الموت حق لا محالة، إلا أن الفراق صعب، والأصعب منه أن يصحو المرء على حقيقة رحيل من جعل للحياة طعماً ولوناً، وأسس دولة، أصبحت اليوم في مصاف الدول المتقدمة، بأركان اتحاد كان راعيه، والحارس والعين الساهرة على أمنه وأمانه، إلى أن توطدت أركانه، وأصبح صرحاً شامخاً، نتفيأ اليوم بظله، وننظر إلى المستقبل بعين المطمئن الذي يستشرف غده، من ماضٍ، كان كل ما فيه ينبض بحب المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
20 عاماً على رحيل القائد المؤسس، و«حكيم العرب»، وألم الفراق لم تهدئ يوماً أنّاته، والحنين يقودنا إلى «أبونا زايد» مع كل إنجاز يتحقق بسواعد أبناء الوطن، فبقدر ما تحمله هذه الذكرى من أسى الرحيل، بقدر ما تجود به من ذكريات حافلة بالإنجازات العظيمة، لعل أهمها تأسيس دولة الاتحاد على يدي الراحل الكبير، الذي تمكن خلال أعوام قليلة من تحويل هذه البقعة إلى أحد نماذج النجاح والتطور في العالم.
19 رمضان عام 1425ه، شاء الله تعالى أن نودع فيه والدنا الشيخ زايد، في شهر مبارك، لترتقي روحه إلى بارئها، تاركة خلفها ملايين الألسن من شرق الأرض إلى غربها تلهج له بالدعاء.
رحل «أبونا زايد» عن دنيانا الفانية بجسده، لتبقى ذكراه حاضرة في عقولنا ووجداننا، ويبقى حبه ساكناً في قلوبنا، نرى طيفه مع كل إنجاز، ما كان له أن يتحقق لولا إيمانه بالمواطن الذي مهَّد له طريق العلم منذ بواكير الاتحاد، وعمل على ضمان رفاهيته وسعادته.
الشيخ زايد لم يكن رئيساً لشعبه، بل كان والداً وقائداً استثنائياً، ترك بصماته الواضحة في قلوب شعبه، وفي تاريخ الإنسانية جمعاء، حيث أسس حضارة وطنية عظيمة، عمادها الوحدة، والعدالة، والتطوير المستدام.
لقد كان «أبونا زايد» رمزاً للوفاء والإنسانية، بعطاء امتد ليشمل المحتاجين في جميع أنحاء العالم، أغاثهم ببرامج ومشاريع تنموية أثبتت التزامه بمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة بين الشعوب، كما كان رمزاً للسلام والتسامح، حيث سعى جاهداً إلى تعزيز التفاهم بين الشعوب والثقافات المختلفة، والدفاع عن قضايا العدل والسلام العالمي، ورفع شعار التعايش السلمي بين جميع الأديان والثقافات.
كان «أبونا زايد» مرجعية للقيادة الحكيمة، حيث جمع بين الحكمة والشجاعة والتواضع، وكان يتمتع بقدرة استثنائية على فهم احتياجات شعبه وتوجيهه نحو مستقبل مزدهر، حيث استشرف برؤيته الثاقبة ملامح المستقبل البعيد، بما قد يطرحه من تحديات، فركز في جميع مشاريع التنمية والتحديث على طابع الاستدامة، ووضع بحنكةٍ استراتيجيةٍ ونفاذ بصيرة قيادية لبِنات اقتصاد قادر على احتواء أية تحديات قد يطرحها الآتي من الأيام.
رحل «أبونا زايد»، تاركاً حباً تتوارثه الأجيال، ورسالة تنمية وتسامح وتعايش، في وطن وقيادة وشعب، يقوده اليوم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يمضي بالإمارات على نفس طريق الوالد والقائد والمعلم، لتستمر المسيرة التنموية العملاقة بثقة واطمئنان ومحبة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات يوم زايد للعمل الإنساني الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
إقرأ أيضاً:
الشيخ حماد القباج في ذمة الله
توفي، اليوم الأحد، الشيخ حماد القباج عن عمر يناهز 48 عامًا، وهو واحد من أبرز رموز السلفية الوطنية في المغرب وأحد أعلام العلم والدعوة في المملكة.
وقد نعت الصفحة الرسمية للشيخ على موقع “فيسبوك” هذا المصاب الجلل، مؤكدةً أن “الشيخ حماد القباج رحل إلى جوار ربه اليوم، وترك وراءه إرثًا علميًا كبيرًا. كان رحمه الله من أهل العلم والدعوة، ساعيًا للخير، ناشرًا للعلم، مدافعًا عن الحق، ومحبًا للخير لأمته”.
الشيخ حماد القباج، الذي وُلد بمدينة مراكش عام 1977، بدأ مسيرته في حفظ القرآن الكريم على يد أحد مؤسسي دار القرآن التابعة لجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة في مراكش، ليكمل حفظه وتجويده بعد ذلك برواية ورش.
على الرغم من تعرضه لحادث سير في مرحلة مبكرة من حياته، مما جعله مقعدًا، إلا أنه واصل طلب العلم، ودرس السيرة النبوية، والعلوم الشرعية، والتاريخ الإسلامي.
عرف الشيخ القباج بتفانيه في نشر العلم الشرعي، وكان من أبرز الشخصيات السلفية في مراكش، حيث اقترن اسمه بدار القرآن في المدينة الحمراء، التي كان لها دور كبير في تربية الأجيال على قيم العلم والدعوة.
كما كان الراحل قد حفظ العديد من المتون العلمية مثل “الأصول الثلاثة”، “الطحاوية في العقيدة”، “الجمزورية”، “الجزرية في التجويد”، و”الآجرومية في النحو”، ليصبح بذلك مرجعية علمية لعدد كبير من الطلاب والمحبين.