مفتي الجمهورية: حب المسلمين للكرم والإيثار يعكس مدى حضور النموذج النبوي الموروث
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: هناك علاقة وثيقة بين الإيثار والسعي في مصالح الناس وقضاء حوائجهم، فالإيثار هو دافع الأفراد للسعي في مصالح الناس وقضاء حوائجهم، وهو خلق من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، كان يربي عليه أصحابه، وقد ظهر هذا منذ بدايات ظهور الإسلام، وبعد الهجرة فقد ضرب الأنصار أروع الأمثلة في الإيثار والكرم عند تعاملهم مع المهاجرين".
جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن حب المجتمع المسلم وخاصة المصري للكرم والإيثار والعطاء يعكس مدى حضور النموذج النبوي الموروث من رسولنا الكريم، فنجد طوائف كثيرة من المجتمع المصري تجود بما تملك لتنفع به غيرها في شهر رمضان وغيره.
وأشار المفتي إلى أن إطعام الطعام للنفس وللأهل وللغير من الأمور المحببة في الشرع الشريف وخاصة في هذا الشهر الفضيل، ولكن بلا إسراف أو تبذير؛ لأنه سلوك سلبي لا يليق بنا نحن المسلمين، فالأولى لمن يسرف ويبذر في هذا الشهر أن ينظر إلى جيرانه وأقاربه وباقي الناس المحتاجين.
أبواب الخير في رمضان كثيرةوأشار مفتي الجمهورية إلى أن أبواب الخير في رمضان كثيرة، ولعل من أعظمها تعوُّد الصائمين على إفطار غيرهم الصائمين خاصة الفقراء منهم والمساكين، فمن خصائص هذا الشهر الكريم أنه شهر المواساة، يتكافل فيه كافة أفراد المجتمع، وتَعمُر فيه البيوت والطرقات بموائد الطعام التي يجهزها المقتدرون لإطعام الطعام ليحوزوا الفضل الذي بشَّر به النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في حديثه الشريف: ((من فطَّر فيه صائمًا كان مغفرةً لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطِّر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يعطي الله هذا الثواب لمن فطَّر صائمًا على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن سقى صائمًا سقاه الله من حوضي شربةً لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة))، وقوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: ((من فَطَّرَ صائمًا، كان له أو كتب له مثل أجر الصائم، من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئًا)).
وأردف قائلًا: ولأهمية إطعام الطعام وعظيم أجر هذه العبادة جعل الله سبحانه وتعالى الإطعام في الكفارات والفدية، فالمريض والشيخ الفاني يطعم مسكينًا عن كل يوم، والوطء في نهار رمضان كفارته "إطعام ستين مسكينًا" إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين، وكذلك من كفارة اليمين "إطعام عشرة مساكين"، وفي القتل والظهار "إطعام ستين مسكينًا" إذا لم يقدر على صوم شهرين متتابعين، كما شُرع الإطعام في نهاية رمضان كما في زكاة الفطر.
وأشار المفتي إلى أن الشرع الشريف لم يكتفِ بفرض الزكاة، وإنما وسَّع وجوه الإنفاق ونوَّع أبواب التكافل والتعاون على الخير والبر، فحث على التبرعات ورغَّب في الهدايا والصلات والصدقات، حتى يتمَّ الاكتفاء المجتمعي وتوفير صور الدعم والعون في الأزمات؛ تحقيقًا للتوجيه النبوي بأن يكون المؤمنون جميعًا كالجسدِ الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الأعضاء بالسهر والحُمَّى.
وتابع مفتي الجمهورية: وهذه الطوائف المحتاجة في مجملها هي طوائف مستهلكة قابلة للاستهلاك بشكل عام فكلما ملكت مالًا استهلكته، ومردود ذلك جيد عند الاقتصاديين لما يمثله من دوران عجلة الاقتصاد فيرتد أثر ذلك على المجتمع بعمومه، ولهذا قال الرسول الكريم: «ما نقصت صدقة من مال»، فالمعطي وإن كان له فضل العطاء، فإن ثمرة الصدقة تعود إلى المتصدق بدَورها، عن طريق دوران عجلة الإنتاج وانتعاش الاقتصاد وحركة السوق، وذلك لب نظرية التشغيل التي نادى بها كبار الاقتصاديين لإعادة دوران عجلة الاقتصاد بعد الكساد الكبير، وهو كذلك ثمرة نظرية الزكاة في الإسلام، عن طريق تزويد الفقراء والمحتاجين بالصدقات بما يخلق لديهم القدرة على الاستهلاك ومن ثم تشغيل عجلة الإنتاج.
وردًّا على سؤال يستفسر: هل الزكاة تُغني عن الضرائب؟ قال: لا تعارض بين الزكاة والضرائب فكلتاهما تُدفع بأمر شرعي، فمصارف الزكاة محدودة محصورة في الأصناف الثمانية التي حددها القرآن، ويجوز لولي الأمر أن يفرض ضرائب عادلة في تقديرها وفي جبايتها إلى جوار الزكاة؛ وذلك لتغطية النفقات العامة والحاجات اللازمة للأمة، باعتبار أن ولي الأمر هو القائم على مصالح الأمة التي تستلزم نفقات تحتاج إلى وجود مورد ثابت، ولا سيما في هذا العصر الذي كثُرت فيه مهام الدولة واتسعت مرافقها.
وشدَّد على أنه لا يجوز التهرب من الضرائب، ولا يجوز دفع الرشوة لإنقاصها؛ فدفع الضرائب تعبد لله لأنها من طاعة ولي الأمر في الحق والخير والبناء، فهي طاعة للقانون الذي وضعه ولي الأمر ونحن مأمورون بطاعته فيما لا يخالف الله ورسوله.
وأضاف: "وولي الأمر في عصرنا هو مجموعة المؤسسات التشريعية وفقًا للنظام الحديث، فإن الدولة لها ما يسمى بالموازنة العامة، التي تجتمع فيها الإيرادات العامة، والنفقات العامة، وإذا كانت النفقات العامة للدولة أكبر من الإيرادات العامة؛ فإن ذلك معناه عجز في ميزانية الدولة يتعين عليها تعويضُه بعدة سبل، منها فرض الضرائب.
حكم الاعتكافوردًّا على سؤال عن حكم الاعتكاف، قال: إن الاعتكاف سُنة وليس فرضًا، فتاركه لا وزر عليه، لكنه يأثم إن عطَّل به واجبًا، أو أهمل في فرض؛ وعلى الإنسان أن يعبد ربه كما يريد الله لا كما يريد هو، فلا يسوغ له أن يُقَدِّم المستحبات على الواجبات، ولا أن يجعل السنن تُكَأَةً لترك الفرائض.
وأشار المفتي إلى أنه لم يَرِد أن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة كانوا يتركون فيه أعمالهم وأمور معاشهم للتفرغ للعبادة، سواء الصيام أو القيام أو الاعتكاف، بل يجمعون بين ذلك كله في توازن وانسجام وَفق نظام مُحكم يضمن أداء العبد ما افترضه الله تعالى من عبادات، واستقرار العمل واستمرار الإنتاج وسلامته بطريقة وسطى لا إفراط فيها ولا تفريط.
وأكد على ضرورة اتباع التعليمات المقررة بخصوص الاعتكاف؛ لأن مخالفتها مخالفة للشرع، مشيرًا إلى أنَّ من اعتاد فعل الخير ثم منعه عذر لا دخل له فيه فله أجر فعله قبل العذر.
حكم تجديد نية الصيام في كل ليلة
واختتم حواره بالرد على سؤال حكم تجديد نية الصيام في كل ليلة قائلًا: "إذا استطاع الإنسان أن يعقد النية كل ليلة من ليالي رمضان فهذا خير، وإذا خاف أن ينسى أو يسهو فلينوِ في أول ليلة من رمضان أنه سوف يصوم بمشيئة الله تعالى شهر رمضان الحاضر لوجه الله والنية محلها القلب ولا يشترط التلفظ بها".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء مصالح الناس قضاء حوائجهم مفتی الجمهوریة صلى الله علیه صائم ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 في مصر
أصبحت إجازة المولد النبوي الشريف 2025 في مصر من الكلمات الأكثر بحثا على محرك جوجل خلال الساعات القليلة الماضية، باعتبار أن المولد النبوي الشريف من أبرز المناسبات الدينية في العالم الإسلامي ويحتفل به الكثير من المسلمين بإحياء ذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 في مصرأوضحت أجندة العطلات الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية أن موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 ستوافق يوم الخميس 4 سبتمبر، والذي يصادف 12 ربيع الأول 1447 هجريًا، لتكون عطلة رسمية مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاعين العام والخاص، مما يتيح للمواطنين فرصة الاحتفال بهذه المناسبة الدينية العظيمة.
هناك العديد من الاحتفالات التي يقوم بها المسلمون لإحياء ذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء رحمة للعالمين، وذلك من خلال:
1-الصيام: يصوم العديد من المسلمين يوم المولد استحبابًا، شكرًا لله على نعمة بعثة النبي.
2-حلقات الذكر: تُقام في المساجد جلسات لتلاوة القرآن، الصلاة على النبي، وإنشاد قصائد المديح مثل البردة والهمزية.
3-التهجد والدعاء: يحرص البعض على قيام الليل والدعاء، طلبًا للبركة والقرب من الله.
4-توزيع الطعام: يتم توزيع الصدقات والوجبات على الفقراء والمحتاجين، إلى جانب تقديم المساعدات للأسر المحتاجة وزيارة دور الأيتام.
5-حلوى المولد: تنتشر حلويات المولد التقليدية مثل الحمصية، السمسمية، والفولية في الأسواق والمنازل.
6-التواصل الاجتماعي:يتبادل الأقارب والأصدقاء الزيارات والتهاني، مما يعزز الروابط الأسرية.
7-الفعاليات الدينية: تُنظم المساجد والأماكن العامة فعاليات تشمل مدائح نبوية، محاضرات دينية، ومسابقات ثقافية.
8-زيارة الأماكن المقدسة:يتوجه الكثيرون لزيارة مساجد كبرى مثل مسجد الحسين والسيدة زينب في القاهرة، للصلاة والدعاء.
أشارت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، إلى أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مستحب ومشروع وفقًا للكتاب والسنة، فقد يعتبر هذا اليوم فرصة لإظهار الفرح بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يجتمع المسلمون للذكر، وإنشاد مدائح نبوية، وتوزيع الطعام، كما يحرص الكثيرون على أعمال الخير مثل الصيام، وقيام الليل، ومساعدة المحتاجين، تعبيرًا عن محبتهم للرسول الكريم.
ولفتت دار الإفتاء إلى أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف واحد من التقاليد الإسلامية الراسخة، والذي أقامه المسلمون عبر العصور، كما وأجمع علماء الأمة على استحسانه كوسيلة لتعزيز الارتباط الروحي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
اقرأ أيضاًعمرة المولد النبوي 2025.. الشروط والأوراق المطلوبة والبرامج المتاحة
رحلات عمرة المولد النبوي 2024.. الأسعار والبرامج والأوراق المطلوبة