الوطن:
2025-02-05@08:08:17 GMT

الشيخ محمود الأبيدي يكتب: نبي الرحمة

تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT

الشيخ محمود الأبيدي يكتب: نبي الرحمة

رمضان من الشهور الفاضلة، فضله الله سبحانه وتعالى بأن افترض علينا صيامه، وأنزل فيه القرآن الكريم، وجعل فيه ليلة مباركة، هى ليلة القدر، وهى ليلة خير من ألف شهر، فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، تضاعف فيه الحسنات إلى ما شاء الله، وتمحى فيه الخطايا والذنوب، وترفع فيه الدرجات، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقبل شهر رمضان استقبالاً خاصاً دون سائر الشهور لما له من مكانة خاصة دون غيره، وفى الكلام عن المفاضلة نعرف أن المفاضلة بين الأزمنة والأمكنة سنة من سنن الله الكونية فى الأرض، فالله عز وجل فضّل بعض الليالى على بعض وأفضلها ليلة القدر، وفضل بعض الأيام على بعض وأفضلها يوم الجمعة، وفضل بعض الشهور على بعض وأفضلها شهر رمضان المبارك، وفضل بعض البشر على بعض، وفضل بعض النبيين على بعض وأعظمهم وأفضلهم على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذى كان يخطب فى أصحابه قبل قدوم رمضان، كما روى عن سلمان الفارسى أنه قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر يوم من شعبان فقال: قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه.

...». إلخ، فنجد أن النبى صلى الله عليه وسلم عدَّد الكثير من الفضائل والمزايا التى تخص هذا الشهر الفضيل، مما يبين مدى حرصه صلى الله عليه وسلم على توجيه أصحابه وكذلك أمته على ضرورة اغتنام هذا الشهر، وأنه ربما يكون أعظم فرصة تفضل الله بها على عباده لكى يُكتَبوا من الفائزين.

إنه شهر الفضائل والعطايا العظيمة، فيجدر بنا أن نفرح ونستبشر ونحن فى أحضان هذا الشهر الفضيل، فالعبد الصالح هو من يستبشر بمواسم الخير والطاعات، طمعاً وأملاًَ فيما عند الله عز وجل مما أعده لعباده الصالحين، هذه الأيام يقبل فيها العباد على الله بالطاعة والعمل خاشعين مجتهدين مغتنمين شرف الزمان وفضله وبركته، وهو شهر إعلان الصلح مع الله وتجديد النية، وعقد العزم على استغلال هذا الشهر، وحسن الفهم فيه عن الله، وتطهير القلب من أمراض القلوب وكل ما يغضب الله عز وجل.

ولنتوقف مع فريضة الصوم من خلال الآيات التى ورد ذكرها فى سورة البقرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 183، لنبين مدى تركيزها على توضيح دور الصوم فى بناء الإنسان وتهذيب نفسه من عيوبها وإصلاحها إصلاحاً جذرياً، وذلك بالخطوات التالية:

أولاً: الصوم يغرس التقوى فى نفس المؤمن كما قال ربنا (لعلكم تتقون)، فتقوى الله تعد أعظم ثمرات الصيام. ثانياً: يؤدى الصوم إلى تضييق مسالك الشيطان، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين»، فلم يبق له إلا نفسه لكى يبدأ فى ترويضها. ثالثاً: الصوم يحول بين المسلم والفواحش، مما يعزز التقوى لدى صاحبها فتحول بينه وبين الإقدام على معصية. رابعاً: الصوم يجعل الإنسان مترفعاً عن عوالق الدنيا، ويهون عليه لذاتها ومتطلباتها، طلباً لما عند ربه. فنخلص من كل هذا إلى أن الصوم يؤدى دوراً جوهرياً وفاعلاً فى بناء الإنسان بناء متكاملاً، مما يتيح له الانتصار على نفسه وشيطانه وإصلاح ذاته. كل هذا يعكس مدى محورية الإنسان فى التشريعات الإلهية، وأنها جاءت لصالحه فى الدنيا والآخرة، ودائماً نتذكر أن الإنسان قبل البنيان والساجد قبل المساجد.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: شهر الرحمة شهر المغفرة صلى الله علیه وسلم هذا الشهر على بعض

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الذِّكرُ هو عبادةُ القلبِ التي يَصلحُ بها ويطمئنُّ بها، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، فإذا اطمأنَّ القلبُ صلحَ، وصلحَ بصلاحِه سائرُ الجسد، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ». 

وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الذِّكرُ عِمادُ القلبِ، والقلبُ عِمادُ الجسد، فقلبُ المؤمنِ يَحيا بذِكرِ اللهِ تعالى، وبحياةِ القلبِ يَحيا سائرُ البدن، فقد ورد عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم : «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ».

ويتضح ذلك المعنى عندما نعلمُ أنَّ الصلاةَ التي هي عِمادُ الدينِ ورُكنُه الرَّكينُ إنما شُرعت لأجلِ ذِكرِ اللهِ تعالى، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾. بل عندما يُشرِعُ المسلمُ في صلاته، بقوله (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ يُباهِي الله به ملائكته ويقول لهم: "ذكرني عبدي".

فالذِّكرُ هو الإطارُ العامُّ، والبيئةُ الطيِّبةُ التي لا بُدَّ منها حتى تَترعرعَ فيها بقيةُ العبادات، ومن ذلك نلحظ أن الإحرام بالصلاة يبدأ بالتكبير ، وختامها بالتسليم، وكِلاهُما ذِكرٌ لاسمٍ من أسماء الله تعالى ، قال تعالى : ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾.

فعلاقةُ الذِّكرِ ببقيةِ العباداتِ كعلاقةِ الشجرِ بالأرض؛ فلا يُمكنُ أن تُزرعَ شجرةٌ دون أن تمتلكَ أرضًا تُزرَعُ فيها.

فالأمرُ بالذِّكرِ هو أمرُ المُحبِّ لمَن يُحبُّ، وإنَّما يَمتثلُ له من صدقَ في الحبِّ، يقول تعالى ﴿فاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾، ويقول تعالى في حديث قدسي فيما يرويه صلى الله عليه وآله وسلم : «وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ».

وإذا أحبَّ المرءُ منَّا حبيبًا، طلب منه أن يَذكُرَه – وللهِ المثلُ الأعلى – فالذِّكرُ أمارةُ الحبِّ، فما من مُحبٍّ وهو لاهٍ عن محبوبِه.

مقالات مشابهة

  • دعاء الضيق كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم
  • فضل أداء صلاة قيام الليل في رمضان
  • علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
  • فضائل شهر رمضان
  • حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
  • أدعية لنفسي في ليلة النصف من شعبان.. مفتاح الرحمة والمغفرة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هل التسبيحة في شعبان ورمضان خير من ألف بغيرهما؟
  • دعاء قبل النوم وأهم السنن المستحب فعلها.. تعرف عليه
  • الأعياد في الإسلام