ترحيب فلسطيني بالتدابير الاحترازية الجديدة من محكمة العدل الدولية
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
رحبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، بقرار محكمة العدل الدولية بإصدار تدابير احترازية مؤقتة جديدة اتساقًا مع طلب دولة جنوب إفريقيا في مواجهة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأشارت الوزارة، في بيان صحفي، مساء اليوم/الخميس/ إلى أن طلب المحكمة من إسرائيل، في تدابيرها الجديدة، وقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها وقواتها، بالإضافة إلى ضرورة التنسيق مع الأمم المتحدة بشأن المساعدات الإنسانية، يؤكد ارتكاب إسرائيل هذه الجريمة البشعة كما يؤكد أهمية مؤسسات الأمم المتحدة، وعلى رفض استخدام إسرائيل التجويع كسلاح حرب من خلال تأكيد المحكمة على أن هناك مجاعة حقيقية في غزة.
ولفتت إلى أن طلب تقرير إضافي من إسرائيل يؤكد أن الوضع الحالي وخطر الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني يشتمل على خطر حقيقي لا يمكن احتواؤه أو إصلاحه.
وجددت الوزارة التأكيد على أن فلسطين ستنضم للمرافعة التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل وارتكابها لجريمة الإبادة الجماعية.. مطالبة الدول كافة بتحمل مسؤولياتها كأعضاء في إتفاقية منع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وكأعضاء في محكمة العدل الدولية، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لإلزام إسرائيل بتنفيذ التدابير الاحترازية للمحكمة، لمنع إبادة الشعب الفلسطيني ومحاسبة إسرائيل ومسؤوليها على هذه الجريمة، وتحميلهم عواقب سياسية ودبلوماسية واقتصادية.
كما طالبت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإنجاز التحقيق الجنائي، ومعاقبة المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم مرتكبو جريمة الإبادة الجماعية.
وفي السياق ذاته، بعث المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة الوزير رياض منصور، بثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (اليابان)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن مواصلة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضح الإنسانية في فلسطين المحتلة.
وتناولت الرسائل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل على نطاق، وبحجم لم يسبق له مثيل، ولا سيما في قطاع غزة، في إزدراء تام للدعوات العالمية لوقف جرائمها واعتداءاتها ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك القرار 2728 الذي تبناه مجلس الأمن قبل أيام فقط، والذي أعلنت إسرائيل فورا رفضها للقرار.
وشدد منصور، في رسائله، على أنه يتوجب على مجلس الأمن استخدام كافة الأدوات المتاحة له بموجب ميثاق الأمم المتحدة لتنفيذ قراراته، بما فيها القرار 2728 والحفاظ على السلم والأمن الدوليين، والتحرك فورا لضمان وقف إطلاق النار الفوري.
ونوه منصور بأنه خلال الـ 173 يوما، منذ أن شنت إسرائيل هذا العدوان، وحتى يوم أمس، استشهد أكثر من 32، 490 فلسطينيا وأصيب ما يقارب من 75، 000 آخرين في الهجمات الجوية والبرية والبحرية المتواصلة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وأن الأغلبية الساحقة من الضحايا هم من النساء والأطفال، حيث تجاوز عدد الأطفال وحدهم 13500 طفل من جميع الأعمار.
وأشار إلى أنه استشهد في الضفة الغربية المُحتلة، بما فيها القدس الشرقية، 438 فلسطينيا، من بينهم أكثر من 100 طفل، وإصابة أكثر من 5000 آخرين، على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المدججين بالسلاح.
وتطرق منصور إلى انتهاك إسرائيل لجميع التزاماتها كقوة احتلال، حيث تواصل اعتداءاتها على المدنيين وعقابهم بشكل جماعي، وتواصل أيضا استهداف الأهداف المدنية والبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات، منتهكة وضعها المحمي بموجب القانون الإنساني الدولي.
ولفت إلى استهداف إسرائيل مستشفى الشفاء بشكل متكرر، بما في ذلك في الأسبوع الماضي، إلى جانب مستشفيي النصر والأمل، ما يزيد من العجر في النظام الصحي في غزة.
ونوه منصور إلى حالة المجاعة والتجويع التي يعاني منها الفلسطينيون في غزة والذي تتسببت به إسرائيل، مشيرا الى أن الحصار اللاإنساني الذي تفرضه أدى إلى معاناة جميع سكان غزة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وشدد منصور في رسائله إلى أنه وبالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة، فإنها تعمل على تصعيد العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في بقية الأرض الفلسطينية المحتلة، منوها إلى أن هجمات المستوطنين المتزايدة وعنفهم ضد البدو والمزارعين والرعاة، إلى جانب القيود المفروضة من قبل قوات الاحتلال، أدت إلى التهجير القسري لأكثر من 1، 240 فلسطينيا، من بينهم 600 طفل، من 20 مجمعا رعويا في جميع أنحاء الضفة الغربية.
وأشار إلى مواصلة المستوطنين أعمال الاستفزاز والتحريض ضد المصلين الفلسطينيين، المسلمين والمسيحيين، القادرين من الوصول إلى القدس الشرقية المحتلة، موضحا أن غالبية المصلين ما زالوا محرومين من الوصول إلى الأماكن المقدسة في المدينة، بما في ذلك المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، في شهر رمضان المبارك وموسم عيد الفصح.
ولفت إلى استمرار إسرائيل في حملتها الاستيطانية والضم، حيث تواصل الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات وهدم الممتلكات، بهدف تهجير المدنيين الفلسطينيين قسرا واستبدالهم بمستوطنين إسرائيليين، في محاولة مستمرة لإحباط تقرير المصير الفلسطيني، وتدمير وحدة دولة فلسطين وإمكانية تحقيق حل الدولتين على حدود ما قبل عام 1967.
ونوه إلى قيام إسرائيل ببناء أكثر من 3400 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، إضافة الى الاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية في السنوات الثلاثين الماضية، حيث استولت على 800 هكتار (8000 دونم) في الأغوار وصنفتها بما يسمى "أراضي دولة".
وشدد منصور، في رسائله، على أن الوقت حان للعمل بشكل جماعي، بما يتماشى مع القانون الدولي، لوقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني ووضع حد لاحتلالها الاستيطاني غير القانوني ونظام الفصل العنصري.
وأكد منصور ضرورة أن تكون هناك مساءلة وعواقب على الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل بما في ذلك فرض حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وتطبيق عقوبات عليها بهدف وقف انتهاكاتها المنهجية لحقوق الإنسان وخروقاتها الجسيمة للقانون الدولي، مشددًا على أن الوقت حان لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لفرض امتثال إسرائيل للقانون ولضمان حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حق تقرير المصير والاستقلال.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: التدابير الاحترازية الضفة الغربية العدل الدولية محكمة العدل الإبادة الجماعیة التی الشعب الفلسطینی الأمم المتحدة التی ترتکبها بما فی ذلک أکثر من إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
العدالة التي تأخرت حتى صارت شريكة في الجريمة
العدالة التي تأخرت حتى صارت شريكة في الجريمة
منذ أن تقدمت حكومة السودان بشكواها الرسمية ضد دولة الإمارات إلى محكمة العدل الدولية، دخل نازحوا معسكر زمزم في سباق غير متكافئ بين تدوين مليشيا عليهم و بين تمهل القضاة الدوليين في اجراءاتهم. في الوقت الذي ترك فيه القضاة النازحين يواجهون الموت، وكانوا مشغولين بـاستجداء الأمارات علها تعترف بهم، كانت المليشيات المدعومة إماراتيًا في شغل عنهم، كانت تواصل اجتياحها لمعسكر زمزم للنازحين، وكأن حربها تحولت إلى حرب ممنهجة ضد الضعفاء، ضد من فروا من الموت ليجدوه مجددًا في مكان من المفترض أن يكون آمنا و محميا حسب القوانين الدولية.
خلال هذا الزمن الذي يفترض أن يكون مخصصًا لحماية الضحايا، و تأخر القضاة في حمايتهم، حدثت جرائم لا تقل بشاعتها عن الجرائم محل الدعوى أمام القضاة. لقد جلبت الأمارات الأساحة الحديثة التي لم تكن موجودة ومن ثم قامت المليشيا بقصف معسكر زمزم، واجتاحته بقوة السلاح، وعاثت فيه خرابًا وقتلاً دون تمييز، وكأنها تقول للمجتمع الدولي: “فليجتمع القضاة كما يشارون و لكننا سنفعل ما نشاء، ولن يوقفنا أحد”.
لكن المأساة لم تقف عند زمزم. ففي خزان مروي، تعرّضت منشآت توليد الكهرباء للقصف بالمسيرات الانتحارية و الاسترتيجية أكثر من أربع مرات، كما طال القصف محولات الطاقة الكهربائية في عطبرة والدامر، مما أدى إلى انقطاع شامل للكهرباء في ولايات السودان الشمالية و الشرقية و الوسط، لتغرق هذه المناطق في ظلام دامس. وهذا الظلام لم يكن فقط ظلامًا ماديًا، بل كان أيضًا ظلامًا إنسانيًا حقيقيًا، حيث مات المرضى في المستشفيات، خاصة من يعانون من أمراض مستعصية مثل أمراض القلب والكلى والسرطان، بسبب توقف أجهزة التنفس والتغذية والعلاج.
ألم يكن هذا وحده كافيًا لأن تتحرك المحكمة فورًا؟ أن تعقد جلسة طارئة، أو أن تصدر أمرًا وقتيًا يوقف حمام الدم هذا؟ أين كانت العدالة حين انتزعت المليشيات أجهزة العلاج من أجساد المرضى كما يُنتزع الروح من الجسد؟ لماذا بقي القضاة في أبراجهم العاجية، يتحسسون أوراق القوانين بينما يموت الأبرياء كل ساعة؟ المجزرة التي ارتكبتها المليشيا ضد النازحين في معسكر زمزم شملت كل الكادر الطبي للمعسكر و على رأسه الطبيبة د. هنادي النور، و مدير إذاعة ولاية شمال دارفور و بلغ عدد القتلى والجرحى أكثر من 500. أرواح هؤلاء جميعا معلقة في رقاب قضاة محكمة العدل الدولية لا تقل مسؤوليتهم عن مسؤولية الأمارات ولا عن مسؤولية الجندي منفذ الجريمة.
إن التأخر في رد الفعل، والصمت المريب الذي ساد قاعات المحكمة، لم يعد يُفسّر بـ “الحياد القضائي” بل صار يُقرأ كخذلان، كتحيّز لصالح الجلاد على حساب الضحية. والأخطر من ذلك، أن هذا الصمت الدولي يرسل رسالة قاتلة: بإمكان المعتدي أن يستمر كما يشاء، فلا عقاب ينتظره.
اليوم، يحق لنا أن نسأل: ما هو الدور الحقيقي لمحكمة العدل الدولية إن لم يكن حماية الأبرياء في وجه جرائم الإبادة المنظمة المستمرة؟ وإن كانت المحكمة لا ترى أن ما يجري يستحق موقفًا واضحًا وحازمًا، و أن واجبها ايقاف هذه الجرائم فورا و انقاذ هؤلاء المواطنين، فمتى إذًا ستتحرك؟ نعم أظنها سوف تتحرك، ولكن بعد أن يُباد من تبقى.
العدالة التي لا تُنصف الضحية في وقتها، تتحول إلى سلاح إضافي في يد الجلاد. ومن هنا تأتي شراكة القضاة.
د. محمد عثمان عوض الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب