الدكتور عاصم عبدالقادر يكتب: رمضان موسم إصلاح النفوس وتهذيبها
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
ليس من اليسير على الإنسان أن تتجه هِمته إلى النظر فى أمر نفسه من أجل تقويم سلوكها وإصلاح عيوبها، كما أنه ليس من اليسير أنه إن وجد فى نفسه داعية الإصلاح أن يتيسر له السبيل إلى ذلك وأن يُعان عليه، فتقويم النفس من أشقّ الأمور وأشدها على الإنسان، لاسيما إذا طال عليه أمد وهو على حالة مستقرة من الخلق والطّبع، ما يجعل أمر تغيير أى منهما عسراً غير هيّن.
فأنت ترى الصوم إذن مُعيناً على كبح جماح النفس بمُعاضدة ما يُؤثِّره فى الإنسان من حالة الضعف والانكسار، فضلاً عن الحالة الروحية التى تجعل انقياده لتوجيهات الشرع أكثر سهولة، والتى ربما جاء التوجيه بها مع الصيام ليس فقط لجعله ذا قيمة أكبر من جهة الاكتمال وحصول الثواب، بل أيضاً لاستثماره والاستفادة منه فى إعانة الإنسان على ما ربما حاوله مع نفسه مراراً أو رغب فيه من الإصلاح والتهذيب، لكن من دون جدوى تذكر.
وليس الحديث الذى ذكرناه هو فقط كل ما وجَّه الشرع به حال الصيام، فقد جاء فى غيره قوله صلوات الله وسلامه عليه: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» [صحيح البخارى] فهذا توجيه آخر باجتناب خُلقين من أشد الأخلاق فتكاً بالمجتمعات، وهما قول الزور، والعمل بالزور، والزور هنا ليس مُختصاً بالشهادة، كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان، بل يدخل فيه الكذب والغش والتدليس، وكل ما فيه انحراف عن الحق قولاً وفعلاً.
ثم إنه لا ينبغى أن يغيب عن بالنا الأساس الذى قام عليه الصيام من ترك الطعام والشراب والنكاح، والتى هى أمور -فى الأصل- قد أحلها الشرع وأباحها فى غيره، لكن ليكون هذا المنع هو الآخر أحد عوامل الإصلاح المرجو لتنبيه النفس إلى فضيلة الاقتصاد والاعتدال فى مباحات الشرع الشريف، حتى لا يؤدى الاسترسال فيها إلى نهم وشره يجران إلى الحرام، وغير ذلك كثير مما يمكن أن يفيده الصوم فى تقويم المرء لنفسه وضبط سلوكها.
هذا كله فضلاً عن كون صوم رمضان على وجه الخصوص يأتى كحالة مُجتمعية عامة، لا يشعر معها الشخص بالانفراد الذى يُصَعِّب من الأخذ بموجبات الصيام من الأخلاق الحسنة، بل على العكس من ذلك تزيد هذه الحالة العامة من تعدى الأخلاق الفردية واتساع رُقعتها لتنتشر فى المجتمع، مما يجعله بحق موسماً لإصلاح النفوس وتهذيبها وشيوع الخير فى المجتمعات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: شهر رمضان التهذيب التقوى
إقرأ أيضاً:
أستاذ علاج نفسي: الشخص غير القادر على التسامح ليس ضعيفا
أكد الدكتور أحمد هارون، أستاذ العلاج النفسي والصحة النفسية، أن الإفراط في التسامح قد يكون خطأ، موضحًا أن لوم النفس وانتظار عودة شخص قد تخلى عنك يمثل أزمة نفسية كبيرة.
أوضح الدكتور أحمد هارون، خلال تقديم برنامجه «علمتني النفوس» المذاع على قناة «صدى البلد»، أن هناك اعتقادًا شائعًا يروج بأن الشخص غير القادر على التسامح هو شخص ضعيف، مشيرًا إلى أن هذا التصور غير دقيق.
وأضاف أن بعض الأشخاص يعانون نفسيًا بسبب عدم قدرتهم على التسامح، لافتًا إلى أن كثيرًا من النفوس تجد صعوبة في مسامحة من ظلموهم، خاصة إذا كانت تربطهم بهم علاقات قوية وكان بينهم "عيش وملح".