الدكتور محمد الجندي الجعفري يكتب: من أسباب الغفلة
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
إن مواقع التواصل الاجتماعى تمثل فرصة للتواصل وتبادل التهانى فى رمضان. فيمكن من خلالها مشاركة منشورات وصور تحتوى على الأخلاق والنصائح الرمضانية، ومع ذلك، يمكن أن تكون مواقع التواصل الاجتماعى أيضاً تحدياً أحياناً خلال رمضان، لذلك من المهم أن يكون للأشخاص وعىٌ تجاه استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعى خلال رمضان، ويمكنهم استغلال هذه المنصات للحصول على فوائد إيجابية مثل نشر الفوائد والنصائح والفتاوى حول شهر رمضان.
لذلك كان استخدام التواصل التقنى فى شهر رمضان يحتاج إلى ضبط وتقويم وإلا فسيجسد جملة من معطلات الصعود الإيمانى والنقاء الروحى المرتقب من هذا الشهر الفضيل، فيظل الصائم بين مطرقة قعود روحه وسندان صعود شهواته، فمواقع التواصل الافتراضية يتجلى فيها قول الله تعالى «وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ»، كما يتجلى مع حياتنا الواقعية، ففيها ما فيها من الطيبات والخبائث، فيها من سيئ الأخلاق ما يهز أرض القيم والأخلاق هزة عنيفة تطيح برواسخ الاستقامة وتكدر النقاء فى رمضان، كما أن فيها من الحسنات ما فيها، ويتجلى خطر مواقع التواصل الاجتماعى فى رمضان عند تطويعها فيما يلهى عن ذكر الله وعن الصيام بالاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعى، ومن بين هذه الملهيات، إضاعة الوقت فى تتبع العورات والتجسس على الخصوصيات: قد يقضى الكثيرون وقتاً طويلاً على مواقع التواصل الاجتماعى، مما يؤدى إلى إهدار الوقت الثمين الذى يعد فرصة للعبادة والتأمل خلال رمضان، بل التصعيد السلبى ضد الصيام ودقائق رمضان الذهبية فى التجسس التقنى على عورات الناس عبر برامج الاختراق.
والتجسس باستخدام وسائل الاتصال شكل من أشكال تتبع عورات الناس يطفئ نور رمضان فى النفوس، ويضرب حجباً تحول بين القلوب والشعور بلذة الذكر والصيام والقيام، ويكون أحياناً بالاطلاع على مكتوبات الناس ووثائقهم وأسرارهم دون إذن منهم، وقد ألزم الشرع اللسان بالسكوت، فيسكت عن التجسُّس، والسؤال عن أحوال أحد من الناس، وإذا رأى أحداً فى طريق فلا يسأله عن غرضه وحاجته، فربما يثقل عليه، أو يحتاج إلى أن يكذب، ويسكت عن أسراره التى بثها إليه، فلا يبثها إلى غيره، ولا إلى أخص أصدقائه، ولا يكشف شيئاً منها ولو بعد القطيعة، وليسكن عن مماراته ومدافعته فى كلامه. وإن خطورة وحساسية التقنية المعاصرة فى تتبع العورات فى ظل ما نعيشه من ثورة المعلومات والاتصالات وانتشار الإنترنت فى البيوت والمؤسسات والمقاهى؛ جعل هذه الظاهرة تستحق الاهتمام والدراسة لمعرفة آثارها الاجتماعية والنفسية وغيرهما من الجوانب الأخرى العديدة.
ومن جملة الأخطار الأخلاقية والدينية المتطورة بتطور التقنية ووسائل الاتصال والتى تداهم أجواء شهر رمضان الإيمانية والروحية؛ تتبع عورات النساء وترويجها ابتغاء إشاعة الفحشاء وهتك أعراض الناس، بل ومناقشة عورات الناس وتناولها بوضعية انحرافية تؤدى إلى تدهور منظومة المكارم والقيم، ونظراً لاندماج الفرد كلية فى الاتصال مع أشخاص آخرين وتداول خصوصيات الناس وخصوصاً النسائية منها، فإنه بالطبع يشيع من خلال ذلك اتساع دائرة التخلى عن السلوك الحسن، لتحل محله سلوكيات غيرها، ولهذا يحذر المختصون فى الاتصالات الإلكترونية من ضررها على الأطفال والمراهقين ومن إمكانية انحراف سلوكياتهم وأخلاقهم.
