدينة يافا الفلسطينية المحتلة فجر اليوم السبت سيدخل التاريخ، وسيحتل مكانة بارزة في العناوين الرئيسية للصراع العربي-الصهيوني لعدة أسباب:
الأول: إيقاعه إصابات بشرية ضخمة بوصوله إلى هدفه، حيث اعترف العدو الصهيوني بإصابة ثلاثين شخصاً حتى الآن، يُعتقد أن معظمهم من العسكريين، كما أحدث حرائق كبرى يمكن مشاهدة ألسنة لهبها وأعمدة دخانها من مسافات بعيدة، وهي سابقة تاريخية.
الثاني: هذا الصاروخ فرط الصوت لم يأتِ انتقاماً للعدوان الأمريكي-الصهيوني على صنعاء والحديدة، وإنما جاء في إطار استراتيجية يمنية تهدف إلى تكثيف الضربات للعمق الفلسطيني المحتل دون توقف، جنباً إلى جنب مع استراتيجية قصف حاملات الطائرات والسفن الأمريكية والصهيونية في جميع بحار المنطقة. فلليوم الثالث على التوالي، تقصف قوات الجيش اليمني أهدافاً عسكرية صهيونية بصواريخ فرط الصوت، تضامناً مع شهداء غزة.
الثالث: فشل جميع منظومات الدفاع الجوي الصهيونية المتطورة، وعلى رأسها القبة الحديدية، ومقلاع داوود، وصواريخ حيتس و”ثاد”، في اعتراض أي من صواريخ فرط الصوت اليمنية، ووصولها جميعاً إلى أهدافها. وهذا ما دفع الاحتلال إلى فتح تحقيقات رسمية لمعرفة أسباب هذا الفشل، في اعتراف ضمني بالهزيمة.
الرابع: تتميز هذه الصواريخ الباليستية الجديدة (قدس 1 وقدس 2) بتجهيزها برؤوس حربية متطورة جداً، وقدرتها الكبيرة على المناورة والانفصال عن “الصاروخ الأم” قبل وصولها إلى أهدافها، مما يؤدي إلى فشل الصواريخ الاعتراضية المعادية في اعتراضها وتدميرها.
الخامس: تحول اليمن إلى دولة مواجهة رئيسية، وربما وحيدة، مع كيان الاحتلال، رغم المسافة الهائلة التي تفصله عن فلسطين المحتلة، والتي تزيد عن 2200 كيلومتر. وهذا يعني أن الجوار الجغرافي المباشر بات يفقد أهميته في ظل وجود صواريخ فرط الصوت والمسيّرات المتطورة جداً.
ما يميز القيادتين السياسية والعسكرية في اليمن هو قدرتهما على اتخاذ القرار بالقصف الصاروخي سواء للعمق الصهيوني أو لحاملات الطائرات الأمريكية والصهيونية والبريطانية. وهذه صفة تفتقدها للأسف جميع الدول العربية والإسلامية، سواء الصغرى منها أو الكبرى، التي تفتقر إلى الشجاعة والمروءة وعزة النفس، وتبحث دائماً عن الأعذار لتبرير جبنها وتجنب الرد على الاعتداءات الصهيونية المتكررة على أراضيها أو الدفاع عن المقدسات.
الظاهرة اللافتة في عمليات القصف اليمني للعمق الصهيوني والقواعد العسكرية الحساسة فيه، أنها بدأت توقع خسائر بشرية ودماراً كبيراً، وهو أكثر ما يزعج ويرعب المستوطنين وقيادتهم، ويقوض المشروع الصهيوني من جذوره. فهذا القصف يأتي بعد هدوء الجبهة اللبنانية وسقوط سورية، ويفسد على نتنياهو وجيشه احتفالاتهم بما اعتبروه “إنجازات”. فجميع الحروب العربية الرسمية مع كيان الاحتلال كانت على أراضٍ عربية، وقصيرة جداً، ولم تصل مطلقاً إلى المستوطنين، ولم تطلق صافرة إنذار واحدة في حيفا أو يافا أو باقي المدن الفلسطينية المحتلة. ربما الاستثناء الوحيد كان عندما أطلق العراق أكثر من أربعين صاروخاً على تل أبيب أثناء عدوان عام 1991.
هذا الموقف اليمني المشرف ربما هو مصدر الأمل الوحيد للصامدين في فلسطين المحتلة، الذين يواجهون حرب الإبادة والتطهير العرقي والمجازر اليومية، بعد أن خاب ظنهم كلياً بجميع أنظمة الحكم العربية والإسلامية، خاصة تلك التي ترفرف الأعلام الصهيونية في قلب عواصمها، ناهيك عن التعاون العسكري والاستخباري والتجاري العلني والسري مع كيان الاحتلال.
غزة ليست وحدها، ويكفيها أن الشعب اليمني، أصل العرب، يقف في خندقها، ولا ترهبه الغارات الصهيونية والأمريكية، ولا يتردد في تقديم الشهداء.
الأمر المؤكد أن اليمن العظيم لن يتخلى عن غزة ومجاهديها، وستستمر صواريخه الباليستية في زعزعة أمن واستقرار كيان الاحتلال وكل القوى الاستعمارية الداعمة له. فاليمن ظاهرة استثنائية، تفوقت على الجميع في شجاعتها ووطنيتها وثباتها على الحق، وتعاملها مع العدو بأنفة وكبرياء، ومخاطبته بالصواريخ والمسيّرات، وهي لغة القوة التي يجيدها ويخشاها الأعداء… والأيام بيننا.