لماذا يؤخر جيش الاحتلال هجومه على رفح؟.. أسباب استراتيجية
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
رغم تواصل التهديد والوعيد الإسرائيلي بالهجوم البري على محافظة رفح، تحت ذريعة القضاء على آخر معاقل حركة حماس، إلا أن أسبابا جوهرية تقف عائقا أمام الهجوم المرتقب، منها ما يتعلق بجاهزية "الجيش"، وأخرى بتوفير الغطاء الدولي للعملية التي تواجه تحذيرات متواصلة، خشية التكلفة البشرية الباهظة.
لماذا يصر نتنياهو على تنفيذ العملية؟
يرى الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي أن إصرار رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو على الهجوم في رفح، يرجع إلى فشل جيشه في حسم معركة القضاء على المقاومة في كل المناطق التي دخلها سابقا، فلقد دخل منطقة الشمال ومنطقة لواء غزة، ثم دخل في المنطقة الوسطى ثم منطقة خانيونس ولم يتوصل إلى تحقيق أهداف الحرب التي حددها في الفترة الماضية، ولم يتمكن من الوصول إلى قيادات حماس السياسية والعسكرية، أو العثور على الأسرى الذين يتجاوز عددهم أكثر من 130 شخص.
ويضيف الفلاحي في حديث خاص لـ"عربي21" أن البنية التحتية للمقاومة في رفح "لا زالت قوية، ونستطيع أن نقول بأنها متكاملة، فلذلك هو يريد أن يذهب إلى هذه المعركة ثم بعد ذلك إذا لم يتوصل إلى القيادات أو إلى الأسرى عندئذ يفكر مليا في مسألة إبرام صفقة مع حماس، وطالما لديه خيار لن يذهب إلى التفاهم مع حماس حول أي صفقة خلال هذه الفترة". وفق الخبير العسكري".
أسباب تأجيل العملية
يعتقد الخبير العسكري، حاتم الفلاحي، أن هناك أسبابا عسكرية واستراتيجية عديدة أدت إلى تأجيل معركة اقتحام رفح حتى الآن، منها:
أولا: التكلفة الإنسانية كبيرة جدا نتيجة الكثافة السكانية التي تتواجد في رفح، فأكثر من مليون و400 شخص يتواجدون في هذه المنطقة وبالتالي إذا لم يحصل نتنياهو على الدعم المطلق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لن يستطيع الذهاب إلى هذه المعركة لأنه لن يتحمل التداعيات الإنسانية لهذه المعركة.
ثانيا: القطاعات العسكرية الإسرائيلية متعبة ومنهكة ومُستنزفة في المعارك السابقة، وجزء من هذه القوات تم تسريحها نتيجة ضعف الاقتصاد، والقسم الآخر تم تحريكه إلى الجبهة الشمالية نتيجة تصاعد العمل العسكري على الجبهة اللبنانية.
ثالثا: تصاعد العمليات في الضفة الغربية بشكل ملحوظ، فأكثر من 18 هجوم وعملية فدائية نُفذت منذ بدء العمليات العسكرية في غزة، وهذا يستنزف قوات الاحتلال.
رابعا: دخول معركة رفح في شهر رمضان يثير الكثير من المسلمين في جميع العالم، مما قد يؤدي إلى تداعيات لن تتحملها الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا في الأمن الإقليمي والدولي.
خامسا: مخاوف إسرائيلية من فقدان الدعم الدولي من قبل الولايات المتحدة والغرب عموما، حال أقدمت على دخول معركة رفح دون أخذ المخاوف الدولية بعين الاعتبار.
سادسا: نقص في الذخائر ونقص في عتاد المدفعية 155 ملم، ونقص عتاد الدبابات 120 ملم، يُضاف إلى ذلك الخسائر الكبيرة على مستوى الأفراد والمعدات.
سابعا: الانقسام السياسي والعسكري في مسألة اليوم التالي للدخول لأنه هذه القطاعات التي دخلت الشمال والوسط تحولت إلى قوات شُرطية لا هي قادرة على الانتشار والسيطرة ولا هي قادرة على البقاء في المنطقة نتيجة للعمليات التي تتصاعد عليها، فلذلك هناك اشكالية في هذا المجال.
القتال على جبهتين
ورأى الفلاحي أن جيش الاحتلال لا يستطيع القتال على جبهتين، فهو مستنزف في قطاع غزة الآن، ولكن ماذا لو فُتحت جبهة الشمال، كيف سيكون وضع الجيش؟، مضيفا أن "هناك اشكالية حقيقية لدى الجيش خصوصا وأنه سحب الكثير من القطاعات في الضفة الغربية والكثير من القطاعات في الجبهة الشمالية وتم تحويلها باتجاه الجنوب، مما يعني بأنه استنفذ الكثير من القطاعات العسكرية".
وذكر أن "الجيش الصهيوني كان يُحاكي مسألة القتال على عدة جبهات وكانت هناك مناورات سماها مناورات عربات النار في الفترة الماضية تُحاكي قتال على عدة جبهات، ولكن المعركة أو الحرب التي جرت في غزة أثبتت فشل الجيش الصهيوني في امكانية المواجهة على عدة جبهات فلذلك نرى بأنه لن يستطيع أن يفتح جبهة الشمال طالما أن جبهة غزة مفتوحة".
كثافة بشرية عالية
الخبير العسكري نضال أبو زيد يعتقد أن "إسرائيل لا تأخذ بالحسبان أي ردات فعل دولية على هجوم رفح، لكن في نفس الوقت هي تدرك أن حجم الخسائر سيكون كبير جدا إذا ما اتجهت لتنفيذ العملية، وتدرك أيضا أنها لا تملك القوة الكافية لشن عملية عسكرية جديدة في رفح".
وحول ربط تأخير العملية بعمليات سفر الفلسطينيين من معبر رفح حاليا، واعتبار الاحتلال ذلك تفريغ جزئي للسكان، لا يعتقد أبو زيد أن ذلك سببا رئيسيا للتأجيل، بل يرى أن الكثافة السكانية العالية في رفح، والتي يقدر أعداد النازحين فيها بنحو مليون وأربعمئة ألف هي من تعيق العملية العسكرية حاليا.
وتابع في حديث خاص لـ"عربي21" أن رفح "فيها كثافة بشرية عالية جدا و إحصائيات أممية أشارت الى أن ما رفح أصبحت أعلى منطقة كثافة سكانية في العالم". مشددا أن هذه الكثافة هي محدد رئيسي يضغط على الاحتلال فيما يتعلق بتنفيذ عملية رفح.
وبالتوازي مع العمليات العسكرية، قال أبو زيد إن الاحتلال حاول اللعب على ورقة الحاضنة الشعبية للمقاومة منذ بدء العملية العسكرية. ومؤخرا زاد من الضغوط على الحاضنة الشعبية من خلال قصف المناطق المدنية وقصف المدنيين وسياسة التجويع التي اتبعها، وسط محاولاته لإيجاد وحدات أو مجموعات من الصحوات تابعة للعشائر في قطاع غزة، لكن جميع هذه الخطط فشلت في تأليب الحاضنة الشعبية على المقاومة.
وتواصل قوات الاحتلال ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 174 على التوالي، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، والأحزمة النارية مع ارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية رفح الاحتلال غزة العملية الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال رفح عملية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخبیر العسکری فی رفح
إقرأ أيضاً:
عطوان: لماذا سيدخل الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي قصف قلب يافا اليوم التاريخ من أوسع أبوابه؟
عبد الباري عطوان
من المؤكد أن الصاروخ الباليستي فرط الصوت اليمني الذي أصاب هدفه بدقة في قلب مدينة يافا الفلسطينية المحتلة فجر اليوم السبت سيدخل التاريخ، وسيحتل مكانة بارزة في العناوين الرئيسية للصراع العربي-الصهيوني لعدة أسباب:
الأول: إيقاعه إصابات بشرية ضخمة بوصوله إلى هدفه، حيث اعترف العدو الصهيوني بإصابة ثلاثين شخصاً حتى الآن، يُعتقد أن معظمهم من العسكريين، كما أحدث حرائق كبرى يمكن مشاهدة ألسنة لهبها وأعمدة دخانها من مسافات بعيدة، وهي سابقة تاريخية.
الثاني: هذا الصاروخ فرط الصوت لم يأتِ انتقاماً للعدوان الأمريكي-الصهيوني على صنعاء والحديدة، وإنما جاء في إطار استراتيجية يمنية تهدف إلى تكثيف الضربات للعمق الفلسطيني المحتل دون توقف، جنباً إلى جنب مع استراتيجية قصف حاملات الطائرات والسفن الأمريكية والصهيونية في جميع بحار المنطقة. فلليوم الثالث على التوالي، تقصف قوات الجيش اليمني أهدافاً عسكرية صهيونية بصواريخ فرط الصوت، تضامناً مع شهداء غزة.
الثالث: فشل جميع منظومات الدفاع الجوي الصهيونية المتطورة، وعلى رأسها القبة الحديدية، ومقلاع داوود، وصواريخ حيتس و”ثاد”، في اعتراض أي من صواريخ فرط الصوت اليمنية، ووصولها جميعاً إلى أهدافها. وهذا ما دفع الاحتلال إلى فتح تحقيقات رسمية لمعرفة أسباب هذا الفشل، في اعتراف ضمني بالهزيمة.
الرابع: تتميز هذه الصواريخ الباليستية الجديدة (قدس 1 وقدس 2) بتجهيزها برؤوس حربية متطورة جداً، وقدرتها الكبيرة على المناورة والانفصال عن “الصاروخ الأم” قبل وصولها إلى أهدافها، مما يؤدي إلى فشل الصواريخ الاعتراضية المعادية في اعتراضها وتدميرها.
الخامس: تحول اليمن إلى دولة مواجهة رئيسية، وربما وحيدة، مع كيان الاحتلال، رغم المسافة الهائلة التي تفصله عن فلسطين المحتلة، والتي تزيد عن 2200 كيلومتر. وهذا يعني أن الجوار الجغرافي المباشر بات يفقد أهميته في ظل وجود صواريخ فرط الصوت والمسيّرات المتطورة جداً.
ما يميز القيادتين السياسية والعسكرية في اليمن هو قدرتهما على اتخاذ القرار بالقصف الصاروخي سواء للعمق الصهيوني أو لحاملات الطائرات الأمريكية والصهيونية والبريطانية. وهذه صفة تفتقدها للأسف جميع الدول العربية والإسلامية، سواء الصغرى منها أو الكبرى، التي تفتقر إلى الشجاعة والمروءة وعزة النفس، وتبحث دائماً عن الأعذار لتبرير جبنها وتجنب الرد على الاعتداءات الصهيونية المتكررة على أراضيها أو الدفاع عن المقدسات.
الظاهرة اللافتة في عمليات القصف اليمني للعمق الصهيوني والقواعد العسكرية الحساسة فيه، أنها بدأت توقع خسائر بشرية ودماراً كبيراً، وهو أكثر ما يزعج ويرعب المستوطنين وقيادتهم، ويقوض المشروع الصهيوني من جذوره. فهذا القصف يأتي بعد هدوء الجبهة اللبنانية وسقوط سورية، ويفسد على نتنياهو وجيشه احتفالاتهم بما اعتبروه “إنجازات”. فجميع الحروب العربية الرسمية مع كيان الاحتلال كانت على أراضٍ عربية، وقصيرة جداً، ولم تصل مطلقاً إلى المستوطنين، ولم تطلق صافرة إنذار واحدة في حيفا أو يافا أو باقي المدن الفلسطينية المحتلة. ربما الاستثناء الوحيد كان عندما أطلق العراق أكثر من أربعين صاروخاً على تل أبيب أثناء عدوان عام 1991.
هذا الموقف اليمني المشرف ربما هو مصدر الأمل الوحيد للصامدين في فلسطين المحتلة، الذين يواجهون حرب الإبادة والتطهير العرقي والمجازر اليومية، بعد أن خاب ظنهم كلياً بجميع أنظمة الحكم العربية والإسلامية، خاصة تلك التي ترفرف الأعلام الصهيونية في قلب عواصمها، ناهيك عن التعاون العسكري والاستخباري والتجاري العلني والسري مع كيان الاحتلال.
غزة ليست وحدها، ويكفيها أن الشعب اليمني، أصل العرب، يقف في خندقها، ولا ترهبه الغارات الصهيونية والأمريكية، ولا يتردد في تقديم الشهداء.
الأمر المؤكد أن اليمن العظيم لن يتخلى عن غزة ومجاهديها، وستستمر صواريخه الباليستية في زعزعة أمن واستقرار كيان الاحتلال وكل القوى الاستعمارية الداعمة له. فاليمن ظاهرة استثنائية، تفوقت على الجميع في شجاعتها ووطنيتها وثباتها على الحق، وتعاملها مع العدو بأنفة وكبرياء، ومخاطبته بالصواريخ والمسيّرات، وهي لغة القوة التي يجيدها ويخشاها الأعداء… والأيام بيننا.