أثير – ريما الشيخ

أفرزت الثورة التكنولوجية إطلاق ما يُسمى بالعملات المشفَّرة، ولاقت تلك العملات رواجًا كبيرًا بل أصبحت تشغل أذهان العديد من المستثمرين.

وتعد عملة البيتكوين من أشهر العملات المشفرة ويضخ المستثمرون أموالًا طائلة في هذا النوع من العملات ظنًّا منهم بأنها سوف تجلب لهم الثراء السريع، وشهدت الفترة الماضية قبولًا متزايدًا على العملات المشفَّرة وبخاصة عملة البيتكوين التي قفزت أسعارها إلى مستويات قياسية كبيرة لا يتصورها العقل.

وتُعد البيتكوين واحدة من أهم الابتكارات في عالم التكنولوجيا المالية، حيث تقدم نظامًا لامركزيًا للمعاملات يعتمد على تقنية البلوكشين، وقد تأسست البيتكوين في عام 2009م بواسطة شخص أو مجموعة من الأشخاص يدعون بعضهم البعض باسم ساتوشي ناكاموتو، ومنذ ذلك الحين شهدت انتشارا واسعا واهتماما متزايدا من قبل المستثمرين والمؤسسات.

””أثير” بدورها حاورت الدكتور يوسف بن خميس المبسلي، مساعد العميد للشؤون الأكاديمية في كلية الدراسات المصرفية والمالية، حول هذا الموضوع وإيضاح أهم النقاط بشأنه.

-ما هي عملة البيتكوين؟
قال الدكتور يوسف بأن البيتكوين عملة رقمية مشفرة يتم من خلالها استخدام أنظمة تكويد معقدة تقوم من خلالها بتشفير عمليات نقل البيانات لتأمين وحدات التبادل الخاصة بها، إضافة إلى قدرتها على إخفاء هوية المتعاملين فيها مما يجعل التعاملات والتحويلات وتدفقات الأموال مجهولة المصدر بما يحقق مبدأ الخصوصية.

-ما الذي يميز عملة البيتكوين عن العملات الأخرى؟
ذكر الدكتور بأن العملات المشفرة كالبيتكوين لا يتم إصدارها من قبل بنوك مركزية أو بدعم من الحكومات حيث لا يتحكم بها طرف ثالث، لذلك، فإن السياسة النقدية ومعدلات التضخم وقياسات النمو الاقتصادي التي تؤثر عادة على قيمة العملات الورقية التقليدية لا تنطبق على نظام تحديد سعر البيتكوين. كما أنه يمكن عدّها بديلا للعملات الورقية حيث تستخدم في عملية الدفع الإلكتروني، ولا تتأثر بتقلبات أسعار الصرف كالعملات التقليدية لغياب عامل المركزية.

-ما العوامل التي تؤثر على ارتفاع قيمة عملة البيتكوين؟
أوضح الدكتور بقوله: تؤدي التغطية الإعلامية الإيجابية المتعلقة بالعملات المشفرة دورًا في التأثير على العوامل النفسية لدى المستثمرين لجعلهم يتدافعون بشراسة لشراء العملات المشفرة بصورة مبالغ فيها، وبالتالي تزداد قيمتها بصورة متسارعة.
وأضاف: علاوة على ذلك، تؤثر تحركات البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على الاقتصاد العالمي وتؤثر أيضًا على العملات المشفرة، عندما يقوم البنك المركزي بتخفيض سعر الفائدة لمكافحة التضخم المتزايد يجعل الدولار الأمريكي أقل جاذبية وهذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار العملات المشفرة ومنها عملة البيتكوين. كما أن عامل التضخم يعمل على التأثير في أسواق العملات المشفرة استجابة للتغيرات في النظام المالي العالمي، إذ يلجأ إليها المستثمرون ظنًّا منهم أنها أصول آمنة، ومع ذلك فإن المعروض من معظم العملات المشفرة محدود لذلك عندما يزداد الطلب يرتفع سعرها.
-كيف يتم تحديد سعر عملة البيتكوين؟
قال الدكتور: يتم تحديد سعرها من خلال قوى العرض والطلب في السوق في منصات تداول العملات المشفرة، وتتأثر التغييرات في الطلب بعدة عوامل منها الأخبار وقوانين وقرارات تقنين العملات المشفرة وتوجهات المستثمرين، ويمكن أن تتسبب هذه العوامل في تقلب السعر صعودًا أو هبوطًا. كما تعد المضاربة واحدة من العوامل التي تؤثر بصورة كبيرة على سعر عملة البيتكوين وتؤدي إلى ارتفاعها أو انخفاضها بصورة حادة.

-ما الفوائد والمخاطر المرتبطة بالاستثمار في عملة البيتكوين؟
أجاب الدكتور بقوله: يبدو أن البعض يتوهم أن العملات المشفرة كالبيتكوين وسيلة لتحقيق الثراء السريع وفي الحقيقة هذا يعد وهمًا من الخيال. بصورة عامة تعد عملة البيتكوين من أكثر العملات المشفرة ارتفاعًا من حيث زيادة قيمتها السوقية، ولذلك يرغب الكثير في الاستثمار فيها أما من خلال إدارة استثمارات طويلة الأجل، أو من خلال مضاربات سريعة عبر منصات تداول العملات الرقمية المختلفة. وبالفعل قد يحقق المستثمرون أرباحًا كبيرة خلال فترات معينة عند اقتناص الفرص بالاستثمار عند انخفاض أسعارها.

وأضاف: بالمقابل الاستثمار في العملات المشفرة يواجة عدة مخاطر، يجب التنبه لها، منها تعرض المستثمرين لهجمات سبرانية لاستهداف حواسيبهم، وسرقة بياناتهم، وما يملكونه من عملات في منصات التداول؛ إذ إننا نعيش اليوم في عالم مليء بالاختراقات السبرانية ولكون عملة البيتكوين عملة مشفرة قد يلجأ المتسللون إلى اختراق حسابات المستثمرين والاستيلاء على عملاتهم. ومع زيادة قيمة البيتكوين، يزداد عدد الهجمات السبرانية على محافظ البيتكوين ومنصات التداول.

وقال : بالإضافة، فإن سعر العملات المشفرة ومنها البيتكوين متقلب ومتذبذب وصعب التنبؤ وقد يشهد سعر البيتكوين تقلبات حادة في غضون دقائق مما يجعلها استثمارًا ذا مخاطرة عالية جدا. ومن ناحية أخرى تعد عملة البيتكوين أصلًا قابلًا للتداول مع غياب جهة تنظيمية قانونية مركزية. حيث نرى وجود وجهات نظر متباينة للمشرعين فيما يتعلق بالوضع القانوني للعملات المشفرة، مع وجود حذر كبير من تقنينها خوفًا من استخدامها من قبل تنظيمات إرهابية كطريقه للتمويل لبعض العمليات غير قانونية مما يجعل أغلب الدول تلجأ بتقييد الحق في الحصول على العملات المشفرة أو حيازتها أو بيعها أو استخدامها.

-كيف يمكن للمستثمرين الإفادة من ارتفاع قيمة عملة البيتكوين؟
أشار الدكتور يوسف إلى أن عملة البيتكوين أصبحت استثمارا جيدا للعديد من المستثمرين بل أصبحت جزءًا من محافظهم الاستثمارية، فهي بطبيعة الحال عملة قابلة للتداول وتُستخدم لإجراء المعاملات الدولية دون الحاجة إلى وسطاء، وسعى مؤيدوها للتخلص من التعاملات النقدية المعتادة ليحلَّ محلَّها التعاملات والمدفوعات الإلكترونية. والصعود الفلكي لعملة البيتكوين عززت من تطلعات المستثمرين بجني الأرباح السريعة، لكن يجب الحذر بعدم إغراق مبالغ كبيرة في العملات المشفرة وحدها بل استخدام إستراتيجية التنوع في المحافظ الاستثمارية تجنبا لمستوى المخاطر العالية.

-ما العوامل الاقتصادية والسياسية التي يجب مراقبتها لفهم حركة سعر عملة البيتكوين؟
قال الدكتور يوسف بأن حدوث الاضطرابات السياسية في بعض الدول يجعل الأشخاص يتجهون إلى العملات المشفرة عوضا عن العملات التقليدية لعدم ثقة المستثمرين في وضع الأموال الورقية لدى الحكومات بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية وهذا يؤدي إلى رفع سعر عملة البيتكوين، ويعتقد بعض الخبراء أن العملات المشفرة يمكن أن تحل مكان الذهب كملاذ آمن للقيمة عندما تتحول الأمور إلى الأسوأ. كما أنه وفقا للتقارير الاقتصادية بأن الأزمات الاقتصادية جعلت العديد من الناس يزيدون الطلب بصورة كبيرة في شراء البيتكوين للحفاظ على قيمة ثرواتهم.

وأضاف: أحد أهم العوامل الاقتصادية التي تؤثر على حركة سعر عملة البيتكوين هو متعلق بتحركات البنك الفيدرالي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة، ولقد لاحظنا خلال الفترات السابقة عند ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية أن البنك الفيدرالي يلجأ لرفع سعر الفائدة مما سبب انخفاضًا في سعر العملة الرقمية المشفرة البيتكوين.

-ما الأسباب التي قد تؤدي إلى تغير قيمة عملة البيتكوين بصورة مفاجئة؟
ذكر الدكتور بأن عملة البيتكوين شهدت ارتفاعا كبيرا في قيمتها خلال الفترة الحالية، إذ تجاوز سعرها 72 ألف دولار، يذكر أنه ارتفعت قيمتها بنسبة تجاوزت 45.9% في فبراير الماضي مع استمرار المسار التصاعدي خلال الشهر الحالي. حيت صعد سعر العملة بنحو 70% منذ بداية العام 2024 ويعود السبب الرئيس إلى الدعم الذي تلقته من موافقة تنظيمية صدرت في الولايات المتحدة بالموافقة على إطلاق صناديق المتداولة في البورصة “إي تي إف إس” (ETFs) والتي توفر خدمة الاستثمار المباشر في العملة المشفرة.

وأضاف: السبب الآخر هو تغير قواعد تعدين عملة البيتكوين والمتوقع تطبيقه في أبريل المقبل الذي أثر على قيمتها في السوق، فالتعدين هو عملية التحقق من صحة المعاملات في شبكات العملات المشفرة والتي يتم من خلالها إصدار وحدات جديدة من العملة الافتراضية باستخدام أجهزة حواسيب آلية متخصصة مثل تلك التي تنفذ خوارزميات معقدة. بحيث يُكافأ المشاركون بالتعدين ببيتكوين مقابل جهودهم التي يبذلونها.

وقال: من جانب آخر، دول عدة قد تتجه نحو تنظيم سوق العملات المشفرة على نطاق واسع خلال الفترة المقبلة، حيث إن هيئة الرقابة المالية البريطانية أشارت إلى أنها ستسمح لمنصات التداول المعتمدة بإطلاق أوراق مالية متداولة مدعومة بالعملات المشفرة، في حين أشارت هيئة الأوراق المالية في تايلاند إلى أنها ستفتح صناديق استثمار متداولة للعملات المشفرة. وإذ يتوقع الخبراء الاقتصاديون أن يصل سعر البيتكوين إلى 100 ألف دولار على المدى الطويل، لكن في الأخير يمكن القول، تعد البيتكوين هي عملة متقلبة للغاية ذا مخاطرة عالية ، لذا فإنه من الصعب جدا التنبؤ بدقة بتحركات سعرها في السوق.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: سعر عملة البیتکوین العملات المشفرة الدکتور یوسف التی تؤثر من خلال

إقرأ أيضاً:

أبواليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية .. وتهديد اقتصادي وأخلاقي

نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان "العملات الرقمية والمراهنات الإلكترونية .. رؤية شرعية وقراءة اقتصادية"، حاضر فيها د. فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق،  د.أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، وأدار الندوة الإعلامي القدير حسن الشاذلي.  

قال د. فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، أن البيتكوين والعملات الرقمية المشفرة من الظواهر الاقتصادية الحديثة التي تحمل العديد من المخاطر، ورغم الفرص التي قد توفرها، فإنها تفتقر إلى الرقابة المركزية، مما يجعلها عرضة للمضاربات وتقلبات حادة تهدد استقرار الاقتصاد، كما تساهم في تعزيز الأنشطة غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتشكل خطرًا على الأفراد بسبب غياب الضمانات التقليدية، مبينًا أنه من الضروري التعامل مع هذه العملات بحذر وتنظيمها لضمان حماية الأفراد والاقتصاد، لأنها باتت تشكل تحديات معقدة على الصعيدين الشرعي والاقتصادي، ويترتب عليها نتائج اقتصادية سلبية، حيث تساهم في زيادة القمار وتعميق الفقر لدى بعض الأفراد.

ومن الناحية الشرعية، أوضح الدكتور فياض أن المعاملات الرقمية المشفرة، يجب أن تدرس بعناية وفقًا للضوابط الشرعية، خاصةً فيما يتعلق بالربا والتعاملات التي قد تتعارض مع مبادئ الإسلام، مثل المراهنات الإلكترونية، معتبرًا أنها تتعارض بشكل صريح مع الشريعة الإسلامية التي تحظر القمار بكل أنواعه، وهو ما يتطلب ضرورة تبني ضوابط صارمة في التعامل مع هذه القضايا لضمان تحقيق التوازن بين الفوائد الاقتصادية والالتزام بالمبادئ الشرعية.


من جانبه أوضح د. أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، أن العالم شهد في الآونة الأخيرة تطورًا واسعًا في استخدام العملات المشفرة والمنتجات المالية الرقمية، وشهد ثورات تكنولوجية غيرت وجه التاريخ، مما يتطلب من الجميع مواكبة التطورات والتعامل معها، ويفرض العديد من التحديات الجديدة، نظرًا لأن هذه التعاملات الرقمية الجديدة، تأتي مع قواعد معقدة ومتعددة، وهناك خطر من تعارض المصالح الخاصة والعامة في استخدامها، حيث تُستثمر أموال ضخمة يصعب مراقبتها والتحكم فيها، بالإضافة إلى أن منصات التداول الخاصة بها غالبًا ما تكون خارج النظام الرسمي، ويترتب على ذلك أن التداول بهذه العملات يرتبط بأنشطة مضاربات ومراهنات، تهدد المدخرات الشخصية وتساهم في إهدارها.

وأكد مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، في سياق حديثه عن العملات الرقمية  المشفرة والممارسات المرتبطة بها مثل البيتكوين، أن هذه العملات لا يعلم مصدرها ولا قيمتها على وجه اليقين والتي من الممكن في أي لحظة أن تذهب بمال الإنسان ومدخراته، ولذلك لا يجوز التعامل بهذه العملة حتى توضع لها الضوابط المحكمة التي تجعلها عملة موثوق فيها، موضحًا أن المؤسسات الدينية في مصر تحرم التعامل مع هذه العملات، نظرًا للمخاطر والمضاربات التي تتضمنها، والتي لا تتوافق مع شروط التعامل النقدي الطبيعي، كما نبه إلى أن هذه العملات تمثل تهديدًا للاقتصاد الوطني، وتؤثر سلبًا على العملة المحلية، والاستثمار في هذه المعاملات الرقمية عالي المخاطر، محذرًا من خطورة التداول بالعملات المشفرة والمراهنات الإلكترونية، ليس فقط لكونها مخالفة للشريعة الإسلامية، ولكن أيضًا لأنها تمثل تهديد اقتصادي وأخلاقي يستدعي التدخل العاجل. 
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام، ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

مقالات مشابهة

  • بيتكوين تقفز فوق مستوى 105 آلاف دولار رغم تثبيت أسعار الفائدة في أمريكا
  • الداخلية تضبط قضايا تجارة عملة بقيمة 7 ملايين جنيه
  • باول: العملات المشفرة ستستفيد من زيادة القواعد التنظيمية
  • أبواليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية .. وتهديد اقتصادي وأخلاقي
  • الدكتور أبو اليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية وتمثل تهديد اقتصادي
  • الداخلية تضبط قضايا عملة بقيمة 7 ملايين جنيه
  • هل ستؤدي حُمى العملات المشفرة في أميركا إلى كارثة؟
  • مختص: الاستثمار في العملات الرقمية غير آمن وخاصة عملة ترامب.. فيديو
  • سعر البيتكوين يرتفع 8.8% منذ بداية العام.. خيارات الاستثمار في العملات
  • عالم عملات الميم