كما أن وسائل التواصل الاجتماعى مدعاة للانشغال الذهنى فيما يضر على حساب العبادة: وذلك بالانهماك الذهنى فى مواقع التواصل الاجتماعى وعدم التركيز والتفكير العميق فى العبادة والتأمل، فالمستخدم يجد نفسه مشتتاً بالإشعارات والمحتويات غير المهمة على هذه المنصات، مما يؤثر على تركيزه ويمنعه من تحقيق الفوائد الروحية المرجوة فى شهر رمضان.
والأدهى من ذلك استخدام الطاقات الذهنية أثناء الصيام بحجة تسلية الصيام وإشغال الوقت فى الحديث عن الناس غيبة ونميمة وقد أصبح من السهل جداً ممارسة الغيبة والنميمة والتشهير الإلكترونى، فبمجرد بث معلومات مغرضة على شبكة التواصل يتحول الخبر فى الحال إلى إشاعة يترنم بها الفرد مع الفرد، والفرد مع الجماعة، والجماعة مع الجماعة، بل من الممكن أن يتسع الأمر من حدود الإقليمية إلى العالمية فترويج الإنترنت معروف بأنه عابر للحدود التى تقع على شبكة الإنترنت أو بواسطتها من قبل الشخص ذى الدراية هو الذى يسهل عليه نشر المعلومات وتدويلها بكل سهولة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: العلم والعلماء التواصل الاجتماعى مواقع التواصل الاجتماعى شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
مفتي السعودية: تصوير وبث الصلوات على مواقع التواصل قد يتنافى مع الإخلاص
سرايا - دعا سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، الأئمة والخطباء إلى الحرص على الإخلاص والبعد عن الرياء والشبهات؛ ومن ذلك بث وتصوير صلواتهم ومحاضراتهم عبر قنوات ومواقع التواصل الاجتماعي بالمساجد التي قد تحدث في شهر رمضان المبارك.
ونقلا عن صحيفة "عُكاظ"، جاء ذلك في فتوى أصدرها سماحته في الـ12 من شهر رمضان المبارك، رداً على سؤال عن القرار الذي اتخذته وزارة الشؤون الإسلامية بمنع تصوير وبث الصلوات والمحاضرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في ضوء الحرص على تحقيق المصالح الشرعية من انتشار أخطاء لا يمكن السيطرة عليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً إن هذه المسألة خطيرة، قبل أن يكون هذا الإجراء الذي اتخذته الوزارة وهو منع التصوير وبث الصلوات والمحاضرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حرصاً على تدارك الأخطاء التي قد تقع.
وتابع، أن هناك مسألة الإخلاص وهي شرط لقبول العمل فإن العمل لا يكون مقبولاً إلا بشرطين، الإخلاص لله، وأن يكون العمل وفق الكتاب والسنة، فالمسألة خطيرة وهو ما حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء). رواه أحمد.
وبيّن سماحته في الفتوى الصادرة أن تصوير الصلوات في المساجد والخطب والمحاضرات وكذلك تصوير العبادات، مثل الصلاة أو أداء المناسك، له أحكام تختلف حسب النية والهدف من التصوير، مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به). رواه مسلم، فالإخلاص أمر مهم وهو ما أقض مضاجع الصالحين؛ لأن من علم أن كل عمل لا يرجى به وجه الله فمردود على صاحبه فكر وتدبر قبل أن يجد نفسه مفلساً يوم القيامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه). رواه مسلم. وفي رواية ابن ماجة: (فأنا منه بريء وهو للذي أشرك)، والله يقول: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 14-03-2025 09:09 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية