مع اقتراب حلول العشر الأواخر من رمضان المبارك، ماهي أفضل الأعمال التي يمكن أن يتبعها المسلم في هذه الأيام حتى ينال فضل الفوز بفضلها؟.. يحدثنافضيلة الأستاذ الدكتور حمدي أحمد سعد عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا وعضو المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف، حول فضل الليال العشر الأواخر من رمضان المبارك وماذا يجب على كل مسلم فيها من عبادات وأعمال صالحة.

قال فضيلته.. الليال العشر الأخيرة من شهر رمضان قد هلت، ليبادر الناس إلى الاجتهاد في العبادة، وتحري ليلة القدر ويتنافسوا في فعل الخير، ومن الأعمال المستحبة التي سنها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام الاعتكاف في المساجد، والاعتكاف هو حبس النفس عن الذنوب والمعاصي، والتفرغ لعبادة الله تعالى في مكان مخصوص وهو المسجد، عملا بقول الله تعالى ( ولا تقربوهن وأنتم عاكفون في المساجد ) وهذا هو الأصل، كما ان طرق الخير والعبادة متعددة وميسورة لكل شخص أينما كان ومتى شاء لكل من يريد التزود من الطاعة والعبادة والاجتهاد في هذه الأيام المباركة تحريا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، .ومن هذه الطرق:

اولاً:حبس النفس عن الذنوب والمعاصي واجتناب الموبقات أينما كنت وهذه عبادة قيمة ومكانة عالية لا يصل إليها إلا من ارتضاهم الله تعالى بل إن من يفعل ذلك يكون من أعبد الناس، عملاً بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهنّ أو يعلمهنّ من يعمل بهنّ؟ قال أبو هريرة: فقلت أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعدّ خمسًا، قال:اتّق المحارم تكُن أعبدَ النّاس، وارضَ بما قسَم الله لك تكُن أغنى النّاس، وأَحسن إلى جارك تكُن مؤمنًا، وأحِبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك تكن مُسلمًا، ولا تُكثر الضّحك فإنّ كثرةَ الضّحك تُمِيتُ القلب) رواه أحمد، والتّرمذي

فإذا اجتنب العبد جميع ما نهى الله عنه ارتقى إلى أعلى مراتب العبودية، لأنه جاهد نفسه على ترك الحرام، وحبسها عن اقترافه، فلقد روى عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "من سرّه أن يسبق الدّائب المجتهد فليكفّ عن الذّنوب"، وقال الحسن البصريّ: "ما عَبد العابدون بشيء أفضلَ من ترك ما نهاهم الله عنه"، ولكن ليس معنى ذلك ترك الطاعات وخاصة الواجبات لأن الأعمال مقصودةٌ لذاتها، والمحارم المطلوب عدمها، ولذلك لا تحتاج إلى نيّة بخلاف الأعمال، كما ذكر ذلك الإمام ابن رجب رحمه الله.

ثانيا: الانتقال من عبادة الجوارح والأبدان إلى عبادة القلوب ومن التقيد بالمكان والزمان إلى عبادة رب المكان والزمان سبحانه وتعالى، فقد يحصل العبد على أجر العمل كاملا ولم يعمله لأن قلبه كان متعلقا بهذا العمل ونيته خالصة في القيام به ولكن حبس عنه بما لا يد له فيه فينال أجرالعمل الذي صدق في الإقدام عليه كمن قام به سواء بسواء، بنيته الخالصة، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة، فقال: (إن بالمدينة أقوامًا، ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا، إلا كانوا معكم)، قالوا: "يا رسول الله، وهم بالمدينة؟!"، قال: (وهم بالمدينة، حبسهم العذر)، فلم يجدوا ظهرًا يركبونه رواه البخاري، "وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ" التوبة: 92، وعن سهل بن حنيف: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَن سأل اللهَ الشهادةَ بصدق، بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه) رواه مسلم فنيَّةُ المؤمن خير من عمله، فبالنية الحسنة، وتوطين النفس على فعل الخير متى ما قدر عليه، يحصل الثواب والأجر به ما لا يحصل بعمل الجوارح.

فهنيئا لمن تعلق قلبه بعبادة الله تعالى وامتلأ هذا القلب بحب الله ورسوله فلا ريب أنه سيحشر مع من أحب فلقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: بينما أنا ورسول الله خارجين من المسجد فلقينا رجلًا عند سدَّة المسجد، فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال رسول الله: ((ما أعددتَ لها؟))، قال: فكأن الرجل استكان، ثم قال: يا رسول الله، ما أعددتُ لها كبيرَ صلاةٍ ولا صيام ولا صدقة ولكني أحبُّ اللهَ ورسولَه، قال: ((فأنتَ مع مَن أحببتَ)). وفي رواية أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحًا أشدَّ مِن قول النبي: ((فإنك مع مَن أحببتَ)). وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: فأنا أحبُّ اللهَ ورسولَه وأبا بكر وعُمرَ، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم.

ثالثا: السعي في قضاء حوائج الناس.. فمن أجل الأعمال وأفضلها نفع الناس وقضاء حوائجهم وخاصة في هذه الأيام التي تحتاج إلى التعاون والتواصل بين الناس فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس) رواه الطبراني في الأوسط، وفي رواية من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( يا رسول الله أيُّ الناس أحبُّ إلى الله؟ فقال: أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة، أحبُّ إلي من أن أعتكف في هذا المسجد - يعني مسجد المدينة - شهرا.. .) رواه الطبراني في الأوسط والصغير.

وهذا الحديث يدل بوضوح على أن السعي في قضاء حوائج الناس أفضل من الاعتكاف، روى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله عبادًا اختصَّهم بالنعم لمنافع العباد، يُقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منَعوها نزعها منهم، فحوَّلها إلى غيرهم)حديث حسن صحيح الجامع للألباني،

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، قال الحسن البصري رحمه الله: "لأن أقضي لأخ لي حاجةً أحب إليّ من أن أعتكف شهرين".

رابعا:المداومة على العبادة في هذه الأيام المباركة عملا، والانشغال بالذكر وقراءة القرآن، فيا قلوب الصائمين اخشعي، يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي، يا عيون المتهجدين لا تهجعي، يا ذنوب التائبين لا ترجعي، يا أرض الهوى ابلعي ماءك، ويا سماء النفوس أقلعي، يا بروق الأشواق للعشاق المعي، يا خواطر العارفين ارتعي، يا همم المحبين بغير الله لا تقنعي، قد مدَّت في هذه الأيام موائدُ الإنعام للصوام فما منكم إلا دُعي: ﴿ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ ﴾ الأحقاف: 31. يا همم المؤمنين أسرعي، فطوبى لمن أجاب فأصاب، وويل لمن طُرد عن الباب وما دُعي.

والحاصل أنَّ أبواب الخير وسبل الطاعات كثيرة ومتعددة، لا يحصرها شيء ولا تقتصر على مجرد الاعتكاف في المسجد فلا تحرموا أنفسكم من الفوز برضا الرحمن في هذه الأيام المباركة والله تعالى أسأل أن يعفو عنا وأن يجعلنا من الفائزين في هذا الشهر الكريم وأن يبلغنا ليلة القدر، وأن يحفظ مصرنا من كل سوء ويرفع عنها وعن البشرية جمعاء هذا البلاء والوباء فهوعلى كل شيء قدير وهو نعم المولى ونعم النصير.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: طنطا الغربية محافظة الغربية العشر الأواخر من رمضان قال رسول الله صلى الله علیه وسلم فی هذه الأیام رسول الله رضی الله عنه الله تعالى

إقرأ أيضاً:

أدعية زيارة قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تجمع الروضة الشريفة في المسجد النبوي، أسمى صور الحب والإيمان والروحانيات داخل جدرانها الطاهرة، وبينما يعبق الهواء بالمسك تتعالى تجليات الزوار الدعاء والذكر، وتنبعث في قلوب المؤمنين أنوار الإيمان والشوق العميق للوقوف أمام قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد شهدت هذه المساحة الصغيرة وجود أعظم البشر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وتعد زيارة قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أعظم لحظات العمر بالنسبة للمسلمين، فهي فرصة للتواصل الروحي مع أفضل خلق الله، حيث يُعتبر المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة قبلةً للمسلمين من كافة أرجاء العالم، إذ يقصدونه لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة في الروضة الشريفة التي ورد في الحديث الصحيح أنها إحدى رياض الجنة.

أفضل الأدعية عند قبر النبي 

ومن الأدعية المأثورة التي يرددها الزوار عند زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا شفيعنا يوم القيامة"، وفي دعاء آخر، يُقال: “اللهم اجعلنا من الذين يحبون نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ويشفع لنا في يوم القيامة”، وتعبّر هذه الأدعية عن الحب العميق والولاء للنبي صلى الله عليه وسلم، وتُظهر شوق المؤمن إلى الشفاعة النبوية يوم الحساب.

ومن الأدعية الأخرى التي يمكن للمسلم أن يرددها عند زيارة القبر: “اللهم اجعلنا من أهل الجنة، واجعلنا من أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وارزقنا شفاعته يوم القيامة”، ومن الأدعية التي تلامس القلوب وتعبّر عن التوبة والرجاء، "اللهم إني أسالك شفاعة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واغفر لي ولعائلتي ولأمة محمد أجمعين".

أهمية الدعاء في زيارة قبر النبي

يُعتبرالدعاء في هذه اللحظات فرصة عظيمة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، حيث يكون الزائر في مكان مبارك، وقد ورد في الحديث النبوي الشريف أن الدعاء في المدينة المنورة مستجاب، خصوصًا في الأوقات التي تتسم بالروحانية العالية مثل وقت زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

فيما تجسد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أسمى معاني الإيمان والتعلق بالمصطفى، وهي لحظة اتصال روحي للمسلمين مع سيرة النبي، وهو ما يعكس عمق العلاقة بين المؤمنين والنبي الكريم، ويجسد أسمى معاني الحب والوفاء في سعي المسلم لأن يحقق السلام الداخلي في تلك البقعة الطاهرة.

مقالات مشابهة

  • كيف نحول ما تركه لنا رسول الله من القرآن والسنة لبرامج عمل يومية.. علي جمعة يوضح
  • النشرة الدينية| علامات قبول العبادة في رمضان.. وجمعة يكشف عن الكلمات العشر الطيبات وأمين الفتوى يوضح
  • حكم تأجيل صيام الست من شوال بسبب المرض لشهر آخر.. ماذا يقول العلماء؟
  • هل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تكشف عن سبب المقولة الخاطئة
  • “مستشفى الولادة بمكة” يقدم خدماته لأكثر من 20 ألف حالة خلال شهر رمضان
  • ثواب صيام الست من شوال.. اعرف كم يساوي في الأجر
  • علامات قبول العمل الصالح لمن صام رمضان والست من شوال.. تعرف عليها
  • أدعية زيارة قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • هل زيارة قبر النبي من تمام العمرة والحج؟.. دار الإفتاء تجيب
  • أخصائي يتحدث عن اكتئاب ما بعد شهر رمضان وكيفية التغلب عليه..فيديو