الوطن:
2024-07-06@04:14:01 GMT

الدكتور أيمن عيد الحجار يكتب: قصة حديث

تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT

الدكتور أيمن عيد الحجار يكتب: قصة حديث

أخرج الترمذى فى جامعه من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِىِّ بْنِ حَمْرَاءَ، رضى الله عنه، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاقِفاً عَلَى الْحَزْوَرَةِ (سوق فى مكة)، فَقَالَ: «وَاللَّهِ، إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّى أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ»، قال الترمذى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

قصة هذا الحديث أن النبى، عليه الصلاة والسلام، حينما أراد أن يهاجر ووقف على مشارف مكة، فاضت مشاعره نحو وطنه، فقال هذه الكلمات الخالدة، فالحديث يبين أن الوطن له قيمة عظيمة، لا يدركها إلا الإنسان الذى سلمت فطرته، فقد قالوا: فطرة الإنسان معجونة بحب الوطن؛ فالوطن هو الذى شهد ملاعب الصبا، وترعرع المرءُ بين أحضانه، وتنسَّم هواءه، فالوطنُ يُمثِّلُ اللحظةَ الأولى التى صافحَتْ فيها نسمات الهواءِ، وأشعَّة الشمسِ وجهَ المرءِ لحظةَ الوجود والميلاد، وهو الذى يَشهدُ فى غالبِ الأحيان لحظةَ المماتِ، وما بين الميلادِ والمماتِ فهناكَ تجربةُ الحياةِ التى لا يُمكن أن يُنسى معها الوطنُ الجامعُ للَّحظتين كما يقول العلماء، وتظهر بجلاء ووضوح قيمة الأوطان وضرورة المحافظة عليها من خلال تلك القيم التى وردَتْ فى الأحاديث النبوية، فمن ذلك أن السُّنَّة النبوية جاءت لتبين أن الأوطان محبوبة دائماً عند أصحاب الوفاء والنُّبْل والخُلُق؛ فالحديث يُبيِّن فضل مكة، وأنها خيرُ البلاد، وأيضاً يبين الحديث مدى التعلق القلبى لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، بوطنه الذى لا يبغى به مكاناً بديلاً، ولا موطناً آخر، ولولا أن قريشاً أخرجته منه بصدودها ما كان يفكُّر قطُّ فى الخروج منه إجلالاً وإعزازاً للوطن. ولمَّا نزل الوحى على النبى، صلى الله عليه وسلم، ارتجف فؤاده، ورجع إلى خديجة رضى الله عنها، وذهبت به صلى الله عليه وسلم إلى ورقة بن نوفل -كما فى الصحيح- فأخبره أنه الوحىُ، ثم قال له: «لَيْتَنِى أَكُونُ حَياً إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ»، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَمُخْرِجِىَّ هُمْ؟»، قَالَ: «نَعَمْ».

قال السُّهيلى: يُؤْخَذُ مِنْهُ شِدَّةُ مُفَارَقَةِ الْوَطَنِ عَلَى النَّفْسِ؛ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ قَوْلَ وَرَقَةَ أَنَّهُمْ يُؤْذُونَهُ وَيُكَذِّبُونَهُ، فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ انْزِعَاجٌ لِذَلِكَ، فَلَمَّا ذَكَرَ لَهُ الْإِخْرَاجَ تَحَرَّكَتْ نَفْسُهُ وِذَلِكَ لِحُبِّ الوطن وإِلْفه فَقَالَ أَومخرجى هُمْ؟.

ويبين الإمام الذهبى تعلق النبى، صلى الله عليه وسلم، بالوطن ومحبَّته له، فقال: «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يحِبُّ عَائِشَة، وَيحبُّ أَباهَا، وَيحبُّ أُسَامَة، وَيحبُّ سِبْطَيْه، وَيحبّ الحَلْوَاء وَالعَسَل، وَيحبّ جَبَل أُحُد، وَيحبُّ وَطَنه، وَيحبُّ الأَنْصَار، إِلَى أَشيَاء لاَ تحصَى مِمَّا لاَ يغنِى المُؤْمِن عَنْهَا قَطُّ». ومما يؤكد هذا المعنى ما أخرجه البخارى فى صحيحه، من حديث أنس، رضى الله عنه، قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ المَدِينَةِ، أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا»، قال ابن بَطَّال: «وقد جبل الله النفوس على حب الأوطان والحنين إليها، وفعل ذلك عليه السلام، وفيه أكرم الأسوة، وأمر أمته بسرعة الرجوع إلى أهلهم عند انقضاء أسفارهم».

وقد كتب الجاحظ كتابه «الحنين إلى الأوطان»، وذكر فيه من النقولاتِ العزيزةِ من نثرٍ وشعرٍ ما يجعلُ القارئ يرتفع عندهُ الشعورُ بحبِّ الوطن ومعرفةِ قيمته، ومن تلك الأقوال: لا يُعرف وفاءُ الرجل إلا بحنينه إلى وطنه، ومنها عُسرك فى دارك، أعزُّ لك من يسرك فى غربتك، وأنشد قول الشاعر الحكيم: لقُرب الدار فى الإقتار خيرٌ... من العيش الموسَّع فى اغترابِ، فقيمة الوطن كبيرة، وينبغى أن يسعى الإنسان للحفاظ على وطنه، وذلك ببنائه بالعمل الجاد، وتمنى الخير له، وعدم سماع الشائعات، والعمل على استقراره.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حب الوطن الهجرة النبوية الشريفة صلى الله علیه وسلم ى الله ع

إقرأ أيضاً:

«الإفتاء» حكم الذكر جماعة وجهرا عقب صلاة العصر يوم الجمعة

يوم الجمعة من خصائص الأمة المحمدية؛ وهو من الأيام التي لها فضل عظيم ويستحب فيها الأعمال الصالحة المختلفة، منها ذكر الله عز وجل، ويقوم بعض الناس في يوم الجمعة المبارك بذكر الله سبحانه جماعة وجهرًا عقب صلاة العصر يوم الجمعة، ويتساءل عدد من الناس عن حكم ذلك.

حكم الذكر جماعة وجهرًا

وأوضحت دار الإفتاء المصرية، في فتوى لها عن يوم الجمعة والذكر جماعة وجهرا، أنّه لا مانع شرعًا من ذلك؛ فالذكر الجماعي مشروعٌ في المسجد وفي غيره، ومشروعيته ثابتة بالكتاب والسنة وعمل الأمة سلفًا وخلفًا، موضحة أنّه ورد الأمر الشرعي بذكر الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مطلقً، واستشهدت بذك بقوله تعالى في سورة الأحزاب: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا • وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.

فضل يوم الجمعة

وتابعت الإفتاء بأنّه قد ورد في الحديث الشريف عن فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه: «أَضَلَّ اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا؛ فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللهُ بِنَا فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ، وَالسَّبْتَ، وَالْأَحَدَ، وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ».

وأكدت أنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم قال: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إلى ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً».

مقالات مشابهة

  • د. يوسف عامر يكتب: قصة مهاجرة
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • «الشؤون الإسلامية والأوقاف» تحتفي بذكرى الهجرة النبوية
  • “الشؤون الإسلامية والأوقاف” تحتفي بذكرى الهجرة النبوية
  • «الإفتاء» حكم الذكر جماعة وجهرا عقب صلاة العصر يوم الجمعة
  • سنن الجمعة المهجورة.. أعمال مستحبة لها فضل عظيم
  • دروس على أعتاب السنة الهجرية الجديدة
  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
  • الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم..آداب يوم الجمعة