هل وجود صورة أو رسمة أو لعبة لكائنات من ذوات الأرواح أمام المصلي تبطل الصلاة؟ وماذا لو صلى ولم يكن منتبها ثم رآها بعد ذلك؟ كذلك بالنسبة للفرشة التي بها فراشات وعصافير مدموجة مع الزخارف؟

- أما إن كان لم يرها ابتداء فإن صلاته لا تبطل بذلك، لكن الواجب إن انتبه إليها أن يزيلها عن مصلاه، وألا يصلي على شيء فيه شيء من رسومات ذوات الأرواح، ولا أن يستقبل شيئا فيه من تصاوير ذوات الأرواح أما في انتقاض الصلاة بذلك فخلاف، وإن كان القول الصحيح هو عدم انتقاض الصلاة.

لكن يؤمر بشدة أن يزيل ما فيه تصاوير لذوات أرواح في مصلاه، أو في ما يلبسه والله تعالى أعلم.

في سورة النساء قرأ حمزة والأرحام -بالكسر- « تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ» فهل تكون عطفا على تساءلون؟ وهل يجوز السؤال بالأرحام؟ وهل السؤال بالشيء يختلف عن الحلف؟ وإن كان السؤال بالأرحام جائز فما هي صيغته؟- الجواب عن هذه المسألة يقوم على تبين وجوه القراءتين فإن القراءة المشهورة «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ» أي القراءة المشهورة في الأرحام لأن هناك قراءات في تساءلون، ولكن محل السؤال الآن الأرحام واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام بالنصب واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام بالخفض وهي قراءة حمزة.

أولا نبين المقصود على القراءتين ثم سنأتي إلى ما يكتنف قراءة الخفض في قراءة حمزة من توجيهات لغوية لا بد منها، المقصود باختصار شديد على قراءة الجمهور «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ» أي واتقوا الأرحام فيكون العطف على اسم الجلالة واتقوا الله واتقوا الأرحام ويكون معنى اتقاء الأرحام، هو المعنى المصدري لكلمة اتقوا لكلمة الاتقاء وهو اجتناب تضييع حقوق الأرحام هذا على قراءة الجمهور.

وعلى قراءة حمزة «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ» بالخفض فإن الأرحام هنا تكون معطوفة على الضمير المجرور قبلها «به»،

وهذه المسألة عند النحاة محل خلاف، لأن أكثر البصريين يمنعون من عطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور دون إعادة الخافض، ولكن الصحيح أن طائفة من أئمة النحو يرون جواز عطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور ومنهم ابن مالك ومنهم الإمام الزمخشري في تفسيره في أكثر من موضع.

ومنهم من ذهب مذهبا ثالثا وقال بأنه إذا كان العطف بالإضافة فإن ذلك جائز، وإذا كان العطف بحرف خافض فإن ذلك لا يصح عنده، فالمسألة عند أهل اللغة محل خلاف، وتوجيه قراءة الخفض، أن يكون تقدير الكلام واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام يكون المقصد هو تعظيم حقوق الأرحام، وفيه تعريض بأهل الجاهلية فإنهم يزعمون أنهم يعظمون الأرحام وأنهم يسألون بها كما قال السائل أنهم يسألون بها فيقولون أنشدك الله و«الرحم» أو «أسألك الله والرحم» تعظيمًا لشأن الرحم، لكنهم في واقع الأمر يضيعون لحقوق اليتامى وذوي القربى والضعفاء والفقراء والمساكين ولا يقومون بحقوقها فهم يعظمونها لفظًا.

فجاء القرآن تعظيمًا للرحم وتعريضًا بهم أنهم إن كانوا صادقين فإن عليهم أن يعظموا الرحم وهذا يتناسب مع صدر الآية الكريمة «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا» نعم فهذا هو توجيه القراءتين والله تعالى أعلم.

ابني من ذوي الهمم مصاب بالتوحد، يبلغ من العمر الآن خمس عشرة سنة وهو كما يبدو في سن التكليف، هو ليس لديه القدرة على الصيام والصلاة لأنه لا يفقه هذه التكاليف، فماذا عليه؟ هل أتصدق عنه عن كل يوم أم ماذا؟

- إن كان لا يفقه هذه التكاليف لقصور في مداركه العقلية فلا يتصورها ولا يحسن فهمها ولا يعرف حقوقها وشروطها وآدابها ولا يعرف كنهها فهذا يعني أن التكليف عنه مرفوع ولا يلزمهم شيء، لكن إن كان عنده شيء من الفهم لهذه العبادة فإن غاية ما عليهم أن يأمروه فإن كان يعي أمر العبادة وأمر الصيام فإنه يؤمر بالصيام، وإن كان لا يعي فلا شيء عليهم.

والمصابون بهذا المرض يتفاوتون منهم من يعي أمر الصيام ويستطيع أن يصوم ولا يتأثر، ومنهم من هو أشد حالة وتظهر له بعض الصفات في أمور أخرى يكون فيها قادرا على مباشرتها دون أن يعود، فهم يتفاوتون، وحسبما يظهر من السؤال بأنه لا يعي ولا يفقه أمر الصيام فإن كان لا يفقه أمر الصيام فلا يلزمهم شيء.

اللهم إلا إذا كان من باب الاحتياط -لأن هذا المرض مرض مزمن- بأن يخرجوا عنه عن كل يوم إطعام مسكين هذا من باب الاحتياط لكن حسب الظاهر من السؤال حينما ورد فيه السؤال بأنه لا يفقه أمر الصيام فإنه لا يلزمهم شيء والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ذ ی ت س اء ل ون ال أ ر ح ام أمر الصیام إن کان

إقرأ أيضاً:

صلاة التراويح.. عدد ركعاتها وحكم قراءة القرآن والذكر في فترة الاستراحة

صلاة التراويح.. صلاة التراويح ليست بفرض، فمن استطاع صلاتها عشرين ركعة فقد أتى بالكمال وعمل عملًا يُثَاب عليه وله أجر وافر، ومن لم يستطع صلاة العشرين صلَّى ما في استطاعته ويكون بذلك مأجورًا أيضًا، غير أنَّه لم يرقَ إلى درجة الكمال ولا يكون بذلك تاركًا فرضًا من الفرائض.

وفيما يلي نوضح لكم عدد ركعات صلاة التراويح؟ وهل قراءة القرآن أفضل بين كل أربع ركعات في فترة الاستراحة أو المديح والإنشاد أفضل؟

صلاة التراويح بالمسجد الأقصى هل قراءة القرآن أفضل بين كل أربع ركعات في فترة الاستراحة أو المديح والإنشاد أفضل؟

ويُسْتَحَبُّ الجلوسُ بين صلاة كلِّ أربعِ ركعاتٍ بقدرها، وكذا بين الترويحة الخامسة والوتر، وهذا هو المتوارث عن السلف كما صلَّى أُبَيّ بن كعب بالصحابة رضي الله عنهم ورُوي عن أبي حنيفة.

واسم التراويح يُنْبِئ عن هذا، إذ المُسْتحبّ فقط هو الانتظار، ولم يُؤثَر عن السلف شيءٌ معين يلزم ذكره في حالة الانتظار، وأهل كل بلد مُخَيَّرون وقت جلوسهم هذا بين قراءة القرآن والتسبيح وصلاة أربع ركعات فرادى والتهليل والتكبير أو ينتظرون سكونًا، ولا يلزمهم شيء معين

عدد ركعات صلاة التراويح

في "الصحيحين" عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيدُ في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة منها الوتر".

وما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يُصَلّي في رمضان عشرين ركعة سوى الوتر فضعيف.

صلاة التراويح في الجامع الأزهر دليل ثبوت العشرين ركعة في صلاة التراويح

أمَّا ثبوت العشرين ركعة فكان بإجماع الصحابة في عهد عمر رضي الله تعالى عنه، وكون الرسول لم يثبتْ عنه أنَّه صلَّى العشرين لا يُعْتَبَرُ دليلًا على عدم سُنِّية العشرين، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم أمرنا أن نتبع ما يحدث في عهد الخلفاء الراشدين حيث قال صلوات الله وسلامه عليه: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» "سنن ابن ماجه". وقال أيضًا: ((ستحدث بعدي أشياء فأحبها إلي أن تلزموا ما أحدث عمر)).

وروى أسد بن عمرو عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن التراويح وما فعله عمر رضي الله عنه، فقال: التراويح سنة مؤكدة، ولم يستحدثه عمر من تلقاء نفسه، ولم يكن فيه مُبْتَدِعًا، ولم يأمرْ به إلا عن أصلٍ لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما دام الرسول صلوات الله عليه قد أمرنا باتّباع ما يحدث في عهد الخلفاء الراشدين وخاصة سيدنا عمر فتكون صلاة العشرين ركعة هي سنة التراويح، فكأنَّ الرسول هو الآمر بها، حتى إنَّ الأصوليين ذكروا أنَّ السنة ما فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو واحد من الصحابة، على أنَّ الإجماع من الأدلة الشرعية التي يلزمُ الأخذُ بها.

والخلاصة أنَّ التراويح وعددها عشرون ركعة سنةُ حضرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ومَنْ قال بأنها سنة عمر مردود بما ذُكِر.

ففي "الفتاوى الهندية" عن "الجوهرة" (1/ 116، ط. دار الفكر): [هي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل: هي سنة سيدنا عمر رضي الله عنه، والأول أصحّ] اهـ.

وهذا هو الذي يُسْتَفَاد من كلام جمهرة فقهاء الحنفية، ولعل أحسن توفيق في هذا المقام هو ما ذكره الكمال بن الهمام من فقهاء الحنفية في "الفتح" (1/ 468، ط. دار الفكر) حيث قال ما ملخصه: [إن قيام رمضان سنة إحدى عشرة ركعة بالوتر في جماعة فعله صلى الله عليه وآله وسلم ثم تركه لعذر] إلى أن قال: [ولا يستلزم كون ما يفعله الصحابة سنة، بل هو ندب إلى سنتهم إذ سنته بمواظبته بنفسه، فتكون العشرون مستحبة، وذلك القدر منها ثمان ركعات هو السنة كالأربع بعد العشاء مستحبة وركعتان منها هي السنة، وظاهر كلام المشايخ أنَّ السنة عشرون.

صلاة العشاء والتراويح بالأزهر الدين يسر

ويجب أن يُفْهَم أنَّ صلاة التراويح ليست بفرض، والدين يسر، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وسماحة الشريعة تقتضي من المسلمين ألَّا يصل بهم الاختلاف في مثل هذه الأمور من الدين إلى التَّداعي والتنابذ والتشدد إلى درجة العقيدة والإيمان، ولن يشادّ الدين أحدٌ إلا غلبه، فمن استطاع صلاتها عشرين ركعة مغضيًا طرفه عن هذا التعصب فقد أتى بالكمال وعمل عملًا يُثَاب عليه وله أجر وافر، ومن لم يستطع صلاة العشرين صلَّى ما في استطاعته ويكون بذلك مأجورًا أيضًا، غير أنَّه لم يرقَ إلى درجة الكمال ولا يكون بذلك تاركًا فرضًا من الفرائض.

اقرأ أيضاًشهر الطاعة والمغفرة.. أدعية صلاة التراويح

شهر العبادة والذكر.. دعاء صلاة التراويح في رمضان 2025

مقالات مشابهة

  • مكروهات الصيام ومستحباته .. 5 أمور ابتعد عنها ليصِح صومك وتفوز بالجنة
  • جنايات طنطا تقضي بإحالة أوراق شاب أنهي حياة سيدة إلي فضيلة المفتي
  • صلاة التراويح.. عدد ركعاتها وحكم قراءة القرآن والذكر في فترة الاستراحة
  • المستحبات في الصيام وحكم تأخير السحور وتعجيل الفطر؟ المفتي السابق يجيب
  • فوائد صيام شهر رمضان .. اغتنم 12 فضيلة للصوم وقيام الليل
  • المفتي يحذر من تداول نسختين من القرآن الكريم
  • حكم قراءة القرآن والذكر بين ركعات صلاة التراويح
  • المفتي: العلم بلا دين حوّل شعوبا كاملة لحقول تجارب فى دول متقدمة (فيديو)
  • 7.5 مليار ريال فائض الميزان التجاري لسلطنة عمان خلال 2024
  • متى أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟.. بدأ منذ ساعات