هناك سؤال يتردد كل عام: لماذا يزيد استهلاك الطعام فى شهر رمضان؟
خبراء فى الاقتصاد أجابوا بأنها ليست زيادة بمعنى الزيادة لكن أبناء الطبقة الوسطى يقومون طول العام بعمليات إعادة تقنين لاستهلاكهم بما يتناسب مع مستويات الدخول والقوة الشرائية التى يحدث لها انخفاض كل يوم، وعند دخول شهر رمضان يبدأ المواطن فى شراء ما كان محروماً منه طوال السنة.
قدرت الإحصاءات والأرقام أنه فى أحد الأعوام قدر نصيب شهر رمضان من جملة الاستهلاك السنوى فى إحدى الدول العربية بما نسبته 25٪ أى أن هذه الدولة تستهلك فى شهر واحد وهو شهر رمضان خُمس استهلاكها السنوى كله، بينما تستهلك فى الأشهر المتبقية الأربعة أخماس.
لقد تحولت ظاهرة التهافت الكبير على اقتناء المواد الغذائية فى رمضان وربما الاقتراض من أجل ذلك وما يرافقه من هدر للطعام وإسراف فى الاستهلاك إلى عنف استهلاكى، يعمق الهوة الاجتماعية بين من له القدرة على الاستهلاك ومن لا يستطيع ذلك، وما يشتد إحساسه بالقهر والدونية. عكس ما نتعلمه من شهر رمضان بأنه دورة تدريبية لترشيد الاستهلاك والنفقات وفرصة للاقتصاد. والمطلوب، والمنطقى فى هذا الشهر الحاجة إلى مال أقل واستهلاك أقل، عبر تخصيص ميزانية أقل لشهر الصيام مقارنة بباقى شهور السنة وادخار الفرق المتبقى كاحتياط يلجأ الإنسان إليه عند الضرورة والإنفاق فى حدود الدخل بعيدا عن متاهة الديون.
فؤاد المهندس وصباح فى أغنية «الراجل ده هيجننى فى فيلم «القاهرة فى الليل»، حيث كانت الزوجة التى أدت دورها الفنانة صباح تشكو الطلبات المتكررة من زوجها فؤاد المهندس بالإكثار من الطعام فى رمضان، بينما تطالبه بعدم التبذير، كذلك قدم «المهندس» فى السبعينيات من القرن الماضى مع الفنانة شويكار أغنية «الصيام مش كده» لتكون الأغنيات تعبيرا عن حال البيوت المصرية فى رمضان حتى الآن.
وتقابل معدلات الاستهلاك الكبيرة أرقاما أكبر لحجم الطعام المهدر فى مصر الذى تقدره منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة قبل عدة سنوات بـ55٪ من الإنتاج السنوى، وكذلك 40٪ من الأسماك و15 مليون طن قمح سنويا.
ظاهرة الإسراف فى الاستهلاك خلال شهر رمضان تسربت من الأغنياء إلى غالبية الأسر من مختلف الطبقات، حتى الفقيرة منها، فى ظل الظروف التى يعانى منها أغلب الناس من تدنى مستوى المعيشة والغلاء الفاحش، فأى قطعة طعام تنتهى فى سلة القمامة هى هدر وإسراف قد يصل إلى درجة الجريمة الشرعية فى وقت توجد أسر فقيرة فى أشد الحاجة لتلك القطعة، بخلاف أن الاستهلاك المفرط الذى تبديه الأسر فى رمضان وبما يفوق دخلهم الشهرى يؤدى إلى ارتفاع السلع والتى يكون معظمها غير ضرورى.
وهذه أرقام تثير كثيرا من التساؤلات فى دولة تبلغ فيها معدلات الفقر نسبة كبيرة.
تلك المقارنة بين حجم الإنفاق والإهدار يطلق عليه «الخواء الروحى» الذى يدفع الشخص إلى المبالغة فى المظاهر والرغبة فى التفاخر أمام الآخرين، إضافة إلى الخلط لدى كثير بين الكرم لدى استقبال الضيوف والإسراف فى الاستهلاك.
ويزيد على ذلك أن ما كانت الأسر تعتاد عليه من تنافس خلال عزومات رمضان انتقل إلى مواقع التواصل الاجتماعى إذ أصبحت معظم السيدات يحرصن على نشر صورة ما يُعد من أطعمة، كما تقوم وسائل الإعلام بترسيخ ثقافة الاستهلاك من خلال مضاعفة إعلانات المواد الغذائية وبرامج الطبخ فى رمضان!
عادة الإنفاق على الطعام فى رمضان والتى تحولت إلى ظاهرة مرتبطة بالمجتمعات العربية يجب أن تتغير حتى لا يتحول شهر رمضان إلى شهر الطعام!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب حكاية وطن الاقتصاد شهر رمضان شهر رمضان فى رمضان
إقرأ أيضاً:
في الهند..وفاة شاب سحقاً داخل طاحونة حبوب
وقعت حادثة مأساوية في مومباي عندما علق شاب عمره 19 عاماً في مطحنة أثناء تحضيره طبقاً شعبياً في كشك طعام على جانب الطريق في وورلي.
كان سوراج نارايان ياداف، الذي ينحدر من ولاية جهارخاند، قد بدأ منذ فترة قصيرة بالعمل في الكشك المتخصص بتقديم الطعام الصيني، برفقة خمسة موظفين آخرين.
ولحظة وقوع الحادث، كان العمال يحضرون المواد الخام مثل طحن الدقيق وقطع الخضروات في غرفة مستأجرة بجانب الكشك.
فيديو يوثق الحادثةوقع الحادث، الذي تم تسجيله عبر كاميرات المراقبة، عندما كان ياداف يشغل آلة مطحنة لتحضير المواد الخام لطبق شعبي صيني يسمى "مانشوريا".
وفي إحدى لقطات، يظهر أن قميصه علق في آلة الطحن، التي كانت على ارتفاع خصره، عندما وضع يده داخلها. وفي غضون ثوانٍ، ابتلعته الآلة بالكامل.
تهمة الإهمالبحسب ما نقله موقع "أن دي تي في" الهندي، لم يكن ياداف يمتلك أي خبرة سابقة أو معرفة فنية بتشغيل مثل هذه المعدات الخطرة.
وذكرت تقارير أن صاحب الكشك، ساشين كوتيكر، قام بتكليف سوراج نارايان ياداف بالعمل في تحضير الطعام باستخدام آلة الطحن دون أن يقدم له التدريب اللازم أو تدابير السلامة المناسبة.
وتقدمت الشرطة في مومباي بشكوى ضد صاحب الكشك بسبب إهماله في توفير بيئة عمل آمنة، مما أدى إلى وفاة سوراج.
يُذكر أن أكشاك الطعام في الهند تثير جدلاً متواصلاً، وتمتلئ مواقع التواصل الإجتماعي بمقاطع فيديو تظهر غياب الحد الأدنى من معايير النظافة خلال إعداد الطعام في الشارع، الأمر الذي يهدد الزبائن بالتسمم الغذائي بسبب الطعام الملوث بالبكتيريا والفيروسات مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية.
كما تطرح مسألة سلامة الموظفين عند استخدامهم أجهزة غير مزودة بتدابير أمان كافية، مثل آلات طحن اللحم أو الخلاطات، مما يسبب حوادث إصابات خطيرة مثل الحروق أو بتر الأطراف.