تحليل إستراتيجية هزيمة المؤامرة في السودان (2)
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
في الجزء الأول توقفت عند الإجراءات المصاحبة لإنقلاب الخامس عشر من أبريل على الصعيد العسكري و الأمني و على الصعيد المدني ، و في هذا الجزء سأستعرض المحورين السياسي و الخارجي .
على الصعيد السياسي فقد تم الإتفاق بين (قحت) و المليشيا برعاية الإمارات على :
– إعتماد المرجعيات الأساسية التي تحكم البلاد في مرحلة ما بعد نجاح الإنقلاب و المتمثلة في :
1/ الإتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر 2022 و هو إتفاق تم إعداده بواسطة مجموعة الرباعية التي تضم ( الولايات المتحدة – بريطانيا – المملكة العربية السعودية – الإمارات) و بعثة الأمم المتحدة برئاسة (فولكر بيريتس) !!
2/ الإتفاق السياسي النهائي الذي كان من المفترض أن يتم توقيعه في القصر الجمهوري بعد نجاح الإنقلاب مباشرة بين زعيم المليشيا و قادة (قحت) بمختلف أحزابهم و كياناتهم !!
3/ إلغاء الوثيقة الدستورية التي وقعت بوساطة من الإتحاد الأفريقي في 5 يوليو 2019 لتحكم الفترة الإنتقالية و اعتماد دستور تسييرية نقابة المحامين – التي كانت مجرد واجهة – لتمرير الدستور الذي كتب في جنوب أفريقيا بواسطة خبراء أجانب !!
4/ مخرجات ورش العمل التي عقدت لتفصيل ما جاء مجملا في الإتفاق الإطاري و أهمها مخرجات ورشة الإصلاح الأمني و العسكري التي رفضت القوات المسلحة المشاركة فيها لأن مخرجاتها كانت معدة مسبقاً و من أبرزها التوصية بأن تتم عملية دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة خلال عشر سنوات !!
– تكوين الحاضنة السياسية للنظام الجديد من جميع أحزاب (قحت) و واجهاتها المدنية و المهنية الموقعة على الإتفاق الإطاري و بعض الذين تم إستقطابهم من قوى سياسية أخرى (الإتحادي الأصل – المؤتمر الشعبي – أنصار السنة) بالإضافة إلى الحزب الذي شرعت المليشيا في تأسيسه و اختارت له مئات القيادات المجتمعية في جميع الولايات و عشرات المستشارين السياسيين .
و من أهم أدوار هذه الحاضنة أن تقوم بحشد التأييد الداخلي للنظام و وضع خطط و مشروعات خاصة لإستقطاب الشباب حيث تم تكوين مؤسسة شبابية قبل الإنقلاب برئاسة فارس النور الذي أصبح أحد مستشاري حميدتي المقربين و ظهر لاحقاً ضمن وفد المليشيا في مفاوضات جدة !!
– إعادة تكوين النظام الاهلي في السودان بما يضمن ولاء القبائل للنظام الجديد خاصة في مناطق الحواضن الإجتماعية للمليشيا !!
– إعادة تكوين لجنة (إزالة التمكين و تفكيك نظام الثلاثين من يونيو) و منحها مزيد من الصلاحيات و إستخدامها في ملاحقة قيادات و عضوية المؤتمر الوطني و أنصاره و الأحزاب المتحالفة معه !!
و على الصعيد الخارجي :
– تم الإتفاق على أن تقوم دولة الإمارات بإستخدام كافة الوسائل و الأدوات الدبلوماسية و (غير الدبلوماسية) لحشد التأييد و الإعتراف الإقليمي و الدولي بالنظام الجديد ، و كانت الخطة تقوم على :
1/ إستقطاب رؤساء دول جوار السودان و الإقليم و ضمان دعمهم و تأييدهم للنظام الجديد و قد نجحت الخطة في استقطاب معظمهم !!
2/ تحييد الموقف المصري حتى لا تقف مصر مع الجيش السوداني ، و لكن مصر كانت عصية لأنها تدرك مدى خطورة التحول الذي تسعى الإمارات لفرضه في السودان على أمنها القومي و مصالحها الإستراتيجية في السودان !!
3/ تقديم زعيم النظام الجديد للعالم بعد (غسله) من تأريخ (الجنجويد) المرتبط بجرائم و انتهاكات كبيرة في صراع دارفور و ذلك عن طريق توظيف شركات علاقات عامة بعضها يهودية في أوروبا و الولايات المتحدة و كندا للقيام بالمهمة !!
4/ التنسيق مع فرنسا صاحبة النفوذ و المصالح في منطقة غرب أفريقيا التي يعتبر السودان أحد اللاعبين المؤثرين فيها !!
5/ حشد دعم المانحين و الممولين الإقليميين و الدوليين لمشروعات إعادة إعمار و بناء السودان
أواصل بإذن الله
#المقاومة_الشعبية_خيارنا
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
27 مارس 2024
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: على الصعید فی السودان
إقرأ أيضاً:
الحرب في عامها الثالث.. ما الثمن الذي دفعه السودان وما سيناريوهات المستقبل؟
اتفق محللان سياسيان على أن الصراع المستمر في السودان منذ أكثر من عامين قد وصل إلى مرحلة حرجة، حيث تتفاقم الكارثة الإنسانية وسط تدخلات خارجية معقدة وفشل واضح للمجتمع الدولي في تحقيق أي اختراق لوقف الحرب، في حين يشهد الميدان العسكري تغيرات متسارعة.
وحسب أستاذ الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أسامة عيدروس، فإن الحرب في السودان اتسمت منذ يومها الأول باستهداف مباشر للشعب السوداني، متهما الدعم السريع ومنذ بداية الحرب باقتحام بيوت المواطنين رفقة مليشيات مرتزقة، وتنفيذ "سلسلة ممنهجة من التهجير القسري واغتصاب النساء ونهب البيوت والمرافق الحكومية والبنوك".
ورأى عيدروس أن استهداف البنية التحتية كان مخططا له ومقصودا لجعل الحياة في العاصمة الخرطوم "غير ممكنة" ودفع سكانها قسرا للخروج منها، مؤكدا استمرار هذا النمط حتى الآن، ودلل على ذلك باستهداف الدعم السريع قبل 3 أيام محطات الكهرباء ومحطة المياه في نهر النيل في مدينة عطبرة وقبلها في سد مروي، وفي دنقلا في الولاية الشمالية، على حد ذكره.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أكد مؤخرا أن الحرب التي دخلت عامها الثالث قبل أيام قد جعلت السودان عالقا في أزمة ذات أبعاد كارثية يدفع فيها المدنيون الثمن الأعلى، ودعا لوقف الدعم الخارجي ومنع تدفق الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة.
إعلان
فشل أممي
وفي السياق نفسه أكد الكاتب والباحث السياسي، محمد تورشين، بأن الوضع الإنساني في السودان قد وصل إلى مستويات كارثية، مشيرا إلى وجود عدد كبير جدا من اللاجئين السودانيين في تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا.
وانتقد تورشين فشل الأمم المتحدة في إيصال المساعدات، قائلا إن الأمم المتحدة ممثلة بالوكالات الإغاثية فشلت تماما في إيصال الاحتياجات والمساعدات لمن هم بحاجة إليها.
واتفق المحللان على وجود تدخل خارجي واضح في الصراع السوداني، وقال عيدروس إن الراعي الإقليمي للدعم السريع أمده بتقانات عسكرية متطورة خصوصا المسيرات ومنظومات الدفاع الجوي، مؤكدا أن الدعم السريع يفتقر إلى أي مشروع سياسي حقيقي، ما يعني أن ما يجري هو عبارة عن "مخطط مصنوع من الخارج" حسب رأيه.
وفيما يتعلق بالتطورات الميدانية على الأرض أوضح عيدروس أن الدعم السريع تمدد حتى وصل مدينة الدندر في الشرق، لكن الجيش السوداني تمكن مؤخرا من تحرير الدندر والسوكي وسنجة وولاية سنار وولاية الجزيرة، بالإضافة إلى تحرير ولاية الخرطوم كاملة وفتح الطريق إلى الأبيض مرورا بتحرير مدن أم روابة والرهد وغيرها.
وأكد أن القوة الصلبة للدعم السريع انكسرت، وقيادتهم تشتتت وليس لديهم سيطرة على قواتهم، مشيرا إلى أن قوات الدعم في كردفان تشتكي من أنها تركت تقاتل وحدها والجيش السوداني يتقدم في مساحات واسعة.
ومع أن تورشين رجح بأن تكون قوات الدعم السريع قد تلقت ضربات موجعة أضعفت مقدرتها العسكرية وتسببت بانسحابها من الكثير من المناطق، فإنه لم يستبعد أن تكون هذه القوات مازالت تمتلك العديد من القدرات والإمكانيات التي تمكنها من تهديد أمن واستقرار المناطق الآمنة.
واستبعد انتهاء الصراع المسلح قبل أن يتمكن الجيش من امتلاك آلة عسكرية أكثر تطورا من تلك التي بحوزة الدعم السريع، خصوصا المسيرات وأجهزة التشويش.
إعلان
الحل السياسي
وفيما يتعلق بالحل السياسي، رأى عيدروس أن السودان "يتعرض لعدوان" وأنه إذا لم يتم صد العدوان وتأمين المواطن السوداني في كل بقعة من بقاع السودان، فإنه لا يمكن الحديث عن مرحلة الحل السياسي. ووجه انتقادا للقوى السياسية السودانية، قائلا إنها استقالت من مهامها الحقيقية ولم تستطع تقديم توصيف حقيقي لما يجري على الأرض.
وشدد على أن الحكومة الحالية هي حكومة الأمر الواقع وأنها تملك فقط حق إدارة الأزمة الموجودة حاليا وليس من حقها التقرير نيابة عن الشعب السوداني في شأن مستقبلي.
أما تورشين، فرأى أن الحل السياسي يتمثل بدمج قوات الدعم السريع وكافة المليشيات الأخرى في جيش وطني واحد مع ضرورة إجراء عملية إصلاح واسعة بالبلاد، ثم البدء بحوار سوداني- سوداني بمشاركة كل الأطراف للاتفاق على مرحلة انتقالية بكافة تفاصيلها، محذرا من فكرة تكوين حكومة مدنية في الظروف الحالية، باعتبار "أن الأوضاع غير مواتية، وأنه لا صوت يعلو فوق صوت البندقية".
وتوقع المتحدث نفسه أن يشهد مستقبل السودان السياسي تغييرا جذريا، على يد شرائح كثيرة من الشباب السوداني الذين لديهم انتقادات كثيرة على أداء الإدارات السابقة، ويحلمون بإنشاء منظومات سياسية بأفكار جديدة